فضيلة الشيخ أنا امرأة ملتزمة -ولله الحمد- ولا أزكي نفسي، ولكن مشكلتي التي أعاني منها هي أنني أتعذب مما أشعر به وهو: أولاً: أشعر أن الله لا يقبل عملي. ثانياً: إذا رأيت أحداً عنده نعمة لا توجد عندي أتمنى زوالها، وهذا ليس بيدي، بل دائماً أدعو الله أن يزيل عني هذا الشعور في كل وقت. جزاك الله خيراً.؟ حفظ
السائل : سائلة تقول : فضيلة الشيخ أنا امرأة ملتزمة ولله الحمد، ولا أزكي نفسي، ولكن مشكلتي التي أعاني منها هي أنني أتعذب مما أشعر به وهو : أولاً : أشعر أن الله لا يقبل عملي، ثانياً : إذا رأيت أحداً عنده نعمة لا توجد عندي أتمنى زوالها، وهذا ليس بيدي، بل دائماً أدعو الله أن يزيل عني هذا الشعور في كل وقت. جزاك الله خيراً ؟
الشيخ : الواقع أن هذا من الشيطان، كون الإنسان يعمل العمل على حسب ما جاءت به الشريعة، مخلصاً لله، متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يرجو ثواب الله ويخاف عقاب الله، ثم يقول : إن الله لا يقبل مني. ليس هذا إلا من الشيطان : (( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا )) إلا من ؟ (( إِلَّا الضَّالُّونَ )) هذا قنوط من رحمة الله، وأنا أقول لهذه المرأة ولغيرها : أبشر يا أخي المسلم، إذا من الله عليك بالعمل على الوجه الذي شرعه فأبشر بأن الله يقبله، لأن فعل المرء ما أمر الله به ورسوله من التقوى، وقد قال الله تعالى في كتابه : (( إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ )) ممن ؟ (( مِنَ الْمُتَّقِينَ )) ولو أننا كلما عملنا خيراً قلنا : ما قبل الله، ما استطعنا أن نمشي، ولاستولى علينا اليأس من روح الله، بل الواجب على المرء إذا أتى بالعبادة على الوجه المشروع إخلاصاً لله ومتابعة لرسول الله أن يستبشر خيراً، وأن يقول : اللهم كما مننت عليَّ بالعمل فامنن عليَّ بالقبول، ولا ييأس، يفرح، وقد جاء في الحديث : ( من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن ) هذه شهادة من الرسول عليه الصلاة والسلام، أن الإنسان إذا فعل الحسنة وسر بذلك وفرح وانشرح صدره، وإذا عمل سيئة اغتم لذلك فذلك هو المؤمن بنص من ؟ الرسول عليه الصلاة والسلام، أبشر يا أخي لا تقنط من رحمة الله، لا تيأس من روح الله، وأما الحسد أيضا يلقيه الشيطان في قلب بني آدم، وهو من أردء الأخلاق، الحساد أشبه ما لهم اليهود، اليهود. أترضى أن تكون مشابهاً لليهود ؟ لا، يقول الله عز وجل : (( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً )) إيش ؟ (( حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ )) فالحسد لو لم يكن منه إلا أنه خُلُق اليهود لكفى به رادعاً، مع أنه الحسد خلق الظالم من ابنيَ آدم، مو من بني ادم. من ابنيَ آدم، إيش القصة ؟ هابيل وقابيل، قربا قرباناً فتقبل الله من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، فقال الثاني الذي لم يتقبل الله منه : لأقتلنك. ليش ؟ حسداً، ليش الله يتقبل منك ولا يتقبل مني ؟ وحصل ما حصل، قتله، ولكنه عوقب بحمله وعجز عن التصرف فيه، حتى بعث الله غراباً يبحث في الأرض، ما أقل حيلتك يا ابن آدم، من علمك أن تقبر الموتى؟ الغراب، نحن الآن نقبر موتانا نتأسى بالغربان، نعم لكنه بإذن الله (( فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ )). فالحسد خلق ذميم، خلق يهودي، ثم إن الحاسد إذا تمنى زوال نعمة الله على أخيه، أو كره أن ينعم الله على غيره، هل ذلك يمنع نعمة الله على المحسود ؟ أجيبوا ؟ لا، هل ذلك يزيد نعمة الله على الحاسد ؟ أبداً، والله الحاسد قلبه حار كأنه على جمر، كلما رأى نعمة اغتم، لا يهدأ له بال، ومع ذلك لن ينال خيراً، قال الله عز وجل : (( وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ )) إذا رأيت الله أنعم على غيرك بمال، أو علم، أو صحة، أو جاه، أو أولاد، أو غير ذلك قل : اللهم إني أسألك من فضلك، كما قال عز وجل : (( وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ )) أما أن تبقى مغموماً محزوناً كلما رأيت نعمة من الله على أحد اغتممت فسوف تحرق نفسك، فأقول للأخت السائلة : كلما أحسستِ بشيء من الحسد فقولي : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، اللهم إني أسألك من فضلك كما أعطيت هؤلاء ألا تحرمني نعم .