ما هو خطر التشبه بالكفار ومخالطتهم في ديارهم .؟ حفظ
فأنت أيها المسلم إذا خالطت الصالحين ، فلابد أنك ستكسب من صلاحهم ، سواء كان قليلًا أو كثيرًا ، والعكس بالعكس إن صاحبت الطالحين الفاسقين ، فلابد من أن تكسب شيئًا من طلاحهم وفسادهم ، سواء قليلًا أو كثيرًا كما قلنا آنفاً ، وكذلك قوله عليه السلام : ( من جامع المشرك فهو مثله ) ، جامع أي خالطه وساكنه ، من جامع المشرك فهو مثله أي يتأثر به فيصبح يعمله كعمل ، أكد عليه الصلاة والسلام هذا المعنى بحديث آخر ، وهو قوله عليه السلام وهو حديث رائع جدًا من حيث تصويره كيف ينبغي أن يبتعد المسلم عن الكافر ، فقال عليه السلام : ( أنا بريء من كل مسلم يقوم بين المشركين ، المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما ) يعني كانوا قديمًا كما تعلمون يوقدون النيران في خيامهم ، أو إمام خيامهم ، فيعرف من بعيد أنه هناك بيت من خيش من خيمة فيقصده الطارق ، فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( المسلم والمشرك لا تتراءَ نارهما ) أي لا يكون مسكن أحدهما من الآخر ، من القرب بأن أحدهما يرى نار الآخر ، وإنما يذهب بعيد وبعيد جدًا بحيث لا يرى النيران مهما كانت مشتعلة ومهما كانت ملتهبة إلى السماء فلا يرى لأن المسلم ابتعد عن مسكن هذا المشرك حتى لا يتأثر بعاداته وتقاليده وأخلاقه ، وهذه حقيقة نلمسها مع الأسف في هذا الزمان ، لمس تارة جماعيا ، ما يحتاج إلى أن يقال اُنظر ، لا ، كل الناس هكذا تأثروا بالمجتمعات الكافرة التي سيطرت على البلاد الإسلامية ، فضلًا عن المجتمعات الكافرة التي قصدها المسلمون مع الأسف للعلم زعموا أو للكسب المادي أو ما شابه ذلك ، لم يكن المسلمون قبل بالكثير قرن من الزمان ، لا يعرفون بعض العادات التي نحياها نحن اليوم في شخص أكثر المسلمين ، ما كان المسلمون يعرفون قديمًا أبدا أن الرجل يتأنث ويتخنث بحلق لحيته ، وأحيانًا مع لحيته بشاربه ، فيصبح امرأة ، خاصة إذا كان شابًا غضًا طريًا ، لا تكاد تفرق بينه وبين فتاة هيفاء جميلة إلى آخره ، لم تكن هذه العادة أبدًا معروفة قبل استعمار الكفار لهذه الديار أو تلك ، كذلك ما هو أهون من ذلك ما كنت ترى المسلمين ينطلقون في أعمالهم فضلًا عن أنهم يدخلون إلى مساجدهم وهم حُسر مكشوفوا الرءوس - مع ملاحظة أو التنبيه إلى أن ثمة فرق بين حلق اللحية وهو فسق وبين حسر الرأس فهو إخلال بالأدب الإسلامي - كيف صار هذا وهذا ؟ جاء الأوربيون ، جاء الانجليز هنا وإلى مصر فجاءوا بعاداتهم ، واحتل الفرنسيون سوريا وايضا جاءوا بعاداتهم كنا ونحن في سوريا في بعض الأدوار التي مرت بنا ، جاء الجيش البريطاني بعد أن انسحب الجيش الفرنسي ، الجيش الفرنسي أو يمكن الشعب الفرنسي كله عادته ، أن الرجال يحلقون شواربهم ولحاهم ، فعمت هذه الضلالة في الشباب المسلم عندنا في سوريا ، لأن الاستعمار الفرنسي حكم بلادنا يمكن خمس وعشرين سنة أو ثلاثين سنة ، لا أحفظ التاريخ جيدًا ، لما رحل الفرنسيون كما يُقال إلى غير رجعة ، وحل محلهم البريطانيون ، وإذا البريطانيون يحلقون لحاهم ويوفرون شاربهم ، تغيرت الحياة الاجتماعية بين السوريين ، كان الشباب من قبل على نظيف شاربًا ولحية ، صاروا الآن يوفرون إيش ؟ شواربهم لماذا ؟ هيك الاستعمار ، هذا دليل واقعي أن البيئة تؤثر في أصحابها ، خاصة إذا كانت البيئة مدعمة بقوة مادية ، أو بقوة معنوية ، لكني أقول ملغومة ، لأن كثيرًا من الجهلة لما ينظرون إلى هذه القوة لهؤلاء الكفار الأوربيين أو الأمريكيين يؤخذون بها ، ويظنون أنهم على شيء من الهدى والنور ، وإنما هم في ضلال مبين ، هذا الأثر قلت نراه في المجتمع العام ، لكن هناك تأثيرات تظهر في بعض الأفراد بسبب يتعلق بشخصه ، وليس فقط بالمجتمع الذي يحياه ويعيش فيه ، قدر لي أنني سافرت قبل نحو عشرين سنة إلى بعض البلاد الأوربية سويسرا مثلا وبريطانيا وألمانيا وأسبانيا اللي هي الأندلس الضائع ، بسبب فسق المسلمين وجرمهم والتاريخ يعيد نفسه ، فخرجنا من لندن مدعوين لزيارة قرية فيها بعض الدعاة الإسلاميين الباكستانيين من جماعة المودودي - رحمه الله - وكان ذلك في يوم من أيام رمضان ، فأكرمنا الرجل وسمته سمت مفرح ملتحي لكنه من زاوية أخرى محزن ليش ؟ لأنه شد الطوق على عنقه ، أي الجرافيت يلي يسموه ، فجلسنا على المائدة لتناول الإفطار ، نتحدث وأنا كواجبي انطلاقًا من قول نبيي : ( إنما الدين النصيحة إنما الدين النصيحة إنما الدين النصيحة ) رأيت هذا الرجل عنده ثقافة إسلامية جيدة ، وعنده تدين أيضًا بأنه ملتحي في بلاد الكفر والضلال لكن ما بال هذه العقدة ، فتكلمت عن مبدأ التشبه بالكفار ، ونهي الرسول عليه الصلاة والسلام في غير ما حديث عن التشبه بالكفار ، وأشهر هذه الأحاديث ما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( بعثت بين يدي الساعة بالسيف ، حتى يعبد الله وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم ) طرقت هذا الباب بتوسع لا يساعد الوقت الآن عليه أو على مثله ، لكن الرجل كان عند حسن ظني به ، فقد فهم الموضوع فهمًا جيدًا وتجاوب معنا عملًا فوريًا حيث مد يده وهو على الطعام وفك العقدة ورماها أرضًا ، قلنا الحمد لله ، لكن ما كادت فرحتي تتم إلا وقد تبعها ترحة ، يعني ضد الفرحة ، كيف ذلك ؟ وهنا الشاهد ، قال في الحقيقة أنه أنا ما وضعتها تشبهًا ، انظروا الآن يعني هنا في نكتة فظيعة جدًا ، قال أنا ما وضعتها تشبهًا ، ولكن القوم هنا ، يعني البريطانيين لهم نظرة خاصة بالفلسطينيين يلي هناك ، الفلسطينيون عادتهم هو يقول ، أنهم يفتحوا قميص من هنا زر وما يحطوا العقدة هذه فكأنه صار شعارا للفلسطينيين عند البريطانيين إذا رأوا هذه المرأى أو نظروا هذا المنظر حكموا أنه هذا فلسطيني ، وشو يعني فلسطيني عندهم ؟ يعني هذا من سقط المتاع ، يعني هذا لا قيمة له ، انظروا الداعية المسلم ماذا يقول ؟ يقول حتى ما ينظر البريطانيون إلينا هذه النظرة المزرية ، فأنا وضعتها ، قلت سامحك الله ، خربتها ، قلت أنت تقيم وزنًا لنظرة هؤلاء الكفار ، وفي إخوانك المسلمين ، هذه يعني ربنا يقول : (( إن الحسنات يذهبن السيئات )) أنت عكست الموضوع ، أذهبت الحسنة بهذه السيئة ، فأرجوا أن تتوب إلى الله عز وجل من هذه القولة ومن هذه الكلمة ، لأنك أفهمتني بأنك متأثر وهنا الشاهد ، بأنك متأثر بمفاهيم هؤلاء الناس ، وبتقاليدهم وعاداتهم وأذواقهم ، حتى تجاوبت معهم بلا شعور فوضعت هذه العقدة لكي لا ينظروا إليك تلك النظرة ، انظروا إذًا كيف أن الحديث الأول ( اخرج من هذه القرية ) فالخروج هذا مما جاءت به شريعة الإسلام تؤكد على كل مسلم أن يحوط نفسه بمجتمع صالح ، لأن الصلاح ينتج الصلاح والفساد ينتج الفساد فنسأل الله - عز وجل - أن يلهمنا أن ننطلق في كل أعمالنا وحياتنا على هدي نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن يتوفانا على التوحيد والإيمان الصحيح وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .
نريد أن نصلي أم يوجد وقت ؟ لأنه نحن قلنا أن في سؤاله شعبتان ، تكلمنا عن الشعبة الأولى وبقي الكلام عن الشعبة الأخرى ، ولا نقول الثانية ، لأن الثانية تستدعي الثالثة ، وليس عندنا ثالثة -يضحك رحمه الله -
الطالب : بارك الله فيك
الشيخ : وفيك فبقي علينا الجواب عن الشعبة الثانية وهي هل عليه أن يسلم نفسه للقضاء الشرعي فينفذ فيه الحد الذي يستحقه ؟ الجواب لا ، لا يجب ذلك عليه ، وإن كان يجوز ويجب أن نفرق بين يجب ويجوز ، ذلك مما يدل عليه مجموعة من النصوص ، بعضها توجيه من الرسول عليه السلام ، لكل من اجترح أو ارتكب معصية أن يسترها وأن لا .