ما القول في حديث الذي رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أمطرت السماء حسر عن منكبيه حتى يصيبه المطر ويقول : إنه حديث عهد بربه ) مع العلم بأن السحاب مصدر المطر قريب من الأرض وهو في السماء الدنيا ؟ حفظ
العيد عباسي : يقول ما القول في الحديث الذي رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أمطرت السماء حسر عن منكبيه حتى يُصيبه المطر ويقول ( إنه حديث عهد بربه ) مع العلم أن السّحاب مصدر المطر قريب من الأرض وهو في السماء الدنيا؟
الشيخ : هذا كأنه السائل بيفرّق بين كون العلوّ القريب والعلوّ البعيد هو هناك فرق بين فيما يتعلق بصفة العليّ الأعلى.
المطر صحيح بينزل من السّحاب لكن السّحاب من السماء معناه علا فهو ... السماء فهو ينزل من مكان يوصف بالعلوّ فحينما رُئيَ الرسول صلى الله عليه وأله وسلم وقد نزل المطر وخرج يتلاقاه بصدره فاستغرب ذلك منه بعض أصحابه فسألوه عن السبب قال ( إنه حديث عهد بربه ) في ذلك إشارة إلى أن الله عز وجل له صفة العلوّ لكن نحن كما نقول دائما وأبدا علوّ الله عز وجل صفة من صفاته كأي صفة أخرى ومجموع صفاته كذاته كما أن ذاته لا تشبه شيئا من الذوات فكذلك صفاته لا تشبه شيئا من الصفات، فإذا كان الكتاب والسنّة متواردين في أيات وأحاديث كثيرة وكثيرة جدا على إثبات صفة العلوّ للعليّ الغفار فهذا الحديث من تلك الأحاديث التي تشير إلى صفة العلوّ لكن الحديث لا يعني أن الله في السّحاب وإنما يعني أنه هذا المطر نزل من جهة العلوّ الذي هو صفة من صفات الله عز وجل لكن العلوّ باعتباره صفة من صفات الله فهو عال على جميع المخلوقات تبارك وتعالى ونحن مجرد أن نتصور هذه الصفة بدون أي تكييف لأن الأمر كما يقول العلماء " كلما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك " لكن مجرد أن نتصور أنه عال على جميع مخلوقاته، يكفي أن نُقْنع أنفسنا بأن هذه الصفة لا تشبه صفات المخلوقات أي مخلوق يكون فوق المخلوقات كلها.
الله عز وجل هو الذي له هذه صفة المطلقة أن يكون عاليا على جميع مخلوقاته فنزول المطر من السماء وتلقي نبينا إياه بصدره وقوله ( إنه حديث عهد بربه ) يعني حديث عهد بانفصاله من الجهة التي تشترك في صفة العلوّ فنحن دائما وأبدا نقول أن المخلوقات تشترك مع الله في صفات إسما لا حقيقة فنحن نقرأ أية الكرسي (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) نحن أحياء لسنا أمواتا لكن سنقول حياة الله ليست كحياتنا خلاص انتهت المشكلة ... القاعدة واستريحوا من فلسفة علم الكلام كل صفة ثبتت في الكتاب والسنّة فاحملوها على أية التنزيه والإثبات (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) الرسول في هذا الحديث قال ( إنه حديث عهد بربه ) يعني انفصاله من الجهة العليا والجهة العليا هي صفة من صفات ربنا تبارك تعالى لكن هل هذه الصفة كهذه الصفة؟ (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) نعم.