احتكار البنات لتزويجهن من الأقارب. حفظ
الشيخ : كذلك يمنع من النكاح ما يفعله بعض الجهال من احتكار بناته لأبناء أخيه. يحتكر بناته ليزوجها ابن أخيه. ويصرح بذلك. تقول الفتاة : خطبها فلان، صاحب دين وخلق ومال ونسب. قد توفرت فيه الشروط. فيقول : لا. أنت لابن عمك. سبحان الله! من ملك الأحرار بعد أن كانوا أحرارا؟ وهو إذا منعها أن تتزوج الكفء وأجبرها على أن تتزوج ابن عمها. فهذا النكاح نكاح فاسد، نكاح فاسد. المرأة لا تحل لزوجها به، وزوجها يطؤها على أنها فرج حرام والعياذ بالله. فيكون هذا الرجل قد مكَّن زوجته أن يجامعها رجل ليس زوجا لها والعياذ بالله. وذلك لأن من شرط النكاح رضى المرأة. كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( البكر تستأذن ، والثيب تستأمر ). وقال أيضا : ( البكر يستأمرها أبوها ) فنص على البكر، ونص على الأب. فكيف تزوجها من لا تريد وهي غير راضية؟ وسبحان الله! لو أن الإنسان باع من مال ابنته ما يساوي درهما واحدا بدون رضاها. هل بيعه صحيح وإلا غير صحيح؟ البيع غير صحيح. استمع يا أخي : لو أن الرجل باع من مال ابنته ما يساوي درهما واحدا دون أن يتملكه فإن البيع غير صحيح. فكيف يبيع حياة هذه المرأة بدون رضاها؟ هذا لا تأتي بمثله الشريعة. ولذلك أرى أن هؤلاء الذين يمنعون بناتهم من النكاح إلا ببني أعمامهن أرى أنه ظالم وأنه معتدي. وللبنت أن ترفع الأمر إلى المحكمة. ونقول لهذا الرجل : اذهب على جنب. ليس لك ولاية. أهل العلم يقولون : الرجل إذا منع المرأة أن يزوجها كفئا رضيته فإن الولاية تنتقل إلى من بعده. وتسقط ولايته. قالوا : وإذا تكرر ذلك منه صار فاسقا. تعرفون الفاسق؟ ضد من؟ ضد الطائع، ضد العدل. يعني لو أن هذا الرجل خُطبت منه ابنته خطبها رجال أكفاء في الدين والخلق، وهي ترضاهم. وقال : لا. وخطبها آخر، وقال لآ، وخطبها آخر، وقال : لا. صار هذا الرجل فاسقا لا يتولى شيئا من أمور المسلمين. إن أذن لم يصح أذانه. وإن صلى إماما بالناس لم تصح إمامته. وإن شهد فشهادته مردودة. وإن أراد أن يتولى على أحد لم يمكَّن من ذلك. لماذا؟ لأنه فاسق. حتى شهادته ما تقبل ، لأن الله يقول : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ))، لا تقبلوه، تثبتوا. المسألة خطيرة. وهذا الذي قررته الآن : أن الفاسق لا ولاية له، ولا إمامة له، ولا أذان له، ولا شهادة له هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله. والمسألة فيها خلاف. لكني أقول : المسألة عظيمة جدا. وهؤلاء الظلمة الذين يمنعون بناتهم أن يزوجوهن من أكفاء رضيته المرأة هؤلاء سوف يلقون جزاءهم عند الله يوم القيامة. ولقد حكى لي بعض الناس عن امرأة كان أبوها يمنعها. كل من يأتيه يخطبها يقول : صغيرة، فايتة، مخطوبة، وما أشبه ذلك. المرأة أصيبت أصيبت بمرض، الله أعلم هل هو من أسباب منعها من النكاح أو لغير ذلك. المهم أنها أصيبت. لما حضرتها الوفاة، كان عندها أمها ونساء أخريات. قالت : بلغوا أبي أنني لم أحلله. وهو مني في حرج. وبيني وبينه يوم القيامة. أمر خطير. لكن بعض الناس - نسأل الله العافية - قلبه حجر أو أشد من الحجارة، أناني، لا يراعي شعور غيره، ولا يبالي بغيره. وهو إذا زوج ابنته خرج من الظلم وأدى الأمانة. وربما يحصل منها أولاد يدعون له حيا وميتا. وكم من أولاد من البنات كانوا خيرا من أولاد البنين. فلماذا يمنعها!