الجمع بين اللين والشدة في النصيحة أو استعمال الشدة في موطن واستعمال اللين في موطن كل بحسبه، وذكر الأمثلة على ذلك . حفظ
الشيخ : وإنما الشاهد، هذا هو أسلوب الرسول عليه السلام العام التلطّف مع الناس إذا ما أخطؤوا، ولكن هذا الذي أدندن حوله دائما وأبدا في مثل هذه المناسبة، لا ينبغي أن نفهم أن اللين دائما وأبدا يجب يكون مقرونا بالنصيحة أو بالتعليم، أحيانا ولو في أحوال نادرة لازم يكون فيه هناك شيء من الحماس وشيء من الشدّة، أما الحماس فحينما لا يضرّ الناس وإنما يُذكّرهم بما هم مقصّرون من واجبات، فهذا هو طبيعة الرسول عليه السلام العامة، فنحن نذكر حديث جابر بن عبد الله الأنصاري الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان إذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول صبّحكم ومسّاكم، هذه كانت طبيعة الرسول عليه السلام في خُطبِه، لأنه ليس هناك كلام خاص لإنسان قد ينجرح به ولكن مع ذلك في بعض الصور أيضا كان الرسول عليه السلام شديدا، لم يكن في ذلك اللين لأنه لكل مقام مقال، فاللين له مكان والشدة لها مكان، جاء في مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقام رجل فقال ما شاء الله وشئت يا رسول الله قال ( أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده ) هذا أسلوب فيه شدة بلا شك ولو أن إنسانا منا اليوم سمع مثل هذا الخطأ بل مثل هذا الشرك من إنسان من عامة الناس وخاطبه بنفس لغة الرسول عليه السلام لقالوا له شو هذه الشدة يا أخي؟ هذه ليست شدة، هذا هو عين الحكمة في مثل هذه المسألة، هذا الرسول عليه السلام الموصوف في القرأن بأنه على خلق عظيم فيجب أن نفهم جيدا أن مِن خلقه العظيم أنه لا يسوق الأمور كلها مَساقا واحدا وإنما يضع اللين في محلِّه والشدة في محلها، ماذا يقول الشاعر في اللين والشدة؟
عيد عباسي : " ووضع ... في موضع السيف في العلا مضر كوضع السيف موضع الندى " .
الشيخ : هذا شعر عربي قديم والحكمة حينما يعالج الإنسان مشاكل الناس توجب عليه أن يستعمل الشدة أحيانا وحسبنا قدوة نبينا عليه الصلاة والسلام فهو يستعمل هذه الشدة لكن على خلاف القاعدة التي ذكرناها أنفا، انظروا إليه مثلا وهو يَسمع رجلا يُثني على صاحبه في وجهه فيقول له ( ويحك قطعت عنق أخيك ويحك قطعت عنق أخيك ويحك قطعت عنق أخيك بحسب أحدكم أن يقول ) ( إذا كان أحدكم لا بد مادحا أخاه فليقل أحسبه كذا وكذا ولا أزكي على الله أحدا ) ( إذا كان أحدكم لا بد مادحا أخاه فليقل أني أحسبه كذا وكذا ولا أزكي على الله أحدا ) فالرسول عليه السلام لما سمع هذا الرجل يمدح أخاه في وجهه نهره بكلمة ويح، ويحك كأنه يدعو عليه بالهلاك وإن كان كلمة ويح أحيانا توضع في مكان لا تُعطي هذا النهر وهذا الزجر الشديد، فلكل معنى أيضا مكانا مناسبا له.
خلاصة القول، هذه النصيحة يجب أن تكون دائما وأبدا باللّين وبصورة خاصة حينما يستنصحك، حينما هو يطلب منك النصيحة، وللنصيحة بحث أخر ومهمّ جدا لعلّي أتذكّر وإن نسيت فذكّروني في الدرس الماضي إن شاء الله يكون ذلك البحث، نعم؟
عيد عباسي : فات.
الشيخ : كيف؟
عيد عباسي : في الدرس الماضي.
الشيخ : ... هذه من غفلة الإنسان فنسأل الله عز وجل أن لا يجعلنا من الغافلين.
الحضور : آمين.
الشيخ : فموعدنا إن شاء الله في الدرس الأتي بحث موضوع يتعلق بالنصيحة وأنها قد تستلزم أحيانا بعض الأشياء التي يظنّها كثير من الناس أنها لا تُشرع، وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.