ما رأيكم فيمن يقول : إذا كانت الهداية مقدرة فلا داعي للعمل بالطاعات.؟ حفظ
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، في حديث عبد الله بن مسعود في * صحيح البخاري * جزء من الحديث قول الرسول عليه الصلاة والسلام ( هو الله الذي لا إله عيره ، إن منكم من يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ) الحديث يوجد في أواسط الشباب من يقول : إذا كانت الهداية مقدرة أو متعلقة بالمشيئة فلا يكون هناك داعيا إلى أن أعمل الصالحات أو أن ألتزم عن طاعة الله عز وجل فما رأيكم يا شيخ .؟
الشيخ : لما حدث النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه أنه : ( ما من أحد إلا كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالو يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ) فإذا قال قائل : إذا كان الأمر مقدرا فلا فائدة من العمل ، وأصر على ذلك ونفذ ما قال علمنا أنه من أهل الشقاوة والعياذ بالله لأنه لم ييسر لعمل أهل السعادة ثم نقول لهذا الرجل هل أنت تعلم أن الله قد قدر عليك أنك من أهل الشقاوة حتى تعمل بعملهم ، فسيقول لا ، نقول إذا قدر أن الله كتبك من أهل السعادة واعمل بعمل أهل السعادة ثم نقول ثالثا : أنت الآن لو قيل لك إن البلد الفلاني فيه تجارة كبيرة وهو بلد آمن ، بلد فيه السعة في الرزق وبلد آخر دون ذلك بكثير هل أنت تقول لا أذهب إلى البلد الأول لأنه لو قدر لي لذهبت وتذهب للبلد الثاني أو تذهب للبلد الأول وتقول إنه قد قدر لي ؟ الجواب : أنه سيقول الأخير ، سيذهب إلى البلد الذي يرى أنه أنفع له ويقول أنه قد قدر لي أن أذهب إليه ، هكذا أيضا طريق الجنة والنار ، الجنة والنار لنفرض أنهما بلدان هل تذهب إلى بلد الشقاء والعذاب أو بلد النعيم والسعادة سيذهب إلى الثاني فلهذا لا يقول ذلك القول الذي أشرت إليه إلا رجل مخذول والعياذ بالله نعلم أنه إن أصر على ذلك فإنه مقدر عليه أنه من أهل الشقاوة وسيذوق بأس الله عز وجل لقول الله تعالى: (( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ )) وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه ( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ) فهذا يوجب الحذر من أن يعمل الإنسان بغمل أهل الجنة فيما يبدو للناس دون ما في باطن قلبه ويدل لهذا ما ثبت في الصحيح أيضا من أن رجلا كان مع النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة وكان لا يدع للعدو شاذة ولا فاذة إلا قضى عليها فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( هذا من أهل النار ).