تفسير قوله تعالى: (( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً )). حفظ
الشيخ : قال تعالى: (( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً )) هذه الصفة الثالثة وإلا الرابعة؟ (( الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا )) يبيتون سجداً لله وقياماً. وتأمل لماذا قدم (( لِرَبِّهِمْ )) على قوله : (( سُجَّداً وَقِيَاماً ))؟ إشارة لإخلاصهم أنهم لا يقومون رياءً ولا سمعة. وإنما يقومون لله وحده. (( سُجَّداً وَقِيَاماً )). طيب. هل هم يسجدون ويقومون فقط أم يركعون أيضاً؟ يركعون ويجلسون. الصلاة فيها ركوع فيها قيام فيها قعود فيها سجود. فلماذا نص على القيام والسجود؟ نص عليهما لأن القيام أشرف بذكره، والسجود أشرف بهيئته. القيام أشرف بذكره ، لأن الإنسان القائم يقرأ كلام الله عز وجل. أفضل قول هو قول الله عز وجل. فلشرف ما يقرأ به في قيامه نص على القيام. السجود أشرف بايش؟ بهيئته ، لأن الساجد أقرب ما يكون لربه تبارك وتعالى. فنص على القيام لشرفه لما يقرأ فيه، وعلى السجود لشرفه بهيئته. قل لي يا أخي : ما الذي تضعه عند السجود؟ أضع الجبهة والأنف، الوجه. أشرف ما في الإنسان وأعلى ما في الإنسان ينزل حتى يكون في موطئ الأقدام ذلاً لمن؟ لله عز وجل. لو وضع السيف على رقبة المؤمن ليسجد لفلان أو فلان ما سجد. لكنه إذا سمع المنادي : حي على الصلاة، حي على الفلاح ، أجاب بسرعة. إذن هؤلاء من أوصافهم أنهم يبيتون لربهم سجداً وقياماً. وهل يطيلون القيام؟ هل يطيلون السجود؟ ما دام بياتهم على هذا الوصف معناه أنهم يطيلون القيام والسجود. وهذا إمامهم عليه الصلاة والسلام محمد صلوات الله وسلامه عليه يطيل القيام. يطيل القيام حتى إنّ قدميه لتتفطر من طول القيام. ( صلى معه ذات ليلة عبد الله بن مسعود وهو شاب. فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم وأطال القيام. قال عبد الله بن مسعود : حتى هممت بأمر سوء - وهو شاب أشب من الرسول عليه الصلاة والسلام- قال : حتى هممت بأمر سوء. قالوا : ماذا هممت يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أردت أن أقعد وأدعه ). شوف الله أكبر! وصلى معه حذيفة بن اليمان ذات ليلة. فبدأ بالبقرة بعد الفاتحة. يقول حذيفة : ( فقلت: يسجد عند المائة، -إيش يسجد عند المائة؟ يعني إذا أتم مائة آية ركع.- ولكنه مضى حتى أتم البقرة. فقلت : يركع حينئذ. مضى. فقرأ النساء ومضى وقرأ آل عمران ). قبل الترتيب الأخير. كان من الأول النساء كانت قبل آل عمران ثم الترتيب الأخير صارت آل عمران قبل النساء. كم قرأ الرسول عليه الصلاة والسلام؟ خمسة أجزاء وربع. قال حذيفة : ( وكان لا يمر بآية تسبيح إلا سبح، ولا بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية وعيد إلا تعوذ ). شوف كيف. إذا كنا نقرأ خمسة أجزاء مثلاً في ساعة ونصف. كم يكون الرسول قرأها مع الترتيل ومع السؤال عند ورود الرحمة، والتعوذ عند العذاب، والتسبيح عند التسبيح؟ ستكون ساعات طويلة. وفي السجود أيضاً يطيل السجود عليه الصلاة والسلام. ولكن قد يستحسر المرء إذا سمع مثل هذا. ويقول : ما لي ولهذا، لا أستطيع. ثم يقول لنفسه: نم إلى أذان الفجر. فنقول يا أخي : الخير كل الخير فيما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم. قال عليه الصلاة والسلام : ( اكلفوا من العمل ما تطيقون ) يعني : لا تكلفوا أنفسكم الذي تطيق. وأخبر صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنّ ( أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ). يعني : الذي يديم عليه الإنسان وإن قل. يعني لو حصل لك في آخر الليل قبل الفجر بنصف ساعة، تقوم وتتوضأ وتقرأ ما ينبغي أن يقرأ عند الاستيقاظ، وتصلي ولو ثلاث ركعات الوتر وتداوم على هذا، فهو خير الحمد لله. لكن ابدأ صلاة الليل بعد النوم ابدها بركعتين خفيفتين. ابدها بركعتين خفيفتين ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ويأمر به ، أن تبدأ صلاة الليل بإيش؟ بركعتين خفيفتين. الحكمة من هذا هو أن الإنسان إذا نام فإن الشيطان يعقد على ناصيته ثلاث عقد هنا. ثم إذا قام من نومه وذكر الله انحلت عقدة. ثم إذا توضأ انحلت العقدة الثانية. ثم إذا صلى انحلت العقدة الثالثة. فكان ينبغي أن يجعل الصلاة أول ما يصلي بعد النوم ايش؟ ركعتين خفيفتين. هذا سهل. يعني نصف ساعة قبل صلاة الفجر تداوم عليها يكون هذا العمل عند الله عز وجل أحب ما يكون. أحب ما يكون أن تداوم على العمل الصالح.
يقول الله عز وجل : (( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما )) هذه الصفة الثالثة.