" إلى أن قال : وهكذا أيضا حال من طلب المال ، فإن ذلك يستعبده ويسترقه . وهذه الأمور نوعان : فمنها : ما يحتاج إليه العبد ، كما يحتاج إلى طعامه، وشرابه، ومنكحه، ومسكنه، ونحو ذلك، فهذا يطلبه من الله، ويرغب إليه فيه، فيكون المال عنده يستعمله في حاجته بمنزلة حماره الذي يركبه، وبساطه الذي يجلس عليه، من غير أن يستعبده، فيكون هلوعا . ومنها : ما لا يحتاج إليه العبد ، فهذا ينبغي أن لا يعلق قلبه به، فإذا تعلق قلبه صار مستعبدا ومعتمدا على غير الله فيها، فلا يبقى معه حقيقة العبودية لله، ولا حقيقة التوكل على الله، بل فيه شعبة من العبادة لغير الله، وشعبة من التوكل على غيره، وهذا أحق الناس بقوله صلى الله عليه وسلم : ( تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة ) . وهذا عبد لهذه الأمور، ولو طلبها من الله، فإن الله إذا أعطاه إياها رضي، وإن منعه إياها سخط، وإنما عبد الله من يرضيه ما يرضي الله، ويسخطه ما يسخط الله، ويحب ما أحب الله ورسوله، ويبغض ما أبغض الله ورسوله، ويوالي أولياء الله، ويعادي أعداء الله ، فهذا الذي استكمل الإيمان . انتهى ملخصا " حفظ