حادث الحريق لحج سنة (1417هـ) والعبر منه. حفظ
الشيخ : إخواني : في حج هذا العام عام سبعة عشر وأربعمائة وألف. حدث حريق هائل في يوم التروية. وكثير من الناس في منى. وكثير من الناس في مكة. وكثير من الناس في عرفة. وكثير من الناس الذين في منى قد أحرموا. وكثير منهم لم يحرم. وكانت الكارثة عظيمة لولا أن الله تعالى منّ بتقليلها حتى انحصرت فيما انحصرت فيه. وقد قدرت الخيام التي التهمتها النار بسبعين ألف خيمة. والموتى بأكثرمن ثلاثمائة ، أكثر من ثلاثمائة ميت. والجرحى بنحو ألفين أو يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا، والضائعون أيضا كثيرون. ولاشك أن هذه كارثة. ولكن بسبب الذنوب والمعاصي لقول الله تبارك وتعالى : (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير )). فيجب علينا أن نتخذ من ذلك عبرة وعظة. ومن أكبر ما يجب أن نتعظ فيه أن لا نتخذ الحج نزهة. لا نريد إلا أن نقرب أنفسنا ويجلس بعضنا إلى بعض بالمزح والضحك وإضاعة الوقت ، لأن الحج عبادة حتى أن الله تعالى سماه نذرا، وسماه فرضا. فقال تبارك وتعالى : (( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ )). وقال : (( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم )). فهو عبادة جليلة، ليست طرفة ولا نزهة. فمن الناس من يتخذه نزهة. ومن الناس من يتخذه وقتا للتسول. ومن الناس من يتخذه وقتا للسرقة والعدوان والعياذ بالله. فالناس يختلفون. فهذه المصائب لا شك أنها بذنوبنا. ولا شك أيضا أنها قد كتبت علينا قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. ولهذا يجب علينا أن نتخذ من هذه المصيبة موعظة، موعظة تتعظ بها القلوب وأن نتخذ منها رضا بقضاء الله وقدره. وأن نقول : الحمد لله على كل حال. والذين أصيبوا بها وماتوا إن كانوا محرمين فإنه يرجى أن يكونوا شهداء. ويخرجون من قبورهم يقولون : لبيك اللهم لبيك. فيجتمع لهم الشهادة والموت على الإحرام والخروج من القبور يلبون. ومن لم يكن أحرم فإننا نرجوا أن يكون من الشهداء أيضا ، لأن الحريق شهيد. كما جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولقد كان في هذه، في الحادثة عجائب. منها : الريح الشديدة التي كانت تنقل اللهب من مكان إلى مكان. فتنقل قطع الخيام من جهة إلى حهة. ثم إذا وقعت في جهة احترقت. الجهة التي انتقلت إليها هذه القطعة. وأخبرني شخص أثق به عن إنسان شاهد بعينه أن حمامة مرت فأصابها اللهب ففرت من اللهب وذيلها يلتهب. فسقطت ميتة. أدركها الإحتراق فسقطت على خيمة فاشتعلت الخيمة. سبحان الله ! هذا مما يدل على أن الله عز وجل ابتلى العباد بهذا الحريق. ثم الرياح الشديدة العاصفة في ذلك اليوم التي نراها تسوق النيران سوقا حثيثا. مما يدل على أن الله سبحانه وتعالى أراد من عباده - وله حكمة - أن يتعظوا من مثل هذه الأمور. وحصل فيها من الحريق ما حصل. وحصل فيها أن من الناس من فقد أمه ومنهم من فقد زوجته ومنهم من فقد أبناءه. ومنهم من رؤي محترقا وهو ساجد. سبحان الله! ساجد لله عز وجل. فإما أن يكون يصلي الظهر أو العصر. وإما أن يكون لما أحس أن النار أدركته قام يصلي وأحب أن يموت على صلاته. فعلى كل حال : نسأل الله تعالى لإخواننا الذين ماتوا أن يغفر لهم وأن يكتبهم من الشهداء، وأن يشفي إخواننا الذين ما زالوا على قيد الحياة ويجعل ما أصابهم في تكفير سيئاتهم ورفعة درجاتهم. ونسأل الله تعالى أن يأجر كل من أصيب بهذه المصيبة ، لأن كل مؤمن مصاب بلا شك بهذه المصيبة. فنسأل الله تعالى أن يجبر كسر الجميع وأن يعفوا عنا ويغفر لنا إنه على كل شيء قدير .
السائل : جزى الله فضيلة الشيخ خير الجزاء ونفعنا بعلمه. والآن جاء دور الأسئلة.