في صحيح مسلم عن سعيد ابن جبير أن قريبا لعبد الله بن مغفل خذف فنهاه وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وقال: ( إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين ) فعاد فقال: أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ثم تخذف لا مك أبدا. هل يفهم من هذا الحديث جواز المقاطعة والهجر مع أنه ورد النهي عنهما في أحاديث أخرى ؟ حفظ
السائل : ذكر السائل حديث نهيه صلى الله عليه وسلم عن الخذف وأنه لا يقتل الصيد ولا ينكأ العدو وحديث بن المغفل أن ابن له خذف فنهاه وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وقال كذا ثم عاد فقال أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ثم أعدت تخذف لا أكلمك أبدا السؤال هل يفهم من هذا الحديث جواز المقاطعة والهجر مع أنه ورد النهي عنهما في أحاديث أخرى؟
الشيخ : هذا السؤال لا يجب كأن السائل لم يحضر درسا من دروسنا السابقة يجب أن يذكر هو ومن كان على شاكلته أن الهجر على وجهين، هجر المسلم لأخيه المسلم على وجهين الوجه الأول هجر من حضّ النفس أو من باب "تفشيش خلق" إنسان يسيء إليه آخر إساءة ما يستحق علهيا المقاطعة الآتي بيانها في النوع الثاني وإنما هو لم يتعمد هذه الإساءة فهجره فهذا الهجر لا يجوز في الإسلام ولكن ربنا عز وجل رأفة بعباده سمح بهذا الهجر لمدة ثلاث ليال فقال عليه الصلاة والسلام ( لا يحل لرجل مسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا عن هذا وهذا عن هذا وخيرهما الذي يبدأ أخاه بالسلام ) هذا النوع من الهجر محرم بإستثناء الثلاث ليالي قال من باب التنفيس عن هذا الإنسان الذي بلغه شيء من أخيه المسلم فهجره يهجره ليلة ليلتان ثلاثة ثم بعد لا يجوز لك هذا الهجر حرام بنص هذا الحديث وغيره أما النوع الآخر من الهجر فهو الهجر في سبيل الله عز وجل، هجر لله هجر لتربيته لأنه قد يكون شذّ في مسألة أو في قضية أو في كلمة فيرى الرجل المؤمن الصادق أن هجر هذا الإنسان لتأديبه هو أمر لابد منه من هذا النوع كان هجر الصحابي الجليل عبد الله بن المغفل لإبنه حينما قال الإبن ماذا؟
السائل : نهاه عن الخذف
الشيخ : عبد الله بن المغفل روى لإبنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخذف الخذف هو رمي الطير مثلا بالحجر بالإصطلاح الشامي ... مثلا فهذا الحجر لما يصدم الطير بيصدمه صدم بيومته لا يجرحه هذا الخذف نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الصحيح، ابن عبد الله بن المغفل لم ينتهي فقال له أن أروي لك عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن الخذف ثم أنت تعود إلى الخذف فهجره هذا الهجر ليس انتصارا للنفس وإنما انتصار للشرع لحرمات الله عز وجل هذا الهجر هو أمر جائز، من هذا القبيل تماما لما روى عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما لأحد أولاده قول النبي صلى الله عليه وسلم في ما معناه " إئذنوا للنساء بالخروج إلى المساجد بالليل " قال والله لا نأذن لهن هو معه بعض الحق في هذا لأنه رأى من يومئذ رأى إنحراف النساء عن الزي الإسلامي النظيف الطاهر الذي كان عليه النساء الأول يريد أن يقول نعم هو كما تقول عن الرسول عليه الصلاة والسلام لكن هذا الحكم لا يصلح تطبيقه الآن هذا هو قصده وإن كان قصده فيه نظر لكن فيه فرق بين هذا المثال والمثال السابق المثال السابق نهى عن الخذف وهو يخذف، أما هنا لما سمع أن أباه يروي عن الرسول الأمر بالإذن للنساء بالخروج إلى المساجد بالليل وقت فتنة وقت ظلمة خاصة في تلك الأيام كيف نسمح لنسائنا وهناك الفساق والفجار يتحرشون بهن قال إئذن قال والله لا نأذن لهن، قال أقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول لا نأذن لهن والله لا كلمتك أبدا ومات ولم يكلمه أبدا هذا هجر لله وانتصار لأحكام الله ولحرمات الله هذا النوع جائز وعلى ذلك جاء هجر الثلاثة الذين خلفوا في القصة المعروف خبرها في القرآن مختصرا وفي الصحيحين مفصلا وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
سائل آخر : سؤال أخير إذا هجره ثلاثة أيام وما شافه بعدين يمكن يروح عنده على البيت؟
الشيخ : يكون هذا أطيب إذا كان هو ما نوى يقطع الهجر ما فيه عليه إثم لكن الأطيب والأحسن مثل ما قلت يروح عنده على البيت.