" قوله : ( إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا ) : قال شيخ الإسلام : المصائب نعمة ، لأنها مكفرات للذنوب، وتدعو إلى الصبر، فيثاب عليها، وتقتضي الإنابة إلى الله تعالى، والذل له، والإعراض عن الخلق، إلى غير ذلك من المصالح . فنفس البلاء يكفر الله به الخطايا، وهذا من أعظم النعم . فالمصائب رحمة ونعمة في حق عموم الخلق، إلا أن يدخل صاحبها بسببها إلى معاص أعظم مما كان قبل ذلك، فتكون شرا عليه من جهة ما أصابه في دينه، فإن من الناس من إذا ابتلي بفقر، أو مرض، أو جوع : حصل له من الجزع، والنفاق، ومرض القلب، والكفر الظاهر، وترك بعض الواجبات، وفعل بعض المحرمات : ما يوجب له ضررا في دينه . فهذا كانت العافية خيرا له من جهة ما أورثته المصيبة، لا من جهة نفس المصيبة، كما أن من أوجبت له المصيبة صبرا وطاعة كانت في حقه نعمة دينية . فهي بعينها فعل الرب عز وجل رحمة للخلق، والله تبارك وتعالى محمود عليها . فمن ابتلي فرزق الصبر، كان الصبر عليه نعمة في دينه، وحصل له مع ما كفر من خطاياه رحمة، وحصل له بثنائه على ربه صلاة ربه عليه، قال تعالى (( أولئك عليهم صلواتٌ من ربهم ورحمةٌ وأولئك هم المهتدون ))، وحصل له غفران السيئات، ورفع الدرجات، فمن قام بالصبر الواجب حصل له ذلك . انتهى ملخصا " حفظ