لماذا تفرقون بين الأحاديث الحسنة تأخذون ببعضها وتدعون الآخر مثل حديث : ( إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه ) قال الحافظ أن له شواهد بمجموعها يكون حسنا, فلا تأخذون به وتأخذون بحديث : ( من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) وهو حسن وحديث : ( من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ) .؟ حفظ
السائل : يسأل السائل لماذا تفرقون بين الأحاديث الحسنة تأخذون بعضها وتتركون بعضها الآخر مثال حديث الترمذي عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا رفع يديه بالدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه ) قال الحافظ بن حجر إن له شواهد تؤيّده منها عن أبي داود من حديث ابن عباس وحديث السائب بن يزيد وشواهد أخرى ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن هذا لا تأخذون به وتأخذون بحديث (من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) وهو حديث حسن رواه أحمد وحديث ( من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ) رواه الترمذي
الشيخ : هذا سؤال علمي دقيق لا يكفي إقناع السائل مثل الجواب السريع العاجل لكن لابد من جواب مجمل ألا وهو الحديث الأول الذي لا نأخذ به ويقول السائل أنه حديث حسن هو يقول ذلك تقليدا منه وهذا واجبه بطبيعة الحال للحافظ بن حجر والحافظ بن حجر نفسه يعترف بأن الحديث وصل عنده إلى المرتبة الحسن بمجموع طرقه ونحن كنا زمنا منذ من بضع سنين نظن هذا الكلام صحيحا أي أن هذا الحديث حسن لغيره ثم لما شاء الله عز وجل أن أتفرغ لتخريج كتاب من كتب الفقه وهو المعروف بمنار السبيل فخرجته فمر بي هذا الحديث فهنا أنا لم أجري في كل تعليقاتي وتحقيقاتي أن أصحح حديثا أو أحسنه أو أضعفه تقليدا لغيري لأنه في هذا ليس فيه كبير عمل وهذا يستطيعه المبتدأ في طلب أي علم يقول قال فلان كذا وقال فلان كذا لكني جريت على البحث والتحقيق والتنقيب فلما جئت إلى هذا الحديث ودرست الطرق التي قوى الحافظ بن الحجر الحديث بها وجدتها شديدة الضعف كل طريق فيه ضعف شديد وهم قد قرروا في مصطلح علم الحديث أن الحديث الضعيف الذي يتقوى بكثرة الطرق إنما هو الذي لم يشتد الضعف في طرقه فلما وجدت القاعدة هذه لا يصح أو لم تتحقق في مفردات طرق مسح الوجه باليدين بعد الدعاء أبقيت الحديث على ضعفه وأبقيت المفردات على شدة ضعفها فهذا هو الجواب المجمل أما الجواب التفصيلي فهذا يتطلب أن نكلف السائل وهو يبدو أنه يريد البحث العلمي أخرج لنا هذه الطرق كل طريق على حدة وادرس أنت إن استطعت وإلا بواسطة غيرك ضعف الرواي الذي به ضعف الحديث فإن وجدته أنت ضعفا يسيرا إنما هو صدوق في نفسه وإنما في حفظه ضعف فحينئذ يرد سؤالك علي وردي أني أنا لا أرى هذا الذي تراه وإنما جاز لك أن تتبنى حين ذاك رأي الحافظ بن حجر ببصيرة بحسب رأيك واجتهادك وهذا طبعا ريثما يأتي أو ريثما يقوم السائل بهذا فأظن أن هناك ... وهناك مصاعب ومتاعب ولكننا نحن الآن بفضل الله عز وجل في صدد طبع هذا الكتاب الذي خرجت فيه هذا الحديث وهو إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل فعسى أن يصدر هذا الكتاب وعلى الأقل المجلد الأول وفيه هذا الحديث فيطلع عليه السائل وبالتالي يطلع على معالجتي وكشفي للضعف الشديد الذي أشرت إليه في مفردات طرقه بعد ذلك يحاسب نفسه فإن اقتنع بما قلت لم يرد السؤال وإن لم يقتنع إلا بما قال الحافظ بن حجر فنحن لا نفرض رأينا على غيرنا وبالتالي لا يجوز لغيرنا أن يفرض رأيه علينا (( ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات )).