شروط وجوب الحج وأنه لا يجب على المدين. حفظ
الشيخ : فالحج إذا فريضة لكنه لا يجب إلا بشروط، أهمها الاستطاعة أن يكون الإنسان مستطيعا بماله وبدنه ولا يكون مستطيعا بالمال إلا إذا كان المال فاضلا عن حاجاته وقضاء ديونه، فاضلا عن حاجاته أي ما يحتاج إليه في بيته، من طعام، وشراب، وأواني، وفرش، وغيرها من الحاجات التي لا بد منها، فإذا قدر أن شخص عنده مال لكن يحتاج إلي أواني في البيت، فهل يشتري الأواني ويدع الحج، أو يحج ويدع الأواني؟ الأول أو الثاني؟ ، الأول، نقول اشتري الأواني لأنه من الحاجات التي لا بد منها ثم إن بقي شيء فحج به وإلا فلا، لابد أن يكون المال الذي عنده فاضلا عن الدين، الدين ما وجب في الذمة من ثمن مبيع أو ثمن أرض أو أجرة أو غير ذلك، ليس الدين خاص بالمداينة المعروفة عند العامة لا، الدين شرعا : كل ما ثبت في الذمة، حتى القرض الذي يقرض الشخص يكون دينا عليه، حتى أجرة البيت بالسكنى يكون دين، فلا بد أن يكون المال الذي تحج به فاضلا عن الديون، فإن كان عليك فإن الحج لا يجب عليك، لا يجب حتى الفريضة لا يجب عليه فإن قدر أن شخص من الناس بيده ألف ريال وعليه دين ألف ريال، فهل يقضي الدين بألف، ويدع الحج أو يحج ويبقي الدين في ذمته ؟ الأول، نقول أوف الدين ثم حج لأنك إذا مت وأنت لم تحج وإنما قضيت الدين مت وأنت بريء الدين، لكن لو حججت وبقي الدين في ذمتك ومت فإن نفسك معلقة بالدين بعد الموت، وبهذا نعرف خطأ كثير من الناس الذين يحجون وعليكم ديون، وإذا قلت يا أخي الدين مقدم، قال إن ديني مائة ألف والحج بألفين، الألفين ما تساوي شيء من المائة ألف، هل هذا منطق صحيح ؟ لا، ألفين من مائة ألف ثمانية وتسعين، إذا سقط شيء من الدين وليس عليك إثم في عدم وفاء ثمانية وتسعين، لكن يكون عليك إثم إذا حججت بألفين وتركت الوفاء وهذه مسألة يجب أن ننتبه لها نحن وأن ننبه عليها إخواننا لأن كثير من محبي الخير الحريصين علي الحج يحج وهو غارق من الديون، بحجة أن المال الذي عنده لا يأتي بالدين، لكن هو يفي ببعض الدين حتى ولو أنه ريال واحد وعليك مائة ألف إذا أوفيت كم يبقي عليك ؟ مائة ألف إلا ريال، هذا فائدة سقط عنك من ذمتك شيء لا تستهون بالدين الدين شديد، ألم تعلموا أن الرسول عليه الصلاة والسلام إذا قدم إليه الرجل ليصلي عليه سأل هل عليه دين أم لا، إن قالوا عليه دين وليس له وفاء ترك الصلاة عليه، قال : ( صلوا علي صاحبكم )، مع أن الرسول بالمؤمنين رءوف رحيم و يترك الصلاة علي الميت الذي هو محتاج إلى الصلاة عليه من أجل الدين، ( جاء إليه يوم من الأيام برجل ميت فقدم إليه فلما خطا خطوات ليصلي عليه، قال هل عليه دين، قالوا لا، ما عاد ليس عليه إلا ديناران فقط، فقال : ( صلوا علي صاحبكم ) وترك الصلاة عليه، ( فقام أبو قتادة رضي الله عنه فقال : يا رسول الله الدينارين علي وألتزم بهما في ذمته، قال : حق الغريم وبرئت منهما الميت، قال : نعم حق الغريم وأوفيه أنا والميت بريء، فتقدم وصلي ) الشهادة في سبيل الله لا تكفر الدين، يقتل الرجل والشهادة لا تكفر دينه، ( سئل الرسول عليه الصلاة والسلام عن الشهادة هل تكفر الذنب ؟ قال نعم تكفر كل شيء فلما أدبر الرجل دعاه، وقال له إلا الدين أخبرني جبريل آنفا ) الدين حتى الشهادة لا تكفره، فإن كان الأمر كذلك فلماذا نتهاون بالدين؟!! وإني لأعجب من قوم مدينين عليهم ديون كثيرة ثم يذهب يتدين، يشتري من فلان أو فلان أثاثا للبيت زائدا عن الحاجة، قال أنا بشتري، لماذا ؟ قال لأن الدرج ما عليها كساء، الدرج ما عليها كساء!! ، أشتري كساء للدرج، ثم يفرش الدرج، وهو فقير عليه ديون، نصف مبنى الفيلا ...، يشترى لأجل إيش؟ يفرش الدرج، هذا سفه في العقل وضلال في الدين، فيه قصة وقعت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، استمعوا لها ( جاءت امرأة للرسول عليه الصلاة والسلام فقالت إني وهبت نفسي لك ) والرسول عليه الصلاة والسلام يجوز له أن يتزوج بالهبة، أما نحن ما يجوز أن نتزوج بالهبة، لو جاءت امرأة تقول أني وهبت نفسي لك فقلت قبلت لا تصبح زوجة لك، لكن لو جاءت الرسول عليه الصلاة والسلام فقال قبلت، ماذا تكون أصبحت زوجته، قال الله تعالى : (( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ )) هذا خاص بالرسول، ( جاءت للرسول تقول وهبت نفسي لك فصعد بها النظر وصوبه ) نظر إلى أعلى بدنها وأسفل بدنها لم يرغب فيها ( فسكت فجلست المرأة فقام رجل قال يا رسول الله ) استمع إلى الأدب مع الرسول ( قال يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها ) ما عمل بالقرائن، وقال إن سكوت الرسول دليل علي أنه لا يريدها، ما عمل بهذا تأدب مع الرسول واحتياطا قال : ( إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام، معك شيء ) يعني صداق ( قال نعم إزاري ) الرجل ما عليه إلا الإزار يعني أعلي بدنه مكشوف ما عليه رداء ( قال سبحان الله إزارك إن أعطيتها إياه، بقيت بلا إزار، وإن لبسته بقيت بلا مهر ) ما يصلح ( اذهب التمس ولو خاتما من حديد ) شوف، لو خاتما من حديد، تسمونه أنتم بالعامية فتخة لو فتخة خاتم من حديد فذهب الرجل يبحث فما وجد ( رجع قال ما وجدت شيء، فقال هل معك شيء من القرآن قال نعم معي سورة كذا وكذا قال اذهب زوجتكها بما معك من القرآن ) فزوجه بما معه من القرآن، سؤال الآن، هل قال اذهب تسلف تدين إيش ؟ لا، مع أن الرجل في حاجة، ومع ذلك ما قال اذهب فتدين أو تسلف واجعله مهرا، كل هذا تحاش للدين، الدين يقول العامة، الدين ذل في النهار وسهر في الليل، لكن هذا لمن كان قلبه حي، أما من كان قلبه ميت فالدين عنده شربة ماء، ما يهتم، يستدين من الرجل مائة ألف ويروح للثاني يستدين مائة ألف وهو ما عنده ولا قرش إيش هذا والله هذا سفه، سفه في العقول وضلال في الأديان، احم ذمتك، لا تجعل في ذمتك شيء إلا للضرورة، أقول هذا تفريع علي قولنا أنه لا يجب الحج علي من كان إيش عليه دين وأن الواجب أن يقضي دينه أولا ثم بعد ذلك يحج وليحمد الله علي تيسيره، يعني لو كان الله ألزمنا أن نحج ولو بالاستدانة أصبح صعب، أصبح صعبا علينا، فاحمد الله على التيسير .