ذكر الشيخ لبعض الأدلة التي أوردها البخاري في وجوب الأخذ بخبر الواحد وكذا الاستدلال بكلام الإمام الشافعي في الرسالة وكذا ابن القيم في الصواعق المرسلة . حفظ
الشيخ : ثم ساق الإمام البخاري أحاديث مستدلا بها على ما ذكر من إجازة خبر الواحد والمراد بها جواز العمل به والقول بأنه حجة فنسوق بعضا منها .
الأول : عن مالك بن حويرث قال أتينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده نحو من عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحيما رفيقا فلما ظن أننا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه فقال ( ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وصلوا كما رأيتموني أصلي ) فقد أمر صلى الله عليه وآله وسلم كل واحد من هؤلاء الشببة أن يعلم كل واحد منهم أهله والتعليم يعمّ العقيدة بل هي أول ما يدخل في العموم كما سبق فلو لم يكن خبر الآحاد تقوم به حجة لم يكن لهذا الخبر معنى .
الثاني : عن أنس بن مالك أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والكتاب قال فأخذ بيدي أبي عبيدة فقال ( هذا أمين هذه الأمة ) أخرجه مسلم ورواه البخاري مختصرا، قلت فلو لم تقم الحجة بخبر الواحد لم يبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليهم أبا عبيدة وحده وكذلك يُقال في بعثه صلى الله عليه وآله وسلم إليهم في نوبات مختلفة أو إلى بلاد منها متفرقة غيره من الصّحابة رضي الله عنهم كعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري وأحاديثهم في الصحيحين وغيرهما، ومما لا ضير فيه أن هؤلاء ال ... الذين أرسلوا إليهم العقائد من جملة ما يُعلمونهم فلو لم تكن الحجة قائمة بهم عليهم لم يبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرادا لأنه عبث يتنزه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا معنى قول الإمام الشافعي في "الرسالة " وهو صلى الله عليه وسلم لا يبعث بأمره إلا والحجة للمبعوث إليهم وعليهم قائمة بقبول خبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان قادرا على أن يبعث إليهم فيشابههم أو يبعث إليهم عددا فبعث واحدا يعرفونه بال ...
الثالث : عن عبد الله بن عمر قال بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة رواه البخاري ومسلم فأنا ... على أن الصحابة رضي الله عنهم قبلوا خبر الواحد في نفس ما كان مقطوعا عندهم من وجوب استقبال بيت المقدس فتركوا ذلك واستقبلوا الكعبة بخبر فلولا أنه حجة عندهم ما خالفوا المقطوع عندهم من القبلة الأولى، قال ابن القيم ولم ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بل شُكروا على ذلك .
الرابع : عن سعيد بن جرير قال قلت لابن عباس إن نوفلا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى بني إسرائيل فقال ابن عباس كذب عدو الله أخبرني أبيّ بن كعب قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ذكر حديث موسى والخضر بشيء يدل على أن موسى عليه السلام صاحب الخضر أخرجه ، الشيخان مطولا والشافعي ... مختصرا وقال فابن عباس مع فقهه وورعه يثبت خبر أبيّ بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يكذّب به امرءا من المسلمين إذ حدّثه أبيّ بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فيه دلالة على أن موسى بني إسرائيل صاحب الخضر.
قلت وهل القول للإمام الشافعي رحمه الله دليل على أنه لا يرى التفريق بين العقيدة والعمل في الاحتجاج بخبر الآحاد لأن كون موسى عليه السلام هو صاحب الخضر عليه السلام هي مسألة علمية وليست حُكما عمليا كما هو بيّن و يؤيد ذلك أن الإمام رحمه الله تعالى عقد فصلا هاما في الرسالة تحت عنوان الحجة في تثبيت خبر الواحد وساق تحته أدلة كثيرة من الكتاب والسّنة من الصفحة الواحدة والأربعمائة إلى الصفحة السادسة والخمسين بعد الأربعمائة وهي أدلة مطلقة أو عامة تشمل بإطلاقها وعمومها أن خبر الواحد حجة في العقيدة أيضا وكذلك كلامه عليها عام أيضا وختم هذا البحث بقوله " وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذه السبيل وكذلك حُكِي لنا عمن حُكِي لنا عنهم من أهل العلم في البلدان " وهذا عام أيضا وكذلك قوله في الصفحة السابعة والخمسين بعد الأربعمائة " ولو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة أجمع المسلمون قديما وحديثا على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه بأنه لم يُعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبّته جاز لي ولكني أقول لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد " وهذا من ورعه وتدقيقه رحمه الله في التعبير عن مقصده تعبيرا علميا دقيقا .
وبالجملة فأدلة الكتاب والسنة وعمل الصحابة وأقوال العلماء تدل دلالة قاطعة على ما شرحنا ألا وهو وجوب الأخذ بأحاديث الأحاد في كل أبواب الشريعة سواء ما كان في الاعتقاديات أو العمليات وأن التفريق بينهما بدعة لا يعرفها السّلف ولذلك قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى "وهذا التفريق باطل بإجماع الأمة فإنها لم ترد تحتج بهذه الأحاديث الخبريات العلميات يعني العقيدة كما تحتج بها في الطلبيات العمليات ولا سيما والأحكام العملية تتضمن الخبر عن الله بأنه شرع كذا وأوجبه ورضيه دينا فشرعه ودينه راجع إلى أسمائه وصفاته ولم تزل الصحابة والتابعون وتابعوهم وأهل الحديث والسنة يحتجون بهذه الأخبار في مسائل الصفات و القدر والأسماء والأحكام ولم يُنقل عن أحد منهم البتة أنه جوّز الاحتجاج بها في مسائل الأحكام دون الأخبار دون الإخبار عن الله ... فالعمليات أمران العلم والعمل والمطلوب من العلميات أيضا العلم والعمل وهو حب القلب وبغضه وحبه للحق الذي دلت عليه وتضمنته وبغضه الباطل الذي يُخالفها فليس العمل مقصورا على عمل الجوارح بل أعمال القلوب أصل لعمل الجوارح وأعمال الجوارح تبع فكل مسألة علمية فإنه يتبعها إيمان القلب وتصديقه وحبه وذلك عمل ... أصل العمل " .
الأول : عن مالك بن حويرث قال أتينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده نحو من عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحيما رفيقا فلما ظن أننا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه فقال ( ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وصلوا كما رأيتموني أصلي ) فقد أمر صلى الله عليه وآله وسلم كل واحد من هؤلاء الشببة أن يعلم كل واحد منهم أهله والتعليم يعمّ العقيدة بل هي أول ما يدخل في العموم كما سبق فلو لم يكن خبر الآحاد تقوم به حجة لم يكن لهذا الخبر معنى .
الثاني : عن أنس بن مالك أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والكتاب قال فأخذ بيدي أبي عبيدة فقال ( هذا أمين هذه الأمة ) أخرجه مسلم ورواه البخاري مختصرا، قلت فلو لم تقم الحجة بخبر الواحد لم يبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليهم أبا عبيدة وحده وكذلك يُقال في بعثه صلى الله عليه وآله وسلم إليهم في نوبات مختلفة أو إلى بلاد منها متفرقة غيره من الصّحابة رضي الله عنهم كعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري وأحاديثهم في الصحيحين وغيرهما، ومما لا ضير فيه أن هؤلاء ال ... الذين أرسلوا إليهم العقائد من جملة ما يُعلمونهم فلو لم تكن الحجة قائمة بهم عليهم لم يبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرادا لأنه عبث يتنزه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا معنى قول الإمام الشافعي في "الرسالة " وهو صلى الله عليه وسلم لا يبعث بأمره إلا والحجة للمبعوث إليهم وعليهم قائمة بقبول خبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان قادرا على أن يبعث إليهم فيشابههم أو يبعث إليهم عددا فبعث واحدا يعرفونه بال ...
الثالث : عن عبد الله بن عمر قال بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة رواه البخاري ومسلم فأنا ... على أن الصحابة رضي الله عنهم قبلوا خبر الواحد في نفس ما كان مقطوعا عندهم من وجوب استقبال بيت المقدس فتركوا ذلك واستقبلوا الكعبة بخبر فلولا أنه حجة عندهم ما خالفوا المقطوع عندهم من القبلة الأولى، قال ابن القيم ولم ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بل شُكروا على ذلك .
الرابع : عن سعيد بن جرير قال قلت لابن عباس إن نوفلا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى بني إسرائيل فقال ابن عباس كذب عدو الله أخبرني أبيّ بن كعب قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ذكر حديث موسى والخضر بشيء يدل على أن موسى عليه السلام صاحب الخضر أخرجه ، الشيخان مطولا والشافعي ... مختصرا وقال فابن عباس مع فقهه وورعه يثبت خبر أبيّ بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يكذّب به امرءا من المسلمين إذ حدّثه أبيّ بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فيه دلالة على أن موسى بني إسرائيل صاحب الخضر.
قلت وهل القول للإمام الشافعي رحمه الله دليل على أنه لا يرى التفريق بين العقيدة والعمل في الاحتجاج بخبر الآحاد لأن كون موسى عليه السلام هو صاحب الخضر عليه السلام هي مسألة علمية وليست حُكما عمليا كما هو بيّن و يؤيد ذلك أن الإمام رحمه الله تعالى عقد فصلا هاما في الرسالة تحت عنوان الحجة في تثبيت خبر الواحد وساق تحته أدلة كثيرة من الكتاب والسّنة من الصفحة الواحدة والأربعمائة إلى الصفحة السادسة والخمسين بعد الأربعمائة وهي أدلة مطلقة أو عامة تشمل بإطلاقها وعمومها أن خبر الواحد حجة في العقيدة أيضا وكذلك كلامه عليها عام أيضا وختم هذا البحث بقوله " وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذه السبيل وكذلك حُكِي لنا عمن حُكِي لنا عنهم من أهل العلم في البلدان " وهذا عام أيضا وكذلك قوله في الصفحة السابعة والخمسين بعد الأربعمائة " ولو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة أجمع المسلمون قديما وحديثا على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه بأنه لم يُعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبّته جاز لي ولكني أقول لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد " وهذا من ورعه وتدقيقه رحمه الله في التعبير عن مقصده تعبيرا علميا دقيقا .
وبالجملة فأدلة الكتاب والسنة وعمل الصحابة وأقوال العلماء تدل دلالة قاطعة على ما شرحنا ألا وهو وجوب الأخذ بأحاديث الأحاد في كل أبواب الشريعة سواء ما كان في الاعتقاديات أو العمليات وأن التفريق بينهما بدعة لا يعرفها السّلف ولذلك قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى "وهذا التفريق باطل بإجماع الأمة فإنها لم ترد تحتج بهذه الأحاديث الخبريات العلميات يعني العقيدة كما تحتج بها في الطلبيات العمليات ولا سيما والأحكام العملية تتضمن الخبر عن الله بأنه شرع كذا وأوجبه ورضيه دينا فشرعه ودينه راجع إلى أسمائه وصفاته ولم تزل الصحابة والتابعون وتابعوهم وأهل الحديث والسنة يحتجون بهذه الأخبار في مسائل الصفات و القدر والأسماء والأحكام ولم يُنقل عن أحد منهم البتة أنه جوّز الاحتجاج بها في مسائل الأحكام دون الأخبار دون الإخبار عن الله ... فالعمليات أمران العلم والعمل والمطلوب من العلميات أيضا العلم والعمل وهو حب القلب وبغضه وحبه للحق الذي دلت عليه وتضمنته وبغضه الباطل الذي يُخالفها فليس العمل مقصورا على عمل الجوارح بل أعمال القلوب أصل لعمل الجوارح وأعمال الجوارح تبع فكل مسألة علمية فإنه يتبعها إيمان القلب وتصديقه وحبه وذلك عمل ... أصل العمل " .