صفة العمرة. حفظ
الشيخ : نعود الآن فنذكر كيف الحج؟ الحج نوع من الجهاد في سبيل الله ، نوع من الجهاد في سبيل الله ، بدليل أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ( يا رسول الله! هل على النساء جهاد؟ قال: عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة ). ولهذا كان فيه - أي في الحج - تعب بدني وإنفاق مالي كالجهاد تماماً. فهو نوعٌ من الجهاد في سبيل الله. واستنبط بعض العلماء رحمهم الله ، استنبط ذلك من قول الله تبارك وتعالى : (( وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ )). فذكر الحج بعد أن ذكر الإنفاق في سبيل الله. وهو إشارة إلى أنّ الحج نوعٌ من الجهاد في سبيل الله. ولكن لابد أن نعرف صفة الحج حتى نفعل هذه الصفة على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. نبدأ :
أولاً : يشدّ الإنسان رحله من بلده إلى مكة. فينبغي أن يتأدب بآداب السفر. يكون سمح البال، واسع الصدر. معه النفقة التي تكفيه وتزيد. - اجلس ياولد - معه النفقة التي تكفيه وتزيد لأنه لا يدري ما يعرض له في الطريق. قد يحتاج شيئاً أو يحتاج مرافقه شيئاً فتكون النفقة معه. وليكن خادم إخوانه في السفر، يخدمهم. قال : - أظنه نافعا مولى ابن عمر - : ( صحبت عبد الله بن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني رضي الله عنه ). كن خادم أصحابك، فإن ذلك من محاسن الأخلاق. ولهذا قال بعضهم : إنما سمي السفر سفراً لأنه يُسفر عن أخلاق الرجال. يبينها ويظهرها حتى إن عمر رضي الله عنه شهد رجل عنده يزكي رجلاً يقول : إنه رجل عدل فيه وما فيه. قال له عمر: ( هل سافرت معه؟ قال: لا. قال: إذن أنت لا تعرفه ). ولذلك إذا سافرت مع إنسان تبين لك من أخلاقه ما لا يتبين في حال الإقامة. إذا وصلت إلى الميقات أحرم. لا تتجاوز الميقات وأنت تريد الحج و العمرة إلا محرماً. اغتسل كما تغتسل للجنابة. ثم طيب بدنك بالطيب على الرأس وعلى اللحية. ثم البس الإحرام. الإحرام : إزار ورداء للرجال. النساء ليس لهن ثياب معينة. ولتلبس المرأة ما شاءت إلا أنها لا تلبس ثياباً تلفت أنظار الرجال إليها. ثم تلبي فتقول : لبيك اللهم عمرة. وتركض تمشي ولا تزال تلبي. وترفع الصوت بالتلبية إذا كنت رجلاً. وأما المرأة فلا ترفع صوتها إلى أن تصل إلى مكة. إذا وصلت إلى مكة تدخل المسجد الحرام وتقول عند دخوله ما تقوله عند أي مسجد. ماذا نقول في المساجد عند دخول المساجد؟ بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. ثم تقصد الحجر الأسود تستلمه أي: تمسحه. وتقول : بسم الله والله أكبر. اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. وإن تيسر أن تقبله مع الاستلام فهو حسن. وإن لم يتيسر لا الاستلام ولا التقبيل فالإشارة تكفي باليد اليمنى إشارة هكذا! وليس كما نشاهده من العوام يمد يديه جميعاً. لا. يد واحدة باليمنى. ثم تنطلق من الحجر لتجعل الكعبة عن يسارك وتدور إلى أن تصل الحجر. وإذا مررت بالركن اليماني وهو الركن الذي يليه الحجر فاستلمه أي: امسحه بدون تكبير. فإن لم تستطع فلا تشر إليه ، لأن ذلك - أعني التكبير عند استلام الركن اليماني، والإشارة إليه عند تعذر استلامه - لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم. والعبادات مبناها على التوقيف. وقلْ بين الركن اليماني والحجر الأسود : (( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )).وإذا حاذيت الحجر مرة ثانية تقول : الله أكبر فقط. وماذا يقول الطائف في بقية الطواف؟ يقول ما شاء من ذكر، ودعاء، وقراءة قرآن ، لأن المقصود أن تشتغل بما يقربك إلى الله عز وجل. إن شئت أن تقرأ قرآناً اقرأ ، أن تذكر الله اذكر الله، أن تسبح سبح، أن تكبر كبر، كما تشاء، حتى تتم سبعة أشواط. وبذلك انتهى الطواف. واعلم أنك في هذا الطواف - وأقصد بذلك الرجال - يسن لك سنتان:
السنة الأولى : أن تضطبع بردائك. ومعنى الاضطباع : أن تجعل الرداء وسطه تحت الإبط وطرفيه على العاتق الأيسر في جميع الطواف.
وأن ترمل في الأشواط الثلاثة الأولى. والرمل هو: سرعة المشي مع مقاربة الخطى. وهذا إن تيسر. أما إذا كان هناك زحام فإن الإنسان لا يتمكن من الرمل إلا بتأذٍ يقع عليه أو تأذٍ يقع منه. إذا أتممت سبعة أشواط فتقدم إلى مقام إبراهيم واقرأ وأنت متجهٌ إلى مقام إبراهيم اقرأ قول الله تعالى : (( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى )). ثم صلّ ركعتين. صل ركعتين. تقرأ في الأولى (( قل يا أيها الكافرون )) مع الفاتحة. وفي الثانية (( قل هو الله أحد )) مع الفاتحة. وخفف الركعتين. ولا تدع بعدهما. دع المكان لغيرك. وإذا سلمت فإن تيسر أن تعود إلى الحجر الأسود وتستلمه فافعل. وإن لم يتيسر فلا إشارة. اتجه إلى الصفا لتسعى بين الصفا و المروة. فإذا دنوت من الصفا فاقرأ : (( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )). وإن شئت فزد : أبدأ بما بدأ الله به. هذا تقوله إذا أقبلت على الصفا مو إذا صعدت. إذا أقبلت. وتقوله أول مرة ولا تقوله عند المروة. ثم اصعد الصفا واتجه إلى القبلة وارفع يديك وادع الله عز وجل واذكره بما ورد. ثم انحدر ، انحدر من الصفا متجهاً إلى المروة. فإذا حاذيت العلم الأخضر - يعني العمود الأخضر وفوقه نجفات خضر - فاركض. اركض بقدر ما تستطيع حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسعى شديداً تدور به إزاره. وهذا مشروط بما إذا لم يكن زحام. فإن كان زحام فعلى ما تستطيع. ولا تسع يعني لا تسع سعياً شديداً فتتأذى وتؤذي. حتى تصل إلى المروة. فإذا وصلت إليها فاصعد عليها واستقبل القبلة وارفع يديك وقل كما قلت على الصفا. حمد ، ذكر ودعاء. ثم انزل منها متجهاً إلى؟ إلى الصفا. تمشي في موضع المشي وتركض في موضع الركض. فإذا أقبلت على الصفا لا تقرأ الآية. الآية إنما تقرأ إذا أقبلت على الصفا أول مرة. وتصعد على الصفا وتدعو الله عز وجل بما دعوت به في أول شوط حتى تتم سبعة أشواط. ثم تحلق أو تقصر. لكن إذا كان وقت الحج قريباً فالتقصير أفضل في العمرة ليتوفر الشعر للحج. وبهذا تحل حلاً كاملاً. فصارت العمرة الآن : إحرام، وطواف، وسعي، وحلق أو تقصير. تتم الآن وتحل من كل شيء حرم عليك بالإحرام.