" قوله :" حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " : الهوى : بالقصر، أي : ما تهواه وتحبه نفسه، فإن كان الذي يحبه وتميل إليه نفسه، ويعمل به : تابعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يخرج عنه إلى ما يخالفه ، فهذه صفة أهل الإيمان المطلق، الذي يوجب لصاحبه الجنة والنجاة من النار . وإن كان بخلاف ذلك، أو في بعض أحواله، أو أكثرها : انتفى عنه من الإيمان كماله الواجب، فيطلق عليه مؤمن بقيد ، لنقص إيمانه بالمعصية، كما في حديث أبي هريرة :( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ) ، فيكون مسلما ومعه مطلق الإيمان الذي لا يصح إسلامه إلا به، وهذا التوحيد الذي لا يشوبه شرك ولا كفر ، وهذا هو الذي يذهب إليه أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة، فإن الخوارج يكفرون بالذنوب، والمعتزلة لا يطلقون عليه الإيمان، ويقولون بتخليده في النار . وكلا الطائفتين ابتدع في الدين، وترك ما دل عليه الكتاب والسنة، فقد قال تعالى (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ))، فقيد مغفرة ما دون الشرك بالمشيئة . وتواترت الأحاديث بما يحقق ما ذهب إليه أهل السنة، فقد أخرج البخاري وغيره عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال : لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال : لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير ) " حفظ