تفسير قوله تعالى :(( ق )). حفظ
الشيخ : فنقول إن الله سبحانه وتعالى ابتدأ هذه السورة سورة ق بهذا الحرف ق والحرف هذا حرف هجائي أحد الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء أولها الألف ألف باء تاء ثاء إلخ آخرها الياء هذا الحرف الهجائي هل له معنى مستفاد من مقتضى اللغة العربية أو ليس له معنى ؟ جواب على ذلك أنه ليس له معنى، ليس له معنى مستفاد من مقتضى اللغة العربية لأن الحروف الهجائية حروف مهملة لا معنى لها في حد ذاتها وعلى هذا فكل الحروف الهجائية الموجودة في أوائل السور ليس لها معاني ودليل ذلك قول الله عز وجل : (( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) يعني القرآن، (( نزلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبي مُبِينٍ )) بلسان عربي مبين فقال تعالى (( إنا جعلناه قرآنا عربي لعلكم تعقلون )) (( إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )) آية أخرى وبناء على ذلك نقول هذه الحروف قاف صاد نون الم الر المر هذه الحروف في مقتضى اللسان العربي لا تفيد معنى في ذاتها فليس لها معنى ، ولكن سيرد على القلب إشكال وهو هل يكون في القرآن شيء لا معنى له ؟ الجواب لا يمكن أن يكون في القرآن شيء لا معنى له لأننا لو فرضنا ذلك لكان في القرآن ما هو لغو ، وليس في القرآن من لغو لكن هذه الحروف وإن لم يكن لها معنى في ذاتها إلا أن لها مغزى عظيما وذلك إقامة التحدي التام للعرب الذين كذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام وقالوا عن القرآن إن هذا إلا قول البشر فيقال إذا كان قول البشر كما زعمتم فأتوا بمثله ائتوا بسورة ائتوا بحديث مثله مع أنه لم يأت بشيء غريب على لسانكم وإنما جاء بالحروف التي تركبون منها كلامكم ، كلام العرب من أين يتركب ؟ من الحروف الهجائية ثمانية وعشرون حرفا لا تزيد،كل كلام العرب يتكون من هذه الحروف الهجائية الثمانية والعشرين القرآن لم يخرج عن هذه الحروف الثمانية والعشرين، القرآن لم يخرج عن هذه الحروف الثمانية والعشرين ومع ذلك أعجز العرب عجزوا أن يأتوا بمثله وهذا الذي ذكرناه هو ما نقله ابن كثير رحمه الله في أول سورة البقرة عن مجاهد أن هذه الحروف الهجائية التي تكون في أوائل بعض السور ليس لها معنى في حد ذاتها ولكن لها مغزى ولهذا لا تجد سورة بدأت بهذه الحروف الهجائية إلا وبعدها ذكر القرآن إلا نادرا إذا قوله تعالى :(( ق )) نقول هو حرف هجائي ليس له معنى في ذاته لكن له مغزى وهو إقامة التحدي لهؤلاء المعارضين المكذبين بحيث يقال لهم هذا القرآن هو من الحروف الذي تركبون منها كلامكم ومع ذلك أعجزكم وعجزتم أن تأتوا بمثله.