اجتماع الشيخ الألباني مع الشيخ عبد الرحيم صديق في سفره إلى العمرة في أواخر شهر رجب. وتنبيهه على خطأ وقع في السلسلة الصحيحة في حديث برقم 302 وهو حديث ( اللهم أحيني مسكينا...) . والكلام على ترتيب مسند الحميدي وتقوية الحديث بالطرق والشواهد. حفظ
الشيخ : ... إن السفر يُفيد صاحبه فوائد كثيرة، ومنها إذا ما كُتِب للمسافر أن يلقى طائفة أو بعضًا من أهل العلم، وقد كتب الله تبارك وتعالى لي أن أعتمر في أواخر شهر رجب الماضي وأن ألتقِيَ مع بعض العلماء في مكة المكرمة من الذين لهم نظر قويّ من المشاركة في علم السنّة والحديث، ولا شك أن الإجتماع مع أمثال هؤلاء مما يُفيد طالب العلم أمثالي فوائد كثيرة ومن ذلك أن يُنبَّه من مثل أولئك المشتغلين بعلم الحديث والسنّة إلى بعض ما قد يكون وَهِم فيه أو أخطأ فيه، وفعلا استفدت في هذه الرحلة فوائد رأيت من واجبي عليّ أن أنبِّهكم علي هذه الفائدة لأنها تتعلق بالتنبيه على خطأ لي وقع لي في الحديث الثامن بعد الثلاثمائة من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" ولذلك فأنا أرجوا كل من كان عنده هذا الكتاب "سلسلة الأحاديث الصحيحة" أن يأخذ هذا التنبيه حول الحديث الثامن بعد الثلاثمائة نص هذا الحديث هو المشهور ( اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين ) أول ما ذكرته في تخريج هو قولي الأتي " أخرجه عبد بن حميد المنتخب من المسند " وذكرت الورقة وهي العاشرة بعد المائة والوجه الثاني وقلت " فقال عبد بن حميد حدثني ابن أبي شيبة حدثنا وكيع عن همّام عن قتادة عن أبي عيسى الأسواري عن أبي سعيد أحبوا المساكين فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم يقول في دعائه فذكره ".
قلت " وهذا إسناد حسن عندي، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين " إلى أخره فنبّهني ذلك الرجل الفاضل ويسمّى بعبد الرحيم صدّيق ويجب أن نذكر الفضل لأهله، أن نعزوه لأهله وهذا الرجل من فضله أن الله عز وجل قد أنعم عليه بمال الكثير فصرفه في التطواف في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها للحصول على مخطوطات في علم الحديث والسنّة وتصويرها ولذلك فقد تيسّر له من الكتب النفيسة الشيء الكثير ممن لم نقف نحن حتى الأن عليه، ولست الأن في صدد بيان هذه الفوائد التي كسبناها في الإطلاع على فهرس هذا الفاضل الذي جمع فيه أسماء تلك الكتب المصوّرة لديه ولكني في صدد ذكر هذا الخطأ الذي نبّهني عليه، لقد قال وصدق فيما قال إنني حينما عزوت هذا الحديث لعبد بن حميد في مسنده انتقل بصرك من متن هذا السند إلى هذا المتن، هذا السند سند عبد بن حميد الذي تلوته عليكم متنه غير حديث ( اللهم احيني مسكينا ) وهذا الحديث ( اللهم احينني مسكينا ) إسناده غير هذا الإسناد وهما وراء بعض، فحينما نقلت هذا المتن بدل ما يقع بصري على السند الثاني الذي هو في هذا المتن انتقل بصري إلى سند قبله لمتن أخر لحديث أخر وهذا الحديث الأخر هو ( عودىوا المرض واتبعوا الجنائز ) وهو أيضا من حديث أبي سعيد الخدري، وهذا مسند عبد بن حميد او المنتخب منه أسلوبه في ذكر الأحاديث على طريقة المسانيد لأنه أصله مسند والمسانيد تسوق الأحاديث عن الصحابي الواحد سردا دون مراعاة أبواب ولا أي نظام إنما حدثني فلان عن فلان عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله كذا إسناد ثاني بحديث ثاني وثالث وهكذا، فالخطأ الذي نبّهني عليه هو هذا، هذا المتن ليس له هذا السند إنما له إسناد أخر، وأنا بطبيعة الحال قلت له لا بد من البحث والتحقيق مشان التحقيق العلمي لأنه أراني نسخة عنده مما حصّل عليها بخط جميل جدا ويشبه خطها خط المصاحف المعروف اليوم، قلت لا أستطيع الأن الموافقة على صحّة هذه التخطئة أو على خطئها حتى نرجع النسخ القديمة التي عندنا خشية أن تكون هذه النسخة خطأ، وفعلا أول ما رجعت إلى المكتبة راجعت نسختين عندي من مسند عبد بن حميد أو منتخب من مسند عبد بن حميد فتبيّن لي خطئي وصواب ذلك الرجل الفاضل، لذلك فرأيت من الخير الإستعجال لتقديم هذه الملاحظة خشية أن لا نتمكّن من إعادة طبع الكتاب من قريب ولا ريثما يُعاد طبع وقد لا يعاد، الله أعلم بذلك، فأرى أن تحفظوا هذا عني أولا وأن يُبلّغ الشاهد الغائب تبرئة للذمة، إلى هنا ينتهي تنبيهي على خطئي في نقل هذا الإسناد لهذا الحديث.
السائل : ... .
الشيخ : اسمع يا أخي، اسمع نصف الكلام مع الجواب، أنا ما قلت هنا إلى هنا ينتهي بيان خطئي إلا لأن للكلام تتمة، فيرد هنا سؤال بطبيعة الحال فبعد أن عرفنا أن هذا السند الذي حسنته ليس لهذا المتن، فما حال إسناد هذا الحديث الذي كان ينبغي أن يكون هنا ولم يقع لحكمة يريدها الله ومن أبرز هذه الحكم أن تعلموا أن الشيخ يخطئ مثل ما كنت ... لسى أنه الشيخ والمشايخ مثلي طبعا لا هم أحسن مني ولا أنا أحسن منهم، هذا من الحكمة أن تعرفوا أن العصمة لله عز وجل وحده، تعرفوا لكن لتتأكدوا من ذلك.
فما قيمة هذا الإسناد الذي كان ينبغي أن يوضع هنا بدل هذا؟ الجواب هذا الإسناد هو ضعيف بينما هذا حسن وبناءً على وهمي السابق أنه هذا الإسناد الحسن هو إسناد هذا الحديث أجملت الكلام عن بقية الأحاديث أو الأسانيد التي بهذا الحديث في قولي هنا " وللحديث طريق أخرى عن أبي سعيد، وشواهد عن أنس بن مالك وعبادة ابن الصامت وابن عباس خرجّتها كلها في " إرواء الغليل " رقم كذا، وإنما آثرت إيراد هذه الطريق هنا لأنها مع صلاح سندها عزيزة " إلى أخره. فإذًا هذا الصلاح ذهب طاح، فالسند الحقيقي لهذا المتن ضعيف.
إذّا ما حكم هذا الحديث؟ الجواب سيكون في الجلسة الآتية لأنه الأن الواقع بعدما خسرنا هذا الإسناد لدى التحقيق يجب إعاد النظر في مفردات تلك الطرق والشاهد المذكور، فقد تكون أسانيدها أو مفرداتها ضعيفة ضعفا يسيرا ينجبر ضعفها بمجموع طرقها، وقد يكون الأمر غير ذلك لأننا ننبّه دائما وأبدا تبعا لعلماء الحديث أن الحديث الذي يتقوّى بكثرة الطرق يُشترط في هذه الطرق أن لا يشتدّ ضعفها، أنا في هذا التخريج ما تفرّغت لهذه الناحية أي لبيان أن هذه الطرق شديدة الضعف أو متوسطة الضعف، أما الأن بعد تكشّفنا لهذا الحكم لا بد من دراسة مفردات هذه الطرق، فإما أن يكون ضعفها يسيرا ينجبر بمجموعها وإما أن يكون خلاف ذلك فإن كان الأول فيبقى الحديث مُحتجّا به لكن ليس في مرتبة الصحّة لأن العمدة في التصحيح كان بناء على هذا السند وهذا كما قلنا راح وطاح، ولكن يكون في مرتبة الحسن لغيره وقد لا تصل هذه الطرق إلى تقوية الحديث لهذه المرتبة فإذًا الجواب من هذه الحيثيّة أي باختصار هل يظل هذا الحديث في حصة كتاب "سلسلة الأحاديث الصحيحة" بعد بيان هذا الخطأ أم يُُنقل من هنا إلى الكتاب الأخر أرجوا أن يكون الجواب عن هذا في الإجتماع القادم إن شاء الله، هذا ما أردت تنبيهكم عليه في الوقت القصير الضيق.
شو بقى ... ؟ ربع ساعة؟