ما حجة من ذهب إلى منع بيعتين في بيعة وهي بيع التقسيط و ما حجة من ذهب إلى جوازها أفتونا مأجورين ؟ حفظ
السائل : سائل يقول ما حجة من ذهب إلى منع البيعتين في بيعة وهي التقسيط وما حجة من ذهب إلى الجواز أفتونا مأجورين ؟
الشيخ : أما حجة من ذهب إلى أخذ الزيادة مقابل بيع التقسيط وليس بيع التقسيط بذاته وإنما طبعا المقصود بالسؤال أخذ الزيادة مقابل بيع التقسيط، أما بيع التقسيط إذا كان بثمن النقد فهذا مستحب وأفضل من بيع النقد لأن البائع التاجر يستفيد والحالة هذه مادة وثوابا في الآخرة لأنه ثبت في الأحاديث الصحيحة أن قرض درهمين يساوي صدقة درهم يعني القرض على النصف من الصدقة .
السائل : نعم .
الشيخ : فإذا تصدق بدرهمين فكما لو تصدق، لو أنه أقرض درهمين فكما لو تصدق بدرهم مع أن الدرهمين سيعودان إليه لذلك فبيع التقسيط هو أمر يعني مفضّل في الشرع لكن بشرط أن يكون بثمن النقد وأن لا يستغل حاجة المحتاج الذي لا يستطيع أن يدفع ثمن الحاجة قل ثمنها أو كثر ففي هذا تعاون بين المسلمين تعاون بين الأغنياء والفقراء أو المتوسطين مادة ، ولذلك لما صار مع الأسف عرفا عاما أن بيع التقسيط يقترن به زيادة في الثمن يصح السؤال أن يأتي سؤال هكذا مجملا أنه ما حجة من يمنع أو يحرم بيع التقسيط هو لا يعني بيع التقسيط لذاته .
السائل : نعم .
الشيخ : وإنما للزيادة التي تقترن معه عادة فأقول ما وقفنا عليه من الحجج تنقسم إلى قسمين قسم نصوص واضحة في القضية وقسم آخر يستنبط منها المنع من أخذ الزيادة أما القسم الأول فيحضرني الآن ثلاثة أحاديث، الحديث الأول هو قوله عليه السلام عفوا نهيه عليه السلام عن بيعتين في بيعة كما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث سماك بن حرب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيعتين في بيعة قيل لسماك ما بيعتين في بيعة؟ قال أن تقول أبيعك هذا أي الشيء بكذا وكذا نقدا وبكذا وكذا نسيئة والحديث الثاني حديث أبي هريرة في مصنف بن أبي شيبة وسنن أبي داود من طريقه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) ولهذا الحديث شاهد موقوف على ابن مسعود قال صفقتان في صفقة ربا رواه ابن أبي شيبة والحديث الثالث لعله من حديث أي نعم عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( لا يجوز شرط وبيع ) ، فسّر هذا الحديث إمام المفسرين للحديث وهو ابن الأثير الجزري في كتابه غريب الحديث والأثر قال هو أن تقول بعتك هذا بكذا نقدا وبكذا وكذا نسيئة قال وهو بيعتان في بيعة، هذا نص ابن أثير في " غريب الحديث " على هذا ربما توجد نصوص أخرى لكن بمعنى النهي عن بيعتين في بيعة حديث بن عمر أيضا بهذا المعنى نهى عن بيعتين في بيعة في مسند أحمد وغيره، الشاهد بعد أن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيعتين في بيعة وتبين من راوي الحديث الأول سماك بن حرب إيش هو المقصود ببيعتين في بيعة كما أنه قد فسّره بذلك كثير من علماء السلف منهم سفيان الثوري مثلا بعد هذا التبين نستطيع أن نقول أن من يفسر النهي المذكور في هذه الأحاديث عن بيعتين في بيعة بصورة أن يكون عرض البيعتين في آن واحد أن يقال كما جاء في التفسير أبيعك هذه المسجلة نقدا بمائة دينار أو مائة ريال وبالتقسيط بمائة وعشرة، هذا هو، يقولون هذا هو المنهي عنه أما لو قال للشاري سلفا هذه بالتقسيط مائة وعشرة قالوا جاز وحجتهم بل شبهتهم في ذلك هو أنهم نظروا إلى القضية نظرة ظاهرية محضة لأن الحديث يقول أن تقول أبيعك هذا بكذا نقدا وبكذا وكذا نسيئة فإذا فصل هذا المعنى الأخر جاز، أنا أقول هذه ظاهرية مقيتة أيضا وحجة هؤلاء في هذا الفهم الذي اعتبرناه فهما شكليا ظاهريا أنهم قالوا أن النهي عن بيعتين في بيعة حينما يعرض ثمنان فيه غرر فيه جهالة لم يدرى على أي على أي الثمنين اتفقا، وهذه حجة واهية جدا لأن الواقع يدل أنه يفترقان على ثمن مسمى إما ثمن النقد وإما ثمن التقسيط وذلك واضح جدا وبخاصة على مذهب من يرى جواز بيع المعاطاة، تعرفوا هنا في مسألة البيوع والعقود أنه يجب الإيجاب والقبول وبعضهم يكتفي ببيع المعاطاة يعني أي شيء تريد أن تشتريه لا، يجب أن يجري إيجاب وقبول بين البائع والشاري صراحة أما الآخرون ومنهم الأحناف فيكتفون بما يسمى ببيع المعاطاة والحقيقة أن هذا المذهب هو الصواب لسببين اثنين الأول أنه لا يوجد في الكتاب ولا في السنة هذا الشرط شرط الإيجاب والقبول والشيء الآخر رغم يقول العلماء في غير مناسبة " لسان الحال أنطق من لسان المقال " وفيما نحن الآن في صدده أكبر دليل على ما نقول، حينما يأتي الرجل إلى تاجر السيارات مثلا يُعيّن سيارة فيقول هذه بكم ؟ فيقول له نقدا بمثلا عشرين ألف ريال تقسيطا بخمس وعشرين، سيكون الواقع أحد شيئين بعد المساومة طبعا وانتهاء واستقرار الثمن على شيء معين نفترض استقر على ما طلب لأنه بعض التجار سعره محدد جدا قال شيء نقدا ما بيصير عشرين ... خمس وعشرين تقسيطا ما بيصير أقل فافترضنا أنه انتهى سعرا على هذا فالذي سيجري هو ما يأتي إما أن يُنقده العشرين ألف ومقابل ذلك يأخذ السيارة وينطلق ما صار لا إيجاب ولا قبول وإما أن يقول والله أنا ما عندي فلوس فبدي أوفي لك إياها مع الزمن بيتفقوا على إيش؟
السائل : خمس وعشرين .
الشيخ : على خمس وعشرين وبيحدده كل شهر كذا كل شهرين على حسب ما يتفقان عليه وبيكتب شو بيسموه هذا الكمبيالات؟ أه؟ وبيوقعها الشاري وانتهى كل شيء وأخذ السيارة، ما صار إيجاب ولا قبول، من يقول أنه في الصورة الأولى وفي الصورة الثانية حصل غرر؟ ما فيه غرر ما في جهالة انفصلوا على بينة تامة تماما وبهذه المناسبة أقول إن من يقول بوجوب الإيجاب والقبول يحجر واسعا من رحمة الله ويبطل عقودا كثيرة جدا اليوم يعني اليوم أبسط الصور التي تقع تأتي إلى الفاكهاني أو الخضري بكم الكيلو بكم ربطة البقدونس بيقل لك مثلا قرش تأخذها تمشي، أولئك لا يصححون إلا ما تقول قبلت رضيت وهكذا، تركب الباص الباص تخرج القرش تلقيه في الصندوق ولا بتتفق مع السّائق على السّعر و ولا إي شيء، في دول أجنبية أوروبا وغيرها مثلا البضائع كلها مسّعرة وموزونة وعالخرشاني تحط الثمن بتأخذ البضاعة، الجرائد معروفة أثمانها، في صندوق تأخذ الجريدة تلقي إيش؟ الثمن وتمشي، وين الإيجاب والقبول هذا، بيعطلوا مصالح الناس ولذلك كان أصح المسائل في هذه المسألة أنه يكفي مجرد المعاطاة لأن هذا كما قلنا آنفا " لسان الحال أنطق من لسان المقال " إذًا الذين قالوا أن النهي الوارد في الحديث يعني الجمع بين الأمرين والعلة كذا نقول هذه العلة يعني أولا هي غير صحيحة من حيث أن الواقع يشهد أنه لا جهالة في الموضوع ولا غرر على أنه هذه العلة علة اقتباسية اجتهادية وكل فكل رأي وكل اجتهاد يخالف النص فهو مردود كما قيل يعني عند العلماء والمعروف في أقوالهم مثلا " إذا جاء الأثر بطل النظر " " إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل " " لا اجتهاد هذا في مورد النص " وهنا النص بالتعليل هو الربا كما جاء في الحديث الثاني ( من باع بيعتين فله أوكسهما أو الربا ) فإذًا ليست العلة هو الجهالة جهالة الثمن يا ترى هو ثمن النقد أم ثمن إيش ؟ التقسيط لأنه الحديث يقول العلة هو الزيادة أخذ الزيادة مقابل الدّين والصبر على أخيك المسلم .
السائل : نعم .
الشيخ : على أنه كما قلنا الواقع يكذب هذه العلة لأنه ما في نوع جهالة أبدا أي بيع اليوم على طريقة التقسيط لا يقع فيه ... مطلقا وإذا تبيّن أن العلة هي الربا يتبين لنا شيء آخر من الحديث الثاني هذا وأريد أن أنبه بأن هذا الحديث يفيدنا فائدة لا نستفيدها من الحديث الأول والحديث الأول يفيدنا فائدة لا نستفيدها من الحديث الآخر وبجمع النصوص تتجلى الحقيقة وتتضح، الحديث الأول فسر لنا البيعتين في بيعة فقال كما سمعت أن تقول أبيعك هذا بكذا نقدا وبكذا وكذا زيادة نسيئة، الحديث الثاني يفيدنا أن العلة هو الربا وليس جهالة الثمن كما يقول من يبيحون أخذ الزيادة مقابل التقسيط ثم هذا الحديث الثاني يفيدنا فائدة لولاه لفهمنا من الحديث الأول وسواه بطلان بطلان هذا العقد ليه ؟ لأنه الأصل في النواهي هو البطلان لكن الحديث الثاني ما أفاد البطلان بالعكس أفاد الجواز لكنه أبطل الزيادة لأنه قال فله ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) فإذًا البيع نافذ و ماشي وثابت ولكن إذا أخذ الزيادة أخذ الرّبا وإذا أخذ الأقل هذا حقه والبيع ماشي، الحديث الثاني إذًأ يفيدنا فائدتين وهما هامتان الأولى أن البيع صحيح خلاف ما يقتضيه أصل النهي في الحديث الأول والفائدة الأخرى أن علة النهي ليس هو الجهالة وإنما هو الربا .
الحديث الثالث يلتقي مع الحديث الأول في النهي لكن يفيدنا أن إمام من أئمة اللغة فسر النهي فيه وعدم الجواز فيه لا يجوز بيع وشرط أنه هو بيعتين في بيعة فيكون هذا الحديث شاهدا من الحديثين السابقين .
السائل : نعم .
الشيخ : هذا ما يتعلق بالنوع الأول من الأدلة وهو الأدلة التي تنص على هذه المسألة ، في عندنا أدلة استنباطية وهي استقراء لمقاصد الشريعة في أوامرها وفي نواهيها، أنا إذا جئت أنت تاجر هذه المسجلة وأعرف أن ثمنها نقدا مائة دينار وقلت له أقرضني مائة دينار لوجه الله قال لا أنا رجل فلوسي هذه أشتغل فيها أعمل فيها ما عندي استعداد بتريد بعطيك مائة دينار أو مائة ريال على أن تسلفني في الوفاء مائة وخمسة هذا والحمد لله لا يزال المسلمون مجمعين على أنه ربا مكشوف .
السائل : نعم .
الشيخ : لكن لما تأتي إلى هذا التاجر عنده هذه المسجلة ثمنها نقدا بمائة فيقول لك إذا كنت تريد أن تشتري بالتقسيط بمائة وخمسة، ما الفرق بين الصورتين؟ يجيبوننا بالنص العام (( أحل الله البيع وحرم الربا )) طيب (( أحل الله البيع )) يا ترى مطلق البيع وإلا البيع المشروع الجائز، لا شك أن لا أحدا يستطيع أن يفسر الآية هذه على إطلاقها وشمولها (( أحل الله البيع )) يعني كل بيع، لا بد من تقييد، كل بيع مشروع كل بيع بينها الشارع مثلا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر فباع مثلا الرجل صاحب الأغنام باع الصوف لتاجر الصوف، هذا اسمه بيع غرر فإذا نهينا وقال لنا يا أخي (( أحل الله البيع وحرم الربا )) فنحن بعنا واشترينا، نقول له هذا بيع نهى الشارع عنه بلسان نبيه فلا يدخل تحت عموم قوله تعالى (( وأحل الله )) فإذا قالوا أنه هذا فرق بين الصورة الأولى والصورة الأخرى أنه هذا أخي أولا بيع، نقول له أولا بيع منهي عنه، نهى عن بيعتين في بيعة ثانيا هنا في استغلال حاجة الشاري كما تستغل في الحالة الأولى حاجة المدين ففي الحالة الأولى قلت لا حرام أنا ما بآخذ ربا مثلا إذا كان رجلا صالحا، ما يأكل ربا، لكن الآن أنت إيش تأكل؟ تأكل تجارة، تجارة مائة أما مقابل الصبر على أخيك المسلم مائة وخمسة فهذه مثل هذه سوى أنه هنا في وسيط المبيع هذا فهذه أمور شكلية لا يعتبرها الشارع الحكيم أبدا في المعاملات لأننا ما علمنا من نصوص كثيرة وكثيرة جدا ومن أهمها المبدأ والقاعدة التي قعّدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ( إنما الأعمال بالنيات ) فنحن نعلم مثلا أن نكاح التحليل باطل مع وجود الشروط الظاهرة من موافقة الزوجين من موافقة ولي الزوجة وجود الشهود لكن مع وجود هذه الشكليات التي لا يمكن أن يصح عقد نكاح إلا بها لكن هنا الشارع الحكيم اعتبرها لاغية لا قيمة لها واعتبر هذا النكاح باطلا فإذًا هذه الشكليات ينبغي أن لا نغتر بها مادام الغاية استحلال ما حرم الله فهنا واضح في الصورة الأولى قلنا لا أنا ما أخذ هذه الخمسة لأنه هذه مقابل دين وهذه الخمسة مقابل إيش؟ مقابل البيع؟ لا مقابل البيع مائة ربما يكون ربح خمسة هناك أو عشرة ما بيهمنا هنا ، هذا حلال أما الزّيادة على بيع النقد هذا مش مقابل البيع هذا يقينا والتجار يعرفون هذا أكثر منا أنه هذه زيادة هي ليست مقابل البيع وإنما مقابل الصبر في الوفاء على أخيك المسلم فإذا كون وُجدت هذه الوسيلة هذه الوسيلة أبدا لا تغير حكم هذه الزيادة التي سمّاها الرسول عليه السلام بأنها ربا أما الذين يقولون بإباحة هذا فليس لهم حجة إنما ذكرنا أنه بيع وأن النهي الوارد في الأحاديث السّابقة إما أن يحملوه كما ذكرنا أن النهي بعلة الجهالة ولكننا أبطلنا هذه العلة الاقتباسة والاجتهادية بالعلة المنصوص عليها في الحديث النبوي أولا وأنه الواقع يدل أنه ليس هناك جهالة في الثمن ثانيا فيما يجري اليوم من بيوع التقسيط، هذا ما عندي في هذه المسألة .
السائل : جزاكم الله خيرا .
الشيخ : أما حجة من ذهب إلى أخذ الزيادة مقابل بيع التقسيط وليس بيع التقسيط بذاته وإنما طبعا المقصود بالسؤال أخذ الزيادة مقابل بيع التقسيط، أما بيع التقسيط إذا كان بثمن النقد فهذا مستحب وأفضل من بيع النقد لأن البائع التاجر يستفيد والحالة هذه مادة وثوابا في الآخرة لأنه ثبت في الأحاديث الصحيحة أن قرض درهمين يساوي صدقة درهم يعني القرض على النصف من الصدقة .
السائل : نعم .
الشيخ : فإذا تصدق بدرهمين فكما لو تصدق، لو أنه أقرض درهمين فكما لو تصدق بدرهم مع أن الدرهمين سيعودان إليه لذلك فبيع التقسيط هو أمر يعني مفضّل في الشرع لكن بشرط أن يكون بثمن النقد وأن لا يستغل حاجة المحتاج الذي لا يستطيع أن يدفع ثمن الحاجة قل ثمنها أو كثر ففي هذا تعاون بين المسلمين تعاون بين الأغنياء والفقراء أو المتوسطين مادة ، ولذلك لما صار مع الأسف عرفا عاما أن بيع التقسيط يقترن به زيادة في الثمن يصح السؤال أن يأتي سؤال هكذا مجملا أنه ما حجة من يمنع أو يحرم بيع التقسيط هو لا يعني بيع التقسيط لذاته .
السائل : نعم .
الشيخ : وإنما للزيادة التي تقترن معه عادة فأقول ما وقفنا عليه من الحجج تنقسم إلى قسمين قسم نصوص واضحة في القضية وقسم آخر يستنبط منها المنع من أخذ الزيادة أما القسم الأول فيحضرني الآن ثلاثة أحاديث، الحديث الأول هو قوله عليه السلام عفوا نهيه عليه السلام عن بيعتين في بيعة كما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث سماك بن حرب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيعتين في بيعة قيل لسماك ما بيعتين في بيعة؟ قال أن تقول أبيعك هذا أي الشيء بكذا وكذا نقدا وبكذا وكذا نسيئة والحديث الثاني حديث أبي هريرة في مصنف بن أبي شيبة وسنن أبي داود من طريقه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) ولهذا الحديث شاهد موقوف على ابن مسعود قال صفقتان في صفقة ربا رواه ابن أبي شيبة والحديث الثالث لعله من حديث أي نعم عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( لا يجوز شرط وبيع ) ، فسّر هذا الحديث إمام المفسرين للحديث وهو ابن الأثير الجزري في كتابه غريب الحديث والأثر قال هو أن تقول بعتك هذا بكذا نقدا وبكذا وكذا نسيئة قال وهو بيعتان في بيعة، هذا نص ابن أثير في " غريب الحديث " على هذا ربما توجد نصوص أخرى لكن بمعنى النهي عن بيعتين في بيعة حديث بن عمر أيضا بهذا المعنى نهى عن بيعتين في بيعة في مسند أحمد وغيره، الشاهد بعد أن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيعتين في بيعة وتبين من راوي الحديث الأول سماك بن حرب إيش هو المقصود ببيعتين في بيعة كما أنه قد فسّره بذلك كثير من علماء السلف منهم سفيان الثوري مثلا بعد هذا التبين نستطيع أن نقول أن من يفسر النهي المذكور في هذه الأحاديث عن بيعتين في بيعة بصورة أن يكون عرض البيعتين في آن واحد أن يقال كما جاء في التفسير أبيعك هذه المسجلة نقدا بمائة دينار أو مائة ريال وبالتقسيط بمائة وعشرة، هذا هو، يقولون هذا هو المنهي عنه أما لو قال للشاري سلفا هذه بالتقسيط مائة وعشرة قالوا جاز وحجتهم بل شبهتهم في ذلك هو أنهم نظروا إلى القضية نظرة ظاهرية محضة لأن الحديث يقول أن تقول أبيعك هذا بكذا نقدا وبكذا وكذا نسيئة فإذا فصل هذا المعنى الأخر جاز، أنا أقول هذه ظاهرية مقيتة أيضا وحجة هؤلاء في هذا الفهم الذي اعتبرناه فهما شكليا ظاهريا أنهم قالوا أن النهي عن بيعتين في بيعة حينما يعرض ثمنان فيه غرر فيه جهالة لم يدرى على أي على أي الثمنين اتفقا، وهذه حجة واهية جدا لأن الواقع يدل أنه يفترقان على ثمن مسمى إما ثمن النقد وإما ثمن التقسيط وذلك واضح جدا وبخاصة على مذهب من يرى جواز بيع المعاطاة، تعرفوا هنا في مسألة البيوع والعقود أنه يجب الإيجاب والقبول وبعضهم يكتفي ببيع المعاطاة يعني أي شيء تريد أن تشتريه لا، يجب أن يجري إيجاب وقبول بين البائع والشاري صراحة أما الآخرون ومنهم الأحناف فيكتفون بما يسمى ببيع المعاطاة والحقيقة أن هذا المذهب هو الصواب لسببين اثنين الأول أنه لا يوجد في الكتاب ولا في السنة هذا الشرط شرط الإيجاب والقبول والشيء الآخر رغم يقول العلماء في غير مناسبة " لسان الحال أنطق من لسان المقال " وفيما نحن الآن في صدده أكبر دليل على ما نقول، حينما يأتي الرجل إلى تاجر السيارات مثلا يُعيّن سيارة فيقول هذه بكم ؟ فيقول له نقدا بمثلا عشرين ألف ريال تقسيطا بخمس وعشرين، سيكون الواقع أحد شيئين بعد المساومة طبعا وانتهاء واستقرار الثمن على شيء معين نفترض استقر على ما طلب لأنه بعض التجار سعره محدد جدا قال شيء نقدا ما بيصير عشرين ... خمس وعشرين تقسيطا ما بيصير أقل فافترضنا أنه انتهى سعرا على هذا فالذي سيجري هو ما يأتي إما أن يُنقده العشرين ألف ومقابل ذلك يأخذ السيارة وينطلق ما صار لا إيجاب ولا قبول وإما أن يقول والله أنا ما عندي فلوس فبدي أوفي لك إياها مع الزمن بيتفقوا على إيش؟
السائل : خمس وعشرين .
الشيخ : على خمس وعشرين وبيحدده كل شهر كذا كل شهرين على حسب ما يتفقان عليه وبيكتب شو بيسموه هذا الكمبيالات؟ أه؟ وبيوقعها الشاري وانتهى كل شيء وأخذ السيارة، ما صار إيجاب ولا قبول، من يقول أنه في الصورة الأولى وفي الصورة الثانية حصل غرر؟ ما فيه غرر ما في جهالة انفصلوا على بينة تامة تماما وبهذه المناسبة أقول إن من يقول بوجوب الإيجاب والقبول يحجر واسعا من رحمة الله ويبطل عقودا كثيرة جدا اليوم يعني اليوم أبسط الصور التي تقع تأتي إلى الفاكهاني أو الخضري بكم الكيلو بكم ربطة البقدونس بيقل لك مثلا قرش تأخذها تمشي، أولئك لا يصححون إلا ما تقول قبلت رضيت وهكذا، تركب الباص الباص تخرج القرش تلقيه في الصندوق ولا بتتفق مع السّائق على السّعر و ولا إي شيء، في دول أجنبية أوروبا وغيرها مثلا البضائع كلها مسّعرة وموزونة وعالخرشاني تحط الثمن بتأخذ البضاعة، الجرائد معروفة أثمانها، في صندوق تأخذ الجريدة تلقي إيش؟ الثمن وتمشي، وين الإيجاب والقبول هذا، بيعطلوا مصالح الناس ولذلك كان أصح المسائل في هذه المسألة أنه يكفي مجرد المعاطاة لأن هذا كما قلنا آنفا " لسان الحال أنطق من لسان المقال " إذًا الذين قالوا أن النهي الوارد في الحديث يعني الجمع بين الأمرين والعلة كذا نقول هذه العلة يعني أولا هي غير صحيحة من حيث أن الواقع يشهد أنه لا جهالة في الموضوع ولا غرر على أنه هذه العلة علة اقتباسية اجتهادية وكل فكل رأي وكل اجتهاد يخالف النص فهو مردود كما قيل يعني عند العلماء والمعروف في أقوالهم مثلا " إذا جاء الأثر بطل النظر " " إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل " " لا اجتهاد هذا في مورد النص " وهنا النص بالتعليل هو الربا كما جاء في الحديث الثاني ( من باع بيعتين فله أوكسهما أو الربا ) فإذًا ليست العلة هو الجهالة جهالة الثمن يا ترى هو ثمن النقد أم ثمن إيش ؟ التقسيط لأنه الحديث يقول العلة هو الزيادة أخذ الزيادة مقابل الدّين والصبر على أخيك المسلم .
السائل : نعم .
الشيخ : على أنه كما قلنا الواقع يكذب هذه العلة لأنه ما في نوع جهالة أبدا أي بيع اليوم على طريقة التقسيط لا يقع فيه ... مطلقا وإذا تبيّن أن العلة هي الربا يتبين لنا شيء آخر من الحديث الثاني هذا وأريد أن أنبه بأن هذا الحديث يفيدنا فائدة لا نستفيدها من الحديث الأول والحديث الأول يفيدنا فائدة لا نستفيدها من الحديث الآخر وبجمع النصوص تتجلى الحقيقة وتتضح، الحديث الأول فسر لنا البيعتين في بيعة فقال كما سمعت أن تقول أبيعك هذا بكذا نقدا وبكذا وكذا زيادة نسيئة، الحديث الثاني يفيدنا أن العلة هو الربا وليس جهالة الثمن كما يقول من يبيحون أخذ الزيادة مقابل التقسيط ثم هذا الحديث الثاني يفيدنا فائدة لولاه لفهمنا من الحديث الأول وسواه بطلان بطلان هذا العقد ليه ؟ لأنه الأصل في النواهي هو البطلان لكن الحديث الثاني ما أفاد البطلان بالعكس أفاد الجواز لكنه أبطل الزيادة لأنه قال فله ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ) فإذًا البيع نافذ و ماشي وثابت ولكن إذا أخذ الزيادة أخذ الرّبا وإذا أخذ الأقل هذا حقه والبيع ماشي، الحديث الثاني إذًأ يفيدنا فائدتين وهما هامتان الأولى أن البيع صحيح خلاف ما يقتضيه أصل النهي في الحديث الأول والفائدة الأخرى أن علة النهي ليس هو الجهالة وإنما هو الربا .
الحديث الثالث يلتقي مع الحديث الأول في النهي لكن يفيدنا أن إمام من أئمة اللغة فسر النهي فيه وعدم الجواز فيه لا يجوز بيع وشرط أنه هو بيعتين في بيعة فيكون هذا الحديث شاهدا من الحديثين السابقين .
السائل : نعم .
الشيخ : هذا ما يتعلق بالنوع الأول من الأدلة وهو الأدلة التي تنص على هذه المسألة ، في عندنا أدلة استنباطية وهي استقراء لمقاصد الشريعة في أوامرها وفي نواهيها، أنا إذا جئت أنت تاجر هذه المسجلة وأعرف أن ثمنها نقدا مائة دينار وقلت له أقرضني مائة دينار لوجه الله قال لا أنا رجل فلوسي هذه أشتغل فيها أعمل فيها ما عندي استعداد بتريد بعطيك مائة دينار أو مائة ريال على أن تسلفني في الوفاء مائة وخمسة هذا والحمد لله لا يزال المسلمون مجمعين على أنه ربا مكشوف .
السائل : نعم .
الشيخ : لكن لما تأتي إلى هذا التاجر عنده هذه المسجلة ثمنها نقدا بمائة فيقول لك إذا كنت تريد أن تشتري بالتقسيط بمائة وخمسة، ما الفرق بين الصورتين؟ يجيبوننا بالنص العام (( أحل الله البيع وحرم الربا )) طيب (( أحل الله البيع )) يا ترى مطلق البيع وإلا البيع المشروع الجائز، لا شك أن لا أحدا يستطيع أن يفسر الآية هذه على إطلاقها وشمولها (( أحل الله البيع )) يعني كل بيع، لا بد من تقييد، كل بيع مشروع كل بيع بينها الشارع مثلا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر فباع مثلا الرجل صاحب الأغنام باع الصوف لتاجر الصوف، هذا اسمه بيع غرر فإذا نهينا وقال لنا يا أخي (( أحل الله البيع وحرم الربا )) فنحن بعنا واشترينا، نقول له هذا بيع نهى الشارع عنه بلسان نبيه فلا يدخل تحت عموم قوله تعالى (( وأحل الله )) فإذا قالوا أنه هذا فرق بين الصورة الأولى والصورة الأخرى أنه هذا أخي أولا بيع، نقول له أولا بيع منهي عنه، نهى عن بيعتين في بيعة ثانيا هنا في استغلال حاجة الشاري كما تستغل في الحالة الأولى حاجة المدين ففي الحالة الأولى قلت لا حرام أنا ما بآخذ ربا مثلا إذا كان رجلا صالحا، ما يأكل ربا، لكن الآن أنت إيش تأكل؟ تأكل تجارة، تجارة مائة أما مقابل الصبر على أخيك المسلم مائة وخمسة فهذه مثل هذه سوى أنه هنا في وسيط المبيع هذا فهذه أمور شكلية لا يعتبرها الشارع الحكيم أبدا في المعاملات لأننا ما علمنا من نصوص كثيرة وكثيرة جدا ومن أهمها المبدأ والقاعدة التي قعّدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ( إنما الأعمال بالنيات ) فنحن نعلم مثلا أن نكاح التحليل باطل مع وجود الشروط الظاهرة من موافقة الزوجين من موافقة ولي الزوجة وجود الشهود لكن مع وجود هذه الشكليات التي لا يمكن أن يصح عقد نكاح إلا بها لكن هنا الشارع الحكيم اعتبرها لاغية لا قيمة لها واعتبر هذا النكاح باطلا فإذًا هذه الشكليات ينبغي أن لا نغتر بها مادام الغاية استحلال ما حرم الله فهنا واضح في الصورة الأولى قلنا لا أنا ما أخذ هذه الخمسة لأنه هذه مقابل دين وهذه الخمسة مقابل إيش؟ مقابل البيع؟ لا مقابل البيع مائة ربما يكون ربح خمسة هناك أو عشرة ما بيهمنا هنا ، هذا حلال أما الزّيادة على بيع النقد هذا مش مقابل البيع هذا يقينا والتجار يعرفون هذا أكثر منا أنه هذه زيادة هي ليست مقابل البيع وإنما مقابل الصبر في الوفاء على أخيك المسلم فإذا كون وُجدت هذه الوسيلة هذه الوسيلة أبدا لا تغير حكم هذه الزيادة التي سمّاها الرسول عليه السلام بأنها ربا أما الذين يقولون بإباحة هذا فليس لهم حجة إنما ذكرنا أنه بيع وأن النهي الوارد في الأحاديث السّابقة إما أن يحملوه كما ذكرنا أن النهي بعلة الجهالة ولكننا أبطلنا هذه العلة الاقتباسة والاجتهادية بالعلة المنصوص عليها في الحديث النبوي أولا وأنه الواقع يدل أنه ليس هناك جهالة في الثمن ثانيا فيما يجري اليوم من بيوع التقسيط، هذا ما عندي في هذه المسألة .
السائل : جزاكم الله خيرا .