ما حكم شخص يعيش تحت نفقة أخيه الذي يشرب خمر ( البيرة ) بزعمه أنها دواء وليست مسكرة ؟ حفظ
السائل : هنا سؤال طريق من أحد الإخوة، الظاهر أنه طالب جامعي يقول أنا طالب نظامي جامعي أسكن عند أخي لي في غرفة مستقلة، هذا الأخ هو المسؤول عني يمدّني بكل ما أحتاج إليه لأن والدي مسنّ، لي إخوة غيره ولكنهم أقل اهتماما وعناية في ... هذا الأخ لا يصلي ويشرب الخمر سرا وعلانية فعندما أبيّن له وأوضّح حول الخمر وحرمتها ومباطله يقول أنا لا أشرب عرقا وإنما أشرب بيرة وهي غير مُسكرة وهل رأيتني مرة سكران وأهذي وإن هذه بيرة هي دواء وليس داء وهي غذاء للجسم بدليل أنها من صنع شركة الشرق للأغذية (ضحك الحضور) إلى ما هنالك من التبريرات.
يسأل الأخ ما حكمي في هذا الموقف وما الحل؟ يقول ملاحظة قوله بأنها دواء للجسم يُستدل به بأنه راح يزداد سمنة وصحّة، علما بأنه لا ينقطع عن الدواء، واقع الكلام هو أن يستطيع أشياء تدعو للعبرة، أولا الأخ السائل نفسه يروي بأن أخاه هذا لا ينقطع عن الدواء، فكيف يحتاج إلى أن يجادله ويعني يستشير وهو يرى حاله التي تدعو إلى الإشفاق وإلى الرثاء، فهذا الاستمرار في الدواء دليل واضح على أنه من تأثير الوارد، من تأثير الخمر وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى حينما قال ( إنها داء وليست بدواء ) أو كما قال عليه السلام.
أما الشبهة التي تذرّع بها أخوه هذا بأن هذه أو عدّة شبه بأن هذه ليست مُسكرة هذه البيرة فالجواب بأننا، بأن الحديث الشريف بيّن الحكم والقاعدة العامة بتحريم الشراب وهي أنه إذا وُجِدت فيه صفة الإسكار فيكون حراما حيث قال عليه الصلاة والسلام ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) فإذا بحث الإنسان بتجرّد وإنصاف هذا الشراب سواء البيرة مثلا، فنظر إلى إنسان، شرب منه إنسان عادي طبعا بأنه الإنسان العادي هو الذي يصدق فيه الحكم، أما إنسان شاذ قد لا ... بسرعة أو معتاد على الإدمان والشرابات الثقيلة، فأيّ إنسان عادي إذا شرب كمّية كبيرة من هذا الشراب فإن المعروف وال، السائل يقول المقطوع به به أنه يسكر من هذا الشراب لأن الحكم الذي يأخذه هذا الشراب هو أن يشرب منها الإنسان كمّية كبيرة، لا يصحّ أن يحتجّ علينا فيقول أشرب كأسا ثم لا أسكر فإذًا هو حلال لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) وفي رواية أخرى ( ما أسكر الفرق منه فملء الكف حرام ) .
فإذًا لابد من شرب كمّية كبيرة بحيث يحتملها الإنسان في العادة فهذا لو ألصق هذا الشارب نفسه وسُئِل هذا السؤال إذا كان مخلصا لاعترف بأنه يسكر بهذه الكمية وكما قلت بالنسبة للإنسان العادي، الحكم سيكون حراما شرب القطرة ... منه مادام كثير هذا الشراب حرام.
وأظن هذا الذي يقول هذا الكلام هو من المكابرين والمعاندين حيث يتلمّس بهواه هذه الترانيم، وهناك قوله الشبهة الأخرى أنه يقول إن هذه البيرة من صُنع شركة الشرق للأغذية هذا يعني أتفه الاستدلالات حيث أن هذه الشركة ما هي ثقة رجالها؟ وثقة إدارتها؟ وثقة الرجال فيها حيث يأخذ منهم الحكم أو ليس يأخذ منهم الحكم يعني لم يقولوا هم في بيانها بأنها ليست مسكرة وإنها مفيدة وإنما فقط هم الذين أنتجوها فليس لو كانوا ثقات لما كُذِبَ قولهم هذا لأنهم لم يُصرّحوا، ليس في كلامهم تصريح بأنها مغذّية وبأنها مفيدة فكيف وهم لا يُعرفون بدين ولا خلق ولا ثقة ولا أمانة وكيف هذا وقولهم هذا أو مفهوم قولهم الذي استدل به يعارض خبر المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي هو من عند الله عز وجل ونحن قد اعتدنا وقد عرفنا أن من منهج السلف الصالح أنه لا يجوز لأحد أن يقول قولا أمام قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز ..
الشيخ : ... .
العيد عباسي : أي نعم، أن يعامل كلام نبينا صلى الله عليه وسلم كما يعامل أحدنا كلام الأخر ويضرب له الأمثلة والشبه، هذا كلام مردود ولا يؤبى له أما الناحية الأخيرة من سؤاله وهي التي يجدر بيانها ولها شيء من الوجاهة يقول ما حكمي أنا في هذا الموقف يعني أنا وضعي أنه يعينني وأسكن عنده فالجواب الذي يبدو لي والله أعلم أنه إذا استطاع أن يستغني لنفسه فيعمل ولو عملا بسيطا يستغنيَ عن مثل إعالة مثل هذا الأخ ولو كان سخاخا وقد سمعنا أخبار الصحابة رضوان الله عليهم أهل الصفة الذين ما ... إلى هذه العيشة الشظفة القاسية إلا فرارهم بدينهم من الفتن، تركوا مكة وكان لهم أموال وكان لهم أهل وكان لهم أثاث، تركوا كل ذلك في سبيل الله.
إذا استطاع هذا الأخ أن يستغني وهو شاب والشاب من طبيعته أنه يستطيع أن يعمل وهناك نماذج كثيرة نعرفها، الإنسان يعتمد على نفسه فيعمل بعض ساعات لشراء أيّ عمل والله عز وجل يوفّقه إذا أخلص لله عز وجل وسعى للتخلّص مما فيه حرام أو شبهة فإنه جدير بأن يُوفّق بإذنه تعالى، كما قال سبحانه وتعالى (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )) فإذا لم يستطع وكان مضطرا نقول له تُنكر ما استطعت كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) وبعد ذلك لا وزر عليه إن شاء الله والله تعالى أعلم.
...