هل للمريض التوكل على الله وترك التداوي ؟ حفظ
الشيخ : عالج نفسه وغيره بالدواء المادي فالإعراض عن الدواء المادي قد يحشر المعرض في جملة ... أو المتصوفين وهذا طبعا لا يجوز إسلاميا.
السائل : التوكل على الله هل هو ... ؟
الشيخ : هذه المسألة ما يعطيك لكن بالنسبة للتوكل على الله المسألة فيها تفصيل في الواقع هذا التفصيل يجب أن تعرفوه حقيقة لأنه أمر هام التوكل على الله حكم واجبه أصل من أصول الشريعة لا بد منه ولكن لابد مع التوكل من الأخذ بالأسباب كما ألمحنا آنفا إلا أن القول في هذه الأسباب فيه تفصيل بعض هذه الأسباب قطعية من حيث أنها علاج ودواء فحين ذاك يجب الأخذ بها يعني نضرب مثلا واضح جدا، رجل قطع عرق منه فلا يحسن أن يقول أنا متوكل على الله ولا إيش يضمد الجرح ولا يشد العرق متوكل على الله هذا جاهل وإنما يقال له كما قال عليه السلام بغير هذه مناسبة ( اعقلها ثم توكل ) فشد العرق وضمد الجرح هذا سبب معروف قطعيا بأنه يمنع سيلان الدم الذي لو استمر بصاحبه لكانت النهاية الموت هناك أدوية من مرتبة ثانية يغلب على المتعاطي لها أنه ينتفع من تعاطيه إياها فهنا يحسن الأخذ بها ثم هناك أدوية في المرتبة الثالثة لا يغلب على الظن أنها تفيد وهذا النوع لا يحسن تعاطيه وهنا يأتي التوكل وهذا في الواقع بتجربتي الخاصة ومعرفتي الخاصة الناس اليوم أحوج ما يكونون إليه لأنني أعلم أن الناس يتعلقون في سبيل التداوي بالأدوية الطبية المادية ولو بالأوهام هي وصفة انتهى الأمر هنا يحصل ما قلت من التوكل وهنا يرد ما قلته آنفا أن يستعمل الإنسان الطب النبوي الروحي هذا فإذا التوكل على الله ليس مطلقا وإنما على أحوال في الحالة الأولى يجب أخذ السبب مع التوكل في الحالة الثانية يحسن أخذ السبب لأنه يغلب على الظن فائدته ولابد من التوكل الحالة الثالثة لا يجوز تعاطي ذلك السبب لأنه سبب موهوم وسبب يشبه الأسباب التي كان أهل الجاهلية يتخذونها ويتوهمون منها خيرا مثل الطيرة مثلا بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل من هذا القبيل يعني من النوع الثالث من حيث لا يحسن الأخذ به كسبب ويرجح الرسول عليه السلام في هذه الحالة التوكل المحض أن تطلب من أخيك المسلم أن يدعو لك ليعافيك الله عز وجل يعني تطلب منه الرقية هنا رجح الرسول عليه السلام التوكل على أن تطلب الرقية وهذا ما جاء صريحا في قوله عليه السلام في حديث الصحيحين لما ذكر عليه السلام ( يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب وجوههم كالقمر ليلة البدر ) في قصة طويلة ذكرناها في بعض المناسبات ثم قال عليه السلام هم الذين السبعون ألف هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ووجوههم كالقمر ليلة البدر من هم؟ ( هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) فمع كون الطيرة من عادات الجاهلية التي أبطلها الرسول عليه السلام فهو وصف هؤلاء بأنهم لا يتطيرون قرن مع الطيرة طلب الرقية عدم التطير أمر بدهي من المسلم لأن الطيرة من أمور الجاهلية لكن ليس كذلك فيما يبدو لبادي الرأي للمسلم أن تطلب من أخيك المسلم الصالح الرقية والدعاء ليعافيك الله مما فيك من بلاء لا يستويان مثلا لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قرن الرقية أو الاسترقاء بالمعنى الأصح من حيث منافاته التوكل المشروع مع الطيرة فالسبب في هذا كما يقول بعض المحققين أنك حين تطلب من أخيك المسلم الدعاء ليعافيك فأنت لا تدري هل هذا الدعاء يستجاب أم لا فهذا أمر مظنون هنا يقول لك الرسول عليه السلام توكل على الله واعتمد على الله في أن يعافيك ويشفيك وحشر مع هذه الأمور الثلاثة المنافية للتوكل التدواي بالكي بالنار فقال هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون مع أن الكي من خير ما تداويتم به كما قال عليه السلام في بعض الأحاديث الصحيحة فالسبب هنا ينافي السبب الذي نفى شرعية الاسترقاء السبب في نفي شرعية الاسترقاء هو أنك تعتمد على سبب غير راجح بينما هنا السبب راجح ولكن فيه استعمال النار فيه تعذيب ( ولا يعذب بالنار إلا رب النار ) ولذلك لما ذكر الرسول عليه السلام في حديث البخاري من خير ما تداويتم به الثلاث ذكر معهن الكي قال ( وأنهى أمتي عن الكي ) لهذا السبب خلاصة القول فالتوكل يجب أن يقترن معه الأخذ بالأسباب الراجحة فضلا عن الأسباب المقطوع بها يكفي الآن يا أستاذ لأنه ما بتنتهي القضية.