تفسير قوله تعالى:(( أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ )). حفظ
الشيخ : وأظن أننا في الدرس السابق وقفنا على قول الله تعالى : (( أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ )) .ففي قوله : (( أفلم ينظروا إلى السماء )) الضمير يعود إلى هؤلاء الذين كذبوا بالبعث وقالوا أإذا كنا ترابا ذلك رجع بعيد ، فحثهم الله عز وجل حثا بتوبيخ إلى أن ينظروا إلى السماء التي فوقنا كيف بنيناها ؟ بنيناها بقوة وجعلناها سقفا محفوظا ، وجعلناها سقفا مستويا سليما (( رفع سمكها فسواها )) وليس فيها من فروج ولا شقوق ولا عيب على طول الأزمنة التي لا يعلمها إلا الله عز وجل وقوله تعالى : (( كيف بنيناها )) أضاف البناء إليه لأنه عز وجل هو الذي خلقها ، وبناؤه إياها ليس كبناء الناس للسقوف يأتون بالعمال ويأتون بالزنابيل ويأتون بالمعاول وباللبنات لا ، بناؤه إياها أنه استوى إلى السماء وهي دخان (( فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين )) ، كلمة واحدة تم بها كل شيء .
(( وزيناها )) : بماذا زينها ؟ زينها الله عز وجل بالمصابيح ، بالنجوم ، فما أجمل السماء لو كنت في بر بعيدا عن الأضواء الكهربائية وعرفت هذه النجوم اللماعة لعرفت مقدار هذه الزينة ، فزينها الله بالنجوم ، وخلق الله هذه النجوم لثلاث زينة للسماء ورجوما للشياطين ، والثالث علامات يهتدى بها كما قال تعالى : (( وبالنجم هم يهتدون )).
(( وما لها من فروج )) : أي ما للسماء من فروج أي من شقوق تعيبها وتؤول بها إلى الدمار بل هي قوية محكمة قال تعالى (( فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ )) وهنا نسأل سؤالا كم عدد السماوات ؟ عددها سبع بنص القرآن (( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )) بعضها فوق بعض والمسافات بينها بعيدة جدا ، وكل سماء فله سكان يسكنونه من الملائكة بأمر الله وفي حديث المعراج أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى آدم ورأى الأنبياء في السماوات على درجات مختلفة فالسماء كلها معمورة بسكان ، فالسماء كلها معمورة من الدنيا إلى السابعة وليس فيها شيء من الخلل أو الفطور أو النقص بل هي محكمة إلى أن يطويها الله عز وجل يوم القيامة (( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ )).