شرح الحديث الرابع من الترغيب والترهيب من كتاب الجنائز باب الترغيب في كثرة المصلين على الجنازة وفي التعزية : وعن الحكم بن فروخ قال صلى بنا أبو المليح على جنازة فظننا أنه قد كبر فأقبل علينا بوجهه فقال : أقيموا صفوفكم ولتحسن شفاعتكم قال أبو المليح حدثني عبد الله عن إحدى أمهات المؤمنين وهي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت أخبرني النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من ميت يصلي عليه أمة من الناس إلا شفعوا فيه ) فسألت أبا المليح عن الأمة قال أربعون رواه النسائي . حفظ
الشيخ : الحديث الرابع قال وعن الحكم بن فروخ، هذا حسن الإسناد، صلى بنا أبو المليح على جنازة فظننا أنه قد كبّر فأقبل علينا بوجهه فقال أقيموا صفوفكم ولتحسن شفاعتكم، قال أبو المليح حدثني عبد الله عن إحدى أمهات المؤمنين وهي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت أخبرني النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( ما من ميت يصلي عليه أمة من الناس إلا شُفّعوا فيه ) فسألت أبو المليح عن الأمّة قال أربعون رواه النسائي، تكلمنا عن الشفاعة في الحديث الأول من أحاديث هذا الباب في الدرس الماضي وأن عدد الأربعين هو أقل من عدد المائة وأن الله عز وجل تفضل على عباده فبينما كان قبل ذلك ربط مغفرة الله عن الميت أو للميت بأن يشفع وأن يدعوَ له مائة زاد في فضله فقال لو كان هؤلاء أربعين فدعو له وشفعوا فيه مخلصين له فالله عز وجل يغفر له إلا أنه هنا في هذا الحديث لفت نظر إلى شيء ينبغي التنبيه عليه لإهمال أئمة المساجد التنبيه على ذلك فهو يقول هنا صلى بنا أبو المليح وهو تابعي ابن صحابي على جنازة فظننا أنه قد كبّر فأقبل علينا بوجهه فقال أقيموا صفوفكم ولتحسن شفاعتكم فنبه هنا على شيئين، الأول وهو الذي أهمله اليوم الناس كأنهم ينظرون إلى صلاة الجنازة أنه لا قيمة لها ولذلك حينما تقام الصفوف خلف الجنازة تجدها مضطربة أشد الاضطراب ليست مستوية على الأقل كما يسوون الصفوف للصلوات الخمس مع أنهم يخلون أيضا بتسوية الصفوف في الصلوات الخمس ولكن يحسنونها لا سيما حينما قيدوا أنفسهم بالخيط الذي يمد من الشرق إلى الغرب وقد يظن بعض الناس أن هذا الخيط من المصالح المرسلة والحقيقة أنه من البدع الضالة وهذه من دقائق المسائل التي لا ينتبه لها إلا من عرف أضرار البدع في الدين وآثارها من قريب أو من بعيد فها أنتم الآن أمام مثل واقع، الذين يصلون الصلوات الخمس على الخيط لا يستطيعون أن يحسّنوا الصف بدون الخيط وهذا مثال ولما يقيمون الصلاة على الجنازة تجد الصف مضطرب أشد الاضطراب، مع هذا تجد الإمام يصلي ولا يتكلم ولو بكلمة ولو على طريقة بعض الأئمة في البلاد السعودية، لا يحسنون إلا أن يقولوا استوا استوا أما السّنة فقد ماتت، ماتت في كل بلاد الله عزّ وجل إلا في بعض الأماكن التي فيها بعض الغرباء فإننا نقرأ في السنة في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان لا يكبر للصلاة إماما بالناس إلا بعد أن يقول ( استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ) ويقول تارة ( لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم ) ويقول لهذا تأخر ولذاك تقدم وهكذا كل هذه الأمور أصبحت ميتة حتى في المدينة المنورة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها في، يبث هذا النور إلى أصحابه وأولئك بدورهم نقلوه إلى من بعدهم حتى وصل إلينا وعمّ من رغب في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعض عليها بالنواجذ فلذلك يسم الإنسان القصير النظر والبصر حينما يجد الخيط ممدودا في المسجد فالناس مربوطين في الخيط ولذلك ما ... يتقدموا أو يتأخروا لكن إذا ... الخيط أو فُقد فلت الصف واضطرب الصف، هكذا ينبغي أن يكون المسلم؟ أبدا، المسلم وازعه من قلبه ينبع ليس هو يرتبط بخيط بسيط، قد يكون هذا الخيط أحيانا أيضا مثل بعض جدر وقبلية المساجد منحرفة عن سمت القبلة فيصلي عامة الناس إلى هذا الجدار متجها إلى القبلة أو منحرفا عنها، هذا كله من شؤم الركود العقلي والفكري بسبب الجمود المنهجي التقليدي .
إذًا يجب أن لا نفرق في تسوية الصفوف بين الصلوات الخمس وبين صلاة الجنازة فإنها صلاة ولذلك هذا التابعي الفاضل أبو المليح نبه الناس بينما ظن الراوي للحديث أنه كبّر وإذا به يلتفت إليهم ويقول أقيموا صفوفكم سووا صفوفكم، هذا هو الأمر الأول، الأمر الثاني قال منبها إلى ما كنت ذكرته لكم في الدرس الماضي من وجوب الإخلاص في الدعاء للميت حتى ينتفع الميت وحتى ربنا عز وجل يقبل دعاء وشفاعة الشافعين فيه الذين يصلون عليه ويدعون له، هذا الدعاء كما فصّلنا القول في الدرس الماضي من شروطه الإخلاص فهو يقول هنا ولتحسن شفاعتكم ما يكون ذلك كلاما يخرج من أفواهكم ولما يصل هذا الكلام إلى قلوبكم ويخرج من طريق أفواهكم، هذه فائدة في هذا الحديث والحمد لله .