ما المراد بالجعل في قوله تعالى : (( وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا )) و هل يدل على الجبر ؟ والكلام على الإرادة وبيان قسميها الكونية والشرعية والفرق بينهما . حفظ
عيد عباسي : بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى (( وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا )) يشمّ البعض منها رائحة الجبر، فما رأيكم؟
الشيخ : هذا الجعل هو جعل كوني ولفهم هذا لا بد من شرح الإرادة الإلهية، الإرادة الإلهية تنقسم إلى قسمين إرادة شرعية وإرادة كونيّة، الإرادة الشرعية هي كل ما شرع الله عز وجل لعباده وحضهم على القيام به من طاعات وعبادات على اختلاف أحكامها من فرائض إلى مندوبات وهذه الطاعات والعبادات يريدها الله تبارك وتعالى و يُحبّها، أما الإرادة الكونيّة فهي قد تكون تارة مما شرع الله وأحبّها لعباده، وقد تكون تارة مما لم يشرعها ولكنه قدّرها وهذه الإرادة إنما سُمّيَت بالإرادة الكونيّة اشتقاقا من قوله تبارك وتعالى (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) فشيئا اسم نكرة يشمل كل شيء، سواء كان طاعة أو عبادة، إنما يكون ذلك بقوله تبارك وتعالى (( كن )) أي بمشيئته وبقضاءه وقدره، فإذا عرفنا هذه الإرادة الكونية وهي أنها تشمل كل شيء سواء كان طاعة أو كان معصية، حين ذلك لا بد من الرجوع بنا إلى موضوع القضاء والقدر لأن قوله عز وحل (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) معنى ذلك أن هذا الذي قال له (( كن )) جعله أمرا مقدّرا كائنا لا بد منه، حينئذ بحث القضاء والقدر طرقناه مرارا وتكرارا، وقلنا إن كل شيء عند الله عز وجل بقدر، أيضا هذا يشمل الخير ويشمل الشر ولكن ما يتعلّق منه بما نحن الثقلين الإنس والجن المكلّفين المأمورين من الله عز وجل فما يتعلق بنا نحن يجب أن ننظر ما نقوم به نحن به إما أن يكون بمحض إرادتنا واختيارنا وإما أن يكون رغما عنا، هذا القسم الثاني لا يتعلّق به طاعة ولا معصية ولا يكون عاقبة ذلك جنة ولا ونار، وإنما القسم الأول عليه تدور الأحكام الشرعية وعلى ذلك يكون حساب الإنسان للجنة أو النار أي ما يفعله الإنسان بإرادته ويسعى إليه بكسبه واختياره فهو الذي يُحاسب عليه الإنسان إن خيرا فخير وإن شرا فشر، فهذه حقيقة أي كون الإنسان مختارا في قسم كبير من أعماله هذه حقيقة لا يمكن المجادلة فيها لا شرعا ولا عقلا، أما الشرع فنصوص الكتاب والسنّة متواترة في أمر الإنسان بأن يفعل ما أُمر به وفي أن يترك ما نُهي عنه، هذه أكثر من أن تذكر، أما عقلا فواضح لكل إنسان متجرّد عن الهوى والغرض بأنه حينما يتكلّم، حينما يمشي، حينما يأكل، حينما يشرب، حينما يفعل أي شيء مما يدخل في اختياره فهو مختار في ذلك غير مضطر إطلاقا.
ها أنا ذا أتكلم معكم الأن ما أحد يجبرني بطبيعة الحال ولكنه مقدّر فمعنى كلامي هذا مع كونه مقدرا أي إنه مقدّر مع اختياري لهذا الذي أقوله وأتكلّم به، أنا الأن أتابع الحديث ولا أسكت لكن باستطاعتي أن أصمت لأبيّن لمن كان في شك مما أقول إني مختار في هذا الكلام ها أنا أصمت الأن، ولو بضع لحظات لأني مختار.
إذًا فاختيار الإنسان من حيث الواقع أمر لا يقبل المناقشة والمجادلة وإلا بيكون الذي يجادل في مثل هذا إنما هو هو يعني يُسفسط و يشكّك في البدهيات وإذا وصل الإنسان إلى هذه المرحلة انقطع معه الكلام.
إذًا فأعمال الإنسان قسمان اختيارية واضطرارية، الاضطرارية ليس لنا كلام لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية الواقعية، إنما الشرع يتعلّق بالأمور الاختيارية، هذه الحقيقة إذا ما ركّزناها في ذهننا استطعنا أن نفهم مثل الأية السابقة (( جعلنا على قلوبهم أكنّة )) هكذا الأية.
عيد عباسي : أي نعم.
سائل آخر : (( على قلوبهم )) .
الشيخ : (( على قلوبهم أكنّة )) هذا الجعل كوني يجب أن تتذكّروا الأية السابقة (( إنما أمره إذا أراد شيئا )) كوني ولكن ليس رغما عن هذا الذي جعل الله على قلبه أكنة ليس رغما له، هذا مثاله من الناحية المادية، الإنسان حينما يُخلق يُخلق ولحمه غضّ طري ثم إذا ما كبر وكبر وكبر يقسى لحمه ويشتد عظمه ولكن الناس ليسوا كلهم في ذلك سواء، ففرق كبير جدا بين إنسان منكب على نوع من الدراسة والعلم، فهذا ماذا يقوى فيه، يقوى عقله، يقوى دماغة في الناحية التي هو ينشغل بها وينصبّ بكل جهوده عليها، لكن من الناحية البدنية جسده لا يقوى، عضلاته لا تنمو، والعكس بالعكس تماما، شخص منصب على الناحية المادية فهو في كل يوم يتعاطى تمارين رياضية كما يقولون اليوم فهذا تشتدّ عضلاته ويقوى جسده ويصبح له صورة كما نرى ذلك أحيانا في الواقع وأحيانا في الصور، فهؤلاء الأبطال تصبح أجسادهم كلها عضلات، هل هو خُلِق هكذا أم هو اكتسب هذه البنية القوية ذات العضلات الكثيرة؟ هذا شيء وصل إليه هو بكسبه وباختياره، ذلك هو مثل الإنسان الذي يظل في ضلاله وفي عناده وفي كفره وجحوده فيصل إلى الران، إلى هذه الأكنّة التي يجعلها الله عز وجل على قلوبهم لا بفرض من الله واضطرار من الله لهم وإنما بسبب كسبهم واختيارهم.
فهذا هو الجعْل هو الجعْل الكوني الذي يكتسبه هؤلاء الناس الكفار فيصلون إلى هذه النقطة التي يتوهّم الجهال إنها فُرِضت عليهم والحقيقة أن ذلك لم يُفرض عليهم وإنما ذلك بما كسبت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد.
الشيخ : هذا الجعل هو جعل كوني ولفهم هذا لا بد من شرح الإرادة الإلهية، الإرادة الإلهية تنقسم إلى قسمين إرادة شرعية وإرادة كونيّة، الإرادة الشرعية هي كل ما شرع الله عز وجل لعباده وحضهم على القيام به من طاعات وعبادات على اختلاف أحكامها من فرائض إلى مندوبات وهذه الطاعات والعبادات يريدها الله تبارك وتعالى و يُحبّها، أما الإرادة الكونيّة فهي قد تكون تارة مما شرع الله وأحبّها لعباده، وقد تكون تارة مما لم يشرعها ولكنه قدّرها وهذه الإرادة إنما سُمّيَت بالإرادة الكونيّة اشتقاقا من قوله تبارك وتعالى (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) فشيئا اسم نكرة يشمل كل شيء، سواء كان طاعة أو عبادة، إنما يكون ذلك بقوله تبارك وتعالى (( كن )) أي بمشيئته وبقضاءه وقدره، فإذا عرفنا هذه الإرادة الكونية وهي أنها تشمل كل شيء سواء كان طاعة أو كان معصية، حين ذلك لا بد من الرجوع بنا إلى موضوع القضاء والقدر لأن قوله عز وحل (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) معنى ذلك أن هذا الذي قال له (( كن )) جعله أمرا مقدّرا كائنا لا بد منه، حينئذ بحث القضاء والقدر طرقناه مرارا وتكرارا، وقلنا إن كل شيء عند الله عز وجل بقدر، أيضا هذا يشمل الخير ويشمل الشر ولكن ما يتعلّق منه بما نحن الثقلين الإنس والجن المكلّفين المأمورين من الله عز وجل فما يتعلق بنا نحن يجب أن ننظر ما نقوم به نحن به إما أن يكون بمحض إرادتنا واختيارنا وإما أن يكون رغما عنا، هذا القسم الثاني لا يتعلّق به طاعة ولا معصية ولا يكون عاقبة ذلك جنة ولا ونار، وإنما القسم الأول عليه تدور الأحكام الشرعية وعلى ذلك يكون حساب الإنسان للجنة أو النار أي ما يفعله الإنسان بإرادته ويسعى إليه بكسبه واختياره فهو الذي يُحاسب عليه الإنسان إن خيرا فخير وإن شرا فشر، فهذه حقيقة أي كون الإنسان مختارا في قسم كبير من أعماله هذه حقيقة لا يمكن المجادلة فيها لا شرعا ولا عقلا، أما الشرع فنصوص الكتاب والسنّة متواترة في أمر الإنسان بأن يفعل ما أُمر به وفي أن يترك ما نُهي عنه، هذه أكثر من أن تذكر، أما عقلا فواضح لكل إنسان متجرّد عن الهوى والغرض بأنه حينما يتكلّم، حينما يمشي، حينما يأكل، حينما يشرب، حينما يفعل أي شيء مما يدخل في اختياره فهو مختار في ذلك غير مضطر إطلاقا.
ها أنا ذا أتكلم معكم الأن ما أحد يجبرني بطبيعة الحال ولكنه مقدّر فمعنى كلامي هذا مع كونه مقدرا أي إنه مقدّر مع اختياري لهذا الذي أقوله وأتكلّم به، أنا الأن أتابع الحديث ولا أسكت لكن باستطاعتي أن أصمت لأبيّن لمن كان في شك مما أقول إني مختار في هذا الكلام ها أنا أصمت الأن، ولو بضع لحظات لأني مختار.
إذًا فاختيار الإنسان من حيث الواقع أمر لا يقبل المناقشة والمجادلة وإلا بيكون الذي يجادل في مثل هذا إنما هو هو يعني يُسفسط و يشكّك في البدهيات وإذا وصل الإنسان إلى هذه المرحلة انقطع معه الكلام.
إذًا فأعمال الإنسان قسمان اختيارية واضطرارية، الاضطرارية ليس لنا كلام لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية الواقعية، إنما الشرع يتعلّق بالأمور الاختيارية، هذه الحقيقة إذا ما ركّزناها في ذهننا استطعنا أن نفهم مثل الأية السابقة (( جعلنا على قلوبهم أكنّة )) هكذا الأية.
عيد عباسي : أي نعم.
سائل آخر : (( على قلوبهم )) .
الشيخ : (( على قلوبهم أكنّة )) هذا الجعل كوني يجب أن تتذكّروا الأية السابقة (( إنما أمره إذا أراد شيئا )) كوني ولكن ليس رغما عن هذا الذي جعل الله على قلبه أكنة ليس رغما له، هذا مثاله من الناحية المادية، الإنسان حينما يُخلق يُخلق ولحمه غضّ طري ثم إذا ما كبر وكبر وكبر يقسى لحمه ويشتد عظمه ولكن الناس ليسوا كلهم في ذلك سواء، ففرق كبير جدا بين إنسان منكب على نوع من الدراسة والعلم، فهذا ماذا يقوى فيه، يقوى عقله، يقوى دماغة في الناحية التي هو ينشغل بها وينصبّ بكل جهوده عليها، لكن من الناحية البدنية جسده لا يقوى، عضلاته لا تنمو، والعكس بالعكس تماما، شخص منصب على الناحية المادية فهو في كل يوم يتعاطى تمارين رياضية كما يقولون اليوم فهذا تشتدّ عضلاته ويقوى جسده ويصبح له صورة كما نرى ذلك أحيانا في الواقع وأحيانا في الصور، فهؤلاء الأبطال تصبح أجسادهم كلها عضلات، هل هو خُلِق هكذا أم هو اكتسب هذه البنية القوية ذات العضلات الكثيرة؟ هذا شيء وصل إليه هو بكسبه وباختياره، ذلك هو مثل الإنسان الذي يظل في ضلاله وفي عناده وفي كفره وجحوده فيصل إلى الران، إلى هذه الأكنّة التي يجعلها الله عز وجل على قلوبهم لا بفرض من الله واضطرار من الله لهم وإنما بسبب كسبهم واختيارهم.
فهذا هو الجعْل هو الجعْل الكوني الذي يكتسبه هؤلاء الناس الكفار فيصلون إلى هذه النقطة التي يتوهّم الجهال إنها فُرِضت عليهم والحقيقة أن ذلك لم يُفرض عليهم وإنما ذلك بما كسبت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد.