تفسير قوله تعالى: (( إنها ساءت مستقرا ومقاما ...)). حفظ
الشيخ : (( إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً )) (( إِنَّهَا )) الضمير يعود على إيه؟ على جهنم (( سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً )) هذا ذم عظيم. يعني : ساءت مستقراً يستقر به الإنسان. وساءت مقاماً يقيم فيه. فليست حسنة لا في مستقرها ولا في مقامها. ومعلوم أنها لن تكون حسنة وفيها هذا العذاب العظيم المعلوم بالكتاب والسنة. هذا الوصف لجهنم على ضد الوصف للجنة. الجنة ماذا قال الله فيها؟ (( حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً )) فاختر يا أخي اختر هذا أو هذا. و (( إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً )). وفي قوله تعالى: ((مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً )) دليل على أن عباد الرحمن يؤمنون بأن النار مستقر لأهلها الذين هم أصحابها ، لأن أصحاب النار الذين هم أصحابها لا يخرجون منها. والنار لا تفنى. قال الله تعالى : (( خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً )). وقد ذكر الله تعالى التأبيد في ثلاثة مواضع من القرآن. التأبيد الخلود لأهل النار في ثلاثة مواضع :
فقال سبحانه وتعالى في سورة النساء : (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً )). وقال تعالى في سورة الأحزاب : (( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً )). وقال تعالى في سورة الجن : (( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً )). أبد الآبدين. النار لا تفنى (( وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ )).
لو قال قائل : كيف يصبرون؟ أفلا يحترقون؟ فالجواب : (( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ )). (( وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ )). لكن الخالق جل وعلا قادر على أن يعيدهم مرةً ثانية. يعيدهم. الجلود تنضج ولكن تعاد من جديد. وهكذا أبداً.(( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا )) بعد المدة الطويلة يطلبون الماء (( وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ )). بمجرد ما يقرب من وجوههم - أجارنا الله وإياكم - يشويها تتمزق. إذا وصل الأمعاء فاسمع : (( وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ )) إذن لا فائدة. (( إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً )).