ما رأيك في قول بعضهم في أسماء الله وصفاته : إنما يسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووسع أصحابه ؟ حفظ
السائل : ما رأيكم في هذه الأصول التي قربها كاتب إسلامي كبير واحد والآيات والصفات وأحاديثها الصحيحة وما يلحق ذلك من المتشابه نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء ويسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا )) ثانيا والبدعة الإضافية ... .
الشيخ : بس بس، هذا الكلام كلام سليم وجميل لولا أن فيه غموض من ناحية واحدة فلابد من توضيحها وبيانها وهي قوله في آخر بيانه وهي أن يسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أو كما قال، نقول نعم ولكن آيات الصفات هذه وأحاديث الصفات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما لم يتأولها وحينما لم يعطلها يرد سؤال هنا هل فهمها أم لم يفهمها إذا قيل فهمها إذا لابد لنا من فهمنا إياها اقتداء به عليه السلام لأن الكاتب يقول يسعنا ما وسع الرسول عليه الصلاة والسلام هذا كلام حق وإن قيل لا، رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فهمها ولا بحث عنها هذا صدم وضرب لأعز شيء في الرسول عليه السلام حيث أنه أنزل القرآن عليه وكلف ببيانه للناس فإذا قيل إن الرسول عليه السلام لم يفهم هذه الآيات فهو بطيبعة الحال لم يبينها للناس لأن فاقد الشيء لا يعطيه و القول بأنه لم يبين ذلك ولكن لعديد من النصوص كمثل قوله تعالى (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )) إلى آخر الآية وإن قيل لا حاش لله إن الرسول عليه السلام قد فهم هذه الآيات كما فهم القرآن كله تجاوبا منه مع مثل قوله تعالى (( أفلا يتدبرون القرآن )) فحينئذ لابد للخلاص من التأويل و التعطيل من الفهم لنصوص آيات الصفات وأحاديث الصفات بدون تعطيل وبدون تشبيه، الأصل في هذا أن هناك في مسألة آيات الصفات وأحاديث الصفات مذاهب ثلاثة مذهب السلف وهو فهم النصوص كما جاءت فهم النصوص كما جاءت بدون تشبيه وبدون تأويل (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) فقوله وهو السميع البصير لا نقول الله أعلم بمراده مفهوم ما المراد من قوله وهو السميع البصير لكن في الوقت الذي نفهم هاتين الصفتين بالأسلوب العربي لا نشبه ربنا عز وجل بشيء من عباده جمعا بين التنزيه و الإثبات المذكورين في هذه الآية (( ليس كمثله شيء و هو السميع البصير )) هذا مذهب السلف مذهب الخلف هو المذهب الثاني وهو تأويل آيات الصفات زعموا خشية التشبيه فوقعوا مع الأسف الشديد في التعطيل أي أنكروا كثيرا من الصفات والمذاهب هنا منها الموغلة المتعمقة في التأويل حتى لا تكاد تنكر وجود الله بسبب إنكارهم لصفات الله، لاشك أن بعض الفلاسفة الإسلامين وقعوا في هذا الجحد المطلق يقولون لا نصفه بأنه حي ولا نقول أنه حيا أو ليس بحي لأنه إذا قلت الله حي فأنا متكلم الآن أنا حي وأنت حي صار فيه تشبيه ولا نقول ليس بحي لأنه حكمنا عليه الإعدام وعدم الوجود و هكذا وقعوا في حيصة بيصة وفي حيرة أدتهم في الواقع إلى الجحد المطلق لذلك أحسن التعبير عن هؤلاء شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله ثم تبعه على ذلك بن القيم فقال " المعطل يعبد عدما " لا شك لكن قلت أن المؤوّلة يتفاوتون في التأويل فمنهم المغرق في التأويل حتى وصل به الأمر إلى ما سمعتم إلى الجحد المطلق ومنهم دون ذلك ومنهم أقل وأقل ومن هؤلاء الأشاعرة والماتوردية مع الأسف فهؤلاء مثلا والكلام يهمنا بالنسبة إليهم لأن جماهير المسلمين اليوم من أهل السنة يتمذهبون بمذهب هذين المذهبين الأشاعرة والماتوردية فهؤلاء مثلا في الآية السابقة (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) لا يتأوّلون السمع والبصر لا يقولون كما تقول المعتزلة سميع بصير يعني عالم المعتزلة هكذا هم يعني أشد إغراقا في تعطيل آيات الصفات بطريق التأويل فهم لا يقولون نصف ربنا بأن له سمعا وله بصرا لكن ليس كمله شيء المعتزلة يقولون وهو السميع البصير يعني العليم طيب الله وصف نفسه في غير ما آية أنه عليم فكيف تعطلون هذه الآية أو هاتين الصفتين؟ الماترودية والأشاعرة سلفهما على الجادة قالوا نقول كما قال ربنا وهو السميع البصير لكن ليس كمثله شيء بينما يأتون إلى آيات أخرى أحاديث أخرى في صفات أخرى فيتأولونها ليه؟ قالوا نخشى من التشبيه إما أن تطّرد هذه الخشية فيصل بكم الأمر إلى الجحد المطلق وإما أن تقفوا موقف السلف ... هذه الآية (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) هذان مذهبان مذهب السلف الفهم كما يدل على ذلك القواعد العربية مع التنزيه، السلف التأويل خشية التشبيه فوقعوا في كثير من التعطيل وجدت طائفة ثالثة أخرى السائل : الخلف
الشيخ : الخلف نعم اللهم اغفر لي بيقول المذهب الثالث هم زعموا يريدون أن يقفوا وسطا بين هؤلاء و هؤلاء و هؤلاء يسمون بالمفوضة هم لا يفسرون تفسير السلف ولا يأوّلون تأويل الخلف فإذا قيل لهم ما معنى (( الرحمن على العرش استوى )) مثلا الله أعلم بمراده (( وجاء ربك والملك صفا صفا )) الله أعلم بمراده و هكذا كل آيات الصفات لسان حالهم يقول لا نعلم لا نعلم، لا نعلم، ليه يا جماعة مفهوم (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) (( الرحمن على العرش استوى )) نحن إذا بدنا نقعد نفسر بدنا نأول وإذا أولنا خالفنا السلف إذا نقف بين هؤلاء وبين هؤلاء هؤلاء مفوضة و أنا أعرف بتجربتي وقراءتي للبحوث التي تقع في هذا العصر أن أكثر الكتاب الإسلاميين اليوم من غير السلفيين مذهبهم التفويض لا يأخذون بمذهب السلف وهو واضح جدا لأن الخلف شوّهوا أو وهّنوا وقلّلوا من قيمة مذهب السلف حينما قالوا مذهب السّلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم بئس ما قالوا يقول الخلف مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم يعني هذا الكلام السلف وعليهم مذهب محمد صلى الله عليه وسلم معه أبو بكر وعمر وهاتوا ما شئتم هؤلاء مثل الدراويش ما هم فهمانين الففهم الصحيح لهذه الآيات ليه؟ لأن الولوج في تفسيرها قد يورط المفسر فيقع في شيء من التعطيل أو التشبيه أما الخلف فقد ابتعدوا عن هذا وهذا وجاؤوا بالعلم الدقيق الصحيح في تفسير هذه الآيات كيف يمكن أن يعقل مسلم يعتقد بأن الخلف بجملته هو أعلم في تفسيره لآيات الصفات وأحكم من السلف الصالح هذا من شؤم الخروج عن منهج السلف لذلك نحن نقول دائما وأبدا نحن ندعو إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح لأن كل المسلمين على ما بينهم من خلاف شديد يدعون إلى الكتاب والسنة إلا المتعصبة المقلدة في آخر الزمان فهؤلاء يرضون أيضا دعوة الكتاب والسنة لأن هؤلاء يخشون من هذه الدعوة مثل ما يخشى المعطلة في آيات الصفات من التشبيه فيما إذا أثبتنا المعنى الصحيح للآيات مع تنزيهنا لربنا تبارك وتعالى فهؤلاء انحرفوا في آيات الصفات وهؤلاء انحرفوا عن الكتاب والسنة جملة وتفصيلا وقالوا ما علينا إلا التقليد لأن الدعوة للكتاب والسنة دعوة خطرة يقولون الذي يدعو للكتاب والسنة يجب أن يكون عالما ويشترط في حقه أن يكون قد جمع العلوم التي يسمونها بعلوم الآلة ... يكون أعلم يمكن من أبي حنيفة نفسه وجهل هؤلاء أو تجاهلوا بأنه ليس يعني الدعاة إلى اتباع الكتاب والسنة كل واحد يركب برأسه يجي يفسر الآية أو الحديث بجهله وإنما يعني هؤلاء أن كل واحد من المسلمين له مرتبته فهو إما أنه عالما حقا فعليه أن يأخذ من الكتاب والسنة وهذا لا يعني أن يهدر جميع جهود الأئمة بل هو يستعين بها على الفهم الصحيح أي أنه يحقق في جملة ما يحقق مثل قوله تعالى (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول )) فالذي هو عالم يرجع إلى ما تنازع فيه الناس ويدرس أدلتهم فيفتح الله عز وجل عليه ويبصره ويعرفه بالحق الذي اختلف فيه الناس ومعنى ... هؤلاء الرجوع إلى الكتاب والسنة تصريح أو شبه تصريح أن هذه الآية ((( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول )) نسخت ألغيت لأن لا أحد في زعمهم مأمور اليوم بالرجوع إلى الكتاب والسنة عند التنازع وإنما يجب الرجوع إلى مذهب واحد وليتهم قالوا إلى مجموع المذاهب، هذا حنفي يرجع إلى مذهبه هذا مالكي إلى مذهبه وهكذا خلاصة القول فالكلام الذي جاء في السؤال نقلا عن بعض الكتاب الإسلاميين صحيح وسليم بالملاحظة التي سبق ذكرها أي أن نستحضر دائما حينما نقرأ هذا النص أن الكاتب إذا كان يعني بقوله يسعنا ما وسع النبي من فهمه لآيات الصفات مع التنزيه فهذا كلام صحيح أما إن كان يعني أن السلف ما فهموا هذه الآيات ولا بحثوا فيها ففي هذا نسبة لهم إلى الجهل بأعز شيء يتعلق بالمسلم ألا وهو معرفته لربه تبارك وتعالى وبهذا القدر كفاية و الحمد لله رب العالمين.