خطأ تفسير الكتاب والمعاصرين للدابة بأنها الجراثيم . حفظ
الشيخ : ومن هذا القبيل ما يجنح إليه كثيرا من الكتاب المعاصرين أو المفسرين المعاصرين يفسرون دابة الأرض تفسيرا يتناسب مع ضعف إيمانهم بالأمور الغيبية التي طالما لفتنا النظر إلى أن الإيمان بالغيب هو أول شروط الإيمان هو أول شيء يدل على أن هذا المسلم مؤمن بالله حقا لأنه استسلم لخبره الصحيح عنه كتابا أو سنة ولم ... عقله ولم يتبع هواه وإنما إتبع النص الذي جاءه عن الله ورسوله كثير من ىهؤلاء الكتاب لا يظهر فيهم هذا الإيمان مع الأسف الشديد ولذلك فهم يميلون دائما وأبدا إلى تأويل النصوص الغيبية التي لا تتوافق مع الحوادث الواقعية يميلون إلى تأويلها بأمر عادي فمثلا هذه الدابة أخرجنا لهم دابة هذه الدابة قالوا عبارة عن جراثيم وساعدهم على ذلك أن في الآية السابقة (( تكلمهم بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون )) تكلم الناس فسروا التكليم هنا بالتجريح جرح وهذا صحيح لغة ولكن علماء التفسير أولا والظاهر من النص ثانيا ليس بمعنى التجريح وإنما بمعنى المكالمة على أنه لم يفت بعض المفسّرين الأثريين الذين يعتمدون في تفسير القرآن على القرآن والأثر الصحيح كالحافظ بن كثير الدمشقي لم يفته هذا المعنى الذي ركن إليه بعض الكتاب المعاصرين واعتمدوا عليه وحصروا المعنى فيه تكلمهم يعني تجرحهم هذا المعنى قد ذكره الحافظ بن كثير لكنه قال لا مانع من تفسير التكليم في الآية بالمعنيين كليهما فهي تكلمهم تكليما وتحدثهم تحديثا وهي في الوقت نفسه أي تجرحهم تجريحا فيفسرون الدابة هنا بالجرثوم أو الميكروب لأن هذا أصبح معهودا معروفا يؤمن الناس به لا فرق في ذلك بين المؤمن والكافر، أما أن تبقى الآية والأحاديث التي وردت في أشراط الساعة على ظاهرها فهذا مما لا يتسع قلوبهم للإيمان به فإلى هذا ننبه بأن هذا من الإنحراف الذي أصاب كثير من المسلمين القدامى في تأويلهم لنصوص الكتاب والسنة ما دامت بعيدة عن منطقهم الخاص بهم فهذا خروج عن الوصف الأساسي في المؤمن الذي وصفه الله عز وجل في أول سورة البقرة فقال (( الذين يؤمنون بالغيب )) الإيمان بدابّة الأرض ككل أشراط الساعة يجب الإيمان بها دون أي تأويل الذي يؤدي بصاحبه إلى التعطيل والتعطيل معناه الجحد فالمكروبات موجودة منذ أن لم تعرف قبل أن يعرفها الناس فكيف يتحدث ربنا عز وجل بأن الله عز وجل يخرج للناس دابّة تكلمهم وهذه الدابّة بمعنى المكروب أو الجرثوم دائما تجرح الناس وتؤذيهم وقد تميتهم لذلك يجب أن يبقى هذا اللفظ المذكور في الآية وفي الحديث على ظاهرها فهي دابّة تدب على الأرض أما الأوصاف التي تذكر كما ذكرنا في بعض الكتب فلا يلتفت إليها لعدم ورود الأثر الصحيح فيها.