هل صحيح أن عبد الله بن مسعود كان لا يعتبر المعوذتين من القرآن ولم يضمهما في مصحفه، وأن أبي بن كعب أثبت في مصحفه دعاء القنوت وجعله سورتين ؟ حفظ
عيد عباسي : سؤال أخر، هل صحيح أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان لا يعتبر المعوّذتين من القرأن ولم يضمّهما في مصحفه؟ وأن أبيّ بن كعب أثبت في مصحفه دعاء القنوت وجعله سورتين وجزاكم الله خيرا؟
الشيخ : الذي أذكره بالنسبة لهذا السؤال فهو ذو شطرين كما سمعتم، فيما يتعلق بابن مسعود فقد صحّ عنه ولا غرابة في ذلك، وهذا دليل أن الأمر كما قال الله عز وجل مخاطبا كل إنسان منا في عموم قوله (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) إن ابن مسعود رضي الله عنه الذي كان من السابقين في الدخول في الإسلام مع ذلك فاتته بعض الأشياء، بعضها هام جدا جدا من ذلك ما تضمّنه هذا السؤال، لم يكن قد فَهِم فيما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أن المعوّذتين (( قل أعوذ برب القلق )) (( قل أعوذ برب الناس )) هما سورتان من القرأن الكريم، وإنما فهم أنهما معوّذتان، دعاء هكذا، ولذلك فحِرْصا منه أن لا يُدخل في القرأن، في المصحف الذي فيه القرأن شيء غريب عنه كان يحُكّ بيكشط كل صفحة فيها هاتان السورتان، ذلك لأنه لم يعلم ذلك ولكن هذه مزيّة القرأن، إن القرأن لم يُجْمع من شخص واحد، وإنما جُمِع من عشرات بل مئات الأشخاص بعد أن كانت كُتِبَت في صُحف من نوعيّة غريبة في ذلك الأزمان، عبارة عن أكتاف الحيوانات عظم أو أوراق الشجر ونحو ذلك، فهذا مما سخّر الله عز وجل مئات الصحابة ليحفظوا القرأن كله في صدورهم أولا وليُسطّروه في الوسائل التي كانت معروفة عندهم ثانيا.
من أجل هذه الحقيقة اعترف بعض الكتّاب الغربيّين بأن الإسلام لا يماثله دين أخر في أن دستوره الأول ألا وهو القرأن مرويّ بالتواتر محفوظ يشهد بهذا كثير منهم، ونحن لا نفخر ولكننا نقول " والفضل ما شهدت به الأعداء " فلا يضرنا أبدا أن تكون هذه الرواية صحيحة وثابتة عن ابن مسعود بل نحن نأخذ من ثبوت هذه الرواية عبرة نعارض بها الغلاة من المسلمين قديما وحديثا ممن يعتبرون بيان خطأ الشيخ الفلاني غمزا فيه، طعنا له، شيْن له، لا، كفى المرء نبلا أن تعد معايبه فابن مسعود صحابي جليل له فضل على الإسلام والمسلمين في أنه نقل إلينا مئات الأحكام الشرعية وكان من حفّاظ القرأن ويحسنون تلاوته وكان الرسول يثني عليه ويقول ( من أحب أن يقرأ القرأن غضا طريا فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) يعني أم عبد الله بن مسعود، هذا أسلوب لطيف جدا في التعبير، الشاهد فهذا الرجل الفاضل إذا وجدت له بعض الأخطاء فهي أولا لا يؤاخذ عليها إطلاقا لأنها لم تكن مقصودة منه، بل على العكس كما سمعتم أنفا كان يكشط ويحك هاتين السورتين حِرْصا للقرأن الكريم من الزيادة فهذا لا يؤاخذ عليه إطلاقا ولذلك فلا عيب في أن نُصرّح بهذه الحقيقة بل نستفيد من ذلك كما قلنا أن الإنسان مهما سما وعلا فلا بد أن يكون له شيء من الأخطاء كما جاء في بعض الأحاديث الموقوفة، بعضهم يروى عن ابن عباس وبعضهم عن بعض التابعين ثم أخيرا اشتهر عن مالك " ما منا من أحد إلا رَدّ ورُدّ عليه إلا صاحب هذا القبر " وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وأله وسلم.
ولذلك لم يعبأ المسلمون إطلاقا بهذه الرواية وبهذا الخطأ الذي صدر من ابن مسعود فسُجّلت السورتان في المصحف وهما متواتران مع المصحف كله، ومن رأي ابن مسعود أيضا أنه كان إذا صلّى، أنا أذكر هذا لا عيبا وإنما عبرة فقط، كان إذا صلّى يُطبّق والتطبيق عند الفقهاء والمحدّثين هو أن يُشبّك بين كفيه هكذا ثم يُدْخِلُهما وهو راكع بين فخذيه ولا يقبض بكفيه على ركبتيه كما هو السنّة فهذا ثابت وصحيح عن ابن مسعود أيضا، ولا مجال لإنكار ذلك فلم يأخذ المسلمون بهذا، لماذا؟ لأن الله عز وجل قد ألهم غيره من الصحابة أن يحفظوا لنا السنّة بل وأن يبيّنوا لنا أن ابن مسعود في تطبيقه هذا إنما حفظ ما كان مشروعا في الإسلام الأوّل، فقد ثبت أن ابنًا لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان في الكوفة حيث كان عبد الله بن مسعود فصلّى بجانب ابن مسعود يوما وقبض كما نفعل نحن اليوم بكفيه على ركبتيه فما كان من حِرْص ابن مسعود على المحافظة على ما علِمه من الرسول عليه السلام إلا وأن أخذ يدي الرجل ابن سعد في الصلاة فطبّقهما ودكّهم بين فخذيه، وبعد الصلاة الظاهر أنه فهّمه أنه هكذا السنّة وهكذا رأيت الرسول عليه السلام، رجع ابن سعد إلى أبيه في المدينة، سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشّرين بالجنة فقصّ له قصة ابن مسعود معه، قال صدق -انظروا هذا أيضا الأدب واللطف- قال صدق أخي عبد الله بن مسعود كنا نفعل ذلك ثم أمِرْنا بالأخذ بالركب، لا عيب في هذا فاته شيء لكن حفظ أشياء وأشياء وأشياء كثيرة، فهذا ما يحضرنا أما بالنسبة لأبيّ بن كعب وأنه كان يكتب في مصحفه "اللهم إنا نستعينك" فهذا قد مرّ بي قديما شيء من ذلك لكن لا أحفظ إذا كانت الرواية عنه صحيحة أو لا ولعله يتيسّر لي المراجعة لذلك وآتيك بالجواب إن شاء الله في الدرس الآتي بإن شاء الله وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
في شيء؟ اسمعوا قليلا يا إخواننا من الأستاذ خير الدين.
الشيخ : الذي أذكره بالنسبة لهذا السؤال فهو ذو شطرين كما سمعتم، فيما يتعلق بابن مسعود فقد صحّ عنه ولا غرابة في ذلك، وهذا دليل أن الأمر كما قال الله عز وجل مخاطبا كل إنسان منا في عموم قوله (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) إن ابن مسعود رضي الله عنه الذي كان من السابقين في الدخول في الإسلام مع ذلك فاتته بعض الأشياء، بعضها هام جدا جدا من ذلك ما تضمّنه هذا السؤال، لم يكن قد فَهِم فيما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أن المعوّذتين (( قل أعوذ برب القلق )) (( قل أعوذ برب الناس )) هما سورتان من القرأن الكريم، وإنما فهم أنهما معوّذتان، دعاء هكذا، ولذلك فحِرْصا منه أن لا يُدخل في القرأن، في المصحف الذي فيه القرأن شيء غريب عنه كان يحُكّ بيكشط كل صفحة فيها هاتان السورتان، ذلك لأنه لم يعلم ذلك ولكن هذه مزيّة القرأن، إن القرأن لم يُجْمع من شخص واحد، وإنما جُمِع من عشرات بل مئات الأشخاص بعد أن كانت كُتِبَت في صُحف من نوعيّة غريبة في ذلك الأزمان، عبارة عن أكتاف الحيوانات عظم أو أوراق الشجر ونحو ذلك، فهذا مما سخّر الله عز وجل مئات الصحابة ليحفظوا القرأن كله في صدورهم أولا وليُسطّروه في الوسائل التي كانت معروفة عندهم ثانيا.
من أجل هذه الحقيقة اعترف بعض الكتّاب الغربيّين بأن الإسلام لا يماثله دين أخر في أن دستوره الأول ألا وهو القرأن مرويّ بالتواتر محفوظ يشهد بهذا كثير منهم، ونحن لا نفخر ولكننا نقول " والفضل ما شهدت به الأعداء " فلا يضرنا أبدا أن تكون هذه الرواية صحيحة وثابتة عن ابن مسعود بل نحن نأخذ من ثبوت هذه الرواية عبرة نعارض بها الغلاة من المسلمين قديما وحديثا ممن يعتبرون بيان خطأ الشيخ الفلاني غمزا فيه، طعنا له، شيْن له، لا، كفى المرء نبلا أن تعد معايبه فابن مسعود صحابي جليل له فضل على الإسلام والمسلمين في أنه نقل إلينا مئات الأحكام الشرعية وكان من حفّاظ القرأن ويحسنون تلاوته وكان الرسول يثني عليه ويقول ( من أحب أن يقرأ القرأن غضا طريا فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) يعني أم عبد الله بن مسعود، هذا أسلوب لطيف جدا في التعبير، الشاهد فهذا الرجل الفاضل إذا وجدت له بعض الأخطاء فهي أولا لا يؤاخذ عليها إطلاقا لأنها لم تكن مقصودة منه، بل على العكس كما سمعتم أنفا كان يكشط ويحك هاتين السورتين حِرْصا للقرأن الكريم من الزيادة فهذا لا يؤاخذ عليه إطلاقا ولذلك فلا عيب في أن نُصرّح بهذه الحقيقة بل نستفيد من ذلك كما قلنا أن الإنسان مهما سما وعلا فلا بد أن يكون له شيء من الأخطاء كما جاء في بعض الأحاديث الموقوفة، بعضهم يروى عن ابن عباس وبعضهم عن بعض التابعين ثم أخيرا اشتهر عن مالك " ما منا من أحد إلا رَدّ ورُدّ عليه إلا صاحب هذا القبر " وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وأله وسلم.
ولذلك لم يعبأ المسلمون إطلاقا بهذه الرواية وبهذا الخطأ الذي صدر من ابن مسعود فسُجّلت السورتان في المصحف وهما متواتران مع المصحف كله، ومن رأي ابن مسعود أيضا أنه كان إذا صلّى، أنا أذكر هذا لا عيبا وإنما عبرة فقط، كان إذا صلّى يُطبّق والتطبيق عند الفقهاء والمحدّثين هو أن يُشبّك بين كفيه هكذا ثم يُدْخِلُهما وهو راكع بين فخذيه ولا يقبض بكفيه على ركبتيه كما هو السنّة فهذا ثابت وصحيح عن ابن مسعود أيضا، ولا مجال لإنكار ذلك فلم يأخذ المسلمون بهذا، لماذا؟ لأن الله عز وجل قد ألهم غيره من الصحابة أن يحفظوا لنا السنّة بل وأن يبيّنوا لنا أن ابن مسعود في تطبيقه هذا إنما حفظ ما كان مشروعا في الإسلام الأوّل، فقد ثبت أن ابنًا لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كان في الكوفة حيث كان عبد الله بن مسعود فصلّى بجانب ابن مسعود يوما وقبض كما نفعل نحن اليوم بكفيه على ركبتيه فما كان من حِرْص ابن مسعود على المحافظة على ما علِمه من الرسول عليه السلام إلا وأن أخذ يدي الرجل ابن سعد في الصلاة فطبّقهما ودكّهم بين فخذيه، وبعد الصلاة الظاهر أنه فهّمه أنه هكذا السنّة وهكذا رأيت الرسول عليه السلام، رجع ابن سعد إلى أبيه في المدينة، سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشّرين بالجنة فقصّ له قصة ابن مسعود معه، قال صدق -انظروا هذا أيضا الأدب واللطف- قال صدق أخي عبد الله بن مسعود كنا نفعل ذلك ثم أمِرْنا بالأخذ بالركب، لا عيب في هذا فاته شيء لكن حفظ أشياء وأشياء وأشياء كثيرة، فهذا ما يحضرنا أما بالنسبة لأبيّ بن كعب وأنه كان يكتب في مصحفه "اللهم إنا نستعينك" فهذا قد مرّ بي قديما شيء من ذلك لكن لا أحفظ إذا كانت الرواية عنه صحيحة أو لا ولعله يتيسّر لي المراجعة لذلك وآتيك بالجواب إن شاء الله في الدرس الآتي بإن شاء الله وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
في شيء؟ اسمعوا قليلا يا إخواننا من الأستاذ خير الدين.