ما المراد بقوله تعالى : (( لا يسمه إلا المطهرون )) ؟ حفظ
الشيخ : هلا الأستاذ محمود لم يأتي بشيء جديد لم يُسبق إليه من قبل العلماء السابقين فيما قرّره من تفسير أية (( لا يمسّه إلا المطهّرون )) أولا وفيما ذهب إليه من جواز قراءة القرأن أو مسّ القرأن لغير طاهر، وكل ذلك هو مسبوق إليه.
وهذا في الواقع من طبيعة المنهج السلفي ومن شروطه التي منها أن الدعوة السلفية لا تتبنّى رأيا في مسألة جرى العمل عليها على وجه من الوجوه أو رأي من الأراء، السلفية لا تتبنّى رأيا لم تُسبق إليه وإنما طريقها وخطتها ومنهجها إنما هو.
السائل : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حطو عندك هناك وراء.
إنما هو اختيار قول من الأقوال التي قيلت سواء كان ذلك في الأحكام الشرعية أو في تفسير الأيات الكريمة فتفسير أية (( لا يمسه إلا المطهرون )) بأنهم هم الملائكة المقربون هذا تفسير مسبوق.
السائل : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
تفسير مسبوق السلفيون فيه من قِبَل جماعة من العلماء في مقدمتهم الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة فقد ذكر في كتابه المشهور الموطأ قال أحسن ما سمعت في تفسير هذه الأية (( لا يمسه إلا المطهرون )) أنها كالأية التي في سورة عبس (( كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة )) (( بأيدي سفرة )) هم المطهرون في الأية الأولى (( لا يمسه إلا المطهرون )) (( بأيدي سفرة )) وهكذا فالقرأن يُفسّر بعضه بعضا.
وللأمام مالك من بين الأئمة فضل السبق إلى إلفات نظرنا إلى أن أية (( لا يمسه إلا المطهرون )) يفسّرها قوله تبارك وتعالى في الأية السابقة (( بأيدي سفرة كرام بررة )) ومن العلماء الذي فسّروا الأية فيما سبق ذكره تفسيرا علميا مُبسّطا المحقق المشهور ابن قيم الجوزية فإنه له كتابا طريفا بعنوان "أقسام القرأن" تعرّض في تفسيره لهذه الأية لقوله تعالى فيما قبلها (( فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرأن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين )) فبمناسبة قوله تبارك وتعالى (( فلا أقسم بمواقع النجوم )) تعرّض ابن القيم لتفسير هذه الأية في ذاك الكتاب "أقسام القرأن" فذكر وجوها عديدة في تأييد أن المطهرون في الأية إنما هم الملائكة، يحضرني الأن بعض تلك الوجوه.
منها أولا أنه يقول إن الله عز وجل قال (( لا يمسه إلا المطهرون )) ولم يقل إلا المتطهرون ومن حيث الأسلوب العربي هناك فرق كبير بين المطهّر وبين المتطهِّر فالمطهّر هو المطهّر خلقة وفطرة وليس أولئك إلا الملائكة الذين وصفهم ربنا تبارك وتعالى بقوله (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) أما نحن معشر البشر فلسنا مطهّرين وإنما نحن نوعان قسم يتلوّث ثم يتطهّر فهؤلاء هم المحبوبون عند الله تبارك وتعالى كما قال في الأية المعروفة (( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )) لأن المتطهّر هو الذي يتطلّب الطهارة ويسعى إليها ويعمل بمقتضى تطهير نفسه بالتوبة إلى الله وقيامه بالمكفرات من الأعمال الصالحة، أما الملائكة فهم لا يتلوّثون حتى يتطهّروا وإنما هم منذ خلقهم ربنا تبارك وتعالى كما قال (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) .
فحينما نعود بهذا إلى الأية التي قلت فيها فنلاحظ أن الله عز وجل يقول (( لا يمسه إلا المطهرون )) يتبيّن لنا أنه المقصود به الملائكة وليس البشر لأننا عرفنا من الأية الأخرى أن الله حينما عنى البشر قال المتطهّرين (( إن الله يحب التوابين وبحب المتطهرين )) فهذا دليل أو وجه من الوجوه التي استند إليها ابن القيم في تأكيد أن المقصود بالأية الملائكة فقط.
وجه أخر هو الوجه الذي نقلتَه عن الأستاذ محمود فهنا ضمير (( لا يمسه )) فإلى أين يعود، يظن كثير من الناس أنه يعود إلى المصحف الذي هو يَحصُر القرأن بين دفتيه، فهذا يردّه ابن القيم في حُجّة أن المصحف لم يسبق له ذكر في سياق تلك الأيات وإنما سبق فيها ذكرٌ لكتاب موصوف بقوله (( مكنون )) (( في كتاب مكنون )) فكتاب موصوف بكونه مكنونا، هذا الوصف لا ينطبق على المصحف الذي بين أيدينا لأنه ظاهر وليس مكنونا لأنه المقصود من المكنون هو المستور، فما هو الكتاب الذي ينطبق عليه هذا الوصف مكنون؟ هو الذي جاء أيضا ذكره في أية أخرى (( قرأن كريم في لوح محفوظ )) هذا اللوح المحفوظ هو الكتاب المكنون، فإذًا رجع ضمير لا يمسّه إلى هذا الكتاب المكنون ويؤيّد هذا القول الإمام مالك السابق حيث قال (( بأيدي سفرة كرام بررة )) فهؤلاء الكرام البررة هم الذين يَمسّون هذا الكتاب المكنون الذي هو في اللوح المحفوظ أي معنى الأية (( لا يمسه إلا المطهرون )) أي أصل هذا الكتاب الذي بين أيدينا أصله المكنون المحفوظ الذي لا تناله الأيدي إلا أيدي الملائكة، هذا الكتاب هو الذي (( لا يسمه إلا المطهرون )) .
هذا وجه وهناك وجه أخر يذكره أيضا فيقول قوله تعالى (( لا يمسه إلا المطهرون )) جملة خبرية وخبر الله لا يتأخّر ولا يتخلّف، لا يمكن أن يكون مخالفا للواقع ولو أن الله عز وجل يريد من الأية هذا المصحف الذي بين أيدينا فنحن نعلم بالمشاهدة أنه يمسُّه غير المطهّرين قطعا من المسلمين الذين يعني أولا لا يرون وجوب الطهارة في مسّ القرأن أمثالنا ومن المسلمين الذين يرون وجوب الطهارة ولكنهم يتكاسلون ولا يهتمون بمثل أولئك الذي يدعون الفرائض كلها، فأولى وأولى بهم أن يدعوا التطهّر لمجرد مسّ القرأن.
وأخيرا يأتي الكفار الذين لا يؤمنون بأصل القرأن كله فهم يمسّون القرأن على جنابة لأنهم دائما غير متطهّرين، فكيف يمكن أن يكون هذا كله واقعا والله تبارك وتعالى يخبر فيقول (( لا يمسه إلا المطهرون )) ؟ أحد شيئين إما أن يكون خبر الله غير صحيح لأنه مخالف للواقع وإما أن يكون فهمنا لخبر الله فهما خاطئا، فهذا الفهم الخاطئ هو الذي اصطدم في الحقيقة مع الواقع وليس خبر الله لأن خبر الله لا يتخلّف ولا يتأخّر، فإذا دار الأمر بين أن نتهم الله بإخباره بخلاف الواقع وبين أن نتهم عقولنا وأفكارنا وأفهامنا بخطأ الفهم، فماذا نختار؟ لا شك نختار الأمر الأخير لأنه لا يجوز لمؤمن بالله ورسوله أن يظن أو أن يخطر في باله أنه من الجائز على الله أن يُخبر بخلاف الواقع.
إذ الأمر كذلك لم يبق إلا أن الأية معناها ليس كما يظن الناس بأن هذا المعنى مصادم للواقع، قال تعالى (( لا يسمه إلا المطهرون )) ففهمنا أن المطهرون هم المسلمون الذين يتطهّرون، فرأينا هؤلاء المسلمين يمسّونه وهم غير متطهرين، إذًا هذا الفهم هو الخطأ لأن الله لا يخطأ، فما هو المعنى الصحيح المعنى الصحيح عرفناه مما سبق أن المطهرون في الأية هم الملائكة وليس البشر، حينذاك لم تصطدم الأية مع الواقع.
هذا إذا ما فهمنا وهو الواقع أن الأية جملة خبرية إخبار من الله أن الكتاب المكنون لا يمسه إلا المطهرون، قد يقال ها هنا بأنه ممكن أن يقال أن الأية جملة خبرية ولكن المقصود بها الأمر والإنشاء أي تكون الأية نفي بمعنى النهي ولكن هذا يرد عليه أن الأصل أن لا يُصار إلى مثل هذا التقدير إلا إذا لم يُمكن فهمه على أنها جملة خبرية محضة، فإذ أمكن على الطريق الثابت بقيت الأية خبرية وليس فيها شيء من الإنشاء، فإذا نظرنا نحن إلى هذه البيانات وهي كلها مما أفصح عنها ابن القيم في كتابه السابق "أقسام القرأن" حينئذ يتبيّن لنا أن التفسير الصحيح في هذه الأية أنها لا علاقة لها بموضوع مسّ القرأن على غير طهارة وإنما هي جملة خبرية يخبر الله عز وجل عن أن الكتاب المكنون المحفوظ في اللوح المحفوظ هو لا تناله أيدي الشياطين كما قال تعالى (( وما تنزلت به الشياطين )) وإنما تناله وتنْزِل به الملائكة المكرمون (( بأيدي سفرة كرام بررة )) هذا فيما يتعلق بموضوع مسّ القرأن.
وهذا في الواقع من طبيعة المنهج السلفي ومن شروطه التي منها أن الدعوة السلفية لا تتبنّى رأيا في مسألة جرى العمل عليها على وجه من الوجوه أو رأي من الأراء، السلفية لا تتبنّى رأيا لم تُسبق إليه وإنما طريقها وخطتها ومنهجها إنما هو.
السائل : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حطو عندك هناك وراء.
إنما هو اختيار قول من الأقوال التي قيلت سواء كان ذلك في الأحكام الشرعية أو في تفسير الأيات الكريمة فتفسير أية (( لا يمسه إلا المطهرون )) بأنهم هم الملائكة المقربون هذا تفسير مسبوق.
السائل : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
تفسير مسبوق السلفيون فيه من قِبَل جماعة من العلماء في مقدمتهم الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة فقد ذكر في كتابه المشهور الموطأ قال أحسن ما سمعت في تفسير هذه الأية (( لا يمسه إلا المطهرون )) أنها كالأية التي في سورة عبس (( كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة )) (( بأيدي سفرة )) هم المطهرون في الأية الأولى (( لا يمسه إلا المطهرون )) (( بأيدي سفرة )) وهكذا فالقرأن يُفسّر بعضه بعضا.
وللأمام مالك من بين الأئمة فضل السبق إلى إلفات نظرنا إلى أن أية (( لا يمسه إلا المطهرون )) يفسّرها قوله تبارك وتعالى في الأية السابقة (( بأيدي سفرة كرام بررة )) ومن العلماء الذي فسّروا الأية فيما سبق ذكره تفسيرا علميا مُبسّطا المحقق المشهور ابن قيم الجوزية فإنه له كتابا طريفا بعنوان "أقسام القرأن" تعرّض في تفسيره لهذه الأية لقوله تعالى فيما قبلها (( فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرأن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين )) فبمناسبة قوله تبارك وتعالى (( فلا أقسم بمواقع النجوم )) تعرّض ابن القيم لتفسير هذه الأية في ذاك الكتاب "أقسام القرأن" فذكر وجوها عديدة في تأييد أن المطهرون في الأية إنما هم الملائكة، يحضرني الأن بعض تلك الوجوه.
منها أولا أنه يقول إن الله عز وجل قال (( لا يمسه إلا المطهرون )) ولم يقل إلا المتطهرون ومن حيث الأسلوب العربي هناك فرق كبير بين المطهّر وبين المتطهِّر فالمطهّر هو المطهّر خلقة وفطرة وليس أولئك إلا الملائكة الذين وصفهم ربنا تبارك وتعالى بقوله (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) أما نحن معشر البشر فلسنا مطهّرين وإنما نحن نوعان قسم يتلوّث ثم يتطهّر فهؤلاء هم المحبوبون عند الله تبارك وتعالى كما قال في الأية المعروفة (( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )) لأن المتطهّر هو الذي يتطلّب الطهارة ويسعى إليها ويعمل بمقتضى تطهير نفسه بالتوبة إلى الله وقيامه بالمكفرات من الأعمال الصالحة، أما الملائكة فهم لا يتلوّثون حتى يتطهّروا وإنما هم منذ خلقهم ربنا تبارك وتعالى كما قال (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) .
فحينما نعود بهذا إلى الأية التي قلت فيها فنلاحظ أن الله عز وجل يقول (( لا يمسه إلا المطهرون )) يتبيّن لنا أنه المقصود به الملائكة وليس البشر لأننا عرفنا من الأية الأخرى أن الله حينما عنى البشر قال المتطهّرين (( إن الله يحب التوابين وبحب المتطهرين )) فهذا دليل أو وجه من الوجوه التي استند إليها ابن القيم في تأكيد أن المقصود بالأية الملائكة فقط.
وجه أخر هو الوجه الذي نقلتَه عن الأستاذ محمود فهنا ضمير (( لا يمسه )) فإلى أين يعود، يظن كثير من الناس أنه يعود إلى المصحف الذي هو يَحصُر القرأن بين دفتيه، فهذا يردّه ابن القيم في حُجّة أن المصحف لم يسبق له ذكر في سياق تلك الأيات وإنما سبق فيها ذكرٌ لكتاب موصوف بقوله (( مكنون )) (( في كتاب مكنون )) فكتاب موصوف بكونه مكنونا، هذا الوصف لا ينطبق على المصحف الذي بين أيدينا لأنه ظاهر وليس مكنونا لأنه المقصود من المكنون هو المستور، فما هو الكتاب الذي ينطبق عليه هذا الوصف مكنون؟ هو الذي جاء أيضا ذكره في أية أخرى (( قرأن كريم في لوح محفوظ )) هذا اللوح المحفوظ هو الكتاب المكنون، فإذًا رجع ضمير لا يمسّه إلى هذا الكتاب المكنون ويؤيّد هذا القول الإمام مالك السابق حيث قال (( بأيدي سفرة كرام بررة )) فهؤلاء الكرام البررة هم الذين يَمسّون هذا الكتاب المكنون الذي هو في اللوح المحفوظ أي معنى الأية (( لا يمسه إلا المطهرون )) أي أصل هذا الكتاب الذي بين أيدينا أصله المكنون المحفوظ الذي لا تناله الأيدي إلا أيدي الملائكة، هذا الكتاب هو الذي (( لا يسمه إلا المطهرون )) .
هذا وجه وهناك وجه أخر يذكره أيضا فيقول قوله تعالى (( لا يمسه إلا المطهرون )) جملة خبرية وخبر الله لا يتأخّر ولا يتخلّف، لا يمكن أن يكون مخالفا للواقع ولو أن الله عز وجل يريد من الأية هذا المصحف الذي بين أيدينا فنحن نعلم بالمشاهدة أنه يمسُّه غير المطهّرين قطعا من المسلمين الذين يعني أولا لا يرون وجوب الطهارة في مسّ القرأن أمثالنا ومن المسلمين الذين يرون وجوب الطهارة ولكنهم يتكاسلون ولا يهتمون بمثل أولئك الذي يدعون الفرائض كلها، فأولى وأولى بهم أن يدعوا التطهّر لمجرد مسّ القرأن.
وأخيرا يأتي الكفار الذين لا يؤمنون بأصل القرأن كله فهم يمسّون القرأن على جنابة لأنهم دائما غير متطهّرين، فكيف يمكن أن يكون هذا كله واقعا والله تبارك وتعالى يخبر فيقول (( لا يمسه إلا المطهرون )) ؟ أحد شيئين إما أن يكون خبر الله غير صحيح لأنه مخالف للواقع وإما أن يكون فهمنا لخبر الله فهما خاطئا، فهذا الفهم الخاطئ هو الذي اصطدم في الحقيقة مع الواقع وليس خبر الله لأن خبر الله لا يتخلّف ولا يتأخّر، فإذا دار الأمر بين أن نتهم الله بإخباره بخلاف الواقع وبين أن نتهم عقولنا وأفكارنا وأفهامنا بخطأ الفهم، فماذا نختار؟ لا شك نختار الأمر الأخير لأنه لا يجوز لمؤمن بالله ورسوله أن يظن أو أن يخطر في باله أنه من الجائز على الله أن يُخبر بخلاف الواقع.
إذ الأمر كذلك لم يبق إلا أن الأية معناها ليس كما يظن الناس بأن هذا المعنى مصادم للواقع، قال تعالى (( لا يسمه إلا المطهرون )) ففهمنا أن المطهرون هم المسلمون الذين يتطهّرون، فرأينا هؤلاء المسلمين يمسّونه وهم غير متطهرين، إذًا هذا الفهم هو الخطأ لأن الله لا يخطأ، فما هو المعنى الصحيح المعنى الصحيح عرفناه مما سبق أن المطهرون في الأية هم الملائكة وليس البشر، حينذاك لم تصطدم الأية مع الواقع.
هذا إذا ما فهمنا وهو الواقع أن الأية جملة خبرية إخبار من الله أن الكتاب المكنون لا يمسه إلا المطهرون، قد يقال ها هنا بأنه ممكن أن يقال أن الأية جملة خبرية ولكن المقصود بها الأمر والإنشاء أي تكون الأية نفي بمعنى النهي ولكن هذا يرد عليه أن الأصل أن لا يُصار إلى مثل هذا التقدير إلا إذا لم يُمكن فهمه على أنها جملة خبرية محضة، فإذ أمكن على الطريق الثابت بقيت الأية خبرية وليس فيها شيء من الإنشاء، فإذا نظرنا نحن إلى هذه البيانات وهي كلها مما أفصح عنها ابن القيم في كتابه السابق "أقسام القرأن" حينئذ يتبيّن لنا أن التفسير الصحيح في هذه الأية أنها لا علاقة لها بموضوع مسّ القرأن على غير طهارة وإنما هي جملة خبرية يخبر الله عز وجل عن أن الكتاب المكنون المحفوظ في اللوح المحفوظ هو لا تناله أيدي الشياطين كما قال تعالى (( وما تنزلت به الشياطين )) وإنما تناله وتنْزِل به الملائكة المكرمون (( بأيدي سفرة كرام بررة )) هذا فيما يتعلق بموضوع مسّ القرأن.