تحذير الصائمين من بعض الأخلاق السيئة. حفظ
الشيخ : وقال عليه الصلاة والسلام : ( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ). يعني : أن الله لا يريد منا أن ندع الطعام والشراب.و إنما يريد منا أن ندع قول الزور والعمل به والجهل. قول الزور : كل قول محرم. العمل بالزور : كل عمل محرم. الجهل : كل عدوان على الناس. فالذي لا يترك هذه الأشياء لم يصم حقيقة. صام عن ما أحل الله وفعل ما حرم الله. ولهذا أقول : يجب علينا ونحن صيام أن تكون تقوانا لله عز وجل أكثر من تقوانا في الإفطار. وإن كان التقوى يجب أن تكون في الإفطار والصيام. لكن يجب أن نعتني بالتقوى في حال الصوم أكثر. وإني أظن أن أحدا من الناس أمسك عن المعاصي شهرا كاملا فسوف يتغير منهجه ومسلكه ، لأنه سيبقى شهرا كاملا لا يعصي الله. سوف يتغير منهجه. ومن رحمة الله عز وجل بنا أن شهر رمضان تصفد فيه الشياطين حتى لا تتسلط علينا بتحسين المعاصي في قلوبنا ، وأنها تغلق فيه أبواب النيران، وتفتح فيه أبواب الجنة حتى يسهل للإنسان، على الإنسان العمل بما يباعده عن النار، ويقربه من الجنة. نعمة من الله عز وجل. فهذا الشهر فيه ما يساعد الإنسان على التقوى. فاتق الله. ليس من الصوم يا إخواني أن يملأ الإنسان بطنه مما أحل الله له. ثم ينام عن صلاة الفجر والظهر والعصر. فإذا قرب المغرب قام ليفطر وإلا ليصلي؟ نعم؟ ليفطر، لأنه لو قام ليصلي لصلى أولا. لكن ليفطر، ثم يصلي في آخر النهار. وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق تلك صلاة المنافق يرقب الشمس حتى إذا صارت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ). وهذا يوجد عند بعض الناس نسأل الله العافية. يتمتعون بما أحله الله لهم في ليلهم ثم ينامون عما أوجب الله عليهم في نهارهم. طيب. رجل آخر صام عن الطعام والشراب فجلس إلى صاحبه على عتبة الدكان أو على الرصيف أو في أي مكان وجعلا يأكلان لحوم الناس، فلان فيه ، فلان فيه ، فلان فيه. وربما يأزهم الشيطان فيقعون في أعراض العلماء. وهذا أشد وأخبث. يعني : غيبة العالم أعظم إثما من غيبة العامي. - انتبه - لأنك إذا اغتبت العامي تضرر هو بنفسه إن تضرر وإلا قد لا يضره غيبته. لكن إذا اغتبت العالم تضررت الشريعة الإسلامية. من حملة الشريعة؟ العلماء. فإذا قدح الإنسان فيهم هبطت قيمتهم عند الناس، وضعفت الثقة بأقوالهم. وحينئذ يكون ذلك ضررا على إيش؟ على الشريعة الإسلامية. ولهذا لما كان قائد الشريعة الإسلامية محمد رسول الله، لما كان في منزلة، في منزلة التشريع قال : ( من كذب علي متعمدا ). قال : ( إن كذبا علي ليس ككذب على أحدكم. إن من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) ، لأنه إذا كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم صار ما ينسبه للرسول شريعة. فأدخل في الشريعة ما ليس منها أو أخرج من الشريعة ما هو فيها. أقول يا إخواني : رجل صام وفي أثناء النهار جلس إلى صاحبه يأكلان لحوم الناس. أهو صائم حقا؟ لا. ( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ). هذا لم يدع إيش؟ قول الزور ولا العمل بالزور؟ لم يدع قول الزور. في مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الذي صنفه في الحديث والذي قال لابنه : " يا بني إن هذا المسند سيكون للناس إماما ". في هذا المسند : أن امرأتين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صامتا، فجلست إحداهما إلى الأخرى تأكلان لحوم الناس. فعطشتا عطشا شديدا أصابهما العطش. فدعا بهما النبي عليه الصلاة والسلام، أي طلب مجيئهما، فجاءتا إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فأمرهما أن تقيئا. إيش معنى تقيئا؟ تتقيأ : تستفرغ. فقاءتا. قاءتا دما وصديدا ولحما ... . نسأل الله العافية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن هاتين صامتا عن ما أحل الله لهما. وأفطرتا على ما حرم الله عليهما. جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس ). وهذا الحديث ضعيف السند لكن يذكر في مقام الترهيب، حتى ينكف الناس عن الغِيبة. ويكفي من ذلك قول الله عز وجل : (( وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا)) أكملوا الآية (( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا )). إيش الجواب؟ يحب ولا ما يحب؟ لا يحب. (( فَكَرِهْتُمُوهُ )). قال بعض أهل العلم : إنه يؤتى بالرجل الذي اغتيب يوم القيامة بجثة ميت، ويعذب الذي اغتابه بالأكل منه، ولا يريده، يكرهه، لكن يعذب. نظير الذي يصور إذا كان يوم القيامة قيل له : صور صورة وانفخ فيها الروح. يجعل له الصورة ويقول له انفخ فيها الروح. يستطيع ولا ما يستطيع؟ ما يستطيع. لكن يعذب. من كذب في الرؤيا قال رأيت كذا وكذا وهو كاذب. إذا كان يوم القيامة يكلف أن يعقد بين شعيرتين. تعرفون الشعير؟ حب الشعير، يمكن تعقد بينهما ولا ما يمكن؟ لا يمكن. لكن يعذب، يلزم. فيجد حرجا ولا يستطيع. على كل حال أقول : إن الواجب على - يعني نعود إلى الصيام - الواجب على الصائم أن يتقي الله عز وجل، فيقوم بما أوجب الله، ويترك ما نهى الله، حتى يكون صومه صوما حقيقيا. ثم اعلم يا أخي أن الصيام له مستحبات.