تفسير قوله: (( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )). حفظ
الشيخ : نعود إلى قوله تعالى : (( لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) يقومون منين ؟ يقومون من قبورهم لرب العالمين، ولم يذكر الله تبارك وتعالى كيف يقومون لكن في آيات أخرى وأحاديث بين أنهم يقومون سراعاً : (( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ )) وقال عز وجل : (( إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ )) القلوب طائرة هواء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنكم تحشرون حفاةً عراةً غرلاً بهماً ) كم الأوصاف ؟ كم يا إخوان ؟ ( حفاةً عراةً غرلاً بهماً ) الحفاة : الذين ليس عليهم نعال ولا خفاف، العراة : الذين ليس عليهم ثياب، الغرل : هم الذين لم يختتنوا، - الختان يعني : الطهارة -، تقطع القلفة في الختان، يوم القيامة ترجع، يعود الإنسان ما نقص منه شيء كما قال عز وجل : (( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ )) بهماً : قال العلماء : أي ليس معهم أموال يفتدون بها ويفكون أنفسهم، يحشر الناس على هذا، عائشة رضي الله عنها قالت : ( يا رسول الله الرجال والنساء عراة ؟ قال: نعم، الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك ) اللهم أعنا على هذا اليوم، الأمر أعظم، وإذا شئت أن يتبين لك هذا فاقرأ قول الله تعالى : (( فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )) أنت وأخوك في الدنيا تتآلفان، يأوي بعضكم إلى بعض، ويأنس بعضكم ببعض، وكذلك مع الأم والأب، ومع الصاحبة والابن، لكن في يوم القيامة إيش ؟ يفر المرء من هؤلاء، قال العلماء : معنى كونهم يفرون : خوفاً من أن يطالبوهم بالحقوق، الأب يفر من ابنه يخشى أن يقول ابنه : يا أبت إنك ضيعت تأديبي، وكذلك البقية، يخشون أن يحتج هؤلاء عليهم بحقوق يطالبونهم بها يوم القيامة، أجارنا الله وإياكم من العذاب الأليم، ولهذا وصفه الله هنا قال : (( لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) وقوله : (( لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) من المراد بالعالم ؟ كل من سوى الله فهو عالم، نحن نقرأ في الفاتحة : (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) من رب العالمين ؟ هو الله، من العالمون ؟ هم كل ما سوى الله، لأن ما فيه إلا رب ومربوب، الرب هو الواحد الأحد ومن سواه مربوب، ولهذا قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في العالمين : " كل من سوى الله فهو عالم وأنا واحد من ذلك العالم " .