شرح قول المصنف رحمه الله : " وعن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك ) رواه البخاري وغيره ". وبيان المراد بإطلاق عبد الله في السند وأنه ابن مسعود. حفظ
الشيخ : أما الذي بعده فهو حديث حسن وهو قوله وعن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك ) رواه البخاري وغيره عبد الله هنا هو عبد الله بن مسعود وهي في الغالب قاعدة إذا أطلق عبد الله في كتب الحديث المتأخرة المقصود به ابن مسعود من بين العبادلة الأربعة المشهورين من الصحابة على رأسهم هذا عبد الله بن مسعود ثم عبد الله بن عمر بن الخطاب ثم عبد الله بن عمرو بن العاص ثم عبد الله بن عباس فأكبرهم سنا وقدرا وفقها وعلما هو عبد الله بن مسعود من أجل ذلك اصطلحوا على أنهم إذا أطلقوا عبد الله فالمقصود به بن مسعود لكن هذه القاعدة لا ينبغي التزامها في كتب الحديث التي هي أصول السنة والتي هي تروي الأحاديث بأسانيدها إلى الصحابة القاعدة هنا تختل ولا تطرد بل ولا نظام لها وإنما يتميز عبد الله من هؤلاء الأربعة بالنظر إلى الراوي عن أحدهم فإذا كان الراوي مثلا عن عبد الله مطلق في الراوية مثل علقمة أو بن الأسود أو غيرهما من الكوفيين فهو عبد الله بن مسعود وإذا كان الراوي مثلا عن عبد الله مطلق في إسناد آخر أو حديث آخر مثل نافع مثل سالم ... ذلك عبد الله بن عمر لأن نافع يكون مولاه وسالم يكون ابنه وإذا كان الراوي عن عبد الله غير هؤلاء مثل عطاء بن أبي رباح المكي وغيره فهو عبد الله بن عباس وهكذا يعرف عبد الله في الأسانيد بالنظر إلى الراوي عنه أما حينما يأتي علماء الحديث فيقتصرون الأسانيد ويجمعون الأحاديث في الكتب المختصرة فإذا قالوا عن عبد الله فإنما يعنون به بن مسعود ابن مسعود هذا رضي الله عنه روى لنا هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك ) هذا ... الذي كان قريب من الجنة وقريب من النار قريب من الجنة بعمله الصالح وقريب من النار بعمله الطالح وقد فسر بعض العلماء هذا القرب باعتبار أن العمل صالحا كان أو طالحا فإنما هو صفة قائمة بذات الإنسان فصحيح حين ذاك أن هذا السبب الذي هو العمل الصالح أو ضده هو أقرب منه من شراك نعله وشراك النعل لعله لا يخفى عليكم جميعا المقصود به سير النعل هكذا فسره بعض الشراح لكن يبدو لي أن لا حاجة بنا إلى مثل هذا الشرح لأنه في ظني أن الأحاديث تفسر بعضها بعضا هناك الحديث الصحيح في البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) هذا القرب هو الذي أشار الرسول عليه السلام في هذا الحديث الذي نحن الآن في صدد التعليق عليه وقريب منه حديث قد يفيد كثيرا أو قليلا من الحاضرين الذين يكون حالهم عادة بعد انصرافهم أو بعد سلام إمامهم من صلاة الفرض أن ينصرفوا فورا مسرعين خارجين من المسجد على طريقة كثير من الناس ممن يمثلهم ذلك الأعرابي الذي جاء للرسول صلى الله عليه وسلم يسأله عما فرض الله عليه فلما أخبره بالصلوات الخمس المفروضة وصوم رمضان قال " هل علي غير ذلك؟ " قال ( لا، إلا أن تطوع ) قال " يا رسول الله والله لا أزيد عليهن ولا أنقص " قال ( أفلح الرجل إن صدق ) ( دخل الجنة إن صدق ) فكثير من الناس يقنعون بمثل هذا الإقتصاد وهذا الإقتصار في العبادة لله عز وجل على الفرائض فقط دون السنن ودون النوافل المستحبات فيجب أن نعلم أن هذا وإن كان جائزا شرعا فهو طريق القانعين المقتصدين بأقل العمل من جهة ثم ينبغي أن يكون حريصا على أداء هذه الأعمال الفريضة المقصورة القليلة على وجه التمام والكمال بحيث أنه لا يكون قد قصّر في شيء منها فيخشى في نهاية المطاف عليه لأنه ما أدّى الفرائض التي أوجبها الله عليه إذا كان قد قصر في بعض أركانها وشروطها لذلك كان من السنة حث الناس جميعا على الإعتناء بالسنن أيضا ليس فقط الفرائض على مذهب ذلك الأعرابي لأن ليس الناس ممكن أن ... عليهم أنهم إذا قالوا قولا وفوا به وإذا عاهدوا عهدا أيضا وفوا به فقد يخلون فلابد أن يكون عندهم شيء من الإحتياطي يسد مسد تلك الفائت من الفرائض وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه حقيقة التي يجب على شبابنا اليوم بصورة خاصة أن يتنبهوا لها وأن يعدوا عدتها حينما قال ( أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فإذا تمت فقد أفلح وأنجح وإذا نقصت فقد خاب وخسر ) وفي حديث أبي هريرة ( فإذا نقصت قال الله عز وجل لملائكته انظروا هل لعبدي من تطوع فتتموا له به فريضته ) الفريضة قد تكون ناقصة كما أو كيفا فيسدد هذا النقص على حساب هذا الفرض التطوع الذي هو من العبادات الإحتياطيّة لذلك لا يحسن بنا أن نكون متسرعين في الخروج أو في الإنصراف بعد سلام الإمام من الصلاة وإنما علينا أن نأتي بكثير أو قليل من أذكار والأوراد التي جاءت فيها فضائل خاصة من ذلك ما كنت في صدد أن أورد لكم كتفسير من بعض الأحاديث الأخرى لحديث ... قال عليه الصلاة والسلام ( من قرأ دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي لم يمنعه أن يدخل الجنة إلا أن يموت ) ما معنى هذا الحديث أي سيدخل الجنة ما فيه شيء يمنعه من دخول الجنة إلا بقاءه حيا فإذا مات دخل الجنة هذا الحديث كتفسير لحديثنا هنا ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك ) إذا بيت القصيد من هذا الحديث في فقرتيه إنما هو الحث على العمل الصالح ففيه يدخل الإنسان إلى الجنة والنهي عن العمل الطالح فبه يدخل صاحبه النار والعياذ بالله تعالى الحديث الذي بعده وهو حديث حسن عن سعد بن أبي وقاص
السائل : ... .
الشيخ : حسن الذي قبله وحسن الذي بعده
السائل : ... .
الشيخ : حسن الذي قبله وحسن الذي بعده