حكم من أكل وشرب ظاناً بقاء الليل أو دخوله ثم تبين خطؤه. حفظ
الشيخ : ثانياً : رجل قام في ليلة من ليالي رمضان ونظر إلى الساعة فأخطأ في نظره وظن أنه في ليل، فجعل يأكل ويشرب، وإذا بالإقامة تقام للصلاة فأمسك، من حين ما سمع الإقامة أمسك، لكن الإقامة أولَّها شك هل هي إقامة أو أذان ؟ فلما قال : قد قامت الصلاة عرف أنها إقامة فأمسك، أيصح صومه ؟ يصح صومه، أكل بالنهار ! نعم يصح صومه وإن كان قد أكل في النهار، لأنه أكل عالما أو جاهلاً ؟ جاهلاً، لا يدري أنه في النهار، بل يظن أنه في ليل، فصومه صحيح، فإذا قال قائل : ما هو الدليل على أن صومه صحيح ؟ قلنا : لأنه أخذ برخصة الله، وقد قال الله تعالى (( كلوا واشربوا )) بل قال : (( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا )) أكمل (( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ )) إذاً هو آكل برخصة من الله، لأنه ما تبين له، فليس عليه قضاء صيامه صحيح، والدليل هذه الآية : (( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )) واضح. أيضاً دليل آخر : قال الله تعالى : (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) ماذا قال الرب عز وجل ؟ قال : قد فعلت. يعني : لن أؤاخذكم إذا نسيتم أو أخطأتم، وهذا الرجل مخطئ أو متعمد ؟ مخطئ نعم. مخطئ، فليس عليه شيء (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) هذا مخطئ وقد قال الله عز وجل : قد فعلت إذا كان فعل الحمد لله، أيضاً : رجل سمع المؤذن يؤذن للمغرب وهو صائم، سمع المؤذن يؤذن والدنيا مظلمة فأكل وشرب، ثم تبين أن المؤذن أخطأ، غلط، الساعة مقدمة والشمس لم تغرب، هل يلزمه القضاء أو لا يلزمه أو الصوم صحيح ؟ الصوم صحيح، الصوم صحيح يا إخواني، كيف يكون صحيح وقد تبين أنه أكل قبل أن تغرب الشمس ؟ نقول : نعم. هذا الرجل هل هو متعمد أن يأكل قبل أن تغيب الشمس أو مخطئ ؟ مخطئ، إذا كان مخطئاً فهذا كلام الله عز وجل : (( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )) فقال الله تعالى : ( قد فعلت ). وقال جل وعلا : (( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ )) انتبه (( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ )) الحمد لله، كريم تكرم على العباد جل وعلا، أفلا يليق بنا أن نقبل كرمه ؟ بلى والله، نقبل كرمه، ثم نقول : هذه المسألة بعينها وقعت في زمن البشير النذير محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما : ( أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس ) أفطروا في يوم غيم بناءً على إيش ؟ بناء على أن الشمس غربت، ثم طلعت الشمس ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء - ما يخالف خلوه يفرح - م يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء مع أنهم أكلوا قبل غروب الشمس، ولو كان القضاء واجباً عليهم لبلغهم الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، لأنه إذا كان القضاء واجباً كان من شرع الله، والرسول صلى الله عليه وسلم مأمور أن يبلغ شرع الله، وإذا بلغه، فلا بد أن ينقل إلينا، لأن الشرع إلى يوم القيامة، فلما لم ينقل إلينا أنهم قضوا يوما، علمنا أن الرسول لم يأمرهم بذلك وأن صيامهم صحيح .