معنى قول الطحاوي : مميت بلا مخافة, باعث بلا مشقة.... حفظ
الشيخ : " مميت بلا مخافة باعث بلا مشقة " الفقرة الثانية تلتحق بالبيان السابق باعث بلا مشقة أي كما قال الله تعالى في الآية المشار إليها سابقا ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه )) يعني خلق ابتداء فأهون عليه الإعادة نعم أما قوله " مميت بلا مخافة "فكأنه يشير إلى أن الله عز وجل حينما يميت الخلق لا يميتهم للخلاص من شرهم كما يفعل الخصم عادة من البشر الخصم مع خصمه والعدو معه عدوه، فإنما يميته ليتخلص من شره فالله عز وجل أكبر من أن يميت الخلق ويعدمهم بعد أن أوجدهم مخافة من شرهم وإنما بحكمة بالغة من ذلك أن يعيدهم إلى الحياة الأخرى ليعطي كل واحد منهم أجر ما عملت يداه.
السائل : ... .
الشيخ : إي نعم لأنه جاء في الآية والآية صريحة (( الذي خلق الموت والحياة )) وهذا في الواقع من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها، الفلافسة يقولون الموت شيء عدمي لأن يفهمون الموت ضد الحياة والحياة إذا ذهبت ... الموت فلما جاء الموت لم يكن هناك شيء وجودي لكن إذا قال الله عز وجل (( خلق الموت والحياة )) فشمل كلا منهما بصفة الخلقية والخلق إنما يتناول الأشياء الوجودية وليس يتناول الأشياء العدمية هذا من جهة، ومن جهة أخرى تعلمون جميعا حديث الإتيان بالموت يوم القيامة بصورة كبش يوقف به بين الجنة والنار ثم ينادى يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، إذا هذا الموت له وجود حقيقي والله عز وجل بقدرته يمثله في صورة كبش كما أن القرآن الكريم مثلا هو كلام الله تبارك وتعالى و يتمثل يوم القيامة في صورة ما وقد جاء على ذلك بعض الأحاديث الصحيحة فكما أن العمل الذي يعمله الإنسان في الحياة الدنيا يتمثل له في قبره إن كان صالحا بصورة شخص جميل الوجه جميل الصورة و العكس بالعكس فهذه حقائق موجودة وخلقها الله عز وجل ومن تمام خلقه إياها أنه يمثلها في صور مادية مجسمة ترى رأي العين، فالموت حقيقة من حقائق خلق الله عز و جل لا يمكننا نحن أن ندركه لأنه مما وراء العقل لكن لما جاء النص بإثباته فلا علينا بعد ذلك جهل الفلاسفة هذه النصوص وأنكروها لأنهم إنما يؤمنون بما يحيط به عقلهم وفكرهم وعلمهم والله عز و جل يقول (( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء )) ويقول (( فما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) ومع أن المقصود بهذه الآية (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) العلمين المقصود بهما العلمان العلم الديني والشرعي و العلم الكسبي أو التجربي فبكل من العلمين يقول الله عز و جل مخاطبا للبشر (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) ولا شك أن الإنسان إذا جمع بين العلمين يكون أكثر إحاطة بما أراد الله لعباده من العلم مما لو تفرد ... فالشرعيون إذا ضموا إلى علمهم العلم التجربي والنظري لا شك يكونون أكثر إحاطة بالعلم من العكس أي البشر الذي يحيطون بالعلم التجربي و العلم الكسبي و لا يرفعون رأسا للعلم الشرعي، مع ذلك الأشخاص الذي يجمعون بين العلمين هم الذين يخاطبون أيضا بقوله تعالى (( فما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) فأولى و أولى أن يخاطب بهذا النص بعض من البشر تفرد بعلم من العلمين أولى وأولى أن يخاطب بهذا النص الفلاسفة الذين إنما يعتمدون في العقائد على مجرد العقل والنظر فهؤلاء لا يلتفت إليهم إذا أنكروا حقيقة من الحقائق العلمية الشرعية كمثل قولهم أن الموت صفة عدمية و ليست صفة وجودية بعد أن الله عز وجل يخبر خلاف ما ذهبوا إليه فيقول (( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا )) يبلوكم بالحياة وبالموت.