الكلام عن ضابط البدعة والتحذير منها . حفظ
الشيخ : ( فسيرى اختلافا كثيرا ) من هذا الاختلاف ما نحن فيه الآن ناس بيقولوا كل بدعة ضلالة وناس بيقولوا لا، البدعة تنقسم إلى حسنة وسيئة وها الجانبين من حسنة وسيئة تفصيلها إلى خمسة أقسام.
فماذا يفعل خاصة عامة المسلمين الذين لا يستطيعون أن يدخلوا في معارك البحوث هذه والمجادلات الكثيرة بين العلماء، فما هو المخرج بالنسبة لعامة المسلمين؟ أعطانا الجواب بكل صراحة ( وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) فإذا رأيتم الاختلاف الكثير ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ) ... فهذه البدع التي تسمعون الاختلاف فيها ما بين مُحسِّن ومقبِّح هذه من سنّة الرسول عليه السلام؟ الجواب لا، لسنا نحن فقط نقول لا، حتى الذين يقولون بأنها بدعة حسنة يقولون لا لأنهم يصفونها بأنها بدعة، يعني شيء حدث بعد الرسول عليه السلام.
طيب هذه البدعة ليست من سنته عليه السلام، هل هي من سنّة الخلفاء الراشدين؟ كمان يقولون لا، مثلا على سبيل المثال الاحتفال بالمولد النبوي، احتفال بمولد الرسول عليه السلام هذا يدخلونه في باب تبجيله وتعظيمه وتعظيم الرسول عليه السلام هو فرض على كل مسلم بل لا يُتصوّر مسلم ولا يُعظِّم الرسول، هذا مستحيل ولكن هنا مشكلة كيف يكون تعظيم الرسول عليه السلام؟ هل يكون تعظيم الرسول حسب هواي أنا و كيفي أو عقلي أو جهلي أو علمي وإلا حسب ما شرع الله عز وجل لنبيه؟ لا شك أنه التعظيم لازم يكون في حدود الشرع.
مثلا هل أنا إذا زرت المسجد النبوي وصليت فيه وأتيت القبر وسلّمت عليه هل أسجد له؟ هل أسجد له بدعوى إيه؟ التعظيم؟ كل المسلمين يقولون لا، لا تسجد لأن هذا السجود لا ينبغي إلا لله.
إذًا تعظيم الرسول ينبغي أن يكون في حدود الشرع.
طيب ما أسجد له أركع له هكذا ركوع نصف سجود؟ لا ليه؟ لأنه الركوع أخو السجود ولا ينبغي إلا لله، طيب هل أقوم بين يديه هكذا خاشعا كما أقوم بين يدي رب العالمين؟ كمان الجواب ينبغي أن يكون لا مع أننا نرى كثير من الزوّار هناك يقفون من بعيد لعله يقف أخشع مما يقف بين يدي الله عز وجل.
هذا كله تعظيم لكن هل هو تعظيم في حدود ما شرع رب العالمين على لسان نبيه الكريم؟ الجواب لا، إذًا كيف يكون التعظيم؟ الجواب في القرأن (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) فاتباع الرسول عليه السلام بما جاء به للإسلام هو التعظيم بدون إفراط ولا تفريط، بدون زيادة ولا نقص.
يزعمون أنه من تعظيم الرسول عليه السلام الاحتفال بمولده أعني نجيب نحن مثال، نحن نقول هل احتفل الرسول عليه السلام بولادته كما يحتفل الأوروبيون كل واحد منهم عيد ميلاده؟ صار عمره ثمانين سنة بيعمل عيد كل سنة بيعمل عيد إلى أخره لابنه لزوجته، هل فعل شيء من ذلك الرسول عليه السلام لنفسه؟ الجواب لا، كل المسلمون يقولون هذا.
هل احتفل أصحاب الرسول بولادته؟ الجواب لا، أتباع الصحابة يعني التابعين؟ الجواب لا، أتباع التابعين؟ الجواب لا، الأئمة المجتهدين لا لا، لكان متى حدث هذا؟ حدث بعد الرسول عليه السلام بنحو أربعمائة سنة، طيب ها القرون العديدة الصحابة والتابعين وأتباعهم إذًا ما عظّموا الرسول عليه السلام حينما ما احتفلوا بولادته؟ هذا مش معقول أبدا، طيب إذًا هذا التعظيم من أين جاؤوا به؟ لو كان تعظيما مشروعا لفعله أبو بكر الصديق مع الرسول وعمر وعثمان وعلي وبقية العشرة المبشرين بالجنة وأصحاب البيعة تحت الشجرة وإلى أخره ثم التابعين ثم الأئمة المجتهدين، ما أحد فعل هذا.
ومن الغرائب والعجائب أنه كل واحد منا بيزعم أنه هو حنفي وهذا شافعي وهذا مالكي وهذا حنبلي فإذا سألته أنت حنفي في كتب أبي حنفية أنه من تعظيم الرسول الاحتفال بولادته؟ بيسكت بيقلك شو فيها، طيب ما نك حنفي أنت؟ ما تجيب النص من المذهب الحنفي أنه هذا شرع ودين وعبادة وطاعة وتعظيم الرسول عليه السلام،؟ ما في جواب، في تحكيم للأهواء والعادات بس.
كذلك نطالع المالكي والشافعي والحنبلي لا أحد منهم يقول هاي النص من مذهبي لأنه لا يستطيع لأنه حدث بعد الأئمة كلهم.
فالخلاصة فأي بدعة تحدث يختلف العلماء إلى حسنة وإلى سيئة فهم يتّفقون أنه حدث بعد أن لم يكن إذًا أنت أيها المسلم ولو كنت ما تعرف شيء من العلم أسمع هذا الحديث ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ) ها اللي بيقل لك من أي شيخ مفتي أكبر أصغر الاحتفال بمولد الرسول سنّة وبدعة حسنة وما فيها شيء وإلى أخره، خليك معه ... قل له يا حضرة الشيخ هل احتفل أصحاب الرسول بمولد الرسول؟ إذا كان يخشى الله ولا يكذب على الله ورسوله بيقل لك لا ما احتفلوا، طيب التابعين بقية الصحابة التابعين الأئمة المجتهدين بيقل لك لا لا لا، طيب شو رأيك هلا أمشي على ما مشى هؤلاء السلف بأكون أنا منحرف وعلى ضلال ولا بأكون على بيان وهدى ونور؟ نفسه راح يسكت هو لأن السلاح معك ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) قد لا تستطيع أن تجادل لكن لما بيكون معك سلاح بتردّ على الأقل خصمك بتوقفه عند حده.
ما دام الصحابة ما احتفلوا فنحن لا نحتفل ليه؟ لأنه الدين كامل، فهذا حديث يؤيّد الأية السابقة ( وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور ) الاحتفال بمولد الرسول عليه السلام من محدثات الأمور ولا لا؟ كل العلماء بيقولوا نعم هذا من المحدثات لأنه ما كان في زمن الرسول ولا زمن الصحابة ولا التابعين، إذًا ارجع إلى السنّة وتمسّك بما كان عليه الرسول عليه السلام والصحابة.
هذا دليل، دليل ثاني من الحديث والثالث من الأدلة، كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه يخطب في كل يوم جمعة وهذا من السنن التي تركها الخطباء، الخطباء السنّة الآتية تركوها وأحلوا محلّها جُمَل صنفوها من عقولهم وتركوا ما جاء به الرسول عليه السلام وماهو؟ كان عليه الصلاة والسلام في كل يوم جمعة بعد أن يحمد الله عز وجل ويثني عليه بما هو أهل له يقول ( أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) كل يوم جمعة من بين يدي الخطبة لابد أن يقول الرسول عليه السلام ( وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) .
أنا أقول لكم وبكل صراحة لابد في ناس هنا الأن حاضرين يمكن لأول مرة وفي ناس حضروا مرة أو مرتين ثلاثة، وفي ناس حضروا عشرات المرات وفي ناس صار لهم عشرين سنة عايشين معي بلا تشبيه، إذا كان الرسول عليه السلام في كل خطبة جمعة يقول ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) أبو بكر الصديق ها اللي عاش مع الرسول عليه السلام حتى فارق الرسول عليه السلام الحياة، ماذا يفهم من هذا الكلام؟ وكل خطبة بيكرر الرسول ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) يفهم أنه مو كل بدعة ضلالة وإلا بيضل كل بدعة ضلالة، في إنسان بيقول بيفهم، لا يا سيدي مو كل بدعة ضلالة، في بدعة حسنة وفي بدعة سيئة، ممكن أحد يفهم هذا الكلام؟ أنا بأقول لإخواننا هذول كم مرة ذكرت لكم كل بدعة ضلالة شو فهمتوا مني؟ أنه مو كل بدعة ضلالة؟ مش معقول، نعم؟
السائل : مافي بدعة في الإسلام.
الشيخ : مافي هيك فهموا وهكذا أصحاب الرسول ... .
السائل : شافوا الأمور.
الشيخ : شافوا الأمور، هكذا أصحاب الرسول أولى لأنه أولا الرسول يتكلّم بلغتهم وأنا أتكلم صحيح باللغة العربية لكن أنا أصلي ألباني، فأين أنا وأين الرسول عليه السلام، فإذا كان أفصح الناس يتكلم بين يدي أفصح الناس وهم العرب وأفقهم أبوبكر وعمر، فماذا تتصوّرون سيفهم هؤلاء الصحابة من تكرار الرسول عليه السلام على مسامعهم يوم الجمعة بصورة خاصة وبمناسبات أخرى كوصيّته في حديث العرباض بمناسبة أخرى، ماذا يمكن أن يتصوّر أحدنا اليوم أن يَفهم هؤلاء الصحابة من تكرار الرسول على مسامعهم ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) ممكن يفهموا لا مو كل بدعة ضلالة وإنه في بدعة حسنة وسيئة، مستحيل هذا تماما، مستحيل.
لذلك هذا يؤكد لكم أن قول العلماء الذين ينصحون الأمة اليوم، ارجعوا إلى ما كان عليه الرسول عليه السلام، خذوا دينكم كما مات عنه الرسول عليه السلام بدون زيادة ولا نقص بتكونوا على هدى من ربكم وعلى نور، فهذا الحديث هو أيضا من جملة الأدلة التي تؤيد أن لا بدعة في الإسلام، ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) وكما قلت في الأمس القريب في الرقة هذا الحديث من حيث التركيب العربي والكلية التي تضمنه ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) كقوله عليه السلام ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) هل يمكن لمسلم يقول ضربا لحديث الرسول في الصدر، الرسول يقول ( كل مسكر خمر ) وهو بيقول لا ليس كل مسكر خمر، الرسول يقول ( كل مسكر خمر ) مسلم يقول لا ليس كل مسكر خمر فما من حديث ( وكل خمر حرام ) هو بيقول لا ليس كل خمر حرام، مستحيل أن يكون إنسان يعرف إنه هذا حديث الرسول عليه السلام، نعم ممكن ما طرق سمعه هذا الحديث، يتكلّم بالشيء هذا من عنده فيُخطئ، هذا ممكن لكن هو يقرأ الحديث في صحيح مسلم من حديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) تتخيّلوا معي إنسان مسلم يؤمن بالله ورسوله حقا بيقول لا يا سيدي ليس كل مسكر خمر ولا كل خمر حرام.
هذا أحد رجلين، إما جاهل فيُعلّم وإما كافر بالله ورسوله فيُعامل بما يستحق من حكم الإسلام، كذلك هذا الذي يقول وهو يسمع الرسول عليه السلام يقول ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) هو شو بيخلاه بكل بلادة بكل برودة، لا في بدعة حسنة وفي بدعة سيئة، طيب وهذه الكلية التي كان يخطب بها الرسول على رؤوس الأشهاد كل يوم جمعة، كيف تعطلونها؟ (( يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )) هو يقول لكم هكذا، فلماذا لا تستجيبون له، أنتم بدل ما تخضعوا له تريدون أن تُقطّعوا كلامه لعاداتكم وأرائكم، هذا دليل ثالث وهو قوله عليه السلام ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) يخطب بهذه الجملة في كل يوم جمعة، ليس هذا فقط فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ( فهو رد ) يعني مردود عليه مضروب وجه بهذا الذي أحدثه، حديث صحيح في البخاري ومسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أي مردود عليه، فكيف يقال لا هذه نعم بدعة ومحدثة لكن أنا أقبلها ولا أردّها والرسول يحكم عليك بردّها.
الله أكبر، لولا أننا نعتقد أن بعض الناس لم تبْلغهم هذه الأحاديث أو بلغتهم لكن لم يفهموها حق فهمها لقلت إن الذي يُخالف هذه الأحاديث هو كافر، غير خاضع لكلام الرسول غير مؤمن به لكن في احتمال أنه ما بلغه هذا الحديث فهو معذور، في احتمال أنه بلغه هذا الحديث لكن ما فهمه حق الفهم ولذلك فليس لنا إلا أن ندعوَ الله أن يهدي هؤلاء الناس الذين لا يلتفتون لأحاديث الرسول عليه السلام هذه ولا يعملون بها.
قد يقول بعض الناس ممن يغلب عليهم الجمود الفكري والتقليد المذهبي، قد يقول طيب هؤلاء المشايخ ما بيفهموا؟ بيفهموا، طيب بلكة يكون فهمكم خطأ، أنت عم تقرّر وتقول هذا عام وما دخلوا تخصيص، بلكة هذا الفهم خطأ؟ بنقول نعم، ممكن يكون فهمي أنا خطأ وزيد وبكر وإلى أخره، فراح أجيب لكم بأى نصوص من أقوال الصحابة والأئمة الذين لا تستطيعون أن تلمزوهم ولا أن تغمزوا من قناتهم من علمهم وفهمهم، قد يقول قائل هذا الرجل ألباني مثل ما نسمع، هذا ما بيعرف يتكلّم اللغة العربية ونسمع أشياء أشياء، اتركوا هذا الألباني، هذا كبير من أكابر الصحابة ومن علماءهم عمر بن الخطاب كلنا يعرفه، ولده الذي هو من أصلح الصحابة وأزهدهم وأعبدهم ومن أعلمهم عبدالله بن عمر بن الخطاب، ماذا قال؟ قال مؤكّدا لهذا العموم الذي أنا أؤكده لكم في قوله عليه السلام ( كل بدعة ضلالة ) قال هو " كل بدعة ضلالة وإن رأها الناس حسنة " (( فأين تذهبون )) شو دخل الألباني في الموضوع؟ ابن عمر بن الخطاب يقول " كل بدعة ضلالة وإن رأها الناس حسنة " سد باب إذًا التحسين وأكّد أن قوْل الرسول عليه السلام ( كل بدعة ضلالة ) هو نص عام شامل لكل بدعة ولو رأها الناس حسنة هذا شيء، وشيء أخر من صحابي أخر ألا وهو حذيفة بن اليمان، حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي عليه الصلاة والسلام، كان، نعم؟
العيد عباسي : صح أن يقول الرسول ... ؟
الشيخ : أيوه، كان يقول " كل عبادة لم يتعبّدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم فلا تعبّدوها " كل عبادة لم يتعبّدها الصحابة أنتم لا تتعبّدوا الله بها، فماذا نفعل نحن اليوم؟ الألوف من البدع نتقرّب بها إلى الله بزعم إنها بدعة حسنة، إذًا نحن خالفنا حذيفة بن اليمان الذي هو أيضا من كبار الصحابة وهو الذي اختص بحفظ سر الرسول عليه السلام فيما يتعلّق بمعرفة المنافقين في ذلك الزمان، هذا حذيفة بن اليمان إذًا يلتقي كلامه مع كلام ابن عمر أنه كل بدعة ضلالة مادام الصحابة ما فعلوها فأنتم لا تفعلوها، هذا ابن مسعود يقول " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم، عليكم بالأمر العتيق " هذا رغما عن من يتّهمون المسلمين بالرجعية، نحن نقول هذا الأثر الصحيح عن ابن مسعود يقول لنا كونوا رجعيّين حقيقين، عليكم بالأمر العتيق يعني تمسّكوا بما كان عليه الرسول ولا زيادة " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم " شو معنى كفيتم الله قال (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) يعني أغناكم عن الابتداع في الدين لأنه أعطاكم دين كامل " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق ".
هذا ابن مسعود الذي قال هذه القولة وتكلّم بهذه الكلمة اسمعوا هذه القصة التي وقعت له في زمانه، كان لفضله وعلمه يؤتى إلى داره، كان الناس كل يوم صباحا يأتون إلى داره ينتظرون خروجه ليصحبوه إلى المسجد لعلهم يكتسبون منه فائدة، جاء ذات صباح أبو موسى الأشعري فوجد الناس ينتظرونه أي ينتظرون ابن مسعود، فقال أخرج أبو عبد الرحمن؟ أبو عبدالرحمن كنية عبد الله بن مسعود قالوا لا فجلس حتى خرج، قال أبو موسى يا أبا عبد الرحمن لقد رأيت في المسجد أنفا شيئا أنكرته والحمد لله ولم أرى إلا خيرا، لاحظوا هنا النكتة، الشيء اللي أنكرته والحمدلله لم أرى إلا خيرا.
كيف لم يرى إلا خير ومع ذلك أنكره، شيء عجيب قال له ماذا رأيت؟ قال إن عشتَ فستراه، رأيت في المسجد أناسا حِلقا حِلقا وفي وسط كل حلقة منها رجل يقول لمن حوله سبِّحوا كذا احمدوا كذا كبّروا كذا.
وأمام كل رجل منهم حصى يعدّ به التسبيح والتكبير والتحميد قال ابن مسعود أفلا أنكرت عليهم؟ أفلا أمرتهم أن يعدّوا سيّئاتهم وضمنت لهم ألا يضيع من حسناتهم شيء؟ قال لا انتظار أمرك أو انتظار رأيك، فرجع ابن مسعود إلى الدار وخرج متلثِّما لا يظهر منه إلا عيناه ثم انطلق إلى المسجد فوقف على الحلقات فرأى ما وَصَف له أبو موسى، فأزاح اللثام عن وجهه وقال ويحكم ما هذا الذي تصنعون؟ أنا عبد الله بن مسعود صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالوا والله يا أبا عبد الرحمن حصى نعدّ به التسبيح والتكبير والتحميد، قال عدّوا سيّئاتكم وأنا الضامن لكم أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم ما أسرع هلكتكم، هذه ثيابه صلى الله عليه وأله وسلم لم تبلى وهذه آنيته لم تُكسر والذي نفسي بيده أإنكم لأهدى من أمة محمد أو إنكم متمسّكون بذنَبِ ضلالة، شو معنى هذا الكلام؟ يقول ابن مسعود ما أسرع هلاككم؟ العهد بالرسول قريب، ما مضى عليه مائة سنة ولا مائتين سنة، هذه ثيابه كما هي لم تبلى، وهذه آنيته كما هي لم تُكسر ما آن لكم أن تضلّوا يمينا ويسارا وأن تحْدِثوا هذه البدع.
والذي نفسي بيده أئنّكم لأهدى من أمة محمد يعني أصحاب محمد الذين هو منهم، واحدة من ثنتين يا أنتم أهدى من صحابة الرسول عليه السلام الذين أنا منهم، واحد منهم أو الأخرى أو إنكم متمسّكون بذنب ضلالة.
ما قال لهن متمسّكون بضلالة وإنما بذنب ضلالة تبكيتا لهم فيما أحدثوا في دين الله عز وجل وأدخلوا في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا وهذا لسان في اعتقادي، وهذا لسان كل الذين ابتلوا باتباع بعض الطرق وبعض المشايخ المبتدعين، فجل هؤلاء الأتباع نفوسهم صافية، نواياهم طيّبة يظنّون أن هؤلاء يدلّونهم على الخير ويدلونهم على السنّة، لكنهم يضلّونهم، فقالوا لما ابن مسعود بكّتهم بذلك الكلام عادوا إلى رؤوسهم فقالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، صحيح ما أرادوا إلا الخير فأجابهم بالحكمة البالغة قال " وكم من مريد للخير لا يصيبه " " وكم من مريد للخير لا يصيبه " إن محمدا صلى الله عليه وأله وسلم حدّثنا إن أقواما يقرؤون القرأن لا يُجاوز حناجِرهم يعني لا يصل الإيمان إلى قلوبهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرميّة، يقول ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه مبيّنا لهؤلاء الناس الذين ابتدعوا في دين الله أن الأمر ليس بالمقصد الحسن فقط، ومن هنا يخطئ كثير من الناس بيقل لك "أتركه نيّته طيّبة" يأتي إلى الميّت يناديه من دون الله بيجي الشيخ الضآل لما بيسمع الشيخ عم يهديه بيقل له "اتركه يا سيدي نيّته طيّبة" اسأله يعتقد أنه هذا الميت بينفع ويضر؟ يا سيدنا عم يشرك عم يقول يا باز أغثني يا ستي زينب عافيني أو إلى أخره، هذا ضلال.
فهنا ابن مسعود يلفت النظر إلى هذه الحقيقة وهي لا يكفي أنه يكون قصد الإنسان حسن، يجب أن يكون مقرونا مع القصد الحسن العمل الحسن، الرسول عليه السلام بيقول "لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها" لو رأيت رجلا جالسا على قبر أيّ قبر، قبر مسلم، مسلم عادي بتقل له لا تجلس على القبر يا أخي الرسول نهى عن هذا، بيقل لك والله يا أخي أنا رجّال تعبان، أنا ماني قاصد إهانة المسلم الميّت المدفون في هذا القبر، أنا تعبان هل يُسمع منه هذا الكلام؟ لا لأنه الرسول يقول لا تجلسوا على القبور، فأنت دبّر حالك مو على حساب الميت تريّح حالك، أترك لا تجلس فيجب أن يكون العمل حسنا أيضا مشروعا مثل النية الحسنة.
تمام الحديث ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها ) فإذا رأيت إنسان يصلي إلى قبر فنهه، فإذا قال لك يا سيدي أنا نيّتي طيبة، أنا ماني قاصد الميّت، أنا قاصد رب العالمين بس مو اقصد التبرّك به، هو وقع في الشيء اللي فار منه ولا يحسّ ولا يشعر المسكين لكن هات بأى قنّعه أنه نيّته سيّئة، نيّتك طيّبة وقلبك صافي لكن عملك سيء لأنك خالفت الرسول، الرسول عليه السلام عم يقل لك لا تصلي إلى القبر، فأنت عم تصلي للقبر فحسّن عملك مثل ما أنت بتزعم أنك محسّن إيش نيّتك.
هكذا ابن مسعود يقول لهؤلاء الذين قالوا ما أردنا إلا الخير، فكان الجواب " وكم من مريد للخير لا يصيبه " واحد بدّه يحجّ بدل ما يطلع بالطائرة ليُسافر إلى جدة، ومنها هو بيركب السيارة وبدو يروح لمكة، بيخطئ بالطائرة اللي بتاخذه لباريس أو لندن، إيش الفائدة؟ هذا ما راح يحجّ لأنه الحج من هنا وهو بيروح هذيك الناحية، فهو سلك الطريق اللي ما بيوصّله إلى مرضاة الله عز وجل.
كم من مريد للخير لا يصيبه، لماذا لا يصيبه؟ لأنه ما سلك الطريق الذي يوصله إلى هذا الخير، فالطريق الموصل للخير في هذه الدنيا ماهو؟ هل هناك طرق وإلا طريق؟ طريق، قال تعالى في القرأن الكريم (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتّبعوا السبل )) .
السبل جمع سبيل، سبيل معنى طريق، معنى الأية بصراحة لا تتّبعوا الطرق والمسلمين اليوم يتّبعون الطرق والطريق الوحيد الفريد الذي أمرنا به بنصّ القرأن بإتباعه، تاركينه جانبا، عكس الأية تماما (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) هذا ما أصاب الجماعة الذين أنكر عليهم ابن مسعود، قال لهم " وكم من مريد للخير لا يصيبه " يعني أنتم سلكتم الطريق الذي لا يوصلكم إلى الخير وتركتم الطريق الذي يوصلكم إلى الخير ألا وهو طريق محمد عليه الصلاة والسلام، وليس هناك أبدا في الدنيا طريق موصل للخير مرضي لله عز وجل إلا طريق الرسول عليه السلام فقط لا غير فقط لا غير، وهذا القرأن كله ممتلئ بمثل هذه النصوص الكريمة ثم استدل ابن مسعود على ذلك، قال أن الرسول عليه السلام حدّثنا إن أقواما من المسلمين يقرؤون القرأن يعني بألسنتهم، ولكن لا يدخل هذا القرأن إلى قلوبهم، ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة ) يومئذ لم يكن عندنا بندقية ورصاص ونحو ذلك إنما كان عندهم الحراب والسهام ونحو ذلك، فكان أحدهم يصطاد الحمار الوحشي مثلا بالسهم فإذا كان قويّ العضل وماهر في الرمي أصاب الدابّة فدخلت من هنا، خرجت من هنا، من قوة الضرب تشبيه بليغ جدا أن هناك ناس مسلمين يقرؤون القرأن بألسنتهم لكن لم تتأثّر بها قلوبهم كما هو شأننا الآن في هذا المثال البسيط (( وأن هذا صراطي )) الواحد (( مستقيما فاتبعوه ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله )) وين هذول المسلمين اللي عم نقرأ عليهم القرأن عم يقرؤون بألسنتهم ولم يدخل هذا الذي يقرؤونه إلى قلوبهم بدليل أن الطرق لا يُمكن حصرها بل كثير من الطرقيّين يصرّحون بدون أي حرج، يقول قائلهم الطرق الموصلة إلى الله بعدد إيش؟ الطرق الموصلة إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، مش كدا؟ الله يقول الطريق الموصل هو طريق واحد وهم يقولون بعدد أنفاس الخلائق.
العبرة في نهاية هذه القصة ..
السائل : معناته تنكرون على من لا يتبع طريقة؟
الشيخ : أيوه، العبرة في نهاية هذه القصة بعد ما روى ابن مسعود هذا الحديث ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) الرجل اللي تابع الحادثة يقول فلقد رأينا أولئك الأقوام يقاتلوننا يوم النهروان، الله أكبر، أصحاب الحلقات اللي كانوا يبسبسوا ويطقطقوا بالحصباء أصبحوا خوارج ضد علي وقاتلوا علي فقاتلهم علي وقاتلهم واستأصل شأفتهم، شايف ومن هنا يقول العلماء إن البدعة الصغيرة تؤدّي إلى البدعة الكبيرة هدولي بدؤوا يجتمعوا اجتماعات لم تكن معروفة بعد الرسول عليه السلام، وبدأ أحدهم يتريّس على الجماعة البسطاء الطيبين القلوب، بيقل لهم سبّحوا خمسين مين قلوا سبح خمسين؟ أنت نبيّ يوحى إليك من السماء؟ هيك طلع منه وبعد شوي بيطلع منه خمس وسبعين وعلى ها المساكين هذولي أن يتبعوه لأنه شيخهم، هذا عبارة عن تريّس بالباطل على هؤلاء المسلمين الطيبين المساكين.
هذولي ها الجماعة برئيسهم صاروا خوارج ضد علي فقتلهم علي لأنهم خرجوا على الإسلام فالبدعة الصغيرة أوصلتهم إلى البدعة الكبيرة.
هذا قصة وقعت لمن قال تلك الكلمة السابقة " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق " دعونا بأى الطرق دعونا الطقطقة بالمسبحة بالحصى بما شابه ذلك، لأنه كل هذا لم يكن من عهد الرسول عليه السلام، ما أظن أحد منكم راح يفهم مني أنه لا تذْكروا الله لا تسبّحوا الله، لا إنما نعني اذكروا الله كما جاء في كتاب الله وسبّحوا الله كما بيّن رسول الله فلا يكفي أن الله قال (( واذكروا الله ذكرا كثيرا وسبّحوه بكرة وأصيلا )) ألا يكفي أن الرسول عليه السلام قال ( من قال في يوم مائة مرة سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ) أحاديث كثيرة من هذا النوع والحمد لله فعلينا نحن نطبّقها وبلاش مشيخة ونحط حالنا كأننا نبيّ معصوم بنقل لهم سبّحوا اقرؤا صلوا على الرسول عليه السلام بأم الأربع والأربعين، أربعة ألاف وأربعمائة وأربع وأربعين مرة منين هذا الوحي جاء؟ ما بتعرف الصلاة أربعة ألاف وأربعمائة وأربع وأربعين، الحمد لله.
هذا عدد لو نزل وحي السماء يمكن كثير من الناس ما بيعملوا فيه، ما بيدخل في عقلهم لكن لمّا جاءهم من بعض الطرق، خضعوا وسلّموا تسليما، الله أكبر.
هذا من آثار الابتداع في الدين، الصلاة ها اللي لما نزل قوله تعالى (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليما )) قالوا يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال ( قولوا اللهم صلي على محمد وعلى أل محمد كما صليت على إبراهيم ) الصلوات اللي بيعرفوها الأطفال الصغار يصلّى بها في التشهّد الأخير.
هذه أفضل صلاة تفسير لقوله ( صلوا عليه وسلّموا تسليما ) ما عجبت جماعة المسلمين فكل طريق له صيغة صلاة عن الصيغة الأخرى أش معنى هذا؟ معناه أنه يا رسول الله أنت جئتنا بصلاة هذه خاصة ببعض المساكين الدراويش أما من الجماعات اللي بيقولوا حدّثني قلبي عن ربي، هذولي بحاجة إلى صيغة أخرى غير هذه الصيغ، لا والله مو هيك لكان شو هو؟ مو هيك مو بها التأويل لكان شو التأويل؟ هاي الصيغة موجودة في صحيح البخاري وصحيح مسلم ليش لما بتذكروا تصلوا على الرسول عليه السلام ما بتقولوا اللهم صلي على محمد وعلى أل محمد كما علّمنا الرسول عليه السلام وإنما اللهم صلي على محمد الفاتح لما أغلق الخاتم لما سبق إلى أخره، قد يكون الكلام من حيث المعنى جميل في بعض الأحيان لكن أليس هذاك الذي جاء به الرسول أجمل وأكمل وأفصح وو إلى أخره؟ مع ذلك فيأتي أحيانا كثيرا من الصلاة فيه الكفر بعينه والناس لا ينتبهون، الذي هو عينك لغيرك في بعض الأذكار.
السائل : الشاذلية.
الشيخ : نعم.
السائل : الشاذية.
الشيخ : لا التيجانية هذه أظن، الذي هو عينك لا غيرك صلي على محمد الذي هو عينك يا الله وليس غيرك هذا هو الكفر بعينه لكن الناس ما بيعرفوا، الناس العامة ما بينتبهوا، شو لأسهل لهؤلاء الناس، يا أخي ارجعوا للسنّة اخلصوا من المشاكل، مو كل إنسان بنقدر نعمل له هذه المحاضرة هاي كل ساعة كل دقيقة، فالعصمة كما قال عليه السلام ( تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ) اذكر الله وصلي على الرسول بسأل الشيخ قل له دلني على السنّة، بدي أصلي على الرسول بس على ما صلى عليه الرسول نفسه والصحابة وإلى أخره.
فهذه القصة كما سمعتم فيها عبرة، انقلبوا إلى خوارج بسبب إيش؟ إعراضهم عن السنّة، كمان عندنا أقوال أخرى عن الصحابة كيف أنهم فهموا حديث كل بدعة ضلالة على عمومه مش أنا فهمته.
ابن عمر السابق الذكر يكون في مجلس كهذا فعطس رجل في المجلس وقال الحمد لله والصلاة على رسول الله، قال ابن عمر متلطّفا رقيقا جدا، قال له وأنا أقول معك الحمد لله والصلاة على رسول الله ولكن ما هكذا علمنا رسول الله، أنا بصلي معك على الرسول عليه السلام لكن مو هيك علمنا الرسول عليه السلام، لكان شو علّمنا؟ قول الحمد لله رب العالمين، الحمدلله على كل حال.
ماذا فعل ابن عمر هنا؟ ابن عمر فعل هنا كما يفعل بعض إخواننا من أهل السنّة حينما يسمعون المؤذن بعد ما بينتهي من الأذان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله بيستأنف كوالة أطول من الأذان، بيبدأ بيصلي على الرسول في زعمه هو، فهذا السنّي بيعرف أنه هاي الزيادة ليست من الأذان لكن ما عنده أسلوب ابن عمر، أسلوب ابن عمر ما شفتوا شلون دخل معه، قال له أنا مثل حكايتك، أنت شو قلت؟ الحمد لله والصلاة على رسول الله، أنا بأقول مثل حكايتك الحمدلله والصلاة على رسول الله لكن كثير من إخوانا ما عندهم الأسلوب هذا فهذا أولا مثل ... الحمد لله والصلاة على رسول الله، لكن كثير من إخواننا ما عندهم الأسلوب هذا، فهذا أولا هبة ويحتاج إلى علم فبيسمع أحد إخواننا المؤذن هذا بيزيد على الأذان كوانات كليشات قديمة جدا، بيقل له زيد لا تصلي على الرسول، هذاك بينزل بيحكي عنه أنه هذا أنكر الصلاة على الرسول وبيقعوا بأى في فتنة لا نهاية لها، والحقيقة أنه هذا السنّي لو أنكر الصلاة على الرسول كفر لأنه الصلاة على الرسول مذكورة في القرأن كما سمعتم.
لكن هو ما عارف يحكيله، ما عارف يبيّن له، يقل له يا أخي الصلاة على الرسول جاء ذكرها في القرأن جاء الحضّ عليها في حديث الرسول عليه السلام لكن مو هيك أذّن بلال، الرسول علّم بلال يأذّن مو هيك علّمه، ما في ها الأسلوب، تقع المشاكل هذه والفتن، فعلّمنا.
السائل : اللي بيقولوا عنه وهابي اللي ما بيصلي على النبي هاي.
الشيخ : هذا هو المشكلة، فالشاهد ابن عمر علّمنا هذا الأسلوب أنه أنا بأقول مثلك الحمد لله والصلاة على رسول الله لكن ما هكذا علمنا رسول الله، فماذا أخطأ هذا الرجل الذي عطس وصلّى؟ جماهير الذين يقولون في بدعة حسنة، ما بيحسّوا أنه هذا أخطأ، شو أخطأ؟ صلى على الرسول، الصلاة على الرسول خطأ؟ أعوذ بالله لكن الذين يقولون كل بدعة ضلالة مثل ابن عمر ونحن تبع له يقولوا أخطأ، شو وجه الخطأ؟ وجه الخطأ أنه وضع العبادة في غير محلّها، أنا لو رجل جلس في التشهد وعقله زيّن له الفلسفة الآتية، يا ترى الفاتحة أفضل وإلا التحيات لله والصلوات والطيبات أفضل؟ في حدا بيقول التحيات أفضل من الحمد؟ لا بباعث ها الدعوة الصحيحة طلعت معه الفلسفة الآتية، مادام الفاتحة أفضل من التحيات لله فأنا ليش بأقرأ التحيات في التشهد خليني أقرأ الفاتحة، في حدا من المسلمين حتى اللي بيقولوا في في الإسلام بدعة حسنة، بيقول هذا أصاب؟ لا أحد يقولها ليه؟ لأنه الفاتحة الشارع وضعها في القيام والتشهد وضعها في القعود فلما بيجي إنسان بيتفلسف وبيقلب الحقائق الشرعية فهو بيحدث شيء جديد فيأتي الحديث ليقول له ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
إنسان يأتي إلى التشهد كما جاءنا عن الرسول عليه السلام فبيدّخل هو جمل من عنده، مثلا تشهد ابن مسعود ( التحيات لله والصلوات والطيبات ) إلى أخره، هو شو بيقول؟ التحيات لله سبحانه وتعالى، كفر في هذا الإنسان؟ ما كفر، ذمّ رب العالمين وطعن فيه وإلا إيه مجّده؟ مجّده لكن أحسن أم أساء؟ أساء، ليه؟ لأنه زاد شيء ما جاء به الرسول اللي قال قولوا إذا جلس أحدكم في التشهد فليقل التحيات لله إلى أخره التحيات لله سبحانه وتعالى والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله عز وجل وبركاته، كمان شو سوى؟ زوّد أساء أم أحسن؟ أساء مع أنه ما جاء إلا بتعظيم لله عز وجل، هذا الكلام هلاّ لو حكينا مع الذين يقولون في بالإسلام بدعة حسنة؟ بيقل لك لا هي مضبوطة ليه؟ زيادة، طيّب نمشي لنشوف لنهاية المطاف، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله عز وجل وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سبحانه وتعالى، هذا كله ما بيجوز الزيادات هذه، طيب.
اللهم صلي على سيدنا محمد جاز؟ لا جاز ليش؟ سيدنا محمد سيدنا، طيب وربنا عز وجل مو عز وجل؟ ليش هاي ما قبلتوها وهاي قبلتوها؟ ما في فرق أبدا اللهم صلي على سيدنا اعتدناها وصارت جزء من ديننا ومن حياتنا، أما ها التعظيم لرب العالمين في التحيات ما اعتدناها والإنسان بينكر أول ما بيسمع حتى السنّة أول ما بيسمعها بينكرها، فلما بيسمع التحيات لله سبحانه وتعالى إلى أخر ها التصوير أو الصورة اللي قدمناها بينكرها، لأنه ما اعتاد عليها، فإذا جئت أنت بسنّة ما اعتاد عليها بينكرها أيضا، فما الفرق الآن بين الزيادة في التشهد وبين الزيادة في الصلوات الإبراهيمية، كله من باب واحد، كله من باب قول عمر وأنا أقول معك والصلاة على رسول الله وأنا أقول معكم ها اللي بتقولوا بالتشهد الله يحفظكم، اللهم صلي على سيدنا محمد، أنا أقول معكم اللهم صلي على سيدنا محمد لكن ما هكذا علّمنا سيّدنا محمد، وهو كما قال ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر آدم ) فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة.
فابن عمر إذًا جاءنا بهذا النموذج من الإنكار الذي يدل على تفصيل قوله السابق " كل بدعة ضلالة وإن رأها الناس حسنة " هذا الرجل قال ما فيها شيء، الصلاة على الرسول خير وجاء في القرأن فأنكرها ابن عمر عليه، نأتي إلى مثال أخر عن سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشّرين بالجنة، روى الإمام أحمد في مسنده أن سعدا سمع رجلا يلبّي في الحج يقول ( لبيك ذا المعارج ) كمان الثاني كلهم خرجوا من مدرسة الرسول عليه السلام المؤمنين.
... فأكتفي برواية عن الإمام مالك، الإمام مالك إمام دار الهجرة " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وأله وسلم خان الرسالة إقرؤوا قول الله تبارك وتعالى (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا ولا يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلُح به أوّلها " انظروا لكلمة مالك هذه ما أعظم شأنها، هو يقول من ابتدع بدعة واحدة في الإسلام فقد زعم أن محمدا خان الرسالة، ليه؟ لأنه في رسالته يقول عن رب العالمين (( اليوم أكملت لكم دينكم )) فإذا كانت هذه البدعة الحسنة ليش كتمها الرسول عليه السلام؟ إذًا هذا معنى أن الرسول خائن ومن قال هذا فهو كافر.
إذًا الرسول أدّى الرسالة وبلّغ الأمانة فالذي يقول هذه بدعة حسنة هو الذي خان الرسالة ولم يبلّغ الأمانة وكفر بالإسلام، واحدة من ثنتين، يا الرسول خان وهذا كفر ولا يقول به مسلم أو أنت لعم تقول هذه بدعة حسنة، هنا الخيانة لأنه هذا ضد الإسلام ثم يقول فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا يعني كل عبادة.
ترجع كلمة الإمام مالك إلى كلمة حذيفة بن اليمان السابقة " كل عبادة لم يتعبّدها أصحاب رسول الله فلا تعبّدوها " مالك يقول " فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا " يلتقي قول مالك مع قول حذيفة ليه؟ لأنه كلّ يأخذون من مشكاة واحدة، السلف الصحابة التابعون يأخذون عمّن قبلهم وأتباع التابعين يأخذون عمّن قبلهم وهكذا لكن الخلف بأى تركوا السلف ووقع الإنحراف في الضلال " فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا " .
في أصرح من هذا أنه مافي بدعة حسنة في الإسلام؟ " من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة إقرؤوا قول الله عز وجل (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دنيا ولا يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلُح به أولها " فإن أردنا صلاح الأمة اليوم فالطريق أن نعود إلى ما كان عليه سلفنا الصالح، هذا من تمام كلام الإمام مالك.
فبعض هذه النصوص كما ترون تؤكد أن البدعة في الإسلام في الدين ضلالة مهما كان شأنها لكن الذين يذهبون إلى أن في الإسلام بدعة حسنة لهم بعض الشبهات فلا يتمّ هذا البحث ولا يتركّز خلاصته في ذهن السامعين إلا بأن يسمعوا جواب عن تلك الشبهات التي يركَن إليها المخالفون لهذه النصوص الصريحة بأن كل بدعة ضلالة، فمن تلك الشبهات حديث صحيح مشهور وهو ( من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقصَ من أجورهم شيء ومن سنّ في الإسلام سنّة سيّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء ) هؤلاء يفهمون هذا الحديث ويفسّرونه بقولهم من سنّ في الإسلام سنّة حسنة أي من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة.
والشطر الثاني من سنّ في الإسلام سنّة سيّئة، من ابتدع في الإسلام بدعة سيئة، هذا التفسير نحن نراه خطأ فاحشا وعندنا الدليل على ذلك من ناحيتين، الناحية الأولى أن نستحضر لكم المناسبة التي قال الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الحديث ثم انظروا هل يتّفق هذا المعنى الذي فسّروا به الحديث مع تلك المناسبة، فسترون التباين الكلي بين هذا المعنى المزعوم وبين المناسبة الآتية، روى الإمام مسلم في صحيحه من رواية جرير بن عبد الله البَجَلي رضي الله عنه قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وأله وسلم فجاء أعرابٌ مجتابي النمار متقلدي السيوف عامّتهم من مضر بل كلهم من مضر، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم تمعّر وجهه يعني تغيّرت ملامح وجهه أسفا وحزنا على فاقتهم وفقرهم، فوقف في الصحابة خطيبا وقال (( يا أيها الذين أمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتيَ أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصّدق وأكن من الصالحين )) ثم قال عليه السلام ( تصدّق -أي ليتصدّق- رجل بدرهمه بديناره بصاع بره بصاع شعيره ) ووعظهم الرسول عليه السلام وحضّهم على أن يحسنوا إلى هؤلاء الفقراء، فقام رجل من الصحابة وانطلق إلى داره ثم رجع يحمل في طرف ثوبه ما تيسّر له من طعام تمر قمح شعير اللي هو أو دراهم وضعها أمام الرسول عليه السلام، فتنبّه الصحابة الأخرون وقام كل منهم ليعود ويحمل أيضا ما تيسّر له من طعام من دراهم ووضعها أمام الرسول عليه السلام، وضعوها أمام الرسول عليه السلام، فاجتمع بين يديه كأكوام الجبال صغيرة من طعام ودراهم، فلما رأى ذلك عليه الصلاة والسلام تهلّل وجهه كأنه مُذهبة أي الرسول صلوات الله وسلامه عليه ظهرت أثار الفرح والسرور على وجهه حتى صار وجهه كأنه مُذهبة أي كالفضة البيضاء المطليّة بالذهب هكذا، فرحا باستجابة أصحابه له، غير ناس أن الفضل بعده يعود إلى الرجل الأول الذي جاء بالصدقة الأولى فتّبعه أصحابه، فقال عليه الصلاة والسلام بهذه المناسبة ( من سنّ في الإسلام سنّة حسنة ) أين البدعة هنا؟ وهم يفسّرون الحديث بما سمعتم من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة ليس هناك بدعة، فهذا يؤكد لكم أن هذا التفسير من أفحش الأخطاء التي تصدر من بعض الناس.
ليس في هذه الحادثة كما سمعتم ما يمكن أن يسمّى بدعة لأن الصدقة تأتي بالكتاب وفي تلك اللحظة قال لهم (( يا أيها الذين أمنوا أنفقوا مما رزقناكم )) قال الله تبارك وتعالى.
السائل : ... .
الشيخ : أي نعم، فالصدقة ليست بدعة، فإذًا كيف يقول الرسول بهذه المناسبة ( من ابتدع ) وليس هناك بدعة، هذا شيء عجيب.
الناحية الثانية من الرد والجواب على هذه الشبهة نغضّ النظر الآن عن هذه المناسبة التي توضّح تمام التوضيح أن هذا التفسير خطأ لنناقشهم في نفس التفسير الذي زعموه، أنتم تقولون أن معنى الحديث من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة ومن ابتدع في الإسلام بدعة سيئة، نسأل هؤلاء نقول لهم ما هو الطريق أو بأي وسيلة يُمكن معرفة كون البدعة حسنة أو كونها سيّئة? أهو بعقلي وبعقلك، بعلمي بعلمك بفهمي بفهمك أم بالقرأن والسنّة؟
ماهو الشيء الحسن؟ أليس هو الذي حسّنه الله، ماهو الشيء القبيح؟ أليس هو الذي قبّحه الله، إذًا أنتم بتقولوا معنى الحديث من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، إذًا كون هذه البدعة حسنة لابد أن يكون هناك دليل في الكتاب أو في السنّة يدلّ على أنه حسنة أو على أنها سيّئة، لا يمكن أن يقولوا إلا هكذا، كون هذه البدعة حسنة إنما يثبت ذلك بدليل الكتاب والسنّة وكون تلك البدعة سيئة إنما يثبت ذلك بالكتاب والسنّة.
فكل بدعة هم يزعمون أنها حسنة نقول لهم (( هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )) هاتوا الدليل من الكتاب والسنّة أن هذه البدعة بدعة حسنة ونحن معكم على أنها بدعة حسنة، لا لأنكم استحسنتموها وإنما لأنكم جئتم بالدليل الشرعي من الكتاب والسنّة على تحسينها.
وتلك الأخرى جئتم عليها بدليل من الكتاب و السنّة على أنها سيئة، وحينئذ يزول الخلاف لأن كل بدعة حسنة في زعمهم لابد أن يكون دليل حُسنها في الكتاب والسنّة، فأين دليل حسن مثلا الاحتفال بمولد الرسول عليه السلام مثلا، ما في دليل، ما في أية، ما في حديث، ما في الصحابة فعلوا، ما في التابعين فعلوا، ما في أتباع التابعين، إذًا ما قام الدليل الشرعي على حسنها حتى على تفسيركم فالحديث ليس حجّة لكم، مادام كل سنّة حسنة لا بد ليكون لها دليل من الكتاب والسنّة، أنا أتيكم الآن بمثال يوضّح لكم هذا، عمر بن الخطاب من الأشياء التي يعني تُسجّل في مناقبه ومحاسنه رضي الله عنه أنه أخرج اليهود من خيبر، أظن تعرفون جميعا هذا، طيب فإخراج عمر اليهود من خيبر أمر حادث لم يكن لأنه الرسول مات واليهود في خيبر، ألستم تعلمون هذا؟ الرسول مات واليهود في خيبر، مين أخرجهم؟ إذًا هذا أمر حادث، تعال نطبّق الحديث ها اللي فسّروه بقولهم من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، نسألهم فِعْلة عمر هذه بدعة حسنة ولا سيّئة؟ باعتبار شيء جديد حدث، فإن قالوا بدعة حسنة نطالبهم بالدليل، وإن قالوا بدعة سيئة بنطالبهم بالدليل من الكتاب والسنّة.
الواقع نحن راح نقدم لهم الدليل أنه هذا الفعل اللي فعله عمر أنا ما أقول طبعا بدعة حسنة لكن أجاريهم مجاراة، أعتقد أنه هذا أمر مشروع وهو يمكن يسمّونه بدعة حسنة، من أين جاءت شرعية هذه الحادثة وهي حادثة بعد الرسول عليه السلام؟ الدليل على ذلك حديثان، الحديث الأول أن الرسول عليه السلام لمّا فتح خيبر صالح اليهود على أن يبقوا فيها يزرعوها وعلى أن لهم النصف الشطر وللرسول عليه السلام الشطر، معاملة مزارعة وقال لهم في الاتفاق الذي عقده بينه وبينهم على أن نقرّكم فيها ما نشاء، نقرّكم في خيبر ما نشاء، مش إلى الأبد ما نشاء، فمات الرسول عليه السلام وهم في خيبر، جاء أبو بكر من بعده ومات وهم في خيبر ثم بدى لعمر إخراجهم، لماذا الرسول عليه السلام أقر اليهود في خيبر وهذا خلاف كل الفتوحات الإسلامية تقريبا؟ كان يضع المسلمين هناك ويحكمون في البلدة ويكون هنالك كالأسرى والعبيد، لماذا عامل اليهود هذه المعاملة؟ لأنهم كانوا صاحب خبرة في الزراعة، ولم يكن في الصحابة بعد من تعلّم الزراعة فتركهم، فلما مع الزمن تعلّم الصحابة المهاجرون والأنصار الزراعة، فراحوا براة خيبر وحل محلهم المسلمون الذين صاروا يعرفون الزراعة.
السائل : ... سنّة حسنة.
الشيخ : هذا الدليل الأول أنه الرسول قال نُقِرّكم فيها ما نشاء فأخرجهم عمر، فإخراجه ليس بدعة عندنا لأنه البدعة ضلالة وهذا إنما نفّذ نصّا نبويا، نقرّكم فيها ما نشاء، النص الثاني قال عليه الصلاة والسلام ( أخرجوا اليهود من جزيرة العرب ) فإذًا هو نفّذ نصا نبويا، هذا لا يسمّى بدعة.
فإذًا، نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : ... ، نعم فإذًا سيّدنا عمر بن الخطاب نفّذ نصا نبويا فهذا لا يسمّى بدعة إن سمّيتموها أنتم بدعة حسنة فلأنه الدليل الشرعي قام فيه حسن فيبقى الخلاف بأى بيننا وبينهم في اللفظ هم بيسمّوه بدعة حسنة نحن شو بنسميها سنّة حسنة لكن المهم أصحك تستحسنوا البدعة بعقلكم، المهم أن تأتوا بالدليل من الكتاب والسنّة على أنه هذا الذي تسمّونه ببدعة حسنة قام الدليل الشرعي على أنه حسنة فعلا، يبقى خلاف في التسمية ولا مشاحّة في الاصطلاح كما يقولون.
هكذا إذًا كل من يدعي أنه هناك في الإسلام بدعة حسنة لابد من أن يأتي بدليل من الشرع على أن هذه البدعة حسنة لاسيما وهناك اختلاف نشب قديما بين أهل السنّة من جهة والمعتزلة من جهة أخرى، فالمعتزلة يقولون الحسن ما حسّنه العقل والقبيح ما قبحه العقل، يعني ما رأه العقل حسنا فهو حسن وما رأه العقل قبيحا فهو قبيح، أهل السنّة قالوا لا، العقل لا يستقل بمعرفة كون هذا الشيء حسن وكون ذاك الشيء قبيح، لكن العقل يستطيع أن يفهم حسن الشيء بعد أن يأتي الشرع بتحسينه ويستطيع أن يفهم قبح الشيء بعد أن يأتي الشرع بتقبيحه، أما أن يستقل العقل البشري بأن يحسّن يقبح لا، هذا موضع خلاف بين أهل السنّة والمعتزلة قديم ولا شك أن الحق مع أهل السنّة ولا المعتزلة لكن جماعة أخر الزمان اليوم صاروا معتزلة ليه؟ كل ما بتجي بدعة يقل لك شو فيها، يا أخي هذه بدعة حسنة فحكّموا عقولهم ووقعوا ضد أئمة السنّة الذين كانوا ضد المعتزلة، وقعوا في التحسين والتقبيح العقلي، هذا حسن ليه؟ والله عقلي شايفه حسن ما فيها شيء، وهذا عبارة يعني بيلهجوا بها في أدنى مناسبة.
هذا من الشبهات التي يركنون إليها ( من سنّ في الإسلام سنّة حسنة ) فعرفتم الجواب من وجهين، الجواب الأول أن المناسبة تدل أنه ليس معنى الحديث من ابتدع وإنما من افتتح الطريق للخير والخير هناك هي الصدقة وهي مشروعة من قبل، والجواب رقم اثنين إنه إذا فسرتم أنتم الحديث بما سبق فنحن نطالبكم في كل بدعة حسنة بدليلها فإن جئتم بالدليل مثل ما نحن أتينا بدليل سنّة عمر هناك اللي أحياها، فنحن معكم لأنه اتبعنا الدليل جميعا وإن لم تأتوا بالدليل فمعناه أنتم صرتم مع المعتزلة الذين يحسّنون بعقولهم.
ومن شبهاتهم حديث " ما رأه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن " الجواب هذا الحديث لا أصل له في شيء من كتب السنّة إطلاقا كحديث عن الرسول عليه السلام، لكنه من قول ابن مسعود يعني حديث موقوف في اصطلاح المحدّثين ثم لا يعني ما يعنيه هؤلاء المتأخّرون من توسيع دائرة المسلمين في هنا، ما رأه المسلمون لا يعني ابن مسعود كل المسلمين في كل زمان في كل مكان وإنما يعني نُخبة أفضل المسلمين بعد الرسول عليه السلام والدليل على هذا أن هذه الجملة من كلام ابن مسعود لها مناسبة مثل مناسبة حديث ( من سنّ في الإسلام سنّة حسنة ) لما عرفنا مناسبة الحديث تجلّى معنى خطأ التفسير السابق، كذلك إذا عرفتم الآن مناسبة قول ابن مسعود " ما رأه المسلمون حسنا " سيتجلّى لكم خطأ الاستدلال على استحسان البدعة في الدين لما توفّيَ الرسول عليه السلام واجتمع أصحابه الكرام لاختيار خليفة له من بعده، فاختاروا أبا بكر الصديق رضي الله عنه كما هو معروف، بهذه المناسبة بمناسبة اختيار أبا بكر، قال ابن مسعود " إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وأله وسلم رسولا نبيا وجعل له وزراء وأنصارا فما رأه المسلمون " وين رجع المسلمون؟ للوزراء والأنصار " إن الله بعث محمد صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا وجعل له وزراء وأنصارا " " فما رأه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن " بيعنينا نحنا؟، بيعنينا ومن قبلنا؟ بيعني التابعين؟ لا بيعني الصحابة كلهم كمان لا، وإنما بيعني نخبة الصحابة ها اللي كنى عنهم بقوله " وزراء وأنصارا " فما رأه هؤلاء الوزراء والأنصار حسنا فهو عند الله حسن.
وهكذا الذين اختاروا أبا بكر الصديق خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا من وزراء الرسول عليه السلام وأنصاره، من المهاجرين والأنصار وهذا يلتقي أخيرا مع قوله عليه السلام في الحديث الصحيح ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) .
فاجتمع كبار صحابة الرسول عليه السلام على اختيار أبا بكر الصديق خليفة فشو علاقة هذه الكلمة مع قول ليست من حديث الرسول وإنه من كلام ابن مسعود قالها بمناسبة اختيار الصحابة الكبار لأبي بكر الصديق، شو علاقتها كل ما واحد ابتدع بدعة واستحسنها بعقله يا أخي قال رسول الله " ما رأه المسلمون حسن فهو عند الله حسن " ما قال الرسول هذا الحديث أولا وإنما قال هذا ابن مسعود وما قالها بالمعنى الذي يريده هؤلاء وإنما المعنى ضيّق جدا أراده هو وزراء الرسول وأنصاره، وكفى الله المؤمنين القتال.
وأخيرا يحتجّون بقول عمر بن الخطاب " نعمت البدعة هذه " في صلاة التراويح.
العيد عباسي : ... .
الشيخ : فبتذْكروا ... الله أكبر، هذا فعلا قاله عمر ولكن بأيّ معنى قاله؟ هنا الموضوع جماهير القائلين بالبدعة الحسنة يفسّرون كلمة عمر " نعمة البدعة هذه " أي أن عمر أحدث صلاة التراويح جماعة من عنده مثل ما أخرج اليهود من عنده يعني اليهود قطعا ما أخرجهم اليهود ما، عفوا ما أخرجهم الرسول، مين أخرجهم؟ عمر، صلاة التراويح في زعم هؤلاء المستدلّين بقول عمر " نعمت البدعة هذه " ما فعلها الرسول، مين فعلها؟ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هكذا يقولون، وهذا خطأ وهذا فيه إتهام لعمر بالجهل.
لتعلموا هذه الحقيقة نروي لكم حديث البخاري في صحيحه من رواية عبد الرحمن بن عبدلي القاري أنه خرج مع عمر بن الخطاب ليلة إلى مسجد الرسول عليه السلام فرأهم يصلّون قيام رمضان زرافات ووحدانا، فقال لو جمعناهم وراء إمام واحد ثم بدا له ذلك وعزم على ذلك، في ثاني يوم أمر أبيّ بن كعب أن يصلي بهم إماما فخرج لأول مرة يرى المسلمين يصلّون جماعة في صلاة التراويح وراء إمام واحد هو أبي بن كعب فقال " نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل " .
تشبث بهذه الكلمة القائلون بالبدعة الحسنة، تمسّكوا بها لفظيّا دون أن يمعنوا النظر إلى ما قصد منها، قالوا هاي عمر بن الخطاب قال قبل كل شيء أنه " نعمت البدعة هذه " وثاني شيء قالها في صلاة التراويح وهاي لم يفعلها الرسول عليه السلام وأقول بصراحة هنا حرمةً للسنّة وتعظيما لعمر كذبوا، حين قالوا أنه عمر أحدث هذا، كذبوا إنما سنّ ذلك الرسول وعمر أحيا ذلك، فإنكم تعلمون الحديث الذي في صحيح البخاري من حديث السيدة عائشة رضي لله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في العشر الأخير من رمضان فصلّى في المسجد فرأه بعض الصحابة فاقتدوا خلفه، ثاني يوم انتشر خبر صلاة الرسول في الليلة السابقة فلمّا خرج الرسول في الليلة الثانية اللاحقة كثُرَ المصلون خلفه، في الليلة الثالثة امتلأ المسجد، في الليلة الرابعة اجتمعوا كما كانوا سابقا في الليلة الثالثة وانتظروا وانتظروا وانتظروا حتى ملّ بعضهم فأخذوا حصباء من المسجد ويحصبون باب بيت الرسول عليه السلام بظن أن الرسول نايم مسيطر عليه النوم لكن الرسول كان يقضان وكان عن عمد متأخرا عن الخروج، وفتح الباب وخرج عليهم مُغْضبا قائلا إنه لم يخفى عليّ مكانكم هذا إني عمدا صنعت أو تركت إني خشيت أن تكتب عليكم.
السائل : تفرض
الشيخ : معنى تكتب أي تفرض ( فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) ثم مات عليه الصلاة والسلام في ربيع الأول ولم يدرك رمضان الثاني، فهنا أول شيء الرسول سنّ صلاة التراويح جماعة لكن ما تابع كما رأيتم خشية أن تُفرض عليهم، وبوفاة الرسول عليه السلام تزول الخشية هذه لأنه بوفاته تمّت الشريعة، التراويح فرض؟ لا ما هو فرض لأنه ماداوم الرسول عليه السلام عليها حتى يصير فرض، فجاء عمر وأحيا هذه السنّة بعد أن زالت الخشية التي من أجلها ترك الرسول عليه السلام المواظبة عليها ..
السائل : ... .
الشيخ : والشيء الثاني، أخّر سؤالك، والشيء الثاني أن أبا داود روى في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من صلى صلاة العشاء في رمضان مع الإمام ثم قام معه كُتِب له قيام ليلة ) إذا صلى العشاء مع الجماعة وصلّى قيام رمضان مع الجماعة كأنه قام الليل كله، ففي هذا الحديث حضّ على صلاة التراويح جماعة، فإذًا أين البدعة اللي ابتدعها سيدنا عمر، ما ابتدع شيئا بل الحقيقة هو أحيا سنّة فعلها الرسول وحضّ عليها بقوله.
هنا يأتي سؤال طبيعي مثل ما استعجل صاحبنا الأخ هنا، ليش أبو بكر ما أحياها؟ نحن نقول هنا جوابين، الجواب الأول الذي نعتقده أن أبا بكر الصديق كانت مدة خلافته قصيرة سنتين ونصف اللي بيعرف التاريخ، سنتين ونصف وثانيا كانت خلافته مع قِصر مدّتها كانت مشغولة بانصرافه إلى محاربة أهل الردّة ويخشى على الإسلام أن يرجع القهقهرى بسبب الردّة التي أصيب بها بعض المسلمين في الجزيرة العربية، فكان هو مشغول بما هو أهم من أن يحيي سنة من السنن، لو أجمع المسلمون على تركها ما تقوم قيام الساعة عليهم لأنه ماهو فرض عليهم، فكيف قُدّامه جيوش جرّارة من المرتدّين عن دينهم عم ينتشروا ينتشروا الأراضي في البلاد ولذلك هو وجّه كل همّته لصدّ اعتداء هؤلاء أو انتشار هؤلاء أهل الردة فهو لم يكن متفرّغا لمثل إحياء هذه السنّة.
هذا الشيء الأول، الشيء الثاني يا سيدي ما خطر في باله أبو بكر الصديق شو صار؟ نحن بيهمنا نعرف أنه أخطأ عمر وإلا أصاب، أما ليش مثلا الشيخ بيقوم في الليل والناس نيام، أنا ما أقوم ليش ما أقوم؟ وليش هو بيقوم؟ الله هداه وفّقه لما لم يوفّق الثاني، يا أخي أنا ماني أثم لأني ما تركت فريضة وهو ما هو ممكن ... لأنه عم يصلي قيام الليل ها اللي شُرعت في كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمهم في بحثنا هنا مش نعرف ليش ما فعل أبو بكر، لا نعرف الذي فعله عمر هل هو بدعة وإلا سنّة، هذا هو بيت القصيد في الموضوع.
فإذا عرفنا ليش ما فعل أبو بكر، فوالله زيادة علم و نور على نور وإن ما عرفنا ما نقص منا خطورة ها البحث هذا وقوته وأهميته شيء إطلاقا لأنه نحن نريد أن نثبت أن نرد على هؤلاء الذين يتّهمون عمر بن الخطاب بأنه ابتدع صلاة التراويح جماعة، حاشاه أن يبتدع شيئا في دين الله وإنما هو أحيا سنّة من سنن رسول الله صلاها ثلاث ليالي بنفسه ثم حضّ الناس على أن يصلّوها مع الجماعة حين تزول الخشية، فلما زالت الخشية بوفاة الرسول عليه السلام أحياها عمر بن الخطاب.
يأتي السؤال الأخير لمَ قال " نعمت البدعة هذه " لأنها كانت متروكة من قبل، ما بين ترك الرسول لها وإحياءه إياها مضى زمن ما يعرفوها الناس هكذا جماعة وراء إمام واحد، فهذه تسمّى بدعة لغويّة مش بدعة شرعية لأنه إذا قلنا هذه بدعة شرعية، ردينا ها الأحاديث الصحيحة أن الرسول صلاها والرسول حضّ عليها، فهذه ليست بدعة شرعية وإنما سمّاها بدعة باعتبارها حدثت جديدا بعد انقطاعها من بعد ترك الرسول عليه السلام إياها بعد ما صلاها ثلاث أيام.
هذا ما يحضرني من شبهات القائلين بالبدعة الحسنة وأنتم ترون بوضوح أنه لا شيء في هذه الأدلة مما يجوز التمسّك به لضرب تلك النصوص القاطعة بأن، والقائلة بأن كل بدعة في الإسلام ضلالة، إنما هذه شبهات والجواب والحمدلله واضح ولعل في هذا المقدار كفاية.
السائل : ... .
الشيخ : نعم؟
فماذا يفعل خاصة عامة المسلمين الذين لا يستطيعون أن يدخلوا في معارك البحوث هذه والمجادلات الكثيرة بين العلماء، فما هو المخرج بالنسبة لعامة المسلمين؟ أعطانا الجواب بكل صراحة ( وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) فإذا رأيتم الاختلاف الكثير ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ) ... فهذه البدع التي تسمعون الاختلاف فيها ما بين مُحسِّن ومقبِّح هذه من سنّة الرسول عليه السلام؟ الجواب لا، لسنا نحن فقط نقول لا، حتى الذين يقولون بأنها بدعة حسنة يقولون لا لأنهم يصفونها بأنها بدعة، يعني شيء حدث بعد الرسول عليه السلام.
طيب هذه البدعة ليست من سنته عليه السلام، هل هي من سنّة الخلفاء الراشدين؟ كمان يقولون لا، مثلا على سبيل المثال الاحتفال بالمولد النبوي، احتفال بمولد الرسول عليه السلام هذا يدخلونه في باب تبجيله وتعظيمه وتعظيم الرسول عليه السلام هو فرض على كل مسلم بل لا يُتصوّر مسلم ولا يُعظِّم الرسول، هذا مستحيل ولكن هنا مشكلة كيف يكون تعظيم الرسول عليه السلام؟ هل يكون تعظيم الرسول حسب هواي أنا و كيفي أو عقلي أو جهلي أو علمي وإلا حسب ما شرع الله عز وجل لنبيه؟ لا شك أنه التعظيم لازم يكون في حدود الشرع.
مثلا هل أنا إذا زرت المسجد النبوي وصليت فيه وأتيت القبر وسلّمت عليه هل أسجد له؟ هل أسجد له بدعوى إيه؟ التعظيم؟ كل المسلمين يقولون لا، لا تسجد لأن هذا السجود لا ينبغي إلا لله.
إذًا تعظيم الرسول ينبغي أن يكون في حدود الشرع.
طيب ما أسجد له أركع له هكذا ركوع نصف سجود؟ لا ليه؟ لأنه الركوع أخو السجود ولا ينبغي إلا لله، طيب هل أقوم بين يديه هكذا خاشعا كما أقوم بين يدي رب العالمين؟ كمان الجواب ينبغي أن يكون لا مع أننا نرى كثير من الزوّار هناك يقفون من بعيد لعله يقف أخشع مما يقف بين يدي الله عز وجل.
هذا كله تعظيم لكن هل هو تعظيم في حدود ما شرع رب العالمين على لسان نبيه الكريم؟ الجواب لا، إذًا كيف يكون التعظيم؟ الجواب في القرأن (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) فاتباع الرسول عليه السلام بما جاء به للإسلام هو التعظيم بدون إفراط ولا تفريط، بدون زيادة ولا نقص.
يزعمون أنه من تعظيم الرسول عليه السلام الاحتفال بمولده أعني نجيب نحن مثال، نحن نقول هل احتفل الرسول عليه السلام بولادته كما يحتفل الأوروبيون كل واحد منهم عيد ميلاده؟ صار عمره ثمانين سنة بيعمل عيد كل سنة بيعمل عيد إلى أخره لابنه لزوجته، هل فعل شيء من ذلك الرسول عليه السلام لنفسه؟ الجواب لا، كل المسلمون يقولون هذا.
هل احتفل أصحاب الرسول بولادته؟ الجواب لا، أتباع الصحابة يعني التابعين؟ الجواب لا، أتباع التابعين؟ الجواب لا، الأئمة المجتهدين لا لا، لكان متى حدث هذا؟ حدث بعد الرسول عليه السلام بنحو أربعمائة سنة، طيب ها القرون العديدة الصحابة والتابعين وأتباعهم إذًا ما عظّموا الرسول عليه السلام حينما ما احتفلوا بولادته؟ هذا مش معقول أبدا، طيب إذًا هذا التعظيم من أين جاؤوا به؟ لو كان تعظيما مشروعا لفعله أبو بكر الصديق مع الرسول وعمر وعثمان وعلي وبقية العشرة المبشرين بالجنة وأصحاب البيعة تحت الشجرة وإلى أخره ثم التابعين ثم الأئمة المجتهدين، ما أحد فعل هذا.
ومن الغرائب والعجائب أنه كل واحد منا بيزعم أنه هو حنفي وهذا شافعي وهذا مالكي وهذا حنبلي فإذا سألته أنت حنفي في كتب أبي حنفية أنه من تعظيم الرسول الاحتفال بولادته؟ بيسكت بيقلك شو فيها، طيب ما نك حنفي أنت؟ ما تجيب النص من المذهب الحنفي أنه هذا شرع ودين وعبادة وطاعة وتعظيم الرسول عليه السلام،؟ ما في جواب، في تحكيم للأهواء والعادات بس.
كذلك نطالع المالكي والشافعي والحنبلي لا أحد منهم يقول هاي النص من مذهبي لأنه لا يستطيع لأنه حدث بعد الأئمة كلهم.
فالخلاصة فأي بدعة تحدث يختلف العلماء إلى حسنة وإلى سيئة فهم يتّفقون أنه حدث بعد أن لم يكن إذًا أنت أيها المسلم ولو كنت ما تعرف شيء من العلم أسمع هذا الحديث ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ) ها اللي بيقل لك من أي شيخ مفتي أكبر أصغر الاحتفال بمولد الرسول سنّة وبدعة حسنة وما فيها شيء وإلى أخره، خليك معه ... قل له يا حضرة الشيخ هل احتفل أصحاب الرسول بمولد الرسول؟ إذا كان يخشى الله ولا يكذب على الله ورسوله بيقل لك لا ما احتفلوا، طيب التابعين بقية الصحابة التابعين الأئمة المجتهدين بيقل لك لا لا لا، طيب شو رأيك هلا أمشي على ما مشى هؤلاء السلف بأكون أنا منحرف وعلى ضلال ولا بأكون على بيان وهدى ونور؟ نفسه راح يسكت هو لأن السلاح معك ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) قد لا تستطيع أن تجادل لكن لما بيكون معك سلاح بتردّ على الأقل خصمك بتوقفه عند حده.
ما دام الصحابة ما احتفلوا فنحن لا نحتفل ليه؟ لأنه الدين كامل، فهذا حديث يؤيّد الأية السابقة ( وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور ) الاحتفال بمولد الرسول عليه السلام من محدثات الأمور ولا لا؟ كل العلماء بيقولوا نعم هذا من المحدثات لأنه ما كان في زمن الرسول ولا زمن الصحابة ولا التابعين، إذًا ارجع إلى السنّة وتمسّك بما كان عليه الرسول عليه السلام والصحابة.
هذا دليل، دليل ثاني من الحديث والثالث من الأدلة، كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه يخطب في كل يوم جمعة وهذا من السنن التي تركها الخطباء، الخطباء السنّة الآتية تركوها وأحلوا محلّها جُمَل صنفوها من عقولهم وتركوا ما جاء به الرسول عليه السلام وماهو؟ كان عليه الصلاة والسلام في كل يوم جمعة بعد أن يحمد الله عز وجل ويثني عليه بما هو أهل له يقول ( أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وأله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) كل يوم جمعة من بين يدي الخطبة لابد أن يقول الرسول عليه السلام ( وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) .
أنا أقول لكم وبكل صراحة لابد في ناس هنا الأن حاضرين يمكن لأول مرة وفي ناس حضروا مرة أو مرتين ثلاثة، وفي ناس حضروا عشرات المرات وفي ناس صار لهم عشرين سنة عايشين معي بلا تشبيه، إذا كان الرسول عليه السلام في كل خطبة جمعة يقول ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) أبو بكر الصديق ها اللي عاش مع الرسول عليه السلام حتى فارق الرسول عليه السلام الحياة، ماذا يفهم من هذا الكلام؟ وكل خطبة بيكرر الرسول ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) يفهم أنه مو كل بدعة ضلالة وإلا بيضل كل بدعة ضلالة، في إنسان بيقول بيفهم، لا يا سيدي مو كل بدعة ضلالة، في بدعة حسنة وفي بدعة سيئة، ممكن أحد يفهم هذا الكلام؟ أنا بأقول لإخواننا هذول كم مرة ذكرت لكم كل بدعة ضلالة شو فهمتوا مني؟ أنه مو كل بدعة ضلالة؟ مش معقول، نعم؟
السائل : مافي بدعة في الإسلام.
الشيخ : مافي هيك فهموا وهكذا أصحاب الرسول ... .
السائل : شافوا الأمور.
الشيخ : شافوا الأمور، هكذا أصحاب الرسول أولى لأنه أولا الرسول يتكلّم بلغتهم وأنا أتكلم صحيح باللغة العربية لكن أنا أصلي ألباني، فأين أنا وأين الرسول عليه السلام، فإذا كان أفصح الناس يتكلم بين يدي أفصح الناس وهم العرب وأفقهم أبوبكر وعمر، فماذا تتصوّرون سيفهم هؤلاء الصحابة من تكرار الرسول عليه السلام على مسامعهم يوم الجمعة بصورة خاصة وبمناسبات أخرى كوصيّته في حديث العرباض بمناسبة أخرى، ماذا يمكن أن يتصوّر أحدنا اليوم أن يَفهم هؤلاء الصحابة من تكرار الرسول على مسامعهم ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) ممكن يفهموا لا مو كل بدعة ضلالة وإنه في بدعة حسنة وسيئة، مستحيل هذا تماما، مستحيل.
لذلك هذا يؤكد لكم أن قول العلماء الذين ينصحون الأمة اليوم، ارجعوا إلى ما كان عليه الرسول عليه السلام، خذوا دينكم كما مات عنه الرسول عليه السلام بدون زيادة ولا نقص بتكونوا على هدى من ربكم وعلى نور، فهذا الحديث هو أيضا من جملة الأدلة التي تؤيد أن لا بدعة في الإسلام، ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) وكما قلت في الأمس القريب في الرقة هذا الحديث من حيث التركيب العربي والكلية التي تضمنه ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) كقوله عليه السلام ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) هل يمكن لمسلم يقول ضربا لحديث الرسول في الصدر، الرسول يقول ( كل مسكر خمر ) وهو بيقول لا ليس كل مسكر خمر، الرسول يقول ( كل مسكر خمر ) مسلم يقول لا ليس كل مسكر خمر فما من حديث ( وكل خمر حرام ) هو بيقول لا ليس كل خمر حرام، مستحيل أن يكون إنسان يعرف إنه هذا حديث الرسول عليه السلام، نعم ممكن ما طرق سمعه هذا الحديث، يتكلّم بالشيء هذا من عنده فيُخطئ، هذا ممكن لكن هو يقرأ الحديث في صحيح مسلم من حديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) تتخيّلوا معي إنسان مسلم يؤمن بالله ورسوله حقا بيقول لا يا سيدي ليس كل مسكر خمر ولا كل خمر حرام.
هذا أحد رجلين، إما جاهل فيُعلّم وإما كافر بالله ورسوله فيُعامل بما يستحق من حكم الإسلام، كذلك هذا الذي يقول وهو يسمع الرسول عليه السلام يقول ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) هو شو بيخلاه بكل بلادة بكل برودة، لا في بدعة حسنة وفي بدعة سيئة، طيب وهذه الكلية التي كان يخطب بها الرسول على رؤوس الأشهاد كل يوم جمعة، كيف تعطلونها؟ (( يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )) هو يقول لكم هكذا، فلماذا لا تستجيبون له، أنتم بدل ما تخضعوا له تريدون أن تُقطّعوا كلامه لعاداتكم وأرائكم، هذا دليل ثالث وهو قوله عليه السلام ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) يخطب بهذه الجملة في كل يوم جمعة، ليس هذا فقط فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ( فهو رد ) يعني مردود عليه مضروب وجه بهذا الذي أحدثه، حديث صحيح في البخاري ومسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أي مردود عليه، فكيف يقال لا هذه نعم بدعة ومحدثة لكن أنا أقبلها ولا أردّها والرسول يحكم عليك بردّها.
الله أكبر، لولا أننا نعتقد أن بعض الناس لم تبْلغهم هذه الأحاديث أو بلغتهم لكن لم يفهموها حق فهمها لقلت إن الذي يُخالف هذه الأحاديث هو كافر، غير خاضع لكلام الرسول غير مؤمن به لكن في احتمال أنه ما بلغه هذا الحديث فهو معذور، في احتمال أنه بلغه هذا الحديث لكن ما فهمه حق الفهم ولذلك فليس لنا إلا أن ندعوَ الله أن يهدي هؤلاء الناس الذين لا يلتفتون لأحاديث الرسول عليه السلام هذه ولا يعملون بها.
قد يقول بعض الناس ممن يغلب عليهم الجمود الفكري والتقليد المذهبي، قد يقول طيب هؤلاء المشايخ ما بيفهموا؟ بيفهموا، طيب بلكة يكون فهمكم خطأ، أنت عم تقرّر وتقول هذا عام وما دخلوا تخصيص، بلكة هذا الفهم خطأ؟ بنقول نعم، ممكن يكون فهمي أنا خطأ وزيد وبكر وإلى أخره، فراح أجيب لكم بأى نصوص من أقوال الصحابة والأئمة الذين لا تستطيعون أن تلمزوهم ولا أن تغمزوا من قناتهم من علمهم وفهمهم، قد يقول قائل هذا الرجل ألباني مثل ما نسمع، هذا ما بيعرف يتكلّم اللغة العربية ونسمع أشياء أشياء، اتركوا هذا الألباني، هذا كبير من أكابر الصحابة ومن علماءهم عمر بن الخطاب كلنا يعرفه، ولده الذي هو من أصلح الصحابة وأزهدهم وأعبدهم ومن أعلمهم عبدالله بن عمر بن الخطاب، ماذا قال؟ قال مؤكّدا لهذا العموم الذي أنا أؤكده لكم في قوله عليه السلام ( كل بدعة ضلالة ) قال هو " كل بدعة ضلالة وإن رأها الناس حسنة " (( فأين تذهبون )) شو دخل الألباني في الموضوع؟ ابن عمر بن الخطاب يقول " كل بدعة ضلالة وإن رأها الناس حسنة " سد باب إذًا التحسين وأكّد أن قوْل الرسول عليه السلام ( كل بدعة ضلالة ) هو نص عام شامل لكل بدعة ولو رأها الناس حسنة هذا شيء، وشيء أخر من صحابي أخر ألا وهو حذيفة بن اليمان، حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي عليه الصلاة والسلام، كان، نعم؟
العيد عباسي : صح أن يقول الرسول ... ؟
الشيخ : أيوه، كان يقول " كل عبادة لم يتعبّدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم فلا تعبّدوها " كل عبادة لم يتعبّدها الصحابة أنتم لا تتعبّدوا الله بها، فماذا نفعل نحن اليوم؟ الألوف من البدع نتقرّب بها إلى الله بزعم إنها بدعة حسنة، إذًا نحن خالفنا حذيفة بن اليمان الذي هو أيضا من كبار الصحابة وهو الذي اختص بحفظ سر الرسول عليه السلام فيما يتعلّق بمعرفة المنافقين في ذلك الزمان، هذا حذيفة بن اليمان إذًا يلتقي كلامه مع كلام ابن عمر أنه كل بدعة ضلالة مادام الصحابة ما فعلوها فأنتم لا تفعلوها، هذا ابن مسعود يقول " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم، عليكم بالأمر العتيق " هذا رغما عن من يتّهمون المسلمين بالرجعية، نحن نقول هذا الأثر الصحيح عن ابن مسعود يقول لنا كونوا رجعيّين حقيقين، عليكم بالأمر العتيق يعني تمسّكوا بما كان عليه الرسول ولا زيادة " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم " شو معنى كفيتم الله قال (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) يعني أغناكم عن الابتداع في الدين لأنه أعطاكم دين كامل " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق ".
هذا ابن مسعود الذي قال هذه القولة وتكلّم بهذه الكلمة اسمعوا هذه القصة التي وقعت له في زمانه، كان لفضله وعلمه يؤتى إلى داره، كان الناس كل يوم صباحا يأتون إلى داره ينتظرون خروجه ليصحبوه إلى المسجد لعلهم يكتسبون منه فائدة، جاء ذات صباح أبو موسى الأشعري فوجد الناس ينتظرونه أي ينتظرون ابن مسعود، فقال أخرج أبو عبد الرحمن؟ أبو عبدالرحمن كنية عبد الله بن مسعود قالوا لا فجلس حتى خرج، قال أبو موسى يا أبا عبد الرحمن لقد رأيت في المسجد أنفا شيئا أنكرته والحمد لله ولم أرى إلا خيرا، لاحظوا هنا النكتة، الشيء اللي أنكرته والحمدلله لم أرى إلا خيرا.
كيف لم يرى إلا خير ومع ذلك أنكره، شيء عجيب قال له ماذا رأيت؟ قال إن عشتَ فستراه، رأيت في المسجد أناسا حِلقا حِلقا وفي وسط كل حلقة منها رجل يقول لمن حوله سبِّحوا كذا احمدوا كذا كبّروا كذا.
وأمام كل رجل منهم حصى يعدّ به التسبيح والتكبير والتحميد قال ابن مسعود أفلا أنكرت عليهم؟ أفلا أمرتهم أن يعدّوا سيّئاتهم وضمنت لهم ألا يضيع من حسناتهم شيء؟ قال لا انتظار أمرك أو انتظار رأيك، فرجع ابن مسعود إلى الدار وخرج متلثِّما لا يظهر منه إلا عيناه ثم انطلق إلى المسجد فوقف على الحلقات فرأى ما وَصَف له أبو موسى، فأزاح اللثام عن وجهه وقال ويحكم ما هذا الذي تصنعون؟ أنا عبد الله بن مسعود صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالوا والله يا أبا عبد الرحمن حصى نعدّ به التسبيح والتكبير والتحميد، قال عدّوا سيّئاتكم وأنا الضامن لكم أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم ما أسرع هلكتكم، هذه ثيابه صلى الله عليه وأله وسلم لم تبلى وهذه آنيته لم تُكسر والذي نفسي بيده أإنكم لأهدى من أمة محمد أو إنكم متمسّكون بذنَبِ ضلالة، شو معنى هذا الكلام؟ يقول ابن مسعود ما أسرع هلاككم؟ العهد بالرسول قريب، ما مضى عليه مائة سنة ولا مائتين سنة، هذه ثيابه كما هي لم تبلى، وهذه آنيته كما هي لم تُكسر ما آن لكم أن تضلّوا يمينا ويسارا وأن تحْدِثوا هذه البدع.
والذي نفسي بيده أئنّكم لأهدى من أمة محمد يعني أصحاب محمد الذين هو منهم، واحدة من ثنتين يا أنتم أهدى من صحابة الرسول عليه السلام الذين أنا منهم، واحد منهم أو الأخرى أو إنكم متمسّكون بذنب ضلالة.
ما قال لهن متمسّكون بضلالة وإنما بذنب ضلالة تبكيتا لهم فيما أحدثوا في دين الله عز وجل وأدخلوا في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا وهذا لسان في اعتقادي، وهذا لسان كل الذين ابتلوا باتباع بعض الطرق وبعض المشايخ المبتدعين، فجل هؤلاء الأتباع نفوسهم صافية، نواياهم طيّبة يظنّون أن هؤلاء يدلّونهم على الخير ويدلونهم على السنّة، لكنهم يضلّونهم، فقالوا لما ابن مسعود بكّتهم بذلك الكلام عادوا إلى رؤوسهم فقالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، صحيح ما أرادوا إلا الخير فأجابهم بالحكمة البالغة قال " وكم من مريد للخير لا يصيبه " " وكم من مريد للخير لا يصيبه " إن محمدا صلى الله عليه وأله وسلم حدّثنا إن أقواما يقرؤون القرأن لا يُجاوز حناجِرهم يعني لا يصل الإيمان إلى قلوبهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرميّة، يقول ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه مبيّنا لهؤلاء الناس الذين ابتدعوا في دين الله أن الأمر ليس بالمقصد الحسن فقط، ومن هنا يخطئ كثير من الناس بيقل لك "أتركه نيّته طيّبة" يأتي إلى الميّت يناديه من دون الله بيجي الشيخ الضآل لما بيسمع الشيخ عم يهديه بيقل له "اتركه يا سيدي نيّته طيّبة" اسأله يعتقد أنه هذا الميت بينفع ويضر؟ يا سيدنا عم يشرك عم يقول يا باز أغثني يا ستي زينب عافيني أو إلى أخره، هذا ضلال.
فهنا ابن مسعود يلفت النظر إلى هذه الحقيقة وهي لا يكفي أنه يكون قصد الإنسان حسن، يجب أن يكون مقرونا مع القصد الحسن العمل الحسن، الرسول عليه السلام بيقول "لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها" لو رأيت رجلا جالسا على قبر أيّ قبر، قبر مسلم، مسلم عادي بتقل له لا تجلس على القبر يا أخي الرسول نهى عن هذا، بيقل لك والله يا أخي أنا رجّال تعبان، أنا ماني قاصد إهانة المسلم الميّت المدفون في هذا القبر، أنا تعبان هل يُسمع منه هذا الكلام؟ لا لأنه الرسول يقول لا تجلسوا على القبور، فأنت دبّر حالك مو على حساب الميت تريّح حالك، أترك لا تجلس فيجب أن يكون العمل حسنا أيضا مشروعا مثل النية الحسنة.
تمام الحديث ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها ) فإذا رأيت إنسان يصلي إلى قبر فنهه، فإذا قال لك يا سيدي أنا نيّتي طيبة، أنا ماني قاصد الميّت، أنا قاصد رب العالمين بس مو اقصد التبرّك به، هو وقع في الشيء اللي فار منه ولا يحسّ ولا يشعر المسكين لكن هات بأى قنّعه أنه نيّته سيّئة، نيّتك طيّبة وقلبك صافي لكن عملك سيء لأنك خالفت الرسول، الرسول عليه السلام عم يقل لك لا تصلي إلى القبر، فأنت عم تصلي للقبر فحسّن عملك مثل ما أنت بتزعم أنك محسّن إيش نيّتك.
هكذا ابن مسعود يقول لهؤلاء الذين قالوا ما أردنا إلا الخير، فكان الجواب " وكم من مريد للخير لا يصيبه " واحد بدّه يحجّ بدل ما يطلع بالطائرة ليُسافر إلى جدة، ومنها هو بيركب السيارة وبدو يروح لمكة، بيخطئ بالطائرة اللي بتاخذه لباريس أو لندن، إيش الفائدة؟ هذا ما راح يحجّ لأنه الحج من هنا وهو بيروح هذيك الناحية، فهو سلك الطريق اللي ما بيوصّله إلى مرضاة الله عز وجل.
كم من مريد للخير لا يصيبه، لماذا لا يصيبه؟ لأنه ما سلك الطريق الذي يوصله إلى هذا الخير، فالطريق الموصل للخير في هذه الدنيا ماهو؟ هل هناك طرق وإلا طريق؟ طريق، قال تعالى في القرأن الكريم (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتّبعوا السبل )) .
السبل جمع سبيل، سبيل معنى طريق، معنى الأية بصراحة لا تتّبعوا الطرق والمسلمين اليوم يتّبعون الطرق والطريق الوحيد الفريد الذي أمرنا به بنصّ القرأن بإتباعه، تاركينه جانبا، عكس الأية تماما (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) هذا ما أصاب الجماعة الذين أنكر عليهم ابن مسعود، قال لهم " وكم من مريد للخير لا يصيبه " يعني أنتم سلكتم الطريق الذي لا يوصلكم إلى الخير وتركتم الطريق الذي يوصلكم إلى الخير ألا وهو طريق محمد عليه الصلاة والسلام، وليس هناك أبدا في الدنيا طريق موصل للخير مرضي لله عز وجل إلا طريق الرسول عليه السلام فقط لا غير فقط لا غير، وهذا القرأن كله ممتلئ بمثل هذه النصوص الكريمة ثم استدل ابن مسعود على ذلك، قال أن الرسول عليه السلام حدّثنا إن أقواما من المسلمين يقرؤون القرأن يعني بألسنتهم، ولكن لا يدخل هذا القرأن إلى قلوبهم، ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة ) يومئذ لم يكن عندنا بندقية ورصاص ونحو ذلك إنما كان عندهم الحراب والسهام ونحو ذلك، فكان أحدهم يصطاد الحمار الوحشي مثلا بالسهم فإذا كان قويّ العضل وماهر في الرمي أصاب الدابّة فدخلت من هنا، خرجت من هنا، من قوة الضرب تشبيه بليغ جدا أن هناك ناس مسلمين يقرؤون القرأن بألسنتهم لكن لم تتأثّر بها قلوبهم كما هو شأننا الآن في هذا المثال البسيط (( وأن هذا صراطي )) الواحد (( مستقيما فاتبعوه ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله )) وين هذول المسلمين اللي عم نقرأ عليهم القرأن عم يقرؤون بألسنتهم ولم يدخل هذا الذي يقرؤونه إلى قلوبهم بدليل أن الطرق لا يُمكن حصرها بل كثير من الطرقيّين يصرّحون بدون أي حرج، يقول قائلهم الطرق الموصلة إلى الله بعدد إيش؟ الطرق الموصلة إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، مش كدا؟ الله يقول الطريق الموصل هو طريق واحد وهم يقولون بعدد أنفاس الخلائق.
العبرة في نهاية هذه القصة ..
السائل : معناته تنكرون على من لا يتبع طريقة؟
الشيخ : أيوه، العبرة في نهاية هذه القصة بعد ما روى ابن مسعود هذا الحديث ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) الرجل اللي تابع الحادثة يقول فلقد رأينا أولئك الأقوام يقاتلوننا يوم النهروان، الله أكبر، أصحاب الحلقات اللي كانوا يبسبسوا ويطقطقوا بالحصباء أصبحوا خوارج ضد علي وقاتلوا علي فقاتلهم علي وقاتلهم واستأصل شأفتهم، شايف ومن هنا يقول العلماء إن البدعة الصغيرة تؤدّي إلى البدعة الكبيرة هدولي بدؤوا يجتمعوا اجتماعات لم تكن معروفة بعد الرسول عليه السلام، وبدأ أحدهم يتريّس على الجماعة البسطاء الطيبين القلوب، بيقل لهم سبّحوا خمسين مين قلوا سبح خمسين؟ أنت نبيّ يوحى إليك من السماء؟ هيك طلع منه وبعد شوي بيطلع منه خمس وسبعين وعلى ها المساكين هذولي أن يتبعوه لأنه شيخهم، هذا عبارة عن تريّس بالباطل على هؤلاء المسلمين الطيبين المساكين.
هذولي ها الجماعة برئيسهم صاروا خوارج ضد علي فقتلهم علي لأنهم خرجوا على الإسلام فالبدعة الصغيرة أوصلتهم إلى البدعة الكبيرة.
هذا قصة وقعت لمن قال تلك الكلمة السابقة " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق " دعونا بأى الطرق دعونا الطقطقة بالمسبحة بالحصى بما شابه ذلك، لأنه كل هذا لم يكن من عهد الرسول عليه السلام، ما أظن أحد منكم راح يفهم مني أنه لا تذْكروا الله لا تسبّحوا الله، لا إنما نعني اذكروا الله كما جاء في كتاب الله وسبّحوا الله كما بيّن رسول الله فلا يكفي أن الله قال (( واذكروا الله ذكرا كثيرا وسبّحوه بكرة وأصيلا )) ألا يكفي أن الرسول عليه السلام قال ( من قال في يوم مائة مرة سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ) أحاديث كثيرة من هذا النوع والحمد لله فعلينا نحن نطبّقها وبلاش مشيخة ونحط حالنا كأننا نبيّ معصوم بنقل لهم سبّحوا اقرؤا صلوا على الرسول عليه السلام بأم الأربع والأربعين، أربعة ألاف وأربعمائة وأربع وأربعين مرة منين هذا الوحي جاء؟ ما بتعرف الصلاة أربعة ألاف وأربعمائة وأربع وأربعين، الحمد لله.
هذا عدد لو نزل وحي السماء يمكن كثير من الناس ما بيعملوا فيه، ما بيدخل في عقلهم لكن لمّا جاءهم من بعض الطرق، خضعوا وسلّموا تسليما، الله أكبر.
هذا من آثار الابتداع في الدين، الصلاة ها اللي لما نزل قوله تعالى (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليما )) قالوا يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال ( قولوا اللهم صلي على محمد وعلى أل محمد كما صليت على إبراهيم ) الصلوات اللي بيعرفوها الأطفال الصغار يصلّى بها في التشهّد الأخير.
هذه أفضل صلاة تفسير لقوله ( صلوا عليه وسلّموا تسليما ) ما عجبت جماعة المسلمين فكل طريق له صيغة صلاة عن الصيغة الأخرى أش معنى هذا؟ معناه أنه يا رسول الله أنت جئتنا بصلاة هذه خاصة ببعض المساكين الدراويش أما من الجماعات اللي بيقولوا حدّثني قلبي عن ربي، هذولي بحاجة إلى صيغة أخرى غير هذه الصيغ، لا والله مو هيك لكان شو هو؟ مو هيك مو بها التأويل لكان شو التأويل؟ هاي الصيغة موجودة في صحيح البخاري وصحيح مسلم ليش لما بتذكروا تصلوا على الرسول عليه السلام ما بتقولوا اللهم صلي على محمد وعلى أل محمد كما علّمنا الرسول عليه السلام وإنما اللهم صلي على محمد الفاتح لما أغلق الخاتم لما سبق إلى أخره، قد يكون الكلام من حيث المعنى جميل في بعض الأحيان لكن أليس هذاك الذي جاء به الرسول أجمل وأكمل وأفصح وو إلى أخره؟ مع ذلك فيأتي أحيانا كثيرا من الصلاة فيه الكفر بعينه والناس لا ينتبهون، الذي هو عينك لغيرك في بعض الأذكار.
السائل : الشاذلية.
الشيخ : نعم.
السائل : الشاذية.
الشيخ : لا التيجانية هذه أظن، الذي هو عينك لا غيرك صلي على محمد الذي هو عينك يا الله وليس غيرك هذا هو الكفر بعينه لكن الناس ما بيعرفوا، الناس العامة ما بينتبهوا، شو لأسهل لهؤلاء الناس، يا أخي ارجعوا للسنّة اخلصوا من المشاكل، مو كل إنسان بنقدر نعمل له هذه المحاضرة هاي كل ساعة كل دقيقة، فالعصمة كما قال عليه السلام ( تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ) اذكر الله وصلي على الرسول بسأل الشيخ قل له دلني على السنّة، بدي أصلي على الرسول بس على ما صلى عليه الرسول نفسه والصحابة وإلى أخره.
فهذه القصة كما سمعتم فيها عبرة، انقلبوا إلى خوارج بسبب إيش؟ إعراضهم عن السنّة، كمان عندنا أقوال أخرى عن الصحابة كيف أنهم فهموا حديث كل بدعة ضلالة على عمومه مش أنا فهمته.
ابن عمر السابق الذكر يكون في مجلس كهذا فعطس رجل في المجلس وقال الحمد لله والصلاة على رسول الله، قال ابن عمر متلطّفا رقيقا جدا، قال له وأنا أقول معك الحمد لله والصلاة على رسول الله ولكن ما هكذا علمنا رسول الله، أنا بصلي معك على الرسول عليه السلام لكن مو هيك علمنا الرسول عليه السلام، لكان شو علّمنا؟ قول الحمد لله رب العالمين، الحمدلله على كل حال.
ماذا فعل ابن عمر هنا؟ ابن عمر فعل هنا كما يفعل بعض إخواننا من أهل السنّة حينما يسمعون المؤذن بعد ما بينتهي من الأذان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله بيستأنف كوالة أطول من الأذان، بيبدأ بيصلي على الرسول في زعمه هو، فهذا السنّي بيعرف أنه هاي الزيادة ليست من الأذان لكن ما عنده أسلوب ابن عمر، أسلوب ابن عمر ما شفتوا شلون دخل معه، قال له أنا مثل حكايتك، أنت شو قلت؟ الحمد لله والصلاة على رسول الله، أنا بأقول مثل حكايتك الحمدلله والصلاة على رسول الله لكن كثير من إخوانا ما عندهم الأسلوب هذا فهذا أولا مثل ... الحمد لله والصلاة على رسول الله، لكن كثير من إخواننا ما عندهم الأسلوب هذا، فهذا أولا هبة ويحتاج إلى علم فبيسمع أحد إخواننا المؤذن هذا بيزيد على الأذان كوانات كليشات قديمة جدا، بيقل له زيد لا تصلي على الرسول، هذاك بينزل بيحكي عنه أنه هذا أنكر الصلاة على الرسول وبيقعوا بأى في فتنة لا نهاية لها، والحقيقة أنه هذا السنّي لو أنكر الصلاة على الرسول كفر لأنه الصلاة على الرسول مذكورة في القرأن كما سمعتم.
لكن هو ما عارف يحكيله، ما عارف يبيّن له، يقل له يا أخي الصلاة على الرسول جاء ذكرها في القرأن جاء الحضّ عليها في حديث الرسول عليه السلام لكن مو هيك أذّن بلال، الرسول علّم بلال يأذّن مو هيك علّمه، ما في ها الأسلوب، تقع المشاكل هذه والفتن، فعلّمنا.
السائل : اللي بيقولوا عنه وهابي اللي ما بيصلي على النبي هاي.
الشيخ : هذا هو المشكلة، فالشاهد ابن عمر علّمنا هذا الأسلوب أنه أنا بأقول مثلك الحمد لله والصلاة على رسول الله لكن ما هكذا علمنا رسول الله، فماذا أخطأ هذا الرجل الذي عطس وصلّى؟ جماهير الذين يقولون في بدعة حسنة، ما بيحسّوا أنه هذا أخطأ، شو أخطأ؟ صلى على الرسول، الصلاة على الرسول خطأ؟ أعوذ بالله لكن الذين يقولون كل بدعة ضلالة مثل ابن عمر ونحن تبع له يقولوا أخطأ، شو وجه الخطأ؟ وجه الخطأ أنه وضع العبادة في غير محلّها، أنا لو رجل جلس في التشهد وعقله زيّن له الفلسفة الآتية، يا ترى الفاتحة أفضل وإلا التحيات لله والصلوات والطيبات أفضل؟ في حدا بيقول التحيات أفضل من الحمد؟ لا بباعث ها الدعوة الصحيحة طلعت معه الفلسفة الآتية، مادام الفاتحة أفضل من التحيات لله فأنا ليش بأقرأ التحيات في التشهد خليني أقرأ الفاتحة، في حدا من المسلمين حتى اللي بيقولوا في في الإسلام بدعة حسنة، بيقول هذا أصاب؟ لا أحد يقولها ليه؟ لأنه الفاتحة الشارع وضعها في القيام والتشهد وضعها في القعود فلما بيجي إنسان بيتفلسف وبيقلب الحقائق الشرعية فهو بيحدث شيء جديد فيأتي الحديث ليقول له ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .
إنسان يأتي إلى التشهد كما جاءنا عن الرسول عليه السلام فبيدّخل هو جمل من عنده، مثلا تشهد ابن مسعود ( التحيات لله والصلوات والطيبات ) إلى أخره، هو شو بيقول؟ التحيات لله سبحانه وتعالى، كفر في هذا الإنسان؟ ما كفر، ذمّ رب العالمين وطعن فيه وإلا إيه مجّده؟ مجّده لكن أحسن أم أساء؟ أساء، ليه؟ لأنه زاد شيء ما جاء به الرسول اللي قال قولوا إذا جلس أحدكم في التشهد فليقل التحيات لله إلى أخره التحيات لله سبحانه وتعالى والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله عز وجل وبركاته، كمان شو سوى؟ زوّد أساء أم أحسن؟ أساء مع أنه ما جاء إلا بتعظيم لله عز وجل، هذا الكلام هلاّ لو حكينا مع الذين يقولون في بالإسلام بدعة حسنة؟ بيقل لك لا هي مضبوطة ليه؟ زيادة، طيّب نمشي لنشوف لنهاية المطاف، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله عز وجل وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سبحانه وتعالى، هذا كله ما بيجوز الزيادات هذه، طيب.
اللهم صلي على سيدنا محمد جاز؟ لا جاز ليش؟ سيدنا محمد سيدنا، طيب وربنا عز وجل مو عز وجل؟ ليش هاي ما قبلتوها وهاي قبلتوها؟ ما في فرق أبدا اللهم صلي على سيدنا اعتدناها وصارت جزء من ديننا ومن حياتنا، أما ها التعظيم لرب العالمين في التحيات ما اعتدناها والإنسان بينكر أول ما بيسمع حتى السنّة أول ما بيسمعها بينكرها، فلما بيسمع التحيات لله سبحانه وتعالى إلى أخر ها التصوير أو الصورة اللي قدمناها بينكرها، لأنه ما اعتاد عليها، فإذا جئت أنت بسنّة ما اعتاد عليها بينكرها أيضا، فما الفرق الآن بين الزيادة في التشهد وبين الزيادة في الصلوات الإبراهيمية، كله من باب واحد، كله من باب قول عمر وأنا أقول معك والصلاة على رسول الله وأنا أقول معكم ها اللي بتقولوا بالتشهد الله يحفظكم، اللهم صلي على سيدنا محمد، أنا أقول معكم اللهم صلي على سيدنا محمد لكن ما هكذا علّمنا سيّدنا محمد، وهو كما قال ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر آدم ) فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة.
فابن عمر إذًا جاءنا بهذا النموذج من الإنكار الذي يدل على تفصيل قوله السابق " كل بدعة ضلالة وإن رأها الناس حسنة " هذا الرجل قال ما فيها شيء، الصلاة على الرسول خير وجاء في القرأن فأنكرها ابن عمر عليه، نأتي إلى مثال أخر عن سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشّرين بالجنة، روى الإمام أحمد في مسنده أن سعدا سمع رجلا يلبّي في الحج يقول ( لبيك ذا المعارج ) كمان الثاني كلهم خرجوا من مدرسة الرسول عليه السلام المؤمنين.
... فأكتفي برواية عن الإمام مالك، الإمام مالك إمام دار الهجرة " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وأله وسلم خان الرسالة إقرؤوا قول الله تبارك وتعالى (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا ولا يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلُح به أوّلها " انظروا لكلمة مالك هذه ما أعظم شأنها، هو يقول من ابتدع بدعة واحدة في الإسلام فقد زعم أن محمدا خان الرسالة، ليه؟ لأنه في رسالته يقول عن رب العالمين (( اليوم أكملت لكم دينكم )) فإذا كانت هذه البدعة الحسنة ليش كتمها الرسول عليه السلام؟ إذًا هذا معنى أن الرسول خائن ومن قال هذا فهو كافر.
إذًا الرسول أدّى الرسالة وبلّغ الأمانة فالذي يقول هذه بدعة حسنة هو الذي خان الرسالة ولم يبلّغ الأمانة وكفر بالإسلام، واحدة من ثنتين، يا الرسول خان وهذا كفر ولا يقول به مسلم أو أنت لعم تقول هذه بدعة حسنة، هنا الخيانة لأنه هذا ضد الإسلام ثم يقول فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا يعني كل عبادة.
ترجع كلمة الإمام مالك إلى كلمة حذيفة بن اليمان السابقة " كل عبادة لم يتعبّدها أصحاب رسول الله فلا تعبّدوها " مالك يقول " فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا " يلتقي قول مالك مع قول حذيفة ليه؟ لأنه كلّ يأخذون من مشكاة واحدة، السلف الصحابة التابعون يأخذون عمّن قبلهم وأتباع التابعين يأخذون عمّن قبلهم وهكذا لكن الخلف بأى تركوا السلف ووقع الإنحراف في الضلال " فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا " .
في أصرح من هذا أنه مافي بدعة حسنة في الإسلام؟ " من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة إقرؤوا قول الله عز وجل (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دنيا ولا يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلُح به أولها " فإن أردنا صلاح الأمة اليوم فالطريق أن نعود إلى ما كان عليه سلفنا الصالح، هذا من تمام كلام الإمام مالك.
فبعض هذه النصوص كما ترون تؤكد أن البدعة في الإسلام في الدين ضلالة مهما كان شأنها لكن الذين يذهبون إلى أن في الإسلام بدعة حسنة لهم بعض الشبهات فلا يتمّ هذا البحث ولا يتركّز خلاصته في ذهن السامعين إلا بأن يسمعوا جواب عن تلك الشبهات التي يركَن إليها المخالفون لهذه النصوص الصريحة بأن كل بدعة ضلالة، فمن تلك الشبهات حديث صحيح مشهور وهو ( من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقصَ من أجورهم شيء ومن سنّ في الإسلام سنّة سيّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء ) هؤلاء يفهمون هذا الحديث ويفسّرونه بقولهم من سنّ في الإسلام سنّة حسنة أي من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة.
والشطر الثاني من سنّ في الإسلام سنّة سيّئة، من ابتدع في الإسلام بدعة سيئة، هذا التفسير نحن نراه خطأ فاحشا وعندنا الدليل على ذلك من ناحيتين، الناحية الأولى أن نستحضر لكم المناسبة التي قال الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الحديث ثم انظروا هل يتّفق هذا المعنى الذي فسّروا به الحديث مع تلك المناسبة، فسترون التباين الكلي بين هذا المعنى المزعوم وبين المناسبة الآتية، روى الإمام مسلم في صحيحه من رواية جرير بن عبد الله البَجَلي رضي الله عنه قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وأله وسلم فجاء أعرابٌ مجتابي النمار متقلدي السيوف عامّتهم من مضر بل كلهم من مضر، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم تمعّر وجهه يعني تغيّرت ملامح وجهه أسفا وحزنا على فاقتهم وفقرهم، فوقف في الصحابة خطيبا وقال (( يا أيها الذين أمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتيَ أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصّدق وأكن من الصالحين )) ثم قال عليه السلام ( تصدّق -أي ليتصدّق- رجل بدرهمه بديناره بصاع بره بصاع شعيره ) ووعظهم الرسول عليه السلام وحضّهم على أن يحسنوا إلى هؤلاء الفقراء، فقام رجل من الصحابة وانطلق إلى داره ثم رجع يحمل في طرف ثوبه ما تيسّر له من طعام تمر قمح شعير اللي هو أو دراهم وضعها أمام الرسول عليه السلام، فتنبّه الصحابة الأخرون وقام كل منهم ليعود ويحمل أيضا ما تيسّر له من طعام من دراهم ووضعها أمام الرسول عليه السلام، وضعوها أمام الرسول عليه السلام، فاجتمع بين يديه كأكوام الجبال صغيرة من طعام ودراهم، فلما رأى ذلك عليه الصلاة والسلام تهلّل وجهه كأنه مُذهبة أي الرسول صلوات الله وسلامه عليه ظهرت أثار الفرح والسرور على وجهه حتى صار وجهه كأنه مُذهبة أي كالفضة البيضاء المطليّة بالذهب هكذا، فرحا باستجابة أصحابه له، غير ناس أن الفضل بعده يعود إلى الرجل الأول الذي جاء بالصدقة الأولى فتّبعه أصحابه، فقال عليه الصلاة والسلام بهذه المناسبة ( من سنّ في الإسلام سنّة حسنة ) أين البدعة هنا؟ وهم يفسّرون الحديث بما سمعتم من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة ليس هناك بدعة، فهذا يؤكد لكم أن هذا التفسير من أفحش الأخطاء التي تصدر من بعض الناس.
ليس في هذه الحادثة كما سمعتم ما يمكن أن يسمّى بدعة لأن الصدقة تأتي بالكتاب وفي تلك اللحظة قال لهم (( يا أيها الذين أمنوا أنفقوا مما رزقناكم )) قال الله تبارك وتعالى.
السائل : ... .
الشيخ : أي نعم، فالصدقة ليست بدعة، فإذًا كيف يقول الرسول بهذه المناسبة ( من ابتدع ) وليس هناك بدعة، هذا شيء عجيب.
الناحية الثانية من الرد والجواب على هذه الشبهة نغضّ النظر الآن عن هذه المناسبة التي توضّح تمام التوضيح أن هذا التفسير خطأ لنناقشهم في نفس التفسير الذي زعموه، أنتم تقولون أن معنى الحديث من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة ومن ابتدع في الإسلام بدعة سيئة، نسأل هؤلاء نقول لهم ما هو الطريق أو بأي وسيلة يُمكن معرفة كون البدعة حسنة أو كونها سيّئة? أهو بعقلي وبعقلك، بعلمي بعلمك بفهمي بفهمك أم بالقرأن والسنّة؟
ماهو الشيء الحسن؟ أليس هو الذي حسّنه الله، ماهو الشيء القبيح؟ أليس هو الذي قبّحه الله، إذًا أنتم بتقولوا معنى الحديث من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، إذًا كون هذه البدعة حسنة لابد أن يكون هناك دليل في الكتاب أو في السنّة يدلّ على أنه حسنة أو على أنها سيّئة، لا يمكن أن يقولوا إلا هكذا، كون هذه البدعة حسنة إنما يثبت ذلك بدليل الكتاب والسنّة وكون تلك البدعة سيئة إنما يثبت ذلك بالكتاب والسنّة.
فكل بدعة هم يزعمون أنها حسنة نقول لهم (( هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )) هاتوا الدليل من الكتاب والسنّة أن هذه البدعة بدعة حسنة ونحن معكم على أنها بدعة حسنة، لا لأنكم استحسنتموها وإنما لأنكم جئتم بالدليل الشرعي من الكتاب والسنّة على تحسينها.
وتلك الأخرى جئتم عليها بدليل من الكتاب و السنّة على أنها سيئة، وحينئذ يزول الخلاف لأن كل بدعة حسنة في زعمهم لابد أن يكون دليل حُسنها في الكتاب والسنّة، فأين دليل حسن مثلا الاحتفال بمولد الرسول عليه السلام مثلا، ما في دليل، ما في أية، ما في حديث، ما في الصحابة فعلوا، ما في التابعين فعلوا، ما في أتباع التابعين، إذًا ما قام الدليل الشرعي على حسنها حتى على تفسيركم فالحديث ليس حجّة لكم، مادام كل سنّة حسنة لا بد ليكون لها دليل من الكتاب والسنّة، أنا أتيكم الآن بمثال يوضّح لكم هذا، عمر بن الخطاب من الأشياء التي يعني تُسجّل في مناقبه ومحاسنه رضي الله عنه أنه أخرج اليهود من خيبر، أظن تعرفون جميعا هذا، طيب فإخراج عمر اليهود من خيبر أمر حادث لم يكن لأنه الرسول مات واليهود في خيبر، ألستم تعلمون هذا؟ الرسول مات واليهود في خيبر، مين أخرجهم؟ إذًا هذا أمر حادث، تعال نطبّق الحديث ها اللي فسّروه بقولهم من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة، نسألهم فِعْلة عمر هذه بدعة حسنة ولا سيّئة؟ باعتبار شيء جديد حدث، فإن قالوا بدعة حسنة نطالبهم بالدليل، وإن قالوا بدعة سيئة بنطالبهم بالدليل من الكتاب والسنّة.
الواقع نحن راح نقدم لهم الدليل أنه هذا الفعل اللي فعله عمر أنا ما أقول طبعا بدعة حسنة لكن أجاريهم مجاراة، أعتقد أنه هذا أمر مشروع وهو يمكن يسمّونه بدعة حسنة، من أين جاءت شرعية هذه الحادثة وهي حادثة بعد الرسول عليه السلام؟ الدليل على ذلك حديثان، الحديث الأول أن الرسول عليه السلام لمّا فتح خيبر صالح اليهود على أن يبقوا فيها يزرعوها وعلى أن لهم النصف الشطر وللرسول عليه السلام الشطر، معاملة مزارعة وقال لهم في الاتفاق الذي عقده بينه وبينهم على أن نقرّكم فيها ما نشاء، نقرّكم في خيبر ما نشاء، مش إلى الأبد ما نشاء، فمات الرسول عليه السلام وهم في خيبر، جاء أبو بكر من بعده ومات وهم في خيبر ثم بدى لعمر إخراجهم، لماذا الرسول عليه السلام أقر اليهود في خيبر وهذا خلاف كل الفتوحات الإسلامية تقريبا؟ كان يضع المسلمين هناك ويحكمون في البلدة ويكون هنالك كالأسرى والعبيد، لماذا عامل اليهود هذه المعاملة؟ لأنهم كانوا صاحب خبرة في الزراعة، ولم يكن في الصحابة بعد من تعلّم الزراعة فتركهم، فلما مع الزمن تعلّم الصحابة المهاجرون والأنصار الزراعة، فراحوا براة خيبر وحل محلهم المسلمون الذين صاروا يعرفون الزراعة.
السائل : ... سنّة حسنة.
الشيخ : هذا الدليل الأول أنه الرسول قال نُقِرّكم فيها ما نشاء فأخرجهم عمر، فإخراجه ليس بدعة عندنا لأنه البدعة ضلالة وهذا إنما نفّذ نصّا نبويا، نقرّكم فيها ما نشاء، النص الثاني قال عليه الصلاة والسلام ( أخرجوا اليهود من جزيرة العرب ) فإذًا هو نفّذ نصا نبويا، هذا لا يسمّى بدعة.
فإذًا، نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : ... ، نعم فإذًا سيّدنا عمر بن الخطاب نفّذ نصا نبويا فهذا لا يسمّى بدعة إن سمّيتموها أنتم بدعة حسنة فلأنه الدليل الشرعي قام فيه حسن فيبقى الخلاف بأى بيننا وبينهم في اللفظ هم بيسمّوه بدعة حسنة نحن شو بنسميها سنّة حسنة لكن المهم أصحك تستحسنوا البدعة بعقلكم، المهم أن تأتوا بالدليل من الكتاب والسنّة على أنه هذا الذي تسمّونه ببدعة حسنة قام الدليل الشرعي على أنه حسنة فعلا، يبقى خلاف في التسمية ولا مشاحّة في الاصطلاح كما يقولون.
هكذا إذًا كل من يدعي أنه هناك في الإسلام بدعة حسنة لابد من أن يأتي بدليل من الشرع على أن هذه البدعة حسنة لاسيما وهناك اختلاف نشب قديما بين أهل السنّة من جهة والمعتزلة من جهة أخرى، فالمعتزلة يقولون الحسن ما حسّنه العقل والقبيح ما قبحه العقل، يعني ما رأه العقل حسنا فهو حسن وما رأه العقل قبيحا فهو قبيح، أهل السنّة قالوا لا، العقل لا يستقل بمعرفة كون هذا الشيء حسن وكون ذاك الشيء قبيح، لكن العقل يستطيع أن يفهم حسن الشيء بعد أن يأتي الشرع بتحسينه ويستطيع أن يفهم قبح الشيء بعد أن يأتي الشرع بتقبيحه، أما أن يستقل العقل البشري بأن يحسّن يقبح لا، هذا موضع خلاف بين أهل السنّة والمعتزلة قديم ولا شك أن الحق مع أهل السنّة ولا المعتزلة لكن جماعة أخر الزمان اليوم صاروا معتزلة ليه؟ كل ما بتجي بدعة يقل لك شو فيها، يا أخي هذه بدعة حسنة فحكّموا عقولهم ووقعوا ضد أئمة السنّة الذين كانوا ضد المعتزلة، وقعوا في التحسين والتقبيح العقلي، هذا حسن ليه؟ والله عقلي شايفه حسن ما فيها شيء، وهذا عبارة يعني بيلهجوا بها في أدنى مناسبة.
هذا من الشبهات التي يركنون إليها ( من سنّ في الإسلام سنّة حسنة ) فعرفتم الجواب من وجهين، الجواب الأول أن المناسبة تدل أنه ليس معنى الحديث من ابتدع وإنما من افتتح الطريق للخير والخير هناك هي الصدقة وهي مشروعة من قبل، والجواب رقم اثنين إنه إذا فسرتم أنتم الحديث بما سبق فنحن نطالبكم في كل بدعة حسنة بدليلها فإن جئتم بالدليل مثل ما نحن أتينا بدليل سنّة عمر هناك اللي أحياها، فنحن معكم لأنه اتبعنا الدليل جميعا وإن لم تأتوا بالدليل فمعناه أنتم صرتم مع المعتزلة الذين يحسّنون بعقولهم.
ومن شبهاتهم حديث " ما رأه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن " الجواب هذا الحديث لا أصل له في شيء من كتب السنّة إطلاقا كحديث عن الرسول عليه السلام، لكنه من قول ابن مسعود يعني حديث موقوف في اصطلاح المحدّثين ثم لا يعني ما يعنيه هؤلاء المتأخّرون من توسيع دائرة المسلمين في هنا، ما رأه المسلمون لا يعني ابن مسعود كل المسلمين في كل زمان في كل مكان وإنما يعني نُخبة أفضل المسلمين بعد الرسول عليه السلام والدليل على هذا أن هذه الجملة من كلام ابن مسعود لها مناسبة مثل مناسبة حديث ( من سنّ في الإسلام سنّة حسنة ) لما عرفنا مناسبة الحديث تجلّى معنى خطأ التفسير السابق، كذلك إذا عرفتم الآن مناسبة قول ابن مسعود " ما رأه المسلمون حسنا " سيتجلّى لكم خطأ الاستدلال على استحسان البدعة في الدين لما توفّيَ الرسول عليه السلام واجتمع أصحابه الكرام لاختيار خليفة له من بعده، فاختاروا أبا بكر الصديق رضي الله عنه كما هو معروف، بهذه المناسبة بمناسبة اختيار أبا بكر، قال ابن مسعود " إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وأله وسلم رسولا نبيا وجعل له وزراء وأنصارا فما رأه المسلمون " وين رجع المسلمون؟ للوزراء والأنصار " إن الله بعث محمد صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا وجعل له وزراء وأنصارا " " فما رأه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن " بيعنينا نحنا؟، بيعنينا ومن قبلنا؟ بيعني التابعين؟ لا بيعني الصحابة كلهم كمان لا، وإنما بيعني نخبة الصحابة ها اللي كنى عنهم بقوله " وزراء وأنصارا " فما رأه هؤلاء الوزراء والأنصار حسنا فهو عند الله حسن.
وهكذا الذين اختاروا أبا بكر الصديق خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا من وزراء الرسول عليه السلام وأنصاره، من المهاجرين والأنصار وهذا يلتقي أخيرا مع قوله عليه السلام في الحديث الصحيح ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) .
فاجتمع كبار صحابة الرسول عليه السلام على اختيار أبا بكر الصديق خليفة فشو علاقة هذه الكلمة مع قول ليست من حديث الرسول وإنه من كلام ابن مسعود قالها بمناسبة اختيار الصحابة الكبار لأبي بكر الصديق، شو علاقتها كل ما واحد ابتدع بدعة واستحسنها بعقله يا أخي قال رسول الله " ما رأه المسلمون حسن فهو عند الله حسن " ما قال الرسول هذا الحديث أولا وإنما قال هذا ابن مسعود وما قالها بالمعنى الذي يريده هؤلاء وإنما المعنى ضيّق جدا أراده هو وزراء الرسول وأنصاره، وكفى الله المؤمنين القتال.
وأخيرا يحتجّون بقول عمر بن الخطاب " نعمت البدعة هذه " في صلاة التراويح.
العيد عباسي : ... .
الشيخ : فبتذْكروا ... الله أكبر، هذا فعلا قاله عمر ولكن بأيّ معنى قاله؟ هنا الموضوع جماهير القائلين بالبدعة الحسنة يفسّرون كلمة عمر " نعمة البدعة هذه " أي أن عمر أحدث صلاة التراويح جماعة من عنده مثل ما أخرج اليهود من عنده يعني اليهود قطعا ما أخرجهم اليهود ما، عفوا ما أخرجهم الرسول، مين أخرجهم؟ عمر، صلاة التراويح في زعم هؤلاء المستدلّين بقول عمر " نعمت البدعة هذه " ما فعلها الرسول، مين فعلها؟ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هكذا يقولون، وهذا خطأ وهذا فيه إتهام لعمر بالجهل.
لتعلموا هذه الحقيقة نروي لكم حديث البخاري في صحيحه من رواية عبد الرحمن بن عبدلي القاري أنه خرج مع عمر بن الخطاب ليلة إلى مسجد الرسول عليه السلام فرأهم يصلّون قيام رمضان زرافات ووحدانا، فقال لو جمعناهم وراء إمام واحد ثم بدا له ذلك وعزم على ذلك، في ثاني يوم أمر أبيّ بن كعب أن يصلي بهم إماما فخرج لأول مرة يرى المسلمين يصلّون جماعة في صلاة التراويح وراء إمام واحد هو أبي بن كعب فقال " نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل " .
تشبث بهذه الكلمة القائلون بالبدعة الحسنة، تمسّكوا بها لفظيّا دون أن يمعنوا النظر إلى ما قصد منها، قالوا هاي عمر بن الخطاب قال قبل كل شيء أنه " نعمت البدعة هذه " وثاني شيء قالها في صلاة التراويح وهاي لم يفعلها الرسول عليه السلام وأقول بصراحة هنا حرمةً للسنّة وتعظيما لعمر كذبوا، حين قالوا أنه عمر أحدث هذا، كذبوا إنما سنّ ذلك الرسول وعمر أحيا ذلك، فإنكم تعلمون الحديث الذي في صحيح البخاري من حديث السيدة عائشة رضي لله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في العشر الأخير من رمضان فصلّى في المسجد فرأه بعض الصحابة فاقتدوا خلفه، ثاني يوم انتشر خبر صلاة الرسول في الليلة السابقة فلمّا خرج الرسول في الليلة الثانية اللاحقة كثُرَ المصلون خلفه، في الليلة الثالثة امتلأ المسجد، في الليلة الرابعة اجتمعوا كما كانوا سابقا في الليلة الثالثة وانتظروا وانتظروا وانتظروا حتى ملّ بعضهم فأخذوا حصباء من المسجد ويحصبون باب بيت الرسول عليه السلام بظن أن الرسول نايم مسيطر عليه النوم لكن الرسول كان يقضان وكان عن عمد متأخرا عن الخروج، وفتح الباب وخرج عليهم مُغْضبا قائلا إنه لم يخفى عليّ مكانكم هذا إني عمدا صنعت أو تركت إني خشيت أن تكتب عليكم.
السائل : تفرض
الشيخ : معنى تكتب أي تفرض ( فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) ثم مات عليه الصلاة والسلام في ربيع الأول ولم يدرك رمضان الثاني، فهنا أول شيء الرسول سنّ صلاة التراويح جماعة لكن ما تابع كما رأيتم خشية أن تُفرض عليهم، وبوفاة الرسول عليه السلام تزول الخشية هذه لأنه بوفاته تمّت الشريعة، التراويح فرض؟ لا ما هو فرض لأنه ماداوم الرسول عليه السلام عليها حتى يصير فرض، فجاء عمر وأحيا هذه السنّة بعد أن زالت الخشية التي من أجلها ترك الرسول عليه السلام المواظبة عليها ..
السائل : ... .
الشيخ : والشيء الثاني، أخّر سؤالك، والشيء الثاني أن أبا داود روى في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من صلى صلاة العشاء في رمضان مع الإمام ثم قام معه كُتِب له قيام ليلة ) إذا صلى العشاء مع الجماعة وصلّى قيام رمضان مع الجماعة كأنه قام الليل كله، ففي هذا الحديث حضّ على صلاة التراويح جماعة، فإذًا أين البدعة اللي ابتدعها سيدنا عمر، ما ابتدع شيئا بل الحقيقة هو أحيا سنّة فعلها الرسول وحضّ عليها بقوله.
هنا يأتي سؤال طبيعي مثل ما استعجل صاحبنا الأخ هنا، ليش أبو بكر ما أحياها؟ نحن نقول هنا جوابين، الجواب الأول الذي نعتقده أن أبا بكر الصديق كانت مدة خلافته قصيرة سنتين ونصف اللي بيعرف التاريخ، سنتين ونصف وثانيا كانت خلافته مع قِصر مدّتها كانت مشغولة بانصرافه إلى محاربة أهل الردّة ويخشى على الإسلام أن يرجع القهقهرى بسبب الردّة التي أصيب بها بعض المسلمين في الجزيرة العربية، فكان هو مشغول بما هو أهم من أن يحيي سنة من السنن، لو أجمع المسلمون على تركها ما تقوم قيام الساعة عليهم لأنه ماهو فرض عليهم، فكيف قُدّامه جيوش جرّارة من المرتدّين عن دينهم عم ينتشروا ينتشروا الأراضي في البلاد ولذلك هو وجّه كل همّته لصدّ اعتداء هؤلاء أو انتشار هؤلاء أهل الردة فهو لم يكن متفرّغا لمثل إحياء هذه السنّة.
هذا الشيء الأول، الشيء الثاني يا سيدي ما خطر في باله أبو بكر الصديق شو صار؟ نحن بيهمنا نعرف أنه أخطأ عمر وإلا أصاب، أما ليش مثلا الشيخ بيقوم في الليل والناس نيام، أنا ما أقوم ليش ما أقوم؟ وليش هو بيقوم؟ الله هداه وفّقه لما لم يوفّق الثاني، يا أخي أنا ماني أثم لأني ما تركت فريضة وهو ما هو ممكن ... لأنه عم يصلي قيام الليل ها اللي شُرعت في كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمهم في بحثنا هنا مش نعرف ليش ما فعل أبو بكر، لا نعرف الذي فعله عمر هل هو بدعة وإلا سنّة، هذا هو بيت القصيد في الموضوع.
فإذا عرفنا ليش ما فعل أبو بكر، فوالله زيادة علم و نور على نور وإن ما عرفنا ما نقص منا خطورة ها البحث هذا وقوته وأهميته شيء إطلاقا لأنه نحن نريد أن نثبت أن نرد على هؤلاء الذين يتّهمون عمر بن الخطاب بأنه ابتدع صلاة التراويح جماعة، حاشاه أن يبتدع شيئا في دين الله وإنما هو أحيا سنّة من سنن رسول الله صلاها ثلاث ليالي بنفسه ثم حضّ الناس على أن يصلّوها مع الجماعة حين تزول الخشية، فلما زالت الخشية بوفاة الرسول عليه السلام أحياها عمر بن الخطاب.
يأتي السؤال الأخير لمَ قال " نعمت البدعة هذه " لأنها كانت متروكة من قبل، ما بين ترك الرسول لها وإحياءه إياها مضى زمن ما يعرفوها الناس هكذا جماعة وراء إمام واحد، فهذه تسمّى بدعة لغويّة مش بدعة شرعية لأنه إذا قلنا هذه بدعة شرعية، ردينا ها الأحاديث الصحيحة أن الرسول صلاها والرسول حضّ عليها، فهذه ليست بدعة شرعية وإنما سمّاها بدعة باعتبارها حدثت جديدا بعد انقطاعها من بعد ترك الرسول عليه السلام إياها بعد ما صلاها ثلاث أيام.
هذا ما يحضرني من شبهات القائلين بالبدعة الحسنة وأنتم ترون بوضوح أنه لا شيء في هذه الأدلة مما يجوز التمسّك به لضرب تلك النصوص القاطعة بأن، والقائلة بأن كل بدعة في الإسلام ضلالة، إنما هذه شبهات والجواب والحمدلله واضح ولعل في هذا المقدار كفاية.
السائل : ... .
الشيخ : نعم؟