حكم السلام على المشغول. حفظ
الشيخ : ثم إن السلام لا ينبغي أن يلقى إلى شخص متشاغل بحيث نشوش عليه، فإذا رأينا شخصا يقرأ القرآن يتحفظه، ويغلب على ظننا أو نجزم بأننا إذا سلمنا عليه شوشنا عليه، فالسنة أن لا نسلم، لأن ذلك يشغله، إلا إذا رأيناه متهيئا ينظر إلينا يريد أن نسلم فحينئذ نسلم، لأن ترك السلام عليه حينئذ يبقي في قلبه شيئا، وأما من يصلي، أما من يصلي، فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسلمون على النبي صلى الله علي وعلى آله وسلم وهو يصلي، لكن لا ترد باللفظ، رد بالإشارة، يعني ارفع يدك هكذا حتى يتبين له أنك رددت عليه، ثم إن بقي حتى تسلم فرد عليه باللفظ، وإن انصرف كفت الإشارة، لأن الإنسان المصلي ممنوع من كلام الآدميين، والممنوع شرعا كالمحروم حسا، ولهذا يكون رد الأخرس بماذا؟ إيش؟ بالإشارة، لأنه محروم من الكلام، ما يستطيع، المصلي أيضا ممنوع من الكلام لأنه لا يجوز له أن يرد السلام لأنه كلام الآدميين، وكلام الآدميين في الصلاة محرم، ولكن ما تقولون لو أن رجلا سلمنا عليه وهو يصلي فسها ورد السلام، قال عليك السلام، أتبطل صلاته؟ الجواب لا، لا تبطل صلاته، لماذا؟ لقول الله تبارك وتعالى : (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) وهذا عام، وهذه الآية خذوها قاعدة من الله عز وجل، كل عمل محرم فعلته خطئا أو نسيانا فإنه معفو عنه، لا تؤاخذ به ولا يبطل العبادة، ولا يترتب عليه كفارة، لأن الإنسان معذور، بل قد ورد العذر بالجهل في الكلام، والجهل أخو النسيان، ورد العذر بالجهل في الكلام في قصة معاوية بن الحكم رضي الله عنه، معاوية بن الحكم دخل مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يصلي فعطس رجل من القوم فقال : الحمد لله، فقال معاوية بن الحكم، ما هو معاوية بن أبي سفيان، معاوية بن الحكم قال يرحمك الله، جملة يرحمك الله كلام آدمي تبطل الصلاة، فرماه الناس بأبصارهم، أي جعلوا ينظرون إليه بأبصارهم منكرين عليه، فقال : واثكل أمياه، كلمة يؤتى بها للتحسر، فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فسكت، فلما انصرف من صلاته، دعاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال معاوية : فبأبي هو وأمي، والله ما كهرني ولا نهرني، وإنما قال : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن )، أو كما قال، ولم يأمره بالإعادة، ولو كان الكلام في حال الجهل مبطلا للصلاة لأمره بإيش؟ بإعادة الصلاة، كما أمر الرجل الذي دخل وصلى وهو لا يطمئن في صلاته أمره أن يعيد الصلاة، على كل حال نقول : إذا سلمت على شخص وهو يصلي وسها فرد عليك، فصلاته صحيحة ولا تبطل، لأنه ساه وقد قال الله تعالى : (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )).