كلمة للشيخ عن وقفات في الصلاة . حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم المرسلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإخسان الى يوم الدين
أما بعد: فإنني أشكر الله عز وجل على تيسير هذا اللقاء المبارك الذي تم باقتراح من مكتب الدعوة في عنيزة وأسأل الله تعالى الذي من بتيسيره وتسهيله أن يجعله نافعا لنا ولمن يستمع إليه إن لقاءنا هذه الليلة ليلة الأحد الرابع والعشرين من شهر شوال عام اثني عشر وأربعمائة وألف هو أول لقاء كان استجابة لأول اقتراح وكان من المقرر أن يكون في الأحد الثالث من كل شهر ولكنه تأخر هذا الشهر إلى الأحد الرابع لمناسبة صيام الناس ، أو أكثر الناس لصيام الست بعد رمضان وسنعود إن شاء الله في الشهر القادم إلى القرار الأول أن يكون هذا اللقاء في الأحد الثالث من كل شهر أما ما تساءل عنه أخونا الشيخ محمود بن عبد العزيز الصايغ بالنسبة إلى الأسئلة التي قد تكون كثيرة لا يتسع المقام لعرضها فإني أرى أن يقدم الأهم فالأهم لأن هذه هي القاعدة الشرعية فيما إذا تزاحمت الأشياء وقد يقال إنه ينبغي أن يقدم الأول فالأول لكن ضبط هذا يعثر ويصعب وأما سؤاله الثاني وهو ماذا نصنع لو قدم السائل بين يدي سؤاله أسألك بالله أن تعرض هذا السؤال فأقول أولا لا ينبغي للسائل أن يقدم مثل هذا لما فيه من الإحراج فإنه قد يحرج مقدم الأسئلة إذا سأله هذا السؤال ومع ذلك فأرى أن المصلحة مقدمة وأن هذا السؤال إذا كان ليس لها مجال في عرضه في هذا اللقاء يبقى ليعرض في اللقاء الآخر ويكون قد أجيب هذا السائل حيث عرض سؤاله ولكني أقول وأرجو من الإخوة أن لا يصدروا أسألتهم بهذا السؤال أسألك بالله بل يكتب سؤال من شخص وإذا يسر الله تعالى أن يقرأ فإنه يقرأ .
والآن نبدأ هذا اللقاء بكلام يسير عن وقفات في الصلاة، الصلاة التي هي عمود الإسلام وأعظم أركانه بعد الشهادتين لا بد أن يكون لها شأن عظيم حيث نالت هذه المرتبة ولنقف وقفات مع هذه الصلاة فالصلاة لها مقدمات من أهمها الطهارة فإنها مفتاح الصلاة فالطهارة من الحدث الأصغر والأكبر والنجاسة في البدن والثوب والبقعة وهذا يدل على أنها ذات شأن لأنه لا يوجد شيء في العبادات اتفق العلماء على اشتراط الطهارة له إلا الصلاة فالطواف مختلف فيه هل يشترط له الطهارة أو لا ومس المصحف مختلف فيه هل تشترط له الطهارة أو لا ولم يجمع العلماء على شيء من العبادات تشترط له الطهارة إلا الصلاة فهي ذات شأن لا يدخلها الإنسان إلا وقد طهر ظاهره وباطنه فيقف بين يدي الله عز وجل ويكبر تكبيرة الإحرام يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام قال بعض العلماء :والحكمة من ذلك بعد كونها اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنها إشارة الى رفع الحجاب بين المصلي وبين ربه ثم بعد ذلك يضع يده اليمنى على اليسرى مطأطئا رأسه خاضعا لله عز وجل بعد أن يكبر فيقول الله أكبر فأنت ترى نفسك الآن واقفا بين يدي الله واقفا بين يدي ملك الملوك الذي يعلم ما توسوس به نفسك ويعلم أحوالك كلها فلتنظر أو فلتتأمل من وقفت بين يديه لو وقفت بين يدي ملك من ملوك الدنيا لوجدت نفسك صامتا لا تتكلم ولا ترفع الطرف اليه تعظيما له فكيف وأنت بين يدي الله عز وجل فاستحضر عظمة من أنت واقف بين يديه تناجيه بكلامه تقول : ( (( الحمد لله رب العالمين )) فيجيبك الله عز وجل من فوق سبع سماوات ويقول : حمدني عبدي فإذا قلت : ((الرحمن الرحيم )) قال الله : أثنى علي عبدي فإذا قلت (( مالك يوم الدين )) قال الله : مجدني عبدي فإذا قلت : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) قال الله : هذا بيني وبين عبدي نصفين فإذا قلت : (( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) قال الله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) تأمل هذه المحاورة والمناجاة بينك وبين الله عز وجل ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف في سورة الفاتحة عند كل آية يتأمل ويتدبر ثم بعد القراءة، قراءة الفاتحة وقراءة ماتيسر من القرآن تحني ظهرك تعظيما لله راكعا ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما الركوع فعظموا فيه الرب ) فتكون معظما لله عز وجل بهيأتك وفعلك وقولك ، بهيئتك لأن هيئة الركوع تعظيم، وفعلك لأن فعل الركوع والانحناء فعل وقولك لأنك تقول في الركوع سبحان ربي العظيم ثم تعود مرة ثانية إلى الوقوف بين يدي الله عز وجل حامدا له بمحامده التي جاءت عن رسوله صلى الله عليه وسلم ثم بعد هذا تخر ساجدا واضعا أعلى ما في بدنك وأشرف ما في بدنك واضعا إياه في محل أقدامك ولهذا ترى الساجد يضع جبهته في هيئة السجود ، يقول الإنسان : سبحان ربي الأعلى لا يقول سبحان ربي الأعز ، يقول سبحان ربي الأعلى لأن أعلى ما فيك صار في أسفل ما فيك أو صار محاذيا لأسفل ما فيك، ما هو أسفل ما فيك ؟ الأقدام ، وأعلى ما فيك الجبهة، فصار أعلى ما فيك محاذيا لأسفل ما فيك وهذا لا شك أنه ليس كالعلو فلهذا تقول سبحان ربي الأعلى الذي هو منزه عن السفل فتجد أن هذا الذكر مناسب تماما للسجود ثم تعود لتجلس بين السجدتين داعيا الله عز وجل بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تعود مرة ثانية الى السجود وهكذا نجد أن الإنسان في صلاته يتنقل بين روضات العبودية من قيام إلى ركوع إلى سجود ومن قرآن إلى ذكر وتعظيم ومن ذلك إلى تعظيم الله عز وجل قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أوساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ) إني أحث نفسي وإياكم على تأمل هذه الأشياء ، هذه الأفعال هذه الأقوال حتى تكون صلاتنا صلة بيننا وبين الله عز وجل حتى لا تكون صلاتنا وكأنها عادة نقوم بها في أوقاتها المحددة ، أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من الخاشعين في صلاتهم المداومين عليها المحافظين عليها ، وإلى الأسئلة التي جمعها الإخوة ، نسأل الله أن يوفقنا فيها للصواب.