الطلاق المشروع .. وأحكامه. حفظ
الشيخ : ومما يتعلق في مسائل النكاح إذا أراد الإنسان أن يفارق زوجته لكونه لا يتحمل الصبر معها وذلك أن الواجب أن الإنسان يحاول إصلاح الوضع قبل كل شيء، كما قال الله تعالى : (( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خير )) كلام الله عز وجل، (( الصُّلْحُ خير وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ )) يعني أن الإنسان قد يكون عند المخاصمة شحيحا طلب كل حقه، كل ما له، فنقول لا تكون شحيحا الصلح خير، الإنسان إن رأى من نفسه أنه كاره لزوجته، نقول أولا اصبر (( فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا )) قال بعض السلف : " ربما يرزق منها ولد صالحا "، وربما تزول الكراهة إلى محبة لأن القلوب بيدي الله، وكم من إنسان يبغض شخص بغضا شديدا ثم ينقلب البغض إلى محبة أو بالعكس، أرأيتم عمرو بن العاص رضي الله عنه، قبل أن يسلم كان يبغض النبي صلى الله عيه وسلم بغضا شديدا، حتى كان يود أن لو تمكن منه فقتله، ولما أسلم كان لا يستطيع أن يرفع طرفه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إجلالا له وتعظيما له، لشدة احترامه إياه ومحبته له، إذا اصبر يا أخي، اصبر على الزوجة، لاسيما إن كانت أم أولادك، فإذا لم يمكن إلا الأسنة، فقد قيل : " إذا لم يكن إلا الأسنة مركب *** فما حيلة المضطر إلا ركبوبها "، حينئذ يطلق، لكن طلق على الوجه المشروع، أولا : لا تطلقها إلا وهي حامل، أو طاهر طهرا لم تجامعها فيه، لقوله تبارك وتعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ )) ثم قال : (( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ )) طيب إذا مثلا لو أن إنسان جامع زوجته بعد الحيض ثم جاء يسأل هل أطلقها الآن أم ماذا ؟ نقول لا تطلقها إلا أن يتبين حملها فطلقها لأنها حامل أو تحيض بعد هذا الطهر ثم تطهر فطلقها، أعرفتم؟ كثير من الناس من حين يغضب على الزوجة يبت طلاقها حتى لو كان لم يغتسل من الجنابة يطلقها وهذا لا يجوز إلا إذا كانت حامل، الحامل لو طلقها الإنسان من حين الجماع فلا حرج عليه، لكن غير الحامل لا يجوز أن يطلقها في طهر جامعها فيه ولا أن يطلقها وهي حائض، وفي * الصحيحين * أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما طلق زوجته وهي حائض، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتغيظ فيه، أصابه الغيظ، الغضب ليش تطلقها لغير العدة؟ ثم قال لعمر : ( مر عبد الله أن يراجعها، ثم يتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء )، لماذا أمر الإنسان أن يتأنى في الطلاق حتى يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، ولا يطلقها في الحيض ولا في طهر جامعها، أما كونه لا يطلقها في الحيض فلأنه إذا طلقها في الحيض لم تحسب تلك الحيضة فيكون في هذا تطويل في العدة علي المرأة، ولأنه إذا طلقها وهي حائض فإنه سوف يطلقها وهو بعيد من جماعها، وإذا كان بعيدا من جماعها فإنه ربما لا يقع في قلبه محبة لها، لهذا نهي الإنسان أن يطلقها وهي حائض، أما في طهر جامعها فيه، فوجه النهي أنه إذا جامعها في الطهر فيمكن أن تحمل من هذا الجماع فتكون عدتها عدة حامل، وممكن أن لا تحمل فتكون عدتها عدة من تحيض، فإذا كان لم يجامعها، فقد علمنا أن عدتها عدة إيش ؟ عدة من تحيض ولا عدة الحامل ؟ عدة من تحيض .