ضوابط عدة المرأة المفارقة. حفظ
الشيخ : كذلك لو طلقها في طهر جامعها فيه وهي ممن يحيض وليست بحامل فإن الطلاق حرام، لأنه إذا طلق وهو قد جامعها في هذا الطهر لا يدرى فلعلها حملت منه، وحينئذ لا ندري أطلقها لعدة الحيض أو لعدة الحمل .
الطلاق في حال الحمل واقع ولا غير واقع ؟ والغريب أن بعض العوام يظنون أن الطلاق في الحمل لا يقع، ولا أدري من أين أتاهم هذا ؟! الطلاق في الحمل يقع، حتى لو جامعها الإنسان وهي حامل وطلقها قبل الغسل من الجنابة وقع الطلاق، إذاً طلاق الحامل من أوكد الطلاق وقوعاً، ولا بد من عدة، يعني إذا تم الطلاق فلا بد من عدة، فما هي العدة ؟ العدة إذا كان الإنسان قد دخل بزوجته أو خلا بها لمن تحيض ثلاث حيض، - استمع يا غافل - لمن تحيض ثلاث حيض، طالت المدة أم قصرت، فإذا كانت المرأة لا تحيض إلا في الشهرين مرة كم تكون عدتها ؟ كم ؟ ست أشهر، وإذا كانت المرأة ترضع والعادة أن التي ترضع لا يأتيها الحيض إلا إذا فطمت الصبي، وبقيت ترضع هذا الصبي سنتين كم تكون العدة ؟ تكون العدة سنتين، وبعد أن يأتيها الحيض تعتد بثلاث حيض .
غالب الناس مع الأسف الشديد يظنون أن عدة الطلاق ثلاثة أشهر سواء تحيض أو لا تحيض، هذا غلط، التي عدتها ثلاثة أشهر صنفان من النساء ذكرهما الله عز وجل في سورة الطلاق فقال : (( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ )) كم؟ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ )) إذاً صنفان : التي يئست من الحيض إما لكبرها أو لأنها أجرت عملية في الرحم انتزع الرحم منها أو لغير ذلك، المهم أنها آيسة، هذه عدتها ثلاثة أشهر، (( وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ )) يعني : الصغيرات اللاتي لم يأتهن الحيض عدتهن كم ؟ ثلاثة أشهر، طيب إذاً نقول - وانتبهوا للضوابط- : المرأة المفارقة الحياة إن كان فراقها قبل الدخول والخلوة فلا عدة عليها، إذا كان قبل الدخول والخلوة لا عدة عليها، مثاله : رجل عقد على امرأة وتأخر الدخول، ثم بدا له أن يطلقها قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها طلقها، عليها عدة ؟ لا، لقول الله تبارك وتعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا )) هذه ما عليها عدة. الثاني، القسم الثاني : طلقها وهي حامل، عدتها إلى وضع الحمل طالت المدة أم قصرت لقول الله تعالى : (( وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ )) الثالث : امرأة تحيض فعدتها كم ؟ ثلاث حيض طالت المدة أم قصرت، الرابع : امرأة طلقها وهي لا تحيض لصغر أو إياس فعدتها ثلاثة أشهر .
أما بالنسبة للمعتدة من الوفاة فإنهن صنفان فقط : حامل وغير حامل، الحامل عدتها وضع الحمل، وغير الحامل عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، تبتدء المدة من موت الزوج، حتى لو تأخر دفنه أياماً فإن العدة من حين مات لقوله تعالى : (( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )) وهو يذرها -أي : يتركها - من حين أن يموت، إذاً المفارقة بالموت كم صنفا ؟ صنفان، إن كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل، غير حامل عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، طيب .
لو فرض أن الرجل ما دخل عليها ولا خلا بها، تزوج امرأة عقد له عليها، ثم مات قبل أن يدخل عليها، هل تعتد أو لا ؟ تعتد، هذا غير الطلاق، شوف سبحان الله ! الوفاة تعتد وإن لم يدخل عليها، فلو عقد له على امرأة وهو في مكة والمرأة في المدينة ثم مات في أثناء الطريق وجب على امرأته في المدينة أن ؟ أن تعتد لقول الله تعالى : (( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )) طيب إذا كانت حاملاً ومات عنها زوجها عدتها إلى إيش ؟ وضع الحمل، طيب .
رجل توفي وزوجته تطلق، في الطلق، ثم وضعت قبل أن يدفن انتهت عدتها أو لا ؟ انتهت عدتها وإحدادها، ما بقي شيء، لقول الله تعالى : (( وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ )) ويدل لذلك أن امرأةً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهي سبيعة الأسلمية رضي الله عنها، مات عنها زوجها ثم ولدت بعده بليالي، فدخل عليها رجل يقال له أبو السنابل بن بعكك ورآها متهيئة للخطَّاب، قال لها : ليش هذا ؟ لا يمكن أن تتزوجي حتى يمضي عليك أربعة أشهر وعشرا، وهي نفست بليال، هي رضي الله عنها لما قال لها أبو السنابل هذا الكلام ذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وأخبرته بأنها وضعت، وأن هذا الرجل قال لها : لا يمكن أن تتزوجي إلا بعد أربعة أشهر وعشرا، فقال لها : ( كذب الرجل ) كذب يعني أخطأ، يعني كذب في لغة الحجازيين في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام بمعنى أخطأ، يعني : أخطأ الرجل ( لقد حللت للأزواج ) وهي لم تلبث إلا ليالي، إذاً عدة كم صنفا ؟ ها ؟ لا، صنفان فقط : إما أن تكون حاملاً فعدتها بوضع الحمل، أو لم تكن حاملاً فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، ابتداءً من ؟ من موت زوجها لا من دفنه ولا من علمها بموته، من موته تحسب أربعة أشهر وعشرة أيام .
طيب وبماذا تحسب الأشهر ؟ تحسب كل شهر ثلاثين يوما أو أربعة أشهر وإن كان الشهر تسعة وعشرين يوماً ؟ الثاني، لأن الله قال : (( أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )) فإذا قدر أن الشهر الأول والثاني والثالث ناقصات كم ينقص من الثلاثين ؟ ثلاثة أيام، العبرة بالأشهر لا بالأيام لأن الله يقول : (( وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )) والعبرة بالأشهر الهلالية،
ثم إن النكاح يترتب عليه نفقات، نفقات من الزوج على الزوجة، فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته من حين أن يتسلمها، يعني : من حين يدخل عليها، ينفق عليها إنفاق غني أو إنفاق فقير أو وسط ؟ حسب حاله، قال الله عز وجل : (( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ )) فلو تزوجت غنية بفقير وقالت له : ائتني بذهب، ائتني بأفخر الثياب، أسكني بأحسن القصور، هل يلزمه ذلك أو لا يلزمه ؟ أجيبوا يا جماعة ؟ المرأة غنية والرجل فقير، أيلزمه أن يأتي بما تطلب ؟ لا يلزمه، طيب، ولو تزوجت فقيرة بغني وقالت : أعطني الحلي، هات لي حلي، هات لي اللباس .
فقال لها : أنت ابنة فقراء، أنت عند أهلك ليس لك اللباس الجميل ولا لك الحلي وتسكني في حفش بيت .
هل يوافق على هذا الكلام؟ لا، نقول : أنت مغنيك الله، والله عز وجل قال : (( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ )) إذا لم يقم الزوج بالإنفاق الواجب عليه هل للمرأة أن تطالبه ؟ الجواب : نعم، حقها، فإن قام بالواجب وإلا فلها فسخ النكاح، لها فسخ النكاح، لأن الرجل فرط ولم يقم بالواجب عليه فلها أن تفسخ النكاح، طيب، لو كانت المرأة لا تقوم بحق زوجها، وإن قامت قامت على مضض وتكره وتثاقل، هل له أن يحبس النفقة عنها ؟ نعم، أعط وخذ، ولذلك إذا كان الزوج لا ينفق عليها فلها أن تمنعه حتى من الفراش : (( جَزَاءً وِفَاقاً )) إن قام بحقها وجب أن تقوم بحقه وإن لم يقم بحقها لم يجب، وهي إن قامت بحقه وجب أن يقوم بحقها وإن لم تقم بحقه لم يجب عليه أن يقوم بحقها، متبادل، يوجد بعض الناس والعياذ بالله يهين المرأة إلى أبعد الحدود، لا يتكلم معها ولا يلقي لها بالاً، وهي عنده كخادم من أسوأ الخدم، وهذا والله لا يجوز، لا يجوز أبداً، ألم تعلموا أن نبيكم محمداً صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي )، ألم تعلموا أنه كان يسابق زوجاته يجاريهن في المشي، كما سابق عائشة رضي الله عنها، كل ذلك من حسن خلقه، وتأمل قوله : ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) يعني : فتأسوا بي، فالواجب على الزوجين أن يتعاشرا بالمعروف، يقوم الزوج بحق زوجته والزوجة بحق زوجها حتى تكون الحياة بينهما سعيدة، أما إذا كانا في نزاع وخصام فإن الحياة ستكون جحيماً والعياذ بالله وسيؤثر ذلك على من ؟ على أولادهما إن كان لهما أولاد، والمراقب الآن يشير إلي أن الوقت قد انتهى،
ونرجو الله تعالى أن يكون فيما حصل من الذكرى كفاية، ونسأل الله تعالى أن يكثر تزويج بناتنا وأبنائنا، وأن يخفف المهور، وأن يخفف القصور إنه على كل شيء قدير .