كلمة للشيخ عن العشر من ذي الحجة وفضلها . حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وخليل رب العالمين، وعل آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد : فقد سمعتم كلام أخينا الشيخ محمود بن عبد العزيز الصايغ، بأن هذه المحاضرة عوض عن اللقاء الشهري الذي تقرر ولله الحمد في هذا العام، والكل من المحاضرة واللقاء ذو فائدة عظيمة لأنه يحضره ما شاء الله من عباد الله، يأتون إلى هذا المكان يلتمسون العلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ) والطرق التي يلتمس بها العلم، طرق للمشاة على الأرجل، وطرق للمشاة بالقلوب، أما الأول فظاهر أن يمشي الإنسان في الأسواق إلى مكان العلم، في المساجد أو في المدارس أو في غيرها، وأما الثاني فأن يمشي الإنسان في طريق العلم بقراءة الكتب النافعة التي ألفها من يوثق بعلمهم ودينهم، ككتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهم من المحققين من أهل العلم، كل ذلك طرق يلتمس فيها العلم، وهذه بشرى سارة أن من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، ونحن أيها الإخوة في هذه الأيام، والليلة هي الخامسة والعشرون من شهر ذي القعدة عام ثلاثة عشرة وأربعمائة وألف نستقبل موسما عظيما، موسما عظيما ألا وهو العشر الأول من ذي الحجة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشرة )، ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشرة )، يعني حتى عشر رمضان، العمل الصالح في العشر الأول من ذي الحجة أحب إلى الله من العمل الصالح في عشر رمضان الأخيرة، لأن الحديث عام ( ما من أيام ) وأيام نكرة في سياق النفي مؤكدة بمن فتفيد العموم القطعي، أنه لا يوجد أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، والقائل بهذا القول من هو؟ رسول الله، أعلم الخلق بشريعة الله، وأعلم الخلق بالله، وأعلم الخلق بما يحب الله، فلا تستغرب إذا سمعت من يقول : إن العمل الصالح في ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في عشر رمضان، لا تستغرب، لأن هذا له دليل من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا القول الذي قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يريد منا أن نفهم أن العمل الصالح في هذه الأيام العشر أحب إلى الله من غيرها، وإنما يريد أن نفهم ونعمل، أن نفهم ونعمل، نكثر العمل الصالح في أيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة، العمل الصالح متنوع، قرآن، ذكر، تسبيح، تحميد، تكبير، أمر بمعروف، نهي عن منكر، صلاة، صدقات، بر بالوالدين، صلة للأرحام، الأعمال الصالحة لا تحصى، إذا تصدقت بدرهم في هذه العشر وتصدقت بدرهم في العشر من رمضان أيهما أحب إلى الله؟ العشر هذه، العشرة ذي الحجة الصدقة فيها أحب إلى الله من الصدقة في عشر رمضان : ( قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ ) والجهاد ذروة سنام الإسلام قال : ( ولا الجهاد في سبيل الله ) إلا في صورة واحدة ( إلا رجلا خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء )، خرج بنفسه وماله الذي يجاهد عليه كالفرس والرحل، فقتل فلم يرجع بنفسه، وعقر جواده فلم يرجع بجواده، وأخذ ماله فلم يرجع بماله، هذا هو الذي يكون أفضل من العمل الصالح في العشر الأول من شهر ذي الحجة، وما عدا ذلك فالعمل الصالح فيها أحب إلى الله من أي وقت كان، فالعمل الصالح أحب إلى الله من أي وقت كان .