خلاصة ما ذكر حول حقيقة التوحيد ومعنى كلمة " لا إله إلا الله " وشروطها، والتحذير من الشرك. حفظ
الشيخ : إذًا يجب أن نعرف هنا شيئين هامّين جدا معنى لا إله إلا الله وهو كما سمعتم " لا معبود بحق في الوجود إلا الله " الشيء الثاني أن نعرف معنى العبادة حتى ما نوجه العبادة لغير الله فنجعل لله شريكا في العبادة، فإذًا العبادة هو كل شيء يتقرب به المسلم إلى الله فإذا توجه بهذه العبادة إلى غير الله عز وجل فقد جعل هذا الغير شريكا لله وكفر بقوله لا إله إلا الله ولم يفده لفظه بها وتكلمه بها مادام أنه كفر بها عمليا، فمن هذا التفصيل تعرفون الشرط الذي وضعته في أول إجمالي للكلام عن التوحيد قلت لا إله إلا الله يجب أن تتوفر فيه شروط ثلاثة، أولا الفهم الصحيح لهذه الكلمة والفهم الصحيح هو " لا معبود بحق في الوجود إلا الله " وليس الفهم الصحيح " لا رب إلا الله " لأنه هذا توحيد الربوبية لا يكفي لا بد أن ينضم إلى ذلك توحيد العبادة وتوحيد الإلاهية هذا هو الفهم الصحيح، الشرط الأول .
الشرط الثاني : الإيمان الجازم بهذا المعنى الصحيح وإلا فمعرفة الشيء مع عدم الإيمان به لا يكون إيمانا فالله عز وجل ذكر في القرآن الكريم بحق اليهود وربما بحق النصارى أيضا (( يعرفونه كما يعرفون أبناءهم )) يعني يعرفون أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم الذي بُعث فيهم وأرسل إليهم يعرفونه أنه هو الرسول الصادق المُبشر عندهم في التوراة وفي الإنجيل (( يعرفونه كما يعرفون أبناءهم )) فهل أفادتهم هذه المعرفة شيئا ؟ الجواب لا لماذا؟ لأنه لم يقترن مع المعرفة إيمان جازم بما عرفوه فما أمنوا بالرسول مع أنه عرفوه وكذلك شأن الكفار المخلدين في النار أنهم يعرفون الحق ثم ينكرونه، ذلك هنا معنى قول الله عز وجل في القرآن الكريم في أمثالهم (( وجحدوا واستيقنتها أنفسهم )) ... فهم عرفوا هذه الحقيقة ولكنهم لم يؤمنوا بها كذلك كل شيء من الإيمان يجب أن يكون أولا الإيمان على المعرفة الصحيحة فالمعرفة الصحيحة هو الشرط الأول ثم الإيمان الجازم بهذه المعرفة الصحيحة هو الشرط الثاني والشرط الثالث والأخير أن لا يأتي هذا المؤمن بما يناقض إيمانه من الشركيات والوثنيات فهذا الذي لو فرضنا أنه يعرف معنى لا إله إلا الله أي " لا معبود بحق في الوجود إلا الله " عرف أن الأمر كذلك ثم آمن بذلك إيمانا جازما لكن هو من جهة أخرى يعبد غير الله فعبادته لغير الله من الذبح والنذر والمناداة يُبطل قوله لا إله إلا الله وزعمه أنه فهمها فهما صحيحا وأنه آمن بها إيمانا جازما ... نقيضان لا يجتمعان، أحد شيئين يا أنه كاذب في قوله إنه عرف معنى لا إله إلا الله وأن هذا المعنى هو " لا معبود بحق في الوجود إلا الله " أو عرف لكنّه كاذّب في قوله أنه آمن بهذا الذي عرفه وإلا كيف يؤمن حقا بأنه لا معبود وبأنه لا أحد يستحق العبادة إلا الله ثم هو يعبد غير الله، نقيضان لا يجتمعان ولذلك فنحن نعتقد جازمين أن أكثر المسلمين الذين يشهدون لا إله إلا الله هم في الحقيقة لا يعرفون المعنى الصحيح وإلا للزموا إيمانهم وابتعدوا عن الإخلال بهذا الإيمان وذلك أن يبتعدوا عن الإشراك مع الله في عبادته غير الله كما أوضحنا لكم كثيرا من الأمثلة ولا أظن فيكم أحدا يجهل هذه الحقائق وأن المسلمين واقعين فيها إلا من شاء الله وقليل ما هم، أي لا أحدكم يجهل أن هناك مسلمين يصلون ويصومون يذهبون إلى القبر الفلاني ويذبحون به، ينذرون نذرا إن الله عز وجل عافى لي ابني سأذبح ذبيحة لفلان أو للست فلانة أو ما شابه ذلك فهذا هو من معاني الأية السابقة (( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون )) فهم إذًا من جهة مؤمنون ومن جهة مشركون لذلك لا تظنوا أنه لا يجتمع مع الإيمان شرك، يجتمع مع الإيمان شرك ولذلك فالإيمان الكامل هو الذي لا يخالطه شيء من الشركيات والوثنيات، أرجو أن ... فالموضوع هذا مهم جدا ولا يكفي أن أفهمه أنا وأنت بل علينا جميعا أن نبلغ هذا إلى الناس لأننا كما قدّمنا في أول هذه الكلمة، الله عز وجل ما أرسل الرسل ولا أنزل الكتب إلا لعبادته وحده لا شريك له (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) ليعبدوني وحدي لا شريك لي، والآن المسلمون فضلا عن غيرهم يعبدون مع الله آلهة أخرى، لماذا ؟ لأنهم يجهلون فعلينا نحن إذا تعلمنا أن نبلغ (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )) والرسول عليه السلام بدوره يأمرنا نحن فيقول ( بلغوا عني ولو آية ) أي ولو جملة سواء كانت هذه الجملة حديثا أو آية كريمة ولذلك فليبلغ الشاهد الغائب، لا يكتفي أحدكم بأن يسمع الموعظة ويستفيدها وبعد ذلك خلاص أنا الحمد لله عرفت الإيمان وعرفت التوحيد الصحيح ... بين الجهال، هذول الجهال مرضى يجب أن يعالجوا، يجب أن نرفق وأن نشفق عليهم، مو أن ننقم عليهم لأنه لا يوجد مع الأسف لديهم من ... فليكن كل واحد منكم مبشرا ونذيرا إليهم حتى تحصلوا على فضيلة قوله عليه السلام ( لئن يهدي الله على يديك رجلا أحب إلي من حمر النعم ) .