الكلام على حديث : ( وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا ) ومسألة القيام للقادم . حفظ
الشيخ : ( وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين ) الشاهد من هذا الحديث هو أن من عادة الأمم أن يأخذ بعضها عن بعض وأن يقلد بعضها بعضا وإنما يأخذ الضعيف من القوي وإنما يقلد الضعيف القوي كما هو واقعنا اليوم تماما فقد أصبحنا على الرغم من ديننا وإسلامنا بسبب بعدنا عن إسلامنا أصبحنا أمة ضعيفة تقلد الأقوياء في المادة ليتهم كانوا أقوياء في الدين وفي العقيدة وفي الخلق أصبحنا نقلدهم لأننا ننظر إليهم بعين الإجلال والإكبار والتعظيم هذه عادة الأمم ضعيفها مع قويها وحقيرها مع عظيمها لذلك جاء الإسلام بجملة ما جاء به من المقاصد والقواعد أن نهى المسلمين أن يتشبهوا بالكافرين ذلك لأن التشبه هو مدعاة لإضاعة شخصية الأمة ولتمييعها في شخصية الأمة الأخرى فطالما جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تترى بعبارات متنوعة شتى كلها تؤدي إلى حقيقة واحدة ألا وهي حافظوا على شخصيتكم المسلمة ولا تقلدوا الكفار في شيء من تقاليدهم ومن عاداتهم الخوض في شيء من تفصيل في هذا فأصل من تلك الأصول التي ألمحت إليها آنفا فقد كنت تحدثت بشيء من التفصيل عن ذلك في كتابي حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة وإنما أردت أو عزمت على الكلام على جزئية من الجزئيات التي فشت اليوم في مجالس المسلمين وبناء على كلمة الأخ المشار إليه سابقا أن الشيخ إذا دخل المجلس فللناس الجالسين أن يجلسوا أن يظلوا جالسين وأن يقوموا فنحن نقول إذا دخل الشيخ مجلسا فليس لأحد أن يقوم له لأن هذا الشيخ مهما سما وعلا فلن يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا مذكورا وقد علمنا من السنة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو سيد البشر وأن أصحابه عليه الصلاة والسلام هم أفضل البشر بعد الأنبياء والرسل فإذن هم أعرف الناس بما يستحقه أعظم الناس وسيد الناس وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم من التبجيل والإكرام والتعظيم كيف لا وقد سمعوه عليه الصلاة والسلام يقول لهم مرارا وتكرارا ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) هذا حديث رواه إمام الأئمة محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه الأدب المفرد من طرق عديدة وعن جماعة من الصحابة ومما روى أيضا أن من إجلال الله أن من إجلال الله من تعظيم الله إجلال ذي الشيبة المسلم فإذن هؤلاء الصحابة الذين تأدبوا بأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخرجوا من مدرسته وصاحبوه ما شاء الله عز وجل من السنين كل بحسبه ما كان لهم ألا يعظموا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التعظيم الذي يستحقه ما كان لهم إلا أن يعظموا الرسول عليه السلام التعظيم الذي يستحقه فهل كان من ذلك أنه إذا دخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مجلس كهذا وبدون تشبيه كما يقولون هل كان أحد منهم يقوم له إذا رجعنا إلى السنة الصحيحة وجدنا الجواب صريحا بالنفي كذلك أيضا مما رواه إمام الأئمة في الكتاب السابق الذكر الأدب المفرد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك فإذن أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كانوا لا يقومون لسيدهم بل سيد الناس جميعا ترى هذا استهتار منهم ولا مبالاة بتعظيم الرسول عليه السلام وإكرامه الإكرام الذي يليق فيجوز شرعا أم هو تجاوب منهم مع نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم الذي أفهمهم بأن هذا القيام هو من عادة الأعاجم وقد نهوا كما أشرنا في مطلع هذه الكلمة في أحاديث جمة عن التشبه بالأعاجم يعني الكفار لاشك أن عدم قيامهم للرسول صلى الله عليه وسلم إنما كان من احترامهم له وتعظيمهم له لأن الله عز وجل يقول (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) فاتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حق الاتباع وذلك يستلزم أن يعرض الإنسان عن أهوائه وعن عواطفه تجاه أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وسنته لذلك كان أصحاب الرسول عليه السلام لا يقومون له لماذا الجواب في نفس الحديث لما يعلمون من كراهيته لذلك فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يكره من أصحابه أن يقوموا ولماذا؟ بعض الناس ممن اعتادوا مخالفة هذه السنة ممن يقومون لغيرهم وممن يقام له يتأولون هذا الحديث بغير تأويله ومع ذلك فتأويلهم هذا يعود عليهم ولا يرجع إليهم يقولون لما يعلمون من كراهيته لذلك أي الرسول عليه السلام كان متواضعا كان أشد الناس بلا شك تواضعا فمن تواضعه أنه لا يحب أن يقوم الصحابة له نحن لا نسلم بهذه العلة نحن نسلم أن الرسول عليه السلام بلا شك أشد الناس تواضعا لكن لا نسلم أبدا بأن هذه العلة وسنذكر ماهي العلة لكن نقول لهؤلاء المتأولين بهذا التأويل فما بالكم أنتم لاتتواضعون تواضع الرسول عليه السلام ألستم أنتم أولى بأن تتواضعوا من الرسول صلى الله عليه وسلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إذا قال للناس صلوا علي وكلام يجر كلام كما يقولون صلوا عليّ تدرون مامعنى يعني ادعوا لي بأن الله يزيدني شرفا ومجدا وعلوا ومنزلة هذا قد يخالف التواضع لكن نحن نقول حينما يأمر الناس بأن يصلوا عليه إنما يأمرهم بأمر الله له أن يأمرهم بأن يصلوا عليه لأن ذلك أقل ما يستحقه الرسول عليه السلام بسبب أنه كان هداية للناس كما قال تعالى في القرآن (( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم )) فإذا كان الرسول عليه السلام لم يتواضع هذا التواضع فلا ضير عليه لكن أنتم عليكم الضير كله لأنه يخشى عليكم الفتنة يخشى عليكم أنكم إذا اعتدتم من الناس أن يقوموا لكم أن يدخل الشيطان والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم أن يدخل فيكم الشيطان دخول الخاصة فيغير من أخلاقكم ومن عاداتكم وأطباعكم فيصبح أحدكم إذا دخل المجلس ولا يقوم واحد من المجلس وكأنما كفر بالله ورسوله ماذا فعل هذا الإنسان؟ أقل ما يقال كما سمعتم حكاية منا آنفا إنه له أن يقوم وله ألا يقوم فهذا ما قام لماذا قامت عليه القيامة لأنهم فهموا أن هذا القيام دليل احترام وتركه دليل إهانة وعدم الإكرام ترى الصحابة هكذا كانوا مع الرسول عليه السلام كانوا لايكرمونه كانوا يهينونه بتركهم للقيام حاش وكلا لكن لما انحرف الفهم الصحيح لهذا الحديث كراهية الرسول عليه السلام لذلك لما يعلمون من كراهيته لذلك انحرف بهم الأمر فقالوا الإكرام للقيام لا بأس به لماذا كان أصحاب الرسول لا يقومون للرسول تواضعا منه هكذا يقولون نقول تشبهوا برسول الله واقتدوا به وتواضعوا تواضعه ولا تطلبوا من أصحابكم أن يقوموا لكم بل أشيروا بينهم أنكم تكرهون هذا القيام فماذا تكون النتيجة والعاقبة كما كان الأمر بين الرسول عليه السلام وبين الصحابة يدخل الرسول المجلس لا أحد يقوم إهانة له؟ حاش لماذا إكراما له عليه السلام لأنه كره منهم ذلك فلو أننا نحن الذين ننتمي إلى العلم وننتمي إلى التمشيخ سلكنا سبيل الرسول عليه السلام في كل شيء ومن ذلك نكره ما كرهه عليه السلام خاصة من مثل هذه الآداب الاجتماعية التي تفسد القلوب وتفسد الأخلاق كنا في مجتمع ليس كهذا المجتمع كنا في مجتمع ليس فيه تقاليد العالم الكفار أما الجواب الصحيح لقول أنس بن مالك السابق الذكر لما يعلمون من كراهيته لذلك كراهية شرعية الرسول يكره هذا القيام لماذا؟ لأنه من عادة الأعاجم وقد سمعتم آنفا حديث جابر وهم وقفوا خلف الرسول عليه السلام قياما لمن؟ ولماذا؟ تحقيقا لنص القرآن الكريم (( وقوموا لله قانتين )) إذن ما قاموا لمحمد عليه السلام القاعد في صلاته مضطرا وإنما قاموا لله رب العالمين أي نيتهم تعظيم الله عز وجل لا غير، ماذا فعل معهم الرسول عليه السلام ما صبر حتى انتهى من صلاته وإنما عجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأشار إليهم في الصلاة بيده أن اجلسوا بعد الصلاة شرح لهم بلسانه وبيانه فقال ( إن كدتم لتفعلن آنفا فعل فارس بعظمائها كانوا يقومون على رؤوس ملوكهم ) هناك فرق كبير كما يبدو لكل إنسان يسمع هذا الحديث بين ملوك فارس كسرى يجلس على عرشه المطنطن المفخم وحوله حاشيته ووزراؤه قياما وهو يجلس تعاظما وهم يقومون تعظيما له أين هذه الظاهرة من جلوس الرسول عليه السلام في الصلاة وليس خارج الصلاة ومضطرا وليس اختيارا وقيام الصحابة أيضا في الصلاة وليس في المجلس أيضا مضطرين إطاعة لرب العالمين يقومون لله قانتين أين هذه الظاهرة من تلك؟ شتان ما بينهما مع ذلك قال لهم عليه الصلاة والسلام أنتم شئتوا قال راح تساووا مثل عم ساووا جماعة الأعاجم مع ملوكهم يقومون على رؤوس ملوكهم يا رسول الله هم يقومون تعظيما لملكهم شو بالعبادة لكنهم يفهمون أن هناك أمور محرمة لذاتها وأمور أخرى محرمة لغيرها لأنها تؤدي إلى شيء محرم من ذلك تبني المسلمين عادات الأجانب وعادات الأعاجم فمن هذه العادات هذا القيام الذي ابتلي به جماهير المسلمين اليوم والسبب تعرفونه جميعا وهو الابتعاد عن السنة وعن الاهتداء بهدي السلف الصالح وهذا بحث طويل وأنا لا أريد أيضا الاستمرار فيه لنفرغ المجال لضيفنا الكريم ليلقي ما شاء الله عز وجل أن يلقي عليكم من الفوائد.