التعليق على فقرة وردت في المقالة وهي قوله " إن الإسلام كل لا يتجزأ وأنه يجب على المسلمين أن يتبنوا الإسلام كلا لا يتجزأ ". حفظ
الشيخ : يقول " إن الإسلام كلاً لا يتجزّأ وأنه يجب على المسلمين أن يتبنّوا الإسلام كلاَ لا يتجزأ " هذه دعوة صحيحة فلا يجوز لأي مسلم أن يرتاب فيها لكن هنا شيء يجب أن نلاحظه ألا وهو أن هناك تبنّي فكري أو تبنّيا فكريا وهناك تبنّيا عمليا، فالذي لا يجوز التردد فيه وأنه يجب تبنّيه كاملا هو التبنّي الفكري فلا يجوز أن نؤمن بطبيعة الحال ببعض الكتاب ونكفر ببعض، أما التصويت فكالتكاليف الشرعية المتعلقة بكل مكلّف من المسلمين فهو ينهض بما يستطيع منها ولا يكلّف الله نفسا إلا وسعها، كذلك الأمة وليست الأمة كما هو معلوم إلا مجموعة أفراد فكما أن كل فرد يُكلّف بما يستطيع فكذلك الأمة تكلف بما تستطيع، إذا عرفنا هذه الحقيقة وهي حقيقة بدهية لا ريب فيها فحينئذ يتبيّن لكم أن هذا الكاتب خلط بين الفكر وبين العمل الذي ينبغي أن يطابق الفكر فهو كأنه ينشد مجتمعا إسلاميا يُطبّق فيه الإسلام بحذافيره، لا يمكن أن يتخلّف عن التطبيق جزء من أجزائه سواء كان صغيرا أو كبيرا، وهذا أمر بطبيعة الحال مستحيل التحقيق لاسيما بالنسبة للمسلمين المتأخّرين، فهو الأن يقول صراحة ثَقُلَ أن نعود بقانون الأحوال الشخصية إلى موافقته للكتاب والسنّة فنحذف منه ما يخالف الإسلام ونضع فيه ما يأمر به الإسلام قبل هذا كله يجب أن نصلح المجتمع، يجب أن نصلح المجتمع هذا ونهيّأه لتقبّل هذه الأحكام وهذه القوانين، كلام جميل في الواقع وهذه التهيأة هي التي نحن ندعو إليها قبل الاهتمام بأشياء لا سبيل لنا إليها، لا لأنه إذا تمكّنا من ذلك لا نفعل، هذا فرق كبير جدا بين ما ندعو إليه الناس وهو أن نعمل بما نستطيع إلى استئناف الحياة الإسلامية ولا شك أن ذلك يكون خطوة خطوة وبقدر ما يستطيع الإنسان بمعنى أو الأمة بمعنى لو أن الإسلام عبارة عن أحكام يبلغ عددها مئة ونحن الأن نعيش في حياة تطبيقية لعشرة منها، ما في مانع أن نزيدها واحدة وثانية وثالثة حتى تصير عددها عشرين وثلاثين وهكذا، أما أن ننتظر حتى تستأنف الأمة حياتها الإسلامية الكاملة بين ذواتها وأفرداها وندع الحكم يمشي منطلقا على خلاف الكتاب والسنّة ونحن نستطيع أن نُعدِّل وأن نُغيِّر من هذا الحكم بدون أي مشقة أو جهد كما هو واضح الأن من هذه الحركة التي تقوم في الكويت.
فالربا لواقع هذه القوانين بحجة أن المجتمع ليس مجتمعا إسلاميا كاملا هذا معناه أنه سيظل المجتمع الإسلامي غير كامل لأن لا شك سعي الأفراد في الإصلاح أقل من سعي الحكومات، وقديما قال أو رُوِي بالأصح نقول رُوِيَ عن عثمان أنه قال " إن الله يزع بالسلطان ما لا يزعه بالقرأن " فإذا وافق السلطان على تغيير قانون ما موافقا فيه الشريعة الإسلامية، لماذا نحن نأبى ونحول بين هذا الإصلاح بحجّة إنه واقعنا الإسلامي لا يتقبّل هذا الإصلاح، هذا أمر غريب جدا.
قبل سنين كان معروفا في قانون الأحوال الشخصية أن المسلم إذا طلّق زوجته ثلاثا في مجلس واحد بلفظ واحد تُصبِح زوجته بائنة منه بينونة كبرى أي كما قال تعالى (( فلا تحلّ له من بعد حتى تنكح زوجا غيره )) ثم رأى بعض المشتغلين بالفقه الإسلامي أن تبنّي هذا الرأي أو هذا الحكم على أنه رأي المذاهب الأربعة التي يحرص جماهير المسلمين على المحافطة على مسائلها ولا يسمحون لأحد بالخروج عنها مهما وجد إلى هذا الخروج سبيلا، مع ذلك فهؤلاء لما رأوْا سوء أثر تبنّي هذا القول وهو أن الطلاق بلفظ ثلاث ثلاث عادوا فتبنّوْا رأيا إلى عهد قريب كان رأيا شاذا منبوذا ألا وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه االله الذي عاد في هذه المسألة منذ نحو من قرون عاد فيها إلى السنّة فقال الطلاق بلفظ الثلاث إنما هو طلقة واحدة، فتبنّى بعض الفقهاء وأدخلوا هذا الحكم الإسلامي الصحيح في قانون الأحوال الشخصية وهناك بلا شك أنا لست قانونيا وما درست قانون الأحوال الشخصيّة لكن أعلم يقينا أن هناك أحكام كثيرة من مثل هذا الحكم تُخالف الشريعة الإسلامية كتابا أو سنّة أو كليهما معا فماذا ضرّ المجتمع الإسلامي وهو لم يتقدّم مطلقا منذ عهد قريب حينما غُيِّر هذا الحكم إلى ما يوافق السنّة، ما ضرّ ذلك شيئا ولا تخلخل المجتمع ولا رفضه المجتمع كما يشير إلى ذلك كاتب هذا المقال.