الكلام على إجماع المسلمين وأنه مصدر من مصادر التشريع . حفظ
الشيخ : مقدمة لمصدر آخر أيضا هو من مصادر هذا التشريع ولا يستقيم إيمان المسلم ولا فقهه إلا بالإعتماد على المصدر التالي ألا وهو إجماع المسلمين فهؤلاء أتوا إلى مثل هذه الآيات وأخذوا منه أقل معنى و أعرضوا عن المعنى الشامل الذي أوضحه الرسول صلوات الله و سلامه عليه بسنته القولية والفعلية فهذه السنة التي تناقلها الخلف عن السلف مجمعين على ذلك فكان من حصيلة ذلك هذه الصلاة التي يعرفها المسلمون جميعا على ما بينهم من اختلاففي بعض الهيئات أو بعض الجزئيات ولكنهم كلهم أجمعوا واتفقوا على أن الصلاة لها أركان لا تصح الصلاة إلا بها فجاء هؤلاء وخالفوا إجماع المسلمين في تفسيرهم لبعض الآيات الكريمة منها مثلا أقيموا الصلاة ومنها وآتوا الزكاة فلا أريد أن أطيل فحسبكم هذا المثال الذي يقوم به المسلم في كل يوم خمس مرات في الصلاة فهم يصلون غير صلاة المسلمين لماذا لأنهم أولا كفروا بسنة الرسول صلى الله عليه و سلم وهو المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي وثانيا لأنهم أنكروا إجماع المسلمين وهم بذلك أيضا ينكرون نصا من نصوص القرآن الكريم الذي زعموا أنهم تفردوا دون كل المسلمين في كل هذه القرون الطويلة أي أنهم هم القرآنيون فقط أي أنهم هم الذين أعلم بالقرآن وهم في حقيقة الأمر إنما اتخذوا هذه النسبة القرآنيون تضليلا لجماهير المسلمين وإلا فنحن نقرأ في القرآن الكريم مثل قوله عز وجل (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيرا )) فهذه الآية ذكرت مصدرين كفر بهما جماعة القرآن زعموا، المصدر الأول الرجوع إلا الرسول عليه السلام فذكر الله في نص هذه الآية مهددا بقوله (( ومن يشاقق الرسول )) من يخالفه إذا هذا يؤكد المعنى السابق للآية (( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله )) هذه الآية تؤكد أنه من يشاقق الرسول فقد شاقق الله إذا هذه الآية تضمنت تأكيد المصدر الثاني الذي أنكره هؤلاء القرآنيون زعموا ثم من تمام الآية إثبات للمصدر الثالث الذي أنكروه أيضا مع المصدر الثاني وذلك في قوله تبارك تعالى (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) ومن يشاقق الرسول هذا المصدر الثاني بعد القرآن إتباع الرسول وعدم مخالفته كما قال عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري ( كلكم يدخل الجنة إلا من أبى قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) إذا هكذا تجدون السنة الصحيحة تلتقي مع القرآن الكريم ولكن مع الفهم الصحيح للقرآن الكريم وإلا فديدن كل الفرق الضالة من يوم الخوارج الذين خرجوا على الخليفة الراشد علي بن أببي طالب إلى آخر فرقة وربما يأتي من بعدها فرق أخرى و إنما نحن نتكلم الآن فيما نعلم إلى آخر فرقة هي فرقة القرآنيين لا يتعرفون في إسلامهم المزعوم إلا على القرآن و ذلك كما شرحت لكم معناه إنكار أيضا القرآن نفسه لأن القرآن قد جاء ينص بأن من مصادر التشريع سنة الرسول عليه الصلاة وسلامه كما شرحت لكم ذلك آنفا وأيضا الآن نحن في صدد بيان أن القرآن أيضا قد أسس مصدرا ومرجعا ثالثا بعد السنة والحديث النبوي ألا وهو إجماع المسلمين في هذه الآية التي قال الله عز وجل فيها (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى )) هذا هو المصدر الثاني بعد القرآن ثم قال (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) وهذا هو المصدر الثالث ألا وهو الإجماع وإلا لم يكن هناك فائدة تذكر فيما لو كان المقصود بهذه الآية من أولها إلى آخرها إتباع الرسول فقط وعدم مخالفته لم يكن هناك فائدة تذكر مطلقا فيما إذا فسرت الآية لأن المطلوب فقط إتباع الرسول وعدم مخالفته أي يظهر أن هناك فرقا كبيرا بين واقع هذه الآية حيث ذكر مصدرين اثنين كما شرحنا و ببنما لو كانت الآية على النحو التالي ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا، أي بحذف قوله تبارك وتعالى (( و يتبع غير سبيل المؤمنين )) لو كان المعنى من هذه الآية هو فقط إتباع الرسول عليه الصلاة والسلام وعدم مخالفته لم يذكر ربنا عز وجل في جملتها تلك الجملة (( و يتبع غير سبيل المؤمنين )) إذا ربنا عز وجل أوعد في هذه الآية جنسين من الناس وأثبت في الوقت نفسه مصدرين آخرين فوق مصدر القرآن الذي هو الأصل جنسين من ناس أوعد فيهما ربنا عز وجل الأولون الذين يشاققون الرسول ويخالفونه فيما جاء فيها في سنته من بيان وتوضيح والجنس الآخر الذين يخالفون سبيل المؤمنين وهذا أيضا مما أريد أن أقف حوله قليلا كما وقفنا بكم حول السنة، فالواقع الذي لا يمكن أن يعالج المسلمون واقعهم المؤلم اليوم إلا كما شرحنا في الأمس القريب إلا بالرجوع للكتاب والسنة ولكن هناك شيء ثالث وهو الذي أنا أبحث فيه الآن وهو الرجوع إلى إجماع المسلمين لأن الله عز وجل كما سمعتم في هذه الآية ذكر بالإضافة إلى التباع الرسول عليه السلام و عدم مخالفته اتباع سبيل المؤمنين فإذا سبيل المؤمنين مصدر آخر غير مصدر السنة فإذًا عندنا حتى الآن ثلاثة مصادر القرآن والسنة وسبيل المؤمنين والمقصود به إجماع المسلمين لكن التعبير القرآني هذا جاء كما سمعتم بلفظ سبيل المسلمين أو المؤمنين (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) و لم يأتِ بلفظ إجماع المسلمين وهنا نقطة مهمة جدا ذلك لأن علماء الأصول حينما بحثوا في حجية الإجماع وهي ثابتة بهذا النص القرآني وبأحاديث كثيرة ومنها الحديث المشهور ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) لما بحث العلماء في حجية الإجماع اختلفوا اختلافا كبيرا جدا فبعض الغلاة من الفرق أنكروا الإجماع قالوا لا شيء هناك إلا القرآن و السنة وذلك لأنهم قابلوا بعض أهل السنة الذين أثبتوا الإجماع وهذا واجبهم كما نحن في صدد بيانه الآن و لكن لما عرفوا الإجماع جاؤوا بتعريف لا يمكن أن يتحقق من أجل ذلك قابلهم الآخرون فقالوا لا إجماع ذلك لأن هذا لا يمكن أن يتحقق ذلك أنهم قالوا أن بعض علماء الأصول الإجماع هو إجماع أمة محمد صلى الله عليه وسلم بحيث لا يشذّ منهم ولا فرد هكذا أطلقوا إجماع أمة محمد صلى الله عليه وسلم فدخل في هذا الإطلاق العلماء فمن دونهم قالوا أي المخاليون و المنكرون للإجماع هذا لا يمكن أن يتصور فلذلك ... أن نتصور أنه لا يخالف فرد من أفراد المسلمين ما اتفق عليه جماهير المسلمين هذا لا يمكن أن يتصور لذلك عدّل هذا الإجماع أو هذا التعريف للإجماع بعضهم فقالوا الإجماع الذي هو حجة ومصدر ثالث هو إجماع علماء المسلمين وهذا فيه تقييد بالغ كما ترون للنص أو التعريف الأول بين كان تعريف الإجماع إجماع المسلمين قاطبة فعدّلوا هذا التعريف العام إلى التعريف الأخص فقالوا إجماع علماء المسلمين وهذا الفرق أقرب إلى العقل وإلى أن يكون واقعا وممكنا ولكن مع ذلك لا تزال المشكلة قائمة فإن إجماع علماء المسلمين وهم متفرقون في مختلف البلاد أيضا هذا أمر متعذّر لا يمكن تحقيقه من الذي كان يستطيع في الأزمنة الأولى حينما كانت الوسائل وسائل التنقل والإتصال بالناس بدائية لم يكن هناك إلا الدواب لم تكن هناك الوسائل العصرية المعروفة اليوم ولا نقول في هذا العصر الحاضر مع تيسر وسائل النقل ... من هاتف لاسلكي و غير اللاسلكي و نحو ذلك والإذعات المختلفة هل يمكن أن نعرف رأي كل عالم في الدنيا هذا مستحيل لا سيما لو استحضرنا المثل العربي القديم " في الزوايا خبايا " قد يكون هناك علماء من فحول العلماء لكنهم مغمورون في المجتمع لا أحد يلتفت إليهم وهم قابعون في بيوتهم يتصل بهم بعض الناس فيستفيدون منهم علما غزيرا لكن هذا المجتمع لا علم عنده به فلا يسأل ولا يؤخذ رأيه في المسألة التي يراد الإجماع عليها لذلك حتى تعريف الإجماع بهذا القيد لم يقبل عند كثير من علماء الأصول المفكرين بل قالوا هذا تقريبا كسابقه اسم بغير جسم كالعنقاء لا وجود لها إجماع علماء المسلمين كيف يمكن أولا أن يجتمع هؤلاء في مكان واحد في صعيد واحد ثم إذا اجتمعوا لم يختلفوا مطلقا ثم لو وقع هذا الأمر واتفقوا جميعا من ينقله ويذيعه ويشيعه في العالم هذا شيء نظري ولا يمكن تطبيقه عمليا لذلك قوبل الإجماع حتى هذا الإجماع المعدل من بعض علماء الأصول بالرفض والرد قالوا هذا لا سبيل إليه إذا نحن نبقى عند القرآن وعند السنة فقط هكذا قالوا لكننا إذا رجعنا إلى الآية فحينئذ يزول الإشكال ويتبين بلاغة القرآن وكيف يعالج المشاكل التي يدندن حولها بعض العلماء بأوجز عبارة ... والاقتصار فقط على القرآن الكريم ... حقيقا لكن العكس من ذلك لمسلم مهما كانت ثقافتهم الشرعية ضحلة قليلة فهو يعلم أن المسلمين منذ أن بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم إلى هذا اليوم دائما علماؤهم طلاب العلم فيهم ... دائما يقولون ... فإذا نأخذ من هذه الآية مصدرين فوق مصدر القرآن الذي هو الأصل المصدر ... مخالفته المصدر الثالث سبيل المؤمنين هذا المصدر يا إخواني ... المصدر الثاني الذي بنكر هذا المصدر الثاني كهؤلاء القرآنيين منه كما ذكرنا آنفا ... لما ...يأمرنا أن نتبع ... من البيان ... .