هل يعتبر والدي من الرضاع محرماً لزوجتي، وما هي القاعدة في الرضاع.؟ حفظ
السائل : يقول : هل يعتبر والدي من الرضاع محرماً لزوجتي، وما هي القاعدة في الرضاع ؟
الشيخ : أكثر العلماء يقولون : إن والد الزوجة من الرضاع كوالد الزوجة من النسب، والصحيح عندي خلاف ذلك، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن أبا الزوج من الرضاع لا علاقة له في زوجته، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) وأبو الزوج حرام من الصهر وليس من النسب، لذلك نرى أن أبا الزوج من الرضاع لا يحل لزوجة ابنه من الرضاع أن تكشف له، لأنه ليس من محارمها.
السائل : جزى الله شيخنا خير الجزاء، ونفعنا بعلمه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قال رحمه الله تعالى : " باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار" قال تعالى : (( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) متفق عليه زاد مسلم في رواية له : ( فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في الصلاة )، وعن ابن عباس رضي الله عنهما ( أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجرا شديدا وضربا وصوتا للإبل فأشار بسوطه إليهم وقال: أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع ) رواه البخاري وروى مسلم بعضه .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه * رياض الصالحين * : " باب استحباب الإتيان إلى الصلاة ونحوها من مجالس العلم وغيرها من العبادات بسكينة ووقار"، الصلاة من المعلوم أن الصلاة آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي من أعظم شعائر الله، والإنسان إذا أقبل إلى الصلاة، فإنما يقبل إلى الوقوف بين يدي الله عز وجل، ومن المعلوم أن الإنسان إذا أتى إلى شخص من بني آدم يعظمه، فإنه يأتي إليه بأدب وسكينة ووقار، فكيف إذا أتى ليقف بين يدي الله عز وجل ؟ ولهذا ينبغي للإنسان أن تأتي إلى الصلاة بسكينة كما سيأتي في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى لهذا الباب بقوله تعالى : (( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )) الذي يعظم شعائر الله فيرى أنها عظيمة في قلبه ويقوم بما ينبغي لها من التعظيم في جسده، فإن هذا من تقوى القلوب علامة على صلاحه وتقوى قلبه وإذا اتقى القلب اتقت الجوارح، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) فعليك بتعظيم شعائر الله فإن ذلك تقوى لقلبك وأيضا يكون خيرا لك عند الله عز وجل : (( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ )) ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ) يعني: إذا سمعتم الإقامة من خارج المسجد، وهذا يدل على أن الإقامة تسمع من خارج المسجد وهو الظاهر، وقد جاء في الحديث أن بلالا قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لا تسبقني بآمين ) مما يدل على أنه يقيم في مكان يسمعه الناس فيقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( ائتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة ) تمشون مشيا عاديا وعليكم السكينة وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( وأنتم تمشون ) دليل على أنه يمشي مشيا معتادا، وأنه لا يقارب الخطى كما استحبه بعض أهل العلم فإن قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( لم يخط خطوة إلا رفع الله بها درجة ) لا يعني أنه يقارب الخطا لكن يمشي مشية المعتاد بدون إسراع، فإذا أتى الإنسان على هذا الوجه فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) إلا أن أهل العلم قالوا : إذا خشي فوات الركعة - يعني : فوات الركوع - فلا بأس أن يسرع قليلا سرعة لا تكون سرعة قبيحة، فإنه لا بأس، لكن ينبغي أن تكون سرعة تقبح يكون لها جلبة وصوت . يستفاد من هذا الحديث فوائد منها : تعظيم شأن الصلاة وأن الإنسان ينبغي أن يأتي إليها بأدب وخشوع، وسكينة، ووقار، ومنها : أنه لا بأس أن تسمع الإقامة من خارج المسجد، وعلى هذا إذا أقام المؤذن في مكبر الصوت ليسمع من كان خارج المسجد فلا بأس، وإن كان بعض الناس قد اعترض على هذا، وقال : إنه إذا أقام من خارج المسجد تكاسل الناس وصاروا لا يحضرون إلا إذا سمعوا الإقامة وربما تفوتهم الركعة الأولى، أو يفوتهم أكثر حسب قربهم من المسجد وبعدهم منه، ولكن ما دام قد صار مثله في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وأن الإقامة كانت تسمع من الخارج فإننا نرى أنه لا بأس به، لكن الشيء الذي يخشى منه الإثم ما يفعله بعض الناس فينقل الصلاة نفسها عبر المكروفون من المنارة فإن هذا يشوش على من حوله، لاسيما في صلاة الليل في الصلاة الجهرية يشوش على أهل البيوت ويشوش على المساجد القريبة، حتى إننا سمعنا بعض الناس إذا سمع المكروفون من مسجد قريب وكان الإمام حسن الصوت والقراءة صار المأموم الذي في هذا المسجد يتابع بقلبه الإمام الذي في المسجد الثاني، حتى سمعنا أن بعضهم أمن لما قال المسجد الثاني (( وَلَا الضَّالِّينَ )) قال هؤلاء : آمين وهذا ليس ببعيد لأن القلب إذا انشغل بشيء أعرض عن غيره، فإذا كانوا يتابعون قراءة المسجد المجاور، وكانت قراءة الإمام جيدة في الصوت والأداء، فإن القلب قد يذهل عن الإمام الذي بين يديه، وقد ثبت في * موطأ الإمام مالك * رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : خرج ذات ليلة وأصحابه في المسجد يصلون ويجهرون بالقراءة، فقال عليه الصلاة والسلام : ( فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة ) فجعل هذا أذية ونهى عنه، والواقع شاهد بذلك ولهذا نحن نرى أن الذين يفعلون هذا يؤدون الصلاة من على المنارة عبر المكروفون، نرى أنهم إذا كانوا يؤذون من حولهم فإنهم آثمون، فإذا كان هذا العمل يكون فيه الإنسان إما آثم وإما سالم فلا شك أن تركه أولى، وهو في الحقيقة لا فائدة منه، هل الإنسان يصلي إلى من كان خارج المسجد ؟ يصلي لأهل المسجد.، أما الذين في الخارج، ما عليك منهم، ثم فيه أيضا مفسدة، وهو أنه إذا كان الإنسان كسول، قال : هؤلاء توهم في أول ركعة، انتظر ! فينتظر إلى الركعة الثانية، أو الثالثة، أو يقول له الشيطان : اجلس حتى لا يبقى إلا ركعة فيحرم من الخير، لهذا نوصي إخواننا ولاسيما الأئمة ألا يفعلوا هذا وأن تسلم ذممهم ويسلم إخوانهم من أذيتهم، حتى في البيوت أيضا ربما بعض الناس يكون مثلاً قد صلى ويحب أن ينام ويرتاح قد يكون مريضا سهر الليل كله، يزعجه هذا الصوت، وقد يكون مثلاً المسجد قريبا من السطوح في أيام القيظ وفيه الصبيان يمكن يفزع إذا سمع الصوت، فالحاصل أن هذه المسالة ابتلى بها بعض الناس، نسأل الله أن يعافينا وإياهم، وصاروا يؤذون من بجوارهم من المساجد أو البيوت في أمر لا فائدة منه، والله الموفق .
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله تعالى : فيما نقله عن أبي هريرة رضى الله عنه في كتابه * رياض الصالحين * : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة ولا تأتوها وأنتم تسعون لكن ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) وزاد مسلم ( فإن الإنسان إذا عمد إلى الصلاة فإنه في صلاة ) يعني : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الإنسان إذا سمع الإقامة، وهو خارج المسجد، أن يأتي إلى المسجد ولكن بسكينة ووقار، لا يأتي يركض، أو يعجل عجلة قبيحة، لأنه في صلاة فإذا أتى، فما أدرك فليصل، وما فاته فليتم، فإذا جئت والإمام راكع فكبر تكبيرة الإحرام وأنت قائم، معتدل، ثم اركع وبذلك تدرك الركعة، وإذا أتيت وهو قائم من الركوع، فكبر وادخل معه واسجد معه ولا تحسب هذه الركعة، لأن الإنسان إذا لم يدرك ركوع الإمام فاتته الركعة، وإذا أتيت وهو ساجد فكبر للإحرام وأنت قائم ثم اسجد ولا تنتظر حتى يقوم وإذا أتيت وهو جالس فكبر وأنت قائم واجلس أي حال أدركت الإمام عليها فاصنع كما يصنع الإمام، وإذا أتيت وهو في التشهد الأخير، نظرت إن كان معك فيه جماعة فلا تدخل معه لأنك لا تدرك صلاة الجماعة بإدراك التشهد لا تدرك الجماعة إلا إذا أدركت ركعة كاملة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) وإذا لم يكن معك جماعة أولا يمكنك أن تدرك مسجدا آخر، فادخل معه ولو في التشهد ولا تحسب هذا شيئا لأنه فاتك الركوع، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( فأتموا ) دليل على أن المسبوق إذا قام يقضي فإنه يقضى آخر صلاته لا أولها فإذا أدرك الركعتين الأخيرتين من الظهر مثلا وقام يقضي، فإن الركعتين اللتين يقضيهما هما آخر صلاته، فلا يزيد على الفاتحة لأن الركعتين الأخيرتين السنة أن لا يزيد عن الفاتحة، وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( دفع من عرفة فسمع وراءه جلبة وضربا وزجرا للإبل وأصواتا للإبل ترغي ) لأنهم كانوا في الجاهلية إذا دفعوا من عرفة أسرعوا إسراعا عظيما يبادرون النهار قبل أن يظلم الجو، فكانوا يضربون الإبل ضربا شديدا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أومأ إليهم بسوط معه وقال : ( أيها الناس عليكم السكينة السكينة أو قال : عليكم بالسكينة - يعني : الطمأنينة والهدوء - فإن البر ليس بالإيضاع ) - يعني : أن البر والخير ليس بالإيضاع أي ليس بالإسراع، والإيضاع : نوع من السير سريع، ففي هذا دليل على أن الإنسان لا ينبغي له أن يسرع إذا تقدم إلى أماكن العبادة لأن الذين يدفعون من عرفة يتجهون إلى مزدلفة إلى عبادة، وبهذا يتم المؤلف رحمه الله ما ترجم به حيث قال : يأتي إلى الصلاة ومجالس العلم
وغيرها من العبادة بسكينة فإذا أتيت إلى مجالس العلم والخير فكن ساكنا، وقورا، مهيبا، حتى لا تذل أمام الناس ويكون تعظيمك لهذه المجالس من تعظيم الله عز وجل، والله الموفق .
الشيخ : أكثر العلماء يقولون : إن والد الزوجة من الرضاع كوالد الزوجة من النسب، والصحيح عندي خلاف ذلك، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن أبا الزوج من الرضاع لا علاقة له في زوجته، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) وأبو الزوج حرام من الصهر وليس من النسب، لذلك نرى أن أبا الزوج من الرضاع لا يحل لزوجة ابنه من الرضاع أن تكشف له، لأنه ليس من محارمها.
السائل : جزى الله شيخنا خير الجزاء، ونفعنا بعلمه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قال رحمه الله تعالى : " باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار" قال تعالى : (( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) متفق عليه زاد مسلم في رواية له : ( فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في الصلاة )، وعن ابن عباس رضي الله عنهما ( أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجرا شديدا وضربا وصوتا للإبل فأشار بسوطه إليهم وقال: أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع ) رواه البخاري وروى مسلم بعضه .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه * رياض الصالحين * : " باب استحباب الإتيان إلى الصلاة ونحوها من مجالس العلم وغيرها من العبادات بسكينة ووقار"، الصلاة من المعلوم أن الصلاة آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي من أعظم شعائر الله، والإنسان إذا أقبل إلى الصلاة، فإنما يقبل إلى الوقوف بين يدي الله عز وجل، ومن المعلوم أن الإنسان إذا أتى إلى شخص من بني آدم يعظمه، فإنه يأتي إليه بأدب وسكينة ووقار، فكيف إذا أتى ليقف بين يدي الله عز وجل ؟ ولهذا ينبغي للإنسان أن تأتي إلى الصلاة بسكينة كما سيأتي في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى لهذا الباب بقوله تعالى : (( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )) الذي يعظم شعائر الله فيرى أنها عظيمة في قلبه ويقوم بما ينبغي لها من التعظيم في جسده، فإن هذا من تقوى القلوب علامة على صلاحه وتقوى قلبه وإذا اتقى القلب اتقت الجوارح، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) فعليك بتعظيم شعائر الله فإن ذلك تقوى لقلبك وأيضا يكون خيرا لك عند الله عز وجل : (( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ )) ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ) يعني: إذا سمعتم الإقامة من خارج المسجد، وهذا يدل على أن الإقامة تسمع من خارج المسجد وهو الظاهر، وقد جاء في الحديث أن بلالا قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لا تسبقني بآمين ) مما يدل على أنه يقيم في مكان يسمعه الناس فيقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( ائتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة ) تمشون مشيا عاديا وعليكم السكينة وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( وأنتم تمشون ) دليل على أنه يمشي مشيا معتادا، وأنه لا يقارب الخطى كما استحبه بعض أهل العلم فإن قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( لم يخط خطوة إلا رفع الله بها درجة ) لا يعني أنه يقارب الخطا لكن يمشي مشية المعتاد بدون إسراع، فإذا أتى الإنسان على هذا الوجه فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) إلا أن أهل العلم قالوا : إذا خشي فوات الركعة - يعني : فوات الركوع - فلا بأس أن يسرع قليلا سرعة لا تكون سرعة قبيحة، فإنه لا بأس، لكن ينبغي أن تكون سرعة تقبح يكون لها جلبة وصوت . يستفاد من هذا الحديث فوائد منها : تعظيم شأن الصلاة وأن الإنسان ينبغي أن يأتي إليها بأدب وخشوع، وسكينة، ووقار، ومنها : أنه لا بأس أن تسمع الإقامة من خارج المسجد، وعلى هذا إذا أقام المؤذن في مكبر الصوت ليسمع من كان خارج المسجد فلا بأس، وإن كان بعض الناس قد اعترض على هذا، وقال : إنه إذا أقام من خارج المسجد تكاسل الناس وصاروا لا يحضرون إلا إذا سمعوا الإقامة وربما تفوتهم الركعة الأولى، أو يفوتهم أكثر حسب قربهم من المسجد وبعدهم منه، ولكن ما دام قد صار مثله في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وأن الإقامة كانت تسمع من الخارج فإننا نرى أنه لا بأس به، لكن الشيء الذي يخشى منه الإثم ما يفعله بعض الناس فينقل الصلاة نفسها عبر المكروفون من المنارة فإن هذا يشوش على من حوله، لاسيما في صلاة الليل في الصلاة الجهرية يشوش على أهل البيوت ويشوش على المساجد القريبة، حتى إننا سمعنا بعض الناس إذا سمع المكروفون من مسجد قريب وكان الإمام حسن الصوت والقراءة صار المأموم الذي في هذا المسجد يتابع بقلبه الإمام الذي في المسجد الثاني، حتى سمعنا أن بعضهم أمن لما قال المسجد الثاني (( وَلَا الضَّالِّينَ )) قال هؤلاء : آمين وهذا ليس ببعيد لأن القلب إذا انشغل بشيء أعرض عن غيره، فإذا كانوا يتابعون قراءة المسجد المجاور، وكانت قراءة الإمام جيدة في الصوت والأداء، فإن القلب قد يذهل عن الإمام الذي بين يديه، وقد ثبت في * موطأ الإمام مالك * رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : خرج ذات ليلة وأصحابه في المسجد يصلون ويجهرون بالقراءة، فقال عليه الصلاة والسلام : ( فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة ) فجعل هذا أذية ونهى عنه، والواقع شاهد بذلك ولهذا نحن نرى أن الذين يفعلون هذا يؤدون الصلاة من على المنارة عبر المكروفون، نرى أنهم إذا كانوا يؤذون من حولهم فإنهم آثمون، فإذا كان هذا العمل يكون فيه الإنسان إما آثم وإما سالم فلا شك أن تركه أولى، وهو في الحقيقة لا فائدة منه، هل الإنسان يصلي إلى من كان خارج المسجد ؟ يصلي لأهل المسجد.، أما الذين في الخارج، ما عليك منهم، ثم فيه أيضا مفسدة، وهو أنه إذا كان الإنسان كسول، قال : هؤلاء توهم في أول ركعة، انتظر ! فينتظر إلى الركعة الثانية، أو الثالثة، أو يقول له الشيطان : اجلس حتى لا يبقى إلا ركعة فيحرم من الخير، لهذا نوصي إخواننا ولاسيما الأئمة ألا يفعلوا هذا وأن تسلم ذممهم ويسلم إخوانهم من أذيتهم، حتى في البيوت أيضا ربما بعض الناس يكون مثلاً قد صلى ويحب أن ينام ويرتاح قد يكون مريضا سهر الليل كله، يزعجه هذا الصوت، وقد يكون مثلاً المسجد قريبا من السطوح في أيام القيظ وفيه الصبيان يمكن يفزع إذا سمع الصوت، فالحاصل أن هذه المسالة ابتلى بها بعض الناس، نسأل الله أن يعافينا وإياهم، وصاروا يؤذون من بجوارهم من المساجد أو البيوت في أمر لا فائدة منه، والله الموفق .
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله تعالى : فيما نقله عن أبي هريرة رضى الله عنه في كتابه * رياض الصالحين * : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة ولا تأتوها وأنتم تسعون لكن ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) وزاد مسلم ( فإن الإنسان إذا عمد إلى الصلاة فإنه في صلاة ) يعني : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الإنسان إذا سمع الإقامة، وهو خارج المسجد، أن يأتي إلى المسجد ولكن بسكينة ووقار، لا يأتي يركض، أو يعجل عجلة قبيحة، لأنه في صلاة فإذا أتى، فما أدرك فليصل، وما فاته فليتم، فإذا جئت والإمام راكع فكبر تكبيرة الإحرام وأنت قائم، معتدل، ثم اركع وبذلك تدرك الركعة، وإذا أتيت وهو قائم من الركوع، فكبر وادخل معه واسجد معه ولا تحسب هذه الركعة، لأن الإنسان إذا لم يدرك ركوع الإمام فاتته الركعة، وإذا أتيت وهو ساجد فكبر للإحرام وأنت قائم ثم اسجد ولا تنتظر حتى يقوم وإذا أتيت وهو جالس فكبر وأنت قائم واجلس أي حال أدركت الإمام عليها فاصنع كما يصنع الإمام، وإذا أتيت وهو في التشهد الأخير، نظرت إن كان معك فيه جماعة فلا تدخل معه لأنك لا تدرك صلاة الجماعة بإدراك التشهد لا تدرك الجماعة إلا إذا أدركت ركعة كاملة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) وإذا لم يكن معك جماعة أولا يمكنك أن تدرك مسجدا آخر، فادخل معه ولو في التشهد ولا تحسب هذا شيئا لأنه فاتك الركوع، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( فأتموا ) دليل على أن المسبوق إذا قام يقضي فإنه يقضى آخر صلاته لا أولها فإذا أدرك الركعتين الأخيرتين من الظهر مثلا وقام يقضي، فإن الركعتين اللتين يقضيهما هما آخر صلاته، فلا يزيد على الفاتحة لأن الركعتين الأخيرتين السنة أن لا يزيد عن الفاتحة، وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( دفع من عرفة فسمع وراءه جلبة وضربا وزجرا للإبل وأصواتا للإبل ترغي ) لأنهم كانوا في الجاهلية إذا دفعوا من عرفة أسرعوا إسراعا عظيما يبادرون النهار قبل أن يظلم الجو، فكانوا يضربون الإبل ضربا شديدا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أومأ إليهم بسوط معه وقال : ( أيها الناس عليكم السكينة السكينة أو قال : عليكم بالسكينة - يعني : الطمأنينة والهدوء - فإن البر ليس بالإيضاع ) - يعني : أن البر والخير ليس بالإيضاع أي ليس بالإسراع، والإيضاع : نوع من السير سريع، ففي هذا دليل على أن الإنسان لا ينبغي له أن يسرع إذا تقدم إلى أماكن العبادة لأن الذين يدفعون من عرفة يتجهون إلى مزدلفة إلى عبادة، وبهذا يتم المؤلف رحمه الله ما ترجم به حيث قال : يأتي إلى الصلاة ومجالس العلم
وغيرها من العبادة بسكينة فإذا أتيت إلى مجالس العلم والخير فكن ساكنا، وقورا، مهيبا، حتى لا تذل أمام الناس ويكون تعظيمك لهذه المجالس من تعظيم الله عز وجل، والله الموفق .