شرح قوله : ( يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ) . حفظ
الشيخ : ( قال تعالى يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ) عنان السماء يعني السحاب وهذا كناية عن أن العبد المسلم مهما كانت ذنوبه كثيرة بحيث أن بعض الناس ضعفاء الإيمان قد يقعون في اليأس من أن يغفرها الله عز وجل هذه الذنوب له لكثرتها ولهولها ولخطورتها ففي هذا الحديث لفت نظر العبد ألا ييأس من روح الله لأنه (( لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )) بنص القرآن الكريم وإنما على العبد أن يتوجه إلى الله تبارك وتعالى بقلبه خالصا في عبادته لربه أن يغفر له ذنوبه فالله عز وجل يغفر هذه الذنوب مهما كانت كثيرة ولو بغلت السحاب فالله عز وجل غفور رحيم ولكن هنا ملاحظة لابد من التذكير بها مرة بعد أخرى ففي هذا الحديث تطميع للعبد لا شك في مغفرة الله عز وجل وعفوه الواسع ولكن ذلك منوط ومربوط بطلب العبد من ربه عز وجل أن يغفر له فليس هذا التطميع المذكور في هذا الحديث للعبد في عفو الله عز وجل هو مجرد أمل من العبد أن يغفر الله له ذنوبه مهما كانت كثيرة وإنما ذلك بقيد وبشرط أن يستغفر الله عز وجل لأنه يقول لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك إذا فهذا أيضا تأكيد لضرورة توجه العبد بالدعاء إلى الله عز وجل وطلب المغفرة منه ويؤيد هذا الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) فهذا الحديث يصرح بأن المغفرة التي يطمع ربنا عز وجل فيها عباده هي مربوطة بتوجه العباد إليه بطلبهم المغفرة منه وليس في هذا الحديث كما يتوهم بعض الغافلين التشجيع على الإكثار من الذنوب لأن الحديث يقول ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ) فيأخذون الطرف الأول من الحديث ويستنبطون منه أن فيه حضا للمسلم على التوجه إلى معصية الله عز وجل لكن الحقيقة أن الحديث لم يسق من أجل هذا ولا يعقل أن يكون في الشرع تطميع من الله عز وجل للعباد على المعصية وإنما سيق الحديث إلى تلافي ما قد يقع فيه الإنسان من المعصية والذنوب أن يتلافى ذلك بماذا؟ بالاستغفار والتضرع إلى الله عز وجل بأن يغفر له لذلك قال ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله ) لم يقل لجاء بقوم يذنبون فيغفر الله لهم وإنما قال يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم إذا المغفرة منوطة بطلب العبد لها من الله تبارك وتعالى وفي ذلك إثبات كما شرحنا ذلك في الدرس الماضي لعبودية العبد وخضوعه لربه عز وجل وعدم استغناءه عن عفوه ومغفرته.
نعم في هذا الحديث حديث أبي هريرة الذي ذكرته آنفا إشارة إلى طبيعة الإنسان التي فطره الله تبارك وتعالى عليها وهي أن الإنسان لم يطبع ولم يفطر على عدم المعصية لأن الله تبارك وتعالى بحكمته خلق المخلوقات على قسمين، قسم مكلف وقسم غير مكلف القسم المكلف يشمل الإنس والجن والملائكة ثم جعل هذا القسم قسمين قسما معصوما عن المعصية وهم الملائكة فقط وذلك قول الله تبارك وتعالى (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) فملائكة الله هذه فطرتهم أنهم لا يعصون الله تبارك وتعالى وإنما طبيعتهم أن يأتمروا بأمره عز وجل ومن هنا نستطيع أن نذكر ببطلان القصة التي تنسب إلى هاروت وماروت ويزعمون أنهما كانا ملكين وأن الله عز وجل أنزلهما من السماء لتعليم الناس السحر يوم كان السحر مهنة وصنعة تستغل لإضلال الناس ولحملهم على الخضوع للملوك المتجبرين وأن هؤلاء لما نزلوا إلى الأرض افتتنوا في قصة طويلة بامرأة جميلة فلم يزالا بها حتى وقعوا عليها وفتنتهما عن دينهم فمسخهم الله عز وجل ومسخ المرأة فجعلها هي النجمة المعروفة بالزهرة هذه قصة تروى مع الأسف في بعض كتب التفسير والحديث لكنها قصة لا تثبت نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما هي من الإسرائيليات وهي تخالف الآية السابقة (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) فكيف ينسب إلى الملائكة بأنهم شربوا الخمر وزنوا بتلك المرأة هذا مستحيل لذلك فالقسم الأول أن الله عز وجل خلق الملائكة لا يعصون الله كما قال في القرآن الكريم وخلق الثقلين الإنس والجن مفطورين على المعصية ولكن الله عز وجل بحكمته مكنهم وقدرهم على ألا يغرقوا في المعصية أولا ثم إذ فطرهم على المعصية فقد مكنهم على الخلاص من أوزارها وآثامها بأن يلجؤوا إلى الله عز وجل وأن يطلبوا منه المغفرة فالحديث السابق ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ) يعني أن الله عز وجل سبقت إرادته وحكمته بأن يخلق الخلق المكلف على قسمين قسم لا يعصي الله وقسم آخر يعصي الله فيقول للبشر لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ليكون هناك خلق آخر غير خلق الملائكة ولتظهر صفة أو أثر من آثار صفة من صفات الله عز وجل في خلقه ألا وهي صفة المغفرة غفور رحيم فلو لم يكن هناك خلق يعصي الله عز وجل فليس هناك أثر لصفة الله عز وجل التي هي المغفرة فإذا في هذا الحديث بيان لواقع هذا القسم المكلف الذي افططر على العصية ألا يتواكل على هذه الفطرة فيقول ما دام أننا خلقنا لسنا معصومين كالملائكة فلابد من المعصية فالجواب نعم لابد من المعصية ولكن هذه المعصية قد تكون صغيرة وقد تكون كبيرة وباستطاعة الإنسان أن يجاهد نفسه وألا يقع في القسم الأكبر منها، أما الشيء القليل منه فلا بد منه ليظهر في هذا الإنسان المكلف صفة مغفرة الله عز وجل فيه فنؤكد ونقول لابد للإنسان من أن يخطئ لأن الله عز وجل قدر ذلك في هذا الخلق الإنسان بخلاف الملائكة كما أكد ذلك أيضا عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف صحته برواية الإمام البخاري ومسلم له عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدركه لا محالة -كتب على ابن آدم مش على الملائكة- كتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدركه لا محالة فالعين تزني وزناها النظر والأذن تزني وزناها السمع واليد تزني وزناها البطش والرجل تزني وزناها المشي والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه ) هذه المقدمات وهي من صغائر الذنوب كتبت على الإنسان فهو مدركها لا محالة فإذا الشطر الأول من الحديث ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ) يريد أن الله عز وجل اقتضت حكمته مقابل الملائكة الذين لا يعصون الله بشرا يعصون الله ولكن لم يخلقهم يعصون الله مضطرين مرغمين مقهورين وإنما لهم الخيرة في ذلك مع ذلك فمهما اختاروا أن يتقوا الله عز وجل وأن يبتعدوا عن الذنوب والمعاصي فلابد من أن تزل بهم القدم قليلا أو كثيرا لكن الله عز وجل جعل لهم مخرجا فقال ( فاستغفروني أغفر لكم ) كما في الحديث القدسي الآخر أيضا الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ) كلكم ضال إلا من هديته إذا هل نتواكل على هداية الله عز وجل كما يقول عامة الناس الفاسقين حينما يدعون إلى أن ينقلبوا إلى صالحين يقال له اتق الله فيقول يا أخي الهداية من الله عز وجل فإذا أراد أن يهدينا هدانا نعم هدانا ولكن لابد من أن تطرق الباب لتسمع الجواب قال تعالى في هذا الحديث ( فاستغفروني أغفر لكم ) كل هذه الأحاديث يأخذ بعضها برقاب بعض وتلتقي إلى هذه الحقيقة ألا وهي أن الإنسان إذا كان قد جبل على المعصية أو بعض المعصية فليس معنى ذلك أن يظل في معصيته ملوثا بأدرانها وأوساخها وإنما عليه أن يسلك سبيل التطهر منها وذلك بأن يتوجه إلى الله عز وجل وأن يطلب منه مغفرته.
نعم في هذا الحديث حديث أبي هريرة الذي ذكرته آنفا إشارة إلى طبيعة الإنسان التي فطره الله تبارك وتعالى عليها وهي أن الإنسان لم يطبع ولم يفطر على عدم المعصية لأن الله تبارك وتعالى بحكمته خلق المخلوقات على قسمين، قسم مكلف وقسم غير مكلف القسم المكلف يشمل الإنس والجن والملائكة ثم جعل هذا القسم قسمين قسما معصوما عن المعصية وهم الملائكة فقط وذلك قول الله تبارك وتعالى (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) فملائكة الله هذه فطرتهم أنهم لا يعصون الله تبارك وتعالى وإنما طبيعتهم أن يأتمروا بأمره عز وجل ومن هنا نستطيع أن نذكر ببطلان القصة التي تنسب إلى هاروت وماروت ويزعمون أنهما كانا ملكين وأن الله عز وجل أنزلهما من السماء لتعليم الناس السحر يوم كان السحر مهنة وصنعة تستغل لإضلال الناس ولحملهم على الخضوع للملوك المتجبرين وأن هؤلاء لما نزلوا إلى الأرض افتتنوا في قصة طويلة بامرأة جميلة فلم يزالا بها حتى وقعوا عليها وفتنتهما عن دينهم فمسخهم الله عز وجل ومسخ المرأة فجعلها هي النجمة المعروفة بالزهرة هذه قصة تروى مع الأسف في بعض كتب التفسير والحديث لكنها قصة لا تثبت نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما هي من الإسرائيليات وهي تخالف الآية السابقة (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) فكيف ينسب إلى الملائكة بأنهم شربوا الخمر وزنوا بتلك المرأة هذا مستحيل لذلك فالقسم الأول أن الله عز وجل خلق الملائكة لا يعصون الله كما قال في القرآن الكريم وخلق الثقلين الإنس والجن مفطورين على المعصية ولكن الله عز وجل بحكمته مكنهم وقدرهم على ألا يغرقوا في المعصية أولا ثم إذ فطرهم على المعصية فقد مكنهم على الخلاص من أوزارها وآثامها بأن يلجؤوا إلى الله عز وجل وأن يطلبوا منه المغفرة فالحديث السابق ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ) يعني أن الله عز وجل سبقت إرادته وحكمته بأن يخلق الخلق المكلف على قسمين قسم لا يعصي الله وقسم آخر يعصي الله فيقول للبشر لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ليكون هناك خلق آخر غير خلق الملائكة ولتظهر صفة أو أثر من آثار صفة من صفات الله عز وجل في خلقه ألا وهي صفة المغفرة غفور رحيم فلو لم يكن هناك خلق يعصي الله عز وجل فليس هناك أثر لصفة الله عز وجل التي هي المغفرة فإذا في هذا الحديث بيان لواقع هذا القسم المكلف الذي افططر على العصية ألا يتواكل على هذه الفطرة فيقول ما دام أننا خلقنا لسنا معصومين كالملائكة فلابد من المعصية فالجواب نعم لابد من المعصية ولكن هذه المعصية قد تكون صغيرة وقد تكون كبيرة وباستطاعة الإنسان أن يجاهد نفسه وألا يقع في القسم الأكبر منها، أما الشيء القليل منه فلا بد منه ليظهر في هذا الإنسان المكلف صفة مغفرة الله عز وجل فيه فنؤكد ونقول لابد للإنسان من أن يخطئ لأن الله عز وجل قدر ذلك في هذا الخلق الإنسان بخلاف الملائكة كما أكد ذلك أيضا عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف صحته برواية الإمام البخاري ومسلم له عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدركه لا محالة -كتب على ابن آدم مش على الملائكة- كتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدركه لا محالة فالعين تزني وزناها النظر والأذن تزني وزناها السمع واليد تزني وزناها البطش والرجل تزني وزناها المشي والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه ) هذه المقدمات وهي من صغائر الذنوب كتبت على الإنسان فهو مدركها لا محالة فإذا الشطر الأول من الحديث ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ) يريد أن الله عز وجل اقتضت حكمته مقابل الملائكة الذين لا يعصون الله بشرا يعصون الله ولكن لم يخلقهم يعصون الله مضطرين مرغمين مقهورين وإنما لهم الخيرة في ذلك مع ذلك فمهما اختاروا أن يتقوا الله عز وجل وأن يبتعدوا عن الذنوب والمعاصي فلابد من أن تزل بهم القدم قليلا أو كثيرا لكن الله عز وجل جعل لهم مخرجا فقال ( فاستغفروني أغفر لكم ) كما في الحديث القدسي الآخر أيضا الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ) كلكم ضال إلا من هديته إذا هل نتواكل على هداية الله عز وجل كما يقول عامة الناس الفاسقين حينما يدعون إلى أن ينقلبوا إلى صالحين يقال له اتق الله فيقول يا أخي الهداية من الله عز وجل فإذا أراد أن يهدينا هدانا نعم هدانا ولكن لابد من أن تطرق الباب لتسمع الجواب قال تعالى في هذا الحديث ( فاستغفروني أغفر لكم ) كل هذه الأحاديث يأخذ بعضها برقاب بعض وتلتقي إلى هذه الحقيقة ألا وهي أن الإنسان إذا كان قد جبل على المعصية أو بعض المعصية فليس معنى ذلك أن يظل في معصيته ملوثا بأدرانها وأوساخها وإنما عليه أن يسلك سبيل التطهر منها وذلك بأن يتوجه إلى الله عز وجل وأن يطلب منه مغفرته.