أهمية العلم والحكمة للآمر بالمعروف. حفظ
الشيخ : إذاً، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج إلى حكمة، يحتاج إلى لين، يحتاج إلى سهولة، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : (( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ )) هؤلاء إخوانك، إن لم تصلحهم أنت من يصلحهم ؟ ولا بد للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من أن يعلم بالشريعة بأن هذا معروف وهذا منكر، لئلا يأمر بمنكر أو ينهى عن معروف، بعض العوام عنده غيرة يحب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن قد يأمر أحياناً بما ليس بمعروف بناءً على أنه هو يرى أنه إيش ؟ معروف وليس كذلك، وهذا خطأٌ عظيم، كذلك أيضاً بعض العامة عنده غيرة شديدة يرى أن هذا الشيء منكرٌ فينهى عنه مع أنه ليس بمنكر، إن من الناس من يكسر المسجل الذي يسمع منه كلام الله، فاهمين كلامي، من الناس من يكسر المسجل الذي يسمع منه كلام الله، لأن ذوقه يرى أنه إيش ؟ يرى أنه حرام منكر، ويقول : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ) هذا غلط، أولاً : ليس الاستماع إلى المسجل بمنكرا أبدا المسجل آلة يودع فيه الخير ويودع فيه الشر، إن استمعت إلى شر فهذا شر، إن استمعت إلى خير فهذا خير، لكن مع ذلك لو استمعت إلى شريط مسجل فيه أغنية محرمٌ سماعها هل من الحكمة أن تكسر المسجل أو أن تكسر الشريط ؟ الثاني لا شك الثاني هو الصحيح، إلا إذا كان لك أمر، يعني : ولاية من الأمر وكسرت هذا المسجل تعزيراً فهذا شيء آخر، أما نهياً عن المنكر فليس إليك أن تكسر هذا المسجل، كسر إن استطعت بلا فتنة ما فيه التحريم، طيب. إذاً لا بد للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من أن يكون عنده علم بالشرع، لئلا يأمر بمنكر أو ينهى عن معروف، كذلك لا بد أن تعلم أن هذا الفاعل قد أتى منكراً أو ترك واجباً، مثال ذلك : رأيت مع إنسان امرأة فظننت أنها أجنبية منه فجعلت تنهاه، هذا غير صحيح، قد تكون هذه المرأة إيش ؟ من محارمه أو زوجة له، لا تنكر حتى تعلم أن هذا الذي تريد أن تنهاه قد وقع في منكر، طيب. كذلك الواجب إنسان أتى وجلس في المسجد هل تأمره أن يقوم فيصلي تحية المسجد، أو تسأل : هل صلى أو لا ؟ الثاني، لأنه ربما صلى في زاوية لم تشاهده، أما إذا كان تشهد أنه دخل المسجد فربما نقول : مره بأن يقوم ويصلي على أننا أيضاً لا نقول : مره، لأنه ربما يكون دخل المسجد لأنه خرج من المسجد لحاجة قريبة توضأ ورجع لا حاجة أن يصلي تحية المسجد، لهذا لا بد أن تعلم أن صاحبك ترك المعروف أو وقع في المنكر حتى يتوجه أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر، ومن المهم ألا يزول المنكر إلى أنكر منه، يعني : لو أن إنساناً وقع في منكر ونهيته عنه، لكن تعلم أنك بنهيك إياه سيتحول إلى ما هو أعظم، فلا تنكر، لا تنكر، لأن درء أعلى المفسدتين بأدناهما أمرٌ واجب، خذ من المفسدتين أقلهما إذا كان لا بد، دليل هذا : أن الله عز وجل قال : (( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )) سب آلهة المشركين أمر مطلوب، لكن إذا كان سبهم يؤدي إلى سب الله عز وجل صار أمراً محرماً : (( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )) لو رأيت قوماً في مجلس على رصيف من الأرصفة يشربون الدخان ويلعبون البلوت وأشياء أخرى محرمة، لكنك تعلم أنك لو نهيتهم وأقمتهم عن هذا المنكر سوف يذهبون إلى حانة خمور أو الميسر واللواط والزنا، هل تنهاهم على ما هم عليه أو لا ؟ لا، ليش ؟ لأنه أهون، ولا يمكن أن تنقلهم من الأهون إلى الأشد والأشر، وأمثلة هذا كثيرة، أمثلة هذا كثيرة، لكن العاقل يزن بين الأمور ويعرف النتائج وينظر ما هي العواقب، سئل أبو حنيفة رحمه الله : عن قوم يخرجون إلى الناس يضربون ويبطشون، يقولون : نحن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ؟ فنهى عن ذلك، وقال : إنما يفسدون أكثر مما يصلحون. فلا بد أن تنظر العواقب ما هي حتى تكون على بصيرة في أمرك ونهيك.
اللهم اجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر على علم وبصيرة يا رب العالمين، اللهم أخلص نياتنا، وأصلح أعمالنا، واجعلنا من دعاة الحق وأنصار الحق يا رب العالمين.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وإلى الأسئلة، ثم توزيع كتيبات، وإعلان يسبق ذلك.
السائل : يقول الإعلان : دعوة لحضور فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله. ستقيم حلقة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في جامع الظليعة حفلة لتكريم طلابه المتفوقين يوم الاثنين السابع عشر من هذا الشهر بعد صلاة المغرب إن شاء الله يوم الاثنين ليلة الثلاثاء .