بيان معنى الرابطة التي عند الصوفية وبيان مخالفتها لشرع الله وخطأ من ينقل معنى الرابطة إلى معنى مرتبة الإحسان الواردة في حديث جبريل المشهور . حفظ
الشيخ : ولذلك فمن الخطأ الفاحش أن تُنقل هذه المرتبة العالية الخاصة بين العبد وربه أن يعبد الله كأنه يراه أن تُجعل لعبد من البشر بأي تأويل وبأي تبرير يحاول بعض الناس أن يبرّروا أن يراقب العبد في أثناء ذكره لربه عبدا من عباده، زعموا أن هذا العبد الذي ينبغي أن يراقبه العبد نفسه هو من الواصلين إلى الله فهو بدوره يوصل هذا العبد الذي يراقبه بذكره.
وهذا ما يسمى في بعض الطرق المشهورة "الرابطة " أن يربط المريد قلبه بقلب شيخه الذي لا يراه ولا يعلم به إطلاقا هل هو ذاكر أم غافل ثم هذا الذاكر نفسه لا يدري عن حال شيخه شيئا أيضا هو ذاكر أم غافل وهكذا تُصْبح القضية مع مخالفتها للشريعة الإسلامية مخالفة جذرية، تُصبح قضية غير منطقية إطلاقا لأن الذي ينبغي أن يراقبه الإنسان إنما يكون المراقَب معتقدا فيه أنه يعلم هذا الذي يراقبه، يعلم حاجته ودعاءه وطلبه و و نحو ذلك من المقاصد المشروعة.
فكيف يعقل أن يراقب العاجز العاجز والجاهل الجاهل والغافل الغافل؟ ما هذا إلا كما قال بعض الصوفية أنفسهم ولكن القدامى هو لم يكن من المحْدَثين استغاثة المخلوق للمخلوق كاستغاثة السجين بالسجين هو بدو من يخلصه وهو في السجن، فهذا العبد الذي يُراقَب هو مثل هذا المراقِب كلاهما بحاجة إلى أن يتوجّه إلى الله تبارك وتعالى وأن يراقباه مراقبة حقيقية.
فمن المؤسف أن تُصرف هذه المنزلة العليا من منازل الإسلام والإيمان ألا وهي مرتبة الإحسان من العبد أن يواجه ويراقب ربه إلى هذا العبد أن يراقب شيخا له، فهذا من الانحراف المؤسف الذي أصاب بعض المسلمين اليوم، ففي هذا الحديث وفي حديث جبريل ونحو ذلك من الأحاديث نقضٌ لهذه المراقبة المبتدعة، وتأسيسٌ للمراقبة الشرعيّة وهي أن يُراقب العبد ربه فقط لا غير وأن يراقبه في هذه الحالة كأن هذا العبد المراقِب يرى الله بعينه ( فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) .