ما يشرع من العمل في عشر ذي الحجة. حفظ
الشيخ : فلنستعرض ما الذي يشرع في هذه الأيام بخصوصه، فنقول يشرع فيها ذكر الله لقول الله تعالى : (( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ )) والأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، فيكثر فيها من الذكر، ومن ذلك التكبير والتهليل والتحميد، تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، تكثر من هذا، تقوله في المساجد جهرا، في الأسواق، في البيوت، وربما يكون ذكرك هذا في البيوت حرزا لبيتك من الجن والشياطين، لأن الله وصف الشياطين والجن بأنهم خناس، يخنسون عند ذكر الله ويختفون ويبعدون، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، في كل وقت، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه، ومن ذلك صيام هذه الأيام العشر ما عدا يوم العيد، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصومها، كما روى ذلك الإمام أحمد وأصحاب السنن عن حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يدع صيامها ) وهذا هو القول الراجح، وأما حديث عائشة رضي الله عنها الذي في * مسلم * ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يصوم في العشر ) فإن العلماء قالوا إذا تعارض عدلان ثقتان، أحدهما مثبت والثاني نافي، فإنه يقدم المثبت، لأن معه زيادة علم، وقد يكون نفي عائشة رضي الله عنها نفي علم لا نفي واقع، وبهذا نجمع بين الحديثين، ثم على فرض أن حديث حفصة غير محفوظ، فإن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة، فإن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة، فيدخل في قوله : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر )، ومما يسن في هذه الأيام الرحيل إلى بيت الله الحرام لأداء العمرة والحج، وهذ أفضل ما يعمل في هذه الأيام بخصوصه، يعني بمعنى أن الأعمال الخاصة في هذه الأيام أفضلها السير إلى بيت الله لأداء العمرة والحج، فإن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله، سألت عائشة النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (هل على النساء جهاد؟ قال عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة ) ويشير إلى هذا قول الله عز وجل : (( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ )) فعطف إتمام الحج والعمرة على الإنفاق في سبيل الله، وهو يشعر بأن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله، وعلى هذا فإنه يجدر بنا أن نتكلم ولو يسيرا على الحج والعمرة، ومن ذلك أيضا، أي مما يفعل في هذه الأيام العشر في آخرها، في آخر يوم منها التقرب إلى الله بالأضاحي، التقرب إلى الله بالأضاحي، وهذا يكون لمن لم يحج، للمسلمين في بلادهم، أما الحجاج فالمشروع في حقهم الهدي، لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أهدى في حجه ولم يضح، وضحى في المدينة في غير حجه، في غير سنة حجه .