الشروط التي جاءت في الصلح. حفظ
الشيخ : جاء الكاتب ليكتب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ) لأن هذه البسملة هي بسملة الرسل قال الله تعالى عن سليمان حين كاتب بلقيس ملكة اليمن في سبأ قال : (( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ))أملى النبي صلى الله عليه وسلم على الكاتب أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال مندوب قريش نحن لا نعرف الرحمن الرحيم لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم اكتب باسمك اللهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اكتب باسمك اللهم )، تنازل وسبب تنازله سبب تنازله أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما نزل الحديبية كان إذا وجه ناقته نحو مكة بركت وأبت أن تسير وإذا وجهها إلى خلف سارت فقالت الصحابة رضي الله عنهم خلأت القصواء خلأت يعني حرنت فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ) شوف كيف النبي صلى الله عليه وسلم يدافع حتى عن البهائم لا يريد الظلم ولا أن تظلم البهيمة ، ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق بل هي سهلة لينة منقادة مع قائدها لا تبرك إلا حيث بركها ولا تثور إلا حيث ثورها ولكن حبسها حابس الفيل الفيل الذي أرسله أبرهة إلى مكة ليهدم الكعبة بها فحبسه الله تعالى والقصة مشهورة في سورة الفيل، المهم أن الكاتب لما أراد أن يكتب بسم الله ارحمن الرحيم وأبى مندوب قريش قال اكتب باسمك اللهم ثم قال اكتب : ( هذا ما صالح عليه محمد رسول الله قريشا ) قال مندوب قريش لا تكتب رسول الله لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك ،شوف أعوذ بالله كبرياء ولكن اكتب محمد بن عبدالله فقال اكتب محمد بن عبدالله ثم قال عليه الصلاة والسلام: ( والله إني لرسول الله وإن كذبتموني ) ثم جرى الصلح صلحا عجيبا أن يوضع الحرب بينهم عشر سنين هذا واحد ، أن من أراد أن يدخل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم دخل ومن شاء أن يدخل في عهد قريش دخل الثالث : أن من جاء من المسلمين إلى قريش فإنهم لا يردونه ومن جاء من قريش إلى المسلمين فإنهم يردونه ، ما تقولون في هذا الشرط ؟ شرط جائر لكن الرسول عليه االصلاة والسلام التزم به لأن فيه تعظيم حرمات الله خامسا : أن يرجع من عمرته هذه ولا يكمل العمرة مع أنه لو جاء رجل مشرك من أقصى نجد لأذنت له قريش أن يدخل مكة ورسول الله وأصحابه الذين هم أولى الناسبالمسجد الحرام أقول منعوا الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أولى الناس بالمسجد الحرام منعوه منه ولو جاء بدوي جاف من أقصى نجد لأذنوا له الشرط هذا الخامس أن يرجع النبي عليه الصلاة والسلام ولا يكمل عمرته وفي العام القادم يدخل مكة لكن معه السيوف في جرابها ولا يمكث فيها إلا ثلاثة أيام فقط ثم يخرج ، انتبه يا أخي جرى الصلح على هذه المواد وحصل في هذا أخذ ورد من الصحابة ومن أشد من تكلم في هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ناقش النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الصلح وقال كيف يا رسول الله نرجع ؟ ألست تحدثنا أننا ندخل مكة ونطوف بالبيت؟ قال : نعم كنت أقول هذا ولكن هل قلت لك أنك تدخله هذا العام ؟ قال : لا قال إنك آتيه ومطوف به لكن في سنة أخرى ثم قالوا يا رسول الله كيف نعطيهم أن من جاء منهم مسلما رددناه إليهم ومن ذهب منا إليهم لا يردوه إلينا كيف هذا ؟ قال عليه الصلاة والسلام : ( أما من جاء إلينا ثم رددناه إليهم فسوف يجعل الله له فرجا ومخرجا وأما من ذهب منا إليهم يعني فقد اختار لنفسه ما اختار )، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن ينحروا هديهم وأن يحلوا من إحرامهم ويحلقوا رؤوسهم ويرجعوا إلى المدينة فكأنهم رضي الله عنهم لشدة الأمر وشدة وقعه في نفوسهم كأنهم تأخروا بعض الشيء يرجون أن يكون هناك نسق لما حصل وليس قصدهم عصيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن لعل النبي صلى الله عليه وسلم يرجع فلما تلكئوا بعض الشيء دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة إحدى أمهات المؤمنين وكانت امرأة عاقلة فرأته مغضبا فقالت : ( ما أغضبك قال أمرت الناس بكذا وكذا لكن لم يفعلوا، لم يفعلوا قالت : أتريد أن يفعلوا ؟ قال نعم قالت : اخرج وادع الحلاق واحلق رأسك فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فدعا الحلاق فحلق رأسه فجعل الناس يحلقون رؤوسهم حتى كاد يقتل بعضهم بعضا ) سبحان الله اقتداء الناس بأفعال الإنسان أكبر من اقتدائهم بأقوالهم فحلوا ورجعوا، حصل أن الرسول صلى الله عليه وسلم التزم بالعهد فقدم رجل من المدينة مسلما من قريش خرج مسلما وجاء إلى المدينة ثم قال للرسول عليه الصلاة والسلام أنه جاء مسلما مهاجرا لا يريد الرجوع إلى قريش فإذا برجلين من قريش قد أتيا خلفه يطالبون برده إلى قريش فأعطاهم الرسول عليه الصلاة والسلام الرجل ، لماذا ؟ وفاء بالعهد ، فلما كانوا في أثناء قال أبو بصير لأحد الرجلين أرني سيفك ما أحسن هذا السيف ما أجوده وصار يثني على السيف أعطني إياه أنظره فلما أعطا إياه سله من غمده ثم أطن به رأس صاحبه ضربه وإذا رأسه قد بان من جسده، صاحبه القرشي هرب إلى المدينة خاف أن يقتله فلما هرب إلى المدينة ووصل النبي صلى الله عليه وسلم وإذا بأبي بصير وراءه فقال : يا رسول الله إن الله قد أوفى بعهدك ، أما العهد الذي بينك وبينهم فقد وفيت به وسلمتني إليهم وأما أنا فأنجاني الله منهم فلا تردني إليهم رضي الله عنه قال النبي صلى الله علي وسلم : ( ويل أمه مسعر حرب لو يجد من ينصره ) نعم ، تعجب منه وقال : ليس بهين لو يجد من ينصره لما قال هذه الكلمة وقعت من أبي بصير موقعها وعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يرده إليهم فخرج من المدينة خرج هاربا ونزل على سيف البحر وهو طريق قريش من الشام إلى مكة وتعرفون حاجة قريش إلى الشام فإنه في أيام الصيف لا يتجرون إلا من الشام (( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء )) إلى اليمن والصيف إلى الشام فسمع بعض رجال المسلمين الذين في مكة أن أبا بصير هناك وأنه يترصد عير قريش وما جاء من عير أخذه اجتمع إليه نفر وصار كلما جاءت عير قريش أخذوها لأن مال قريش حلال كفار محاربون ليس بينهم وبين هؤلاء الذين خرجوا منهم عهد فأرسلت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : اكفنا شر هؤلاء النفر وردهم إلى المدينة فرجع أبو بصير ومن معه إلى المدينة فكان هذا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم إن من رددناه إليهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا.